2012/11/29

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي/ مصر يحكمها الآن فرعون من الإخوان!

في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 كشف الإخوان المسلمون القناع عن وجوههم على رؤوس الأشهاد هذه المرة، عبر الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي وأعطى لنفسه صلاحياتٍ لم تكن لسلفه حسني مبارك حتى وهو يحكم مصر لمدة ثلاثين عاماً في ظل قانون الطوارىء، بل هي نسخة طبق الأصل عن صلاحياتِ أعتى الدكتاتوريين، الذين تهاوى منهم البارحة مَنْ تهاوى ويترنَّح منهم اليوم مَنْ يترنَّح، كأمثال معمر القذافي وبشار الأسد والولي الفقيه والنظام الحاكم في كوريا الشمالية...









إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً

كتاب
حوار مع صديقي الإسلامجي
تأليف: حسين احمد صبرا



بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي
مصر يحكمها الآن
فرعون من الإخوان!

 



حسين احمد صبرا
أما كان يجب على جميع القوى الوطنية والعلمانية في مصر، وهم يرجِّحون كفَّة الإخواني محمد مرسي رئيساً نكايةً بالمرشَّح المنافس أحمد شفيق، أن يدركوا أنَّ الإخوان ليس لهم أمان.. أفلم يكن يكفي المصريين النبهاء ثمانون عاماً من الإختبار ليدركوا، كما الله واحد، أنَّ هذه الجماعة ليست تلتزمُ مبدأً ولا تَصْدُقُ وعداً ولا تصونُ عهداً، وأنَّ هدفها الوحيد هو التكويش على السلطة دون أن تترك للآخرين أي فتفوتة، بل ودون أن تسمح لأحدٍ بالإعتراض؟!
في 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2012 كشف الإخوان المسلمون القناع عن وجوههم على رؤوس الأشهاد هذه المرة، عبر الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي وأعطى لنفسه صلاحياتٍ لم تكن لسلفه حسني مبارك حتى وهو يحكم مصر لمدة ثلاثين عاماً في ظل قانون الطوارىء، بل هي نسخة طبق الأصل عن صلاحياتِ أعتى الدكتاتوريين، الذين تهاوى منهم البارحة مَنْ تهاوى ويترنَّح منهم اليوم مَنْ يترنَّح، كأمثال معمر القذافي وبشار الأسد والولي الفقيه والنظام الحاكم في كوريا الشمالية...
بموجب الإعلان الدستوري بات محمد مرسي حاكماً مطلق الصلاحيات، فهو الوصي على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وهو الوصي على مجلس الشورى ولجنة الدستور، وممنوعٌ على أحد أن يعترض على أي قرارٍ يتخذه وبمفعولٍ رجعي! وكلُّ ذلك تحت زعم "التأسيس لشرعية جديدة تاجُها دستورٌ يُرسي ركائزَ الحكم الرشيد، الذي ينهض على مبادىء الحرية والعدالة والديمقراطية ويلبي طموحات الشعب ويحقق آماله"!! وهاكم ما تقوله المادة الثانية من هذا الإعلان الدستوري: "الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات السابقة الصادرة عن رئيس الجمهورية منذ توليه السلطة في 30 يونيو [حزيران] 2012 وحتى نفاذ الدستور وانتخاب مجلس شعبٍ جديد تكون نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريقٍ وأمام أي جهة، كما لا يجوز التعرُّض بقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء، وتنقضي [أي تُرمى في سلة المهملات] جميعُ الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية".
إذاً، لا يجوز الإعتراض بأي شكلٍ من الأشكال على مطلق قرارٍ يصدر عن رئيس الجمهورية، وأنَّ أيَّ قرارٍ، أياً يكن، يجب تنفيذه على الفور!! وعلى هذا النحو بات الرئيس الإخواني محمد مرسي "فرعوناً جديداً"، على حد تعبير محمد البرادعي.. و"دكتاتوراً جديداً"، وفق وصف عمرو موسى وحمدين صباحي.. و"دكتاتوراً عادلاً لا يُسأل عما يفعل"، كما شبَّهه وائل غنيم.. و"الفرعون الإله"، كما كتب إبراهيم عيسى.. و"مخلوقاً غير أرضي وحاكماً مقدَّساً لا يُمَس"، على حد قول أحمد شفيق.. و"إمبراطوراً"، كما وصفه سعد الدين إبراهيم.. و"محمد مرسي مبارك"، كما ردَّد أبو العز الحريري.. و"الخصم والحكم"، كما رأت الفنانة شريهان.. و"الحاكم بأمر الله"، وفق تشبيه سامح عاشور والروائي علاء الأسواني..
من هنا لم يكن غريباً أن يخرج على الشعب المصري نائبُ رئيس حزب الحرية والعدالة التابع للإخوان عصام العريان مسبغاً الطابع الإلهي على قرارات محمد مرسي حينما راح يصفها بأنها "إنقاذٌ من الله لثورة يناير ورجالها الأوفياء"!! مع تذكيرنا القراءَ الكرام بأنَّ الإعلان الدستوري أصدره الرئيس الإخواني محمد مرسي وليس الله جلَّ وعلا!!
اللافت في الأمر أنَّ هذا الكم الكبير من المستشارين، الذين حشدهم محمد مرسي إلى جانبه منذ مجيئه إلى سدة الرئاسة، تبيَّن فور إذاعة الإعلان الدستوري وبالجرم المشهود أنهم ليسوا سوى "ديكور" أراد مرسي من خلالهم تجميل صورته أمام المصريين لإيهامهم بأنه رئيسٌ ديمقراطي.. وهاكم أحد مستشاريه ألا وهو الشاعر فاروق جويدة (أحد أبرز الوجوه الثقافية في مصر وصديق الموسيقار العملاق الراحل رياض السنباطي وصاحب قصيدة "في عينيك عنواني" التي مات موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب قبل أن يتم تلحينها للمطربة المغربية سمية قيصر ثم أكمل تلحينها الموسيقار محمد الموجي).. لقد صرَّح شاعرنا فاروق جويدة عبر شاشات التلفزة بأنه لم يكن يعلم بقرارات الرئيس مرسي مسبقاً، وإنما عَلِمَ بها من التلفاز مثل باقي المواطنين، ولو تمَّت إستشارته في تلك القرارات لما وافق عليها.. وأضاف جويدة بأنه بريءٌ من قرارات الرئيس ولا يقبل أن يكون "ديكوراً" في الرئاسة، ولذلك أعلن إستقالته على الهواء تماماً مثلما عَلِمَ بالإعلان الدستوري على الهواء.. ولم ينس فاروق جويدة أن يشير إلى أمرٍ بالغ الخطر وذلك حينما غمز من قناة محمد مرسي داعياً إياه إلى أن يستشير ويُشرك معه مستشاريه وأن لا يكون القرار نابعاً من دائرة ضيقة وهي دائرة "الثقة" (يقصد الإخوان المسلمين)، الذين لا يَعْلمهم أحد ويتخذ القرارات بعد مشاورتهم لا بعد مشاورة مستشاريه!
واللافت أيضاً أنه قد تمَّ حشدُ جمهورٍ من الإخوان المسلمين أمام القصر الجمهوري مسبقاً قبل إذاعة الإعلان الدستوري، وذلك لإظهار أنَّ الشعب المصري يؤيد قرارات مرسي، حتى أنَّ الأديب الكبير يوسف القعيد علَّق قائلاً: "لأول مرة نرى الجماهير يؤتى بها لتؤيد قراراً قبل أن يصدر"!
 
عودة إلى عصر الغابة

لقد حذَّر العديد من السياسيين والمفكرين والكتّاب والمثقفين والفقهاء القانونيين من أنَّ الإعلان الدستوري هو خيانة عظمى وتكريسٌ للإستبداد وهدمٌ للدولة وعودةٌ إلى زمن ما قبل المؤسسات وتهديدٌ للأمن القومي وإشعالٌ للحرب الأهلية وأشبهُ بسيناريو حماس عام 2007.. وقال الروائي جمال الغيطاني: "لأول مرة في تاريخ مصر، سواء أكانت أنظمة من داخلها أو إحتلال أجنبي، يتم تجريد مصر من القضاء لتعيش في غابةٍ يحكمها رجلٌ يمتلك كافة السلطات لتكون في يد تيارٍ واحد يحكم قبضتَه على المجتمع المصري".. ولم ينس الكاتب الصحافي عادل حمودة أن يذكِّر الشعب المصري بأنَّ هناك قانوناً لمحاكمة رئيس الجمهورية ينص على معاقبة رئيس الجمهورية بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة في عدة حالاتٍ، منها إذا ارتكبَ خيانةً عظمى أو عملَ على تغيير النظام الجمهوري إلى ملكي أو أوقفَ العمل بالدستور.. ثم تساءل حمودة: "هل سيعاقَب مرسي الآن وفق هذا القانون؟"..

فيلم وِحِش



الفنان أحمد حلمي، الذي توجَّه إلى ميدان التحرير تأييداً للمعتصمين الرافضين لقرارات مرسي، قال: "مش حنسمح لِحَدّ إنُه يسرق بلدنا".. وشرح بلغته الفنية الساخرة سبب توجُّهه إلى ميدان التحرير، واصفاً قرارات مرسي الأخيرة بـ"الفيلم الوِحِش"، قائلاً: "ما فيش حد بيتفرَّج على فيلم وِحِش مرتين، وما فيش حد بيتفرَّج على فيلم وِحِش ويكمِّل لغاية الآخر.. عدَّى كام مشهد من الفيلم الوِحِش اللي شفناه من زمان (يقصد أيام حسني مبارك) وحنُطفي التلفزيون قريِّب ومش حنكمِّل فُرْجة عالفيلم ده أبداً، وعلشان كده أنا جاي النهارده، فكنت باتفرَّج على فيلم وِحِش في التلفزيون، فطفيتُه ونزلت (إلى ميدان التحرير)"..

تحذير من الإغتيالات

المفارقة أنَّ قيادياً بارزاً من الجماعة الإسلامية، وهو الشيخ الدكتور ناجح إبراهيم، حذّر المعارضة المصرية من تعرُّض رموزها لإغتيالٍ يقوم به النظام الحاكم والإسلاميون، قائلاً: "أحذّر من إغتيالات سياسية قد تطال ليبراليين وسياسيين ومفكرين الشهر المقبل (أي كانون الأول/ ديسمبر 2012).. وستكون نتيجةً طبيعية لحالات التكفير والعنف والتخوين والإستقطاب السياسي الحاد الذي يشهده المجتمع المصري، والتي لم تحدُث في عهد أيِّ رئيسٍ مصري سابق.. وهذه الإغتيالات ستكون مشتركة من جانب النظام السياسي والإسلاميين"..

الفرعون الإله

نختم بالعجالة التي كتبها الكاتب الصحافي إبراهيم عيسى تحت عنوان "الفرعون الإله" في صحيفة "الدستور الأصلي" التي يرئس تحريرها، وذلك يوم الجمعة في 23/ 11/ 2012:
"أعلن الرئيس مرسي نفسَه فرعوناً إلهاً بقراراتٍ لم يجرؤ عليها أيُّ دكتاتورٍ في أي مكانٍ في العالم.. مرسي يُعلن نفسَه قذافي جديداً باعتباره فوق القانون وفوق القضاء وفوق الشعب وفوق السماء حيث الإله الذي جاءنا من الزقازيق.. هذه جريمة في حق مصر وإعلانُ نهاية ثورة يناير لصالح دكتاتورية جماعة الإخوان المسلمين.. لقد جاءت هذه القرارات الإلهية بعد مكافأة إسرائيل للرئيس ولجماعته ورعاية ودعم أميركا للرجل وموقفه الذي نافس مبارك في خدمة أهداف وأحلام إسرائيل الكبرى.. إنتهت الثورة وقَتَلَها دكتاتورُنا الجديد، الذي ستكون خطوتُه القادمة هي رمي مصر كلِّها في السجن لصالح جماعته وفرعنته.. لننتظر المنافقين والمهلِّلين للرئيس وسَدَنة فرعون الجديد وهم يُقَبِّلون أقدام فرعونهم المحصَّن من أي حكمٍ قضائي والذي هو فعَّالٌ لما يريد.. السؤال الآن: وما علاقة هذا كله بأنَّ الرئيس مرسي مسؤول عن قتل الشهيد جابر صلاح [في شارع محمد محمود في مواجهات مع الشرطة قبل يومين من الإعلان الدستوري]؟ وما موقع هذه القرارات الفرعونية من دم هذا الشاب؟ إذا لم تكن هذه هي الدكتاتورية فماذا تكون؟ ثم ماذا ننتظر؟".


(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 3 كانون الأول/ ديسمبر 2012، العدد رقم 1572).

شاهد في الأسفل صور الفرعون مرسي.



ترقبوا قريباً كتاب:
"الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"
(تأليف: حسين احمد صبرا)
***********************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
"لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
(قيد الطبع)
***************************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:






























ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق