2012/12/03

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي (4)- إنتبِهوا.. حمدين صباحي في دائرة الخطر!


منذ اليوم الأول لوصول مرشَّحهم إلى كرسي رئاسة الجمهورية والإخوانُ المسلمون يَجْهَدون يومياً على قدمٍ وساق وبوتيرة متسارعة في سباقٍ محمومٍ مع الزمن لِمَا فَطُنَ له المصريون مبكراً عقب الإنتخابات الرئاسية (ولكن بعد خراب البصرة) وهو ما يسمُّونه الآن بـ"أخونة الدولة".. هذه الأخونة للدولة ليس لها في قاموس السياسة سوى معنى واحد وهو تثبيت حكم الإخوان المسلمين في مصر وإلى الأبد.. فهل يظن المصريون بأنهم سيقدرون على الإطاحة بدولة الإخوان في إنتخاباتٍ ديمقراطية؟!


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
حوار مع صديقي الإسلامجي
تأليف: حسين احمد صبرا



بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي (4)
إنتبِهوا.. حمدين صباحي
في دائرة الخطر!


حسين احمد صبرا
منذ اليوم الأول لوصول مرشَّحهم إلى كرسي رئاسة الجمهورية والإخوانُ المسلمون يَجْهَدون يومياً على قدمٍ وساق وبوتيرة متسارعة في سباقٍ محمومٍ مع الزمن لِمَا فَطُنَ له المصريون مبكراً عقب الإنتخابات الرئاسية (ولكن بعد خراب البصرة) وهو ما يسمُّونه الآن بـ"أخونة الدولة".. هذه الأخونة للدولة ليس لها في قاموس السياسة سوى معنى واحد وهو تثبيت حكم الإخوان المسلمين في مصر وإلى الأبد.. فهل يظن المصريون بأنهم سيقدرون على الإطاحة بدولة الإخوان في إنتخاباتٍ ديمقراطية؟!
الفرعون محمد مرسي: أخونة الدولة!
فلننظر بتمعُّنٍ إلى ما هو حاصل: فالإخوان يسيطرون الآن على مجلس الشعب وعلى مجلس الشورى وعلى اللجنة التأسيسية للدستور، وبعد فوزهم بمنصب الرئاسة شكَّلوا حكومة إخوانية وبدأوا بتعيين الموالين لهم في أهم المركز الحساسة في الدولة: إنهم يعيِّنون المحافظين وكبار الموظفين الإداريين، وقد وضعوا أيديهم على القضاء وهم في طريقهم ليضعوا أيديهم على الجيش والشرطة وأجهزة الإستخبارات.. فماذا بقي من الدولة لم يَتُمَّ أخونتُه؟! إنه السلاح الأهم وهو الإعلام، أقوى سلاح تسيطر به على الدولة، والذي له فاعلية "السحر".. أوليس مرشدهم محمد بديع هو القائل: "الإعلاميون هم سَحَرَة فرعون"؟!
وهكذا، سارع الإخوان المسلمون، أوَّل ما سارعوا وكخطوةٍ أولى، إلى أخونة وسائل الإعلام الحكومية (المرئية والمسموعة والمقروءة)، وطردوا منها كلَّ صاحب رأي معارض وحر ومستقل وكلَّ مَنْ لا يُؤْمَن جانبُه، واستبدلوهم بأنصاف المتعلّمين من إخونجية وإنتهازيين امتهنوا التطبيل والتزمير لكلِّ حاكمٍ أياً تكن هويَّته.. وأبسطُ مثالٍ أنَّ أديباً كبيراً بوزن يوسف القعيد منعوه من الكتابة في جريدة الأخبار  بعدما كتب محذِّراً من أخونة الدولة واستغنوا عن خدماته كلياً بحجةٍ تافهةٍ كتفاهة الإخوانجية، لا بل أنَّ الإخونجي محمد حسن البنا ألغى صفحة "آراء حرة" نهائياً من جريدة الأخبار (لنا عودة في حديثٍ آخر عن "أخونة" الصحافة ووسائل الإعلام في مصر).. وهم في الوقت عينه لم يضيِّعوا ثانية واحدة بل جعلوا ذلك يتزامن مع إرعاب الصحافة المصرية الحرة غير المملوكة للحكومة، وفي مصر مثلٌ شعبي يقول: "العيار اللي ما يصيبش يِدْوِش".. لقد سجنوا احتياطياً رئيس تحرير جريدة الدستور إسلام عفيفي، وأغلقوا قناة الفراعين الفضائية وقدَّموا صاحبها توفيق عكاشة إلى المحاكمة، واعتدوا بالضرب على رئيس تحرير جريدة اليوم السابع خالد صلاح وعلى الإعلامي الشهير عمرو أديب، وقدَّموا بلاغاً ضد الكاتب الصحافي الكبير عادل حمودة، وغيرهم وغيرهم.. ذلك أنَّ أيَّ كلامٍ عن فضح الدكتاتورية الناشئة والملتحفة بالدين بات ممنوعاً من الآن فصاعداً، وبالتالي لن يكون مسموحاً أيُّ حديثٍ عما سيمارسه الإخوانُ "الأسياد" من فشلٍ في الحكم على جميع الصعد أو من جرائم وانتهاكات وسرقات وفساد ونهبٍ منظَّم لثروات الشعب المصري بإسم الحاكمية الإلهية!
إزاحة أحمد شفيق من ساحة المنافسة
إذاً، السيطرة على الإعلام والعمل على تكميم الأفواه أتت كخطوةٍ هي الأهم على طريق الترويج الإعلامي (من الآن فصاعداً) لنجاحٍ مزعومٍ للإخوان في الحكم ضمن عملية تهدف أول ما تهدف إلى الدعاية الإنتخابية في الإنتخابات الرئاسية المقبلة.. أما الخطوة التي تلتها مباشرةً فكانت العمل على إزاحة كل منافس قوي لأي مرشَّحٍ إخواني وإخراجه نهائياً من دائرة المنافسة بدءاً من هذه اللحظة بالذات دون إضاعة أي وقت.. فمن هو المرشح الرئاسي القوي الذي نافس محمد مرسي "على المنخار" (كما نقول في لبنان)؟! إنه أحمد شفيق.. فماذا فعل الإخوان المسلمون به؟! لقد أخرجوه من حلبة المنافسة المقبلة منذ الآن حينما استصدروا من القضاء المصري قراراً في 25 آب/ أغسطس 2012 باعتقاله فور وصوله من الخارج بتهمة مساعدة علاء وجمال مبارك على شراء قطعة أرض مملوكة لإحدى الجمعيات بثمنٍ بخس.. وهكذا، فإنَّ أحمد شفيق، الذي غادر مصر بعد يومين من هزيمته في الإنتخابات الرئاسية، سيمضي بقية عمره خارج مصر وخارج خارطتها السياسية! (في تونس سيفعل إخوان النهضة الشيء نفسه، وهاكم راشد الغنوشي منذ الآن يتوعَّد التونسيين بعدم السماح بوجود "أحمد شفيق" تونسي في الإنتخابات الرئاسية المقبلة، في إشارةٍ منه إلى المرشَّح الأقوى حالياً رئيس الوزراء السابق الباجي قائد السبسي، زعيم حزب "نداء تونس")..
ورُبَّ متسائلٍ: أوليس بإمكان من يسميهم الإخوانُ بفلول النظام السابق من ترشيح منافسٍ قويٍّ آخر بدلاً عن أحمد شفيق في الإنتخابات المقبلة؟(إن كان من فلولٍ فالإخوان المسلمون في طليعتهم).. والجواب بسيط، فما عليكم سوى أن تنظروا كيف أنَّ معظم الذين عيَّنهم الإخوانُ على رأس المؤسسات الإعلامية والإدارات مؤخراً هم من "الفلول" (تماماً كما يفعل إخوان النهضة في المؤسسات الإعلامية والإدارية في تونس)، وليس أسهل من أن يستميل الإخوانُ إلى جانبهم كبارَ الرؤوس من "الفلول" ممَّن دعموا أحمد شفيق وموَّلوا حملته الإنتخابية، ودِيَّةُ ذلك غضُّ النظر عن ملفات فسادٍ ارتكبوه (في حال توافُر مثل هذه الملفات) بل وتشجيعهم على الفساد في المستقبل ومشاركتهم فيه ومن ثَمَّ التباري في الإبداع فيه، وتجاربُ حزب الله في لبنان وحماس في غزة وأتباع الفرس في العراق بادية للعيان، وكلُّها تحت ستار الطهر والعفة وتحرير القدس وولاية الفقيه والإسلام هو الحل! فكل هؤلاء جميعاً هم أولاد كار واحد أحد، وجميعهم عبارة عن نسخة كربونية..
وغداً حمدين صباحي؟!
 
بعد "زحلقة" الإخوان لأحمد شفيق يبرز على الساحة المصرية الآن الشخصيةُ السياسية الناصرية الأبرز حمدين صباحي كمنافسٍ أول للإخوان المسلمين في الإنتخابات الرئاسية المقبلة.. ويعلم القاصي والداني أنه لولا الطبخة الأميركية الإخوانية مع المجلس العسكري لفاز حمدين صباحي البارحة فوزاً كاسحاً في الإنتخابات الرئاسية، ولكان حال إخوان مصر الآن كحال إخوان تونس، يفعلون ولكن ليس كل ما يحلو لهم.. وعلى العموم، وبما أنَّ مصر أصبحت لقمة سائغة بفم الإخوان المسلمين فإنَّ منطق التكويش على السلطة وأخونة الدولة يفترض حالياً على الإخوان التخلص من حمدين صباحي هو الآخر، والأمر وإن كان يبدو متعذِّراً (حالياً على الأقل) بفضل الموقع الذي يحتلُّه صباحي كمعارضٍ بارز للنظام السابق، إضافةً إلى إتزانه ونظافة خطِّه السياسي والشعبية الواسعة التي يتمتَّع بها وعدم إصطدامه بالإخوان بعنفٍ حتى الآن، فإنَّ المجال متَّسع أمام الإخوان المسلمين في مجال إزاحته من الدرب من الآن وحتى أربع سنواتٍ مقبلة، وليس هناك أكثر من الحجج التي قد يتذرَّع بها الفُجَّار ضد خصومهم ومعارضيهم.. وما أدراكم، فقد يُلقي الإخوان المسلمون حمدين صباحي في السجن المؤبَّد بتهمة أنه إستلف من خالته ربعَ جنيه قبل عشرين عاماً ولم يردَّه إليها!!
على أنَّ ما قد يدفع الإخوانَ للتعجيل بالإطاحة بحمدين صباحي ويجعله في دائرة الخطر مبكراً هو ما يتَّضح لنا كمراقبين من أنَّ الأمل بات معقوداً عليه كونه الآن هو الأصلح والأجدر والأكفأ في قيادة معارضة سياسية وشعبية قوية (مفترَضة) لحكم الإخوان، تعمل على الحؤول دون أخونتهم للدولة وبلعها في كرشهم كلقمة سائغة.. وحمدين صباحي، الذي أسس في الفترة الأخيرة فصيلاً سياسياً هو "التيار الشعبي المصري"، يبذل حالياً جهوداً كبيرة (وفق ما أَعلن عنه في 30 آب/ أغسطس 2012) لتوحيد الأحزاب والقوى المدنية والثورية في إطار جبهة سياسية معارضة لتخوض معاً المعارك الوطنية المقبلة بدءاً من الدستور ووصولاً إلى قوائم موحَّدة في الإنتخابات البرلمانية المقبلة، وأنَّ هذا التحالف سيعبِّر عن قوى يسار الوسط كركيزة لفكرة العدالة الإجتماعية وسيكون تحالفاً قابلاً للإتساع ليضمَّ كل القوى الوطنية..    
في الختام نريد أن نذكِّر المصريين بأنَّ الحل الوحيد أمامهم لإسقاط مخطَّط الإخوان المسلمين لحكم مصر لخمسين سنة مقبلة، هو الإلتفاف حول حمدين صباحي لتشكيل فريق سياسي معارض شبيه بفريق 14 آذار/ مارس في لبنان، ذلك أنَّ مصر (كما معظم دول الربيع العربي) بات يحكمها فريقٌ هو نسخة طبق الأصل عن فريق 8 آذار/ مارس في لبنان.. إنَّ أهم ميزة يتمتَّع بها فريق الرابع عشر من آذار/ مارس هو توحُّده على هدف كبيرٍ واحد هو سيادة لبنان ومنع وقوعه تحت هيمنة الفرس والنظام السوري العلوي ومنع هيمنة فريقٍ سياسي واحد على الدولة .. وعلى المعارضة المصرية أن تجتمع أيضاً ضمن إطارٍ موحَّد تحت هدف منع أخونة الدولة ومنع فرسنة مصر.. نعم، على المعارضة المصرية أن تضع في أولوياتها منع الأخونة ومنع الفرسنة.. فممنوعٌ أن تكون مصر دولة إخوانية، كما ممنوعٌ أن تكون مصر تعويضاً أميركياً لإيران (ولأتباعها من الشيعة العرب) عن سقوط النظام العلوي في سوريا..

الحديث التالي:
الحديث السابق:

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 10 أيلول/ سبتمبر 2012، العدد 1560).

ترقبوا قريباً كتاب:
"الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"
(تأليف: حسين احمد صبرا)
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
"لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
(قيد الطبع)
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق