2017/06/01

وفقَ النص القرآني/ النبي محمد هو المهدي المنتظر.



وفق النص القرآني فإنَّ الرسول العربي الكريم محمد بن عبد الله هو المهدي المنتظر وليس أي أحدٍ آخر، والنص واضحٌ كل الوضوح في هذا الشأن.. إلا أنَّ اليهود والفُرس اجتمعوا على إنكار ذلك على رسولنا العربي..
باختصار، لقد تمَّ التبشير في التوراة ثم في الإنجيل بالنبي محمد، وقد طلب اللهُ من المؤمنين حينها وبنصٍّ واضحٍ انتظار هذا النبي الذي تمَّ ذِكْرُهُ بالإسم وبأنه سيكون خاتم النبيين، بمعنى أنَّ الله لن يقوم بعده بتكليف أي إنسانٍ آخر بإبلاغ رسالته إلى البشر منذ ذلك الحين فصاعداً... 

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


رداً على الشيعة الضلاليين

وفقَ النص القرآني
النبي محمد هو المهدي المنتظر

(هذا المقال كتبتُهُ بإسمٍ مستعار هو "د. إحسان الأحمد"، وذلك عقب اجتياح ميليشيا حزب الله لبيروت في 7 أيار/ مايو 2008)

حسين احمد صبرا
غريبٌ أمر المسلمين، الذين سرعان ما رموا القرآن بعرض الحائط بعد فترةٍ غير طويلة من وفاة الرسول (عليه الصلاة والسلام)، بحيث أضاعوا العقلَ واتَّبعوا الغرائز، وباتت الروايات التي يخترعها بشرٌ أصدَقُ إنباءً من النص القرآني الساطع، الذي وإنْ ما يزال ثابتاً نصاً وحَرْفاً، إلا أنَّ التلاعب والتزوير العَلَنِيَّين قد شابَا التفاسير التي يندى لها الجبين لِتَنَاقُضِ معظمها مع المعنى الواضح للكثير من الآيات القرآنية!
فالقرآنُ قد جاء بآياتٍ بيِّنات، بمعنى أنها بائنة وواضحة وليست في حاجةٍ إلى تأويلٍ ولا تدعو للغَرَق في شبر ماء.. أما الآيات التي تحتمل "التأويل" (كما فَهِمَ معناه خطأً المسلمون والشيعة) فهي آياتٌ نستطيع تجاوزها بسهولةٍ ويُسْرٍ دون أن يرف لنا جفن لأنَّ الإختلاف حولها ليس من صميم الإسلام وجوهره بما يعنيه من إيمانٍ بوحدانية الله وباليوم الآخر، وبما يعنيه من رسالة عدلٍ وأخلاق، وبما فيه من دعوةٍ ملحة لبناء دولة الحضارة الإنسانية القائمة على العدل والأخلاق والعلم والتطور والإنفتاح والإبداع لِـمَا فيه خير البشرية وسعادتها ورخائها.. الأمور التي تشكِّل الأرضية التي سيتم محاسبة البشر على أساسها، وليس على أساس آياتٍ قام بعض المسلمين أو مَنْ ادَّعوا الإسلام بعد وفاة الرسول بفترةٍ غير طويلة بتأويلها (وفق فهمهم الخاطىء لمعنى التأويل) وفق ما يناسبهم طعناً بالإسلام وتسهيلاً لوصولهم إلى السلطة!

هات من الآخر

وَلْنَأْتِ بالأمر من الآخر.. فوفقَ النص القرآني فإنَّ الرسول العربي الكريم محمد بن عبد الله هو المهدي المنتظر وليس أي أحدٍ آخر، والنص واضحٌ كل الوضوح في هذا الشأن.. إلا أنَّ اليهود والفُرس اجتمعوا على إنكار ذلك على رسولنا العربي، وهذا حديثٌ آخر، بيد أنَّ بإمكاننا أن نحصر ذلك على عجل بسببين جوهريين: الأول، عداوة الفُرس التاريخية للعرب.. والثاني، تأثُّر الفرس بالمعتقدات اليهودية وخاصةً في ما يتعلَّق بالمهدي المنتظر (أي النبي محمد) كما ورد في التوراة، مع الإشارة إلى أنَّ الإحتكاك بين الإثنين حدث بعدما أنقذ الفرسُ اليهودَ من السبي البابلي.
باختصار، لقد تمَّ التبشير في التوراة ثم في الإنجيل بالنبي محمد، وقد طلب اللهُ من المؤمنين حينها وبنصٍّ واضحٍ انتظار هذا النبي الذي تمَّ ذِكْرُهُ بالإسم وبأنه سيكون خاتم النبيين، بمعنى أنَّ الله لن يقوم بعده بتكليف أي إنسانٍ آخر بإبلاغ رسالته إلى البشر منذ ذلك الحين فصاعداً.
ولنقرأ أولاً هذه الآية الكريمة:
*الذين يتَّبِعُونَ الرسولَ النبيَّ العربيَّ الأُمِّيَّ الذي يجدونَهُ مكتوباً عندهم في التوراة والإنجيل يأمُرُهُم بالمعروفِ وينهاهم عن المنكر ويُحِلُّ لهم الطيبات ويُحَرِّم عليهم الخبائثَ ويضع عنهم إصْرَهُم والأغلالَ التي كانت عليهم، فالذين آمنوا به وعزَّروهُ ونَصَرُوهُ واتَّبَعُوا النورَ الذي أُنْزِلَ معهُ، أولئك هُمُ الـمفلحون* (سورة الأعراف، الآية 157).
إذاً، وفق النص القرآني، فلقد ورد ذِكْرُ النبي محمد بالإسم في كلٍّ من التوراة والإنجيل، وبذا مَكَثَ اليهودُ نحو ألفَي عامٍ ولاحقاً النصارى نحو 600 عامٍ وهم ينتظرون ظهور هذا النبي، ونكاد نجزم بأنهم كانوا ينتظرونه بشغف، وخاصةً أنه هو النبي الذي سيُحِلُّ لهم الطيبات التي حرَّمها الله عليهم من قبل (من قَبِيْلِ لحم الأبقار والأغنام والجمال...).
ولنقرأ ثانياً هذه الآية الكريمة، وهي أكثر تفصيلاً من سابقتها:
*وَإِذْ قالَ عيسى بنُ مريمَ يا بَني إسرائيل إني رسولُ اللهِ إليكم مُصَدِّقاً لِـمَا بين يَدَيَّ مِنَ التوراةِ ومُبَشِّراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمُهُ أحمد، فلمَّا جاءهم بالبيِّنات قالوا هذا ساحرٌ مُبِيْن* (سورة الصف، الآية 6).
وهنا يبدو بعض التفصيل حيث قدَّم لنا الله تعالى آيةً بَيِّنة وفيها أنَّ النبي عيسى (عليه الصلاة والسلام) قد بشَّرَ قومَهُ برسولٍ يأتي من بعده إسمُهُ أحمد.
ولنقرأ ثالثاً هذه الآية الكريمة:
*ما كان محمَّدٌ أَبَا أحدٍ من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين، وكان الله بكلِّ شيءٍ عليماً* (سورة الأحزاب، الآية 40).
وهنا ووفقَ النص القرآني، فإنَّ محمَّداً – الذي تمَّ التبشير به في التوراة والإنجيل – هو خاتَمُ النبيين، بمعنى أنَّ الله لن يقومَ بتكليف أي إنسانٍ آخر بعده بإبلاغ أي رسالةٍ إلى البشر إلى أن يَرِثَ الأرضَ ومَنْ عليها، لا تحت مسمَّى "نبي" أو "رسول" ولا تحت أي مسمى آخر.. وبذا يكون النبي محمد آخر إنسانٍ ينزل عليه الوحي من السماء.. وبذا يكون النبي محمد هو "المهدي" الذي مكث بنو إسرائيل قروناً عديدة ينتظرون ظهورَهُ فيهم ليُبَلِّغَهُم آخرَ الرسالات السماوية ويكون مسك الختام.
ولنقرأ رابعاً هاتين الآيتين الكريمتين:
*وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين* (سورة الأنبياء، الآية 107).
*إن هو إلا ذكرى للعالَمين* (سورة الأنعام، الآية 90).
*كُنْتُم خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ للناسِ تأمُرُون بالمعروفِ وتنهَوْنَ عن المُنْكرَ وتؤمنُونَ بالله، وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الكتابِ لكانَ خيراً لهم، منهم المؤمنون وأكثرُهُم فاسقون (سورة آل عمران، الآية 110).
وبناءً على هذا النص القرآني فإنَّ النبيَّ المنتظَر، الذي كلَّفَهُ الله بإبلاغ آخر رسالةٍ سماوية، قد بُعِثَ برسالةٍ للعالم أجمع، وليس لقومه فحسب كما كان الحال مع كل المرسَلين من قبل.. ومنطق الأمور يقتضي ذلك طالما أنها الرسالة الأخيرة.
ولنقرأ خامساً هذه الآية الكريمة:
*وَدَّ كثيرٌ من أهل الكتاب لو يَرُدُّونَكُم من بعد ايمانكم كُفَّاراً حَسَداً من عندِ أنفسِهِم من بعدِ ما تبيَّن لهم الحق، فاعفوا واصفحوا حتى يأتي اللهُ بأمره، إنَّ الله كان على كل شيءٍ قدير* (سورة البقرة، الآية 109).
إذاً، ووفقَ النص القرآني، فإنَّ عدم إيمان كثيرٍ من أهل الكتاب بالنبي المنتظر محمد بن عبد الله وبرسالته التي هي خاتمة الرسالات السماوية كان أمراً متعلِّقاً بــ"الحسد".. وهذا يعني أنَّ أهل الكتاب أولاء كانوا يتوقَّعون مجيء المهدي المنتظَر منهم وليس من قومٍ آخرين.. ومن هنا بدأت المشكلة التي ما تزال مستمرة إلى عصرنا هذا، ذلك أنَّ عدم الإعتراف بنبوَّة محمد هو الذي وطَّدَ الإعتقادَ الذي ما يزال سائداً عند اليهود بظهور المسيح المنتظَر يوماً ما ليُنْقِذَهُم من "الإضطهاد" وينصرهم على "أعدائهم" ويُحِلَّ لهم الطيبات...

لماذا المسيح المنتظَر عند اليهود

لأنَّ بعض اليهود لم يؤمنوا بنبوَّة عيسى ابن مريم رغم ظهوره فيهم، فاستمروا منتظرين ظهور المسيح استناداً إلى تبشير الله به والذي جاء على لسان أمِّهِ، عليها الصلاة والسلام..
ولنقرأ هذه الآية الكريمة:
*إذ قالت الملائكةُ يا مريمَ إنَّ الله يُبَشِّرُكِ بكلمةٍ منه اسمُهُ المسيح عيسى ابنُ مريمَ وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرَّبين * ويُكَلِّم الناسَ في المهدِ وكهلاً ومن الصالحين * قالت رَبِّ أَنَّى يكونُ لي وَلَدٌ ولم يَمْسَسْني بشرٌ، قال كذلك اللهُ يَخْلُقُ ما يشاء، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كُنْ فيكون * ويُعَلِّمه الكتابَ والحكمةَ والتوراةَ والإنجيل * ورسولاً إلى بني إسرائيل أَنِّي قد جئتُكُم بآيةٍ من ربكم، أَنِّي أخلقُ لكم من الطين كهيئة الطير فأنفُخُ فيه فيكون طيراً بإذن الله، وأُبْرِىءُ الأَكْمَهَ والأبرصَ وأُحْيي الموتى بإذن الله، وأُنبِّئُكُم بما تأكلون وما تدَّخرون في بيوتكم، إنَّ في ذلك لآيةً لكم إن كنتم مؤمنين * (سورة آل عمران، الآيات 45 – 49).
إذاً، ووفقَ النص القرآني، فإنَّ السيدة مريم وقد حَمَلَتْ بإبنها عيسى، قد انتَبَذَتْ به مكاناً قَصٍيّاً (راجع سورة مريم، الآية 22).. ولَـمَّا وَلَدَتْهُ أتت به قومَها تَحْمِلُهُ فاستنكروا أمرها:
*فأشارَتْ إليه، قالوا كيفَ نُكَلِّمُ مَنْ كان في المهدِ صبيّاً * قال إني عبدُ اللهِ آتاني الكتابَ وجَعَلَني نبيّاً * وجَعَلَني مبارَكاً أين ما كُنْتُ وأوصاني بالصلاةِ والزكاةِ ما دُمْتُ حيّاً * وبَرّاً بوالدتي ولم يجعلني جبَّاراً شَقِيّاً * والسلام عليَّ يومَ وُلِدْتُ ويومَ أموتُ ويومَ أُبْعَثُ حيّاً * (سورة مريم، الآيات 29 – 33).
وهكذا مَكَثَ بنو إسرائيل ينتظرون المسيح (صلى الله عليه وسلَّم) إلى أن يَكْبُرَ ويصبحَ نبياً في استطاعته أن يخلق لهم من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيراً، كما في استطاعته شفاء الأعمى والأعشى والأبرص وإحياء الموتى، إلى آخره.. ولَمَّا كَبُرَ وأتى بالآيات التي بُشِّرَ بها فإنَّ منهم مَنْ آمنَ ومنهم مَنْ كَفَر.. ثم حدث الإلتباس في صَلْبِ السيد المسيح ومقتله ما أدى إلى نشوء المعتقد المتعلِّق بظهور المسيح مرةً أخرى لدى اليهود في موازاة ما ورد في التوراة والإنجيل عن ظهور نبيٍّ إسمُهُ أحمد، وهو المعتقد الذي تبنَّاه لاحقاً بعض المسلمين أو مَنْ ادَّعوا الإسلام بعد وفاة الرسول العربي بعدة قرون وقاموا بـ"أَسْلَمَتِهِ"، وهو معتقَدٌ لم يَرِدْ ذِكْرُهُ في القرآن الكريم بأي حرفٍ من الحروف لا من قريبٍ ولا من بعيد.

النبي إسماعيل.. أول مهدي منتظَر في التاريخ

وفقَ النص القرآني فإنَّ أول بشرى بنبيٍّ انتَظَرَهُ المؤمنون كانت تتعلَّق بولادة إسماعيل من صلب إبراهيم من زوجه الثانية بعدما كانت زوجته الأولى عاقراً.. حيث قال الله تعالى في كتابه العزيز:
*رَبِّ هَبْ لي من الصالحين * فبشَّرناهُ بغُلامٍ حليم * فلمَّا بَلَغَ معه السَعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إنِّي أرى في المنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فانْظُرْ ماذا ترى، قال يا أَبَتِ افعَلْ ما تُؤْمَر، ستجدني إن شاء الله من الصابرين * (سورة الصافات، الآيات 100 – 102).

النبيَّان إسحاق ويعقوب

ولاحقاً، وبعدما بَلَغَ النبي إبراهيم من الكِبَر عَتِيّاً، بشَّرَهُ اللهُ بإسحاق من زوجته العاقر، وبأنَّ إسحاق سَيَلِدُ نبياً آخرَ هو يعقوب:
*وبشَّرناهُ بإسحاقَ نبياً من الصالحين* (سورة الصافات، الآية 112).
*ولقد جاءت رُسُلُنا إبراهيمَ بالبشرى قالوا سلاماً، قالَ سلام، فما لبث أن جاء بعِجْلٍ حَنِيْذ * فلمَّا رأى أيدِيَهُم لا تَصِلُ إليه نَكَرَهُم وأوجَسَ منهم خِيْفَةً، قالوا لا تَخَفْ إنَّا أُرْسِلْنا إلى قومِ لوط * وامرأتُهُ قائمةٌ فضَحِكَتْ، فبشَّرناها بإسحاقَ ومن وراءِ إسحاقَ يعقوب * قالت يا ويلَتي أَأَلِدُ وأنا عجوزٌ وهذا بعلي شيخاً، إن هذا لشيءٌ عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله، رحمةُ الله وبركاته عليكم أهل البيت، إنه حميدٌ مَجيد * (سورة هود، الآيات من 69 إلى 73).

النبي يحيى

أما يحيى فقد بشَّرَ اللهُ زكريا بمولده وبأنه سيكون نبياً من الصالحين، وبالتالي فإنَّ يحيى وفقَ النص القرآني كان نبياً منتظَراً، وخاصةً أنَّ النبي زكريا قد خاف ألا يَرِثَهُ أحدٌ يُكْمِل رسالته في قومه.. فنقرأ في القرآن الكريم:
*وزكريا إذ نادى ربَّهُ رَبِّ لا تَذَرْني فَرْداً وأنت خيرُ الوارثين * فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلَحْنا له زوجه، إنهم كانوا يُسارعون في الخيرات ويدعوننا رَغَباً ورَهَباً، وكانوا لنا خاشعين * (سورة الأنبياء، الآيتان 89 و90).
*هناك دعا زكريا ربَّهُ، قال رَبِّ هَبْ لي من لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طيبة إنك سميعُ الدعاء * فنادَتْهُ الملائكةُ وهو قائمٌ يصلِّي في المحراب إنَّ الله يبشِّرُكَ بيحيى مُصَدِّقاً بكلمةٍ من الله وسيداً وحَصُوراً ونبياً من الصالحين * قال رَبِّ أنَّى يكون لي غلامٌ وقد بَلَغَني الكِبَرُ وامرأتي عاقرٌ، قال كذلك يفعل الله ما يشاء * قال رَبِّ اجعل لي آية، قال آيتُكَ ألا تُكَلِّمَ الناسَ ثلاثة أيامٍ إلا رمزاً، واذكُرْ ربَّكَ كثيراً وسَبِّح بالعَشِيِّ والإِبْكار (سورة آل عمران، الآيات 38 – 41).
*كهيعص* ذِكْرُ رحمةِ ربِّكَ عَبْدُهُ زكريا * إذ نادى ربَّه نداءً خَفِيّاً * قال رَبِّ إني وَهَنَ العَظْمُ مني واشتعلَ الرأسُ شيباً ولم أكن بدعائك رَبِّ شقياً * وإني خِفْتُ المواليَ من ورائي وكانت امرأتي عاقراً فَهَبْ لي من لَدُنْكَ وَلِيّاً * يَرِثُني ويَرِثُ من آل يعقوب، واجعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً * يا زكريا إنا نبشِّرُكَ بغلامٍ اسمُهُ يحيى لم نجعل له من قبلُ سَمِيّاً * قال رَبِّ أنَّى يكون لي غلامٌ وكانت امرأتي عاقراً وقد بَلَغْتُ من الكِبَرِ عَتِيّاً * قال كذلك قال ربُّكَ هو عليَّ هَيِّن وقد خلقتُكَ من قَبْلُ ولم تَكُ شيئاً * قال رَبِّ اجعل لي آية قال آيتُكَ ألا تكلِّمَ الناسَ ثلاثَ ليالٍ سويّاً * فخَرَجَ على قومه من المحراب فأوحى إليهم أن سبِّحوا بُكْرَةً وعشيّاً * يا يحيى خُذِ الكتابَ بقوَّة، وآتيناهُ الحُكْمَ صبيّاً * وحَناناً من لَدُنَّا وزكاةً، وكان تقيّاً * وبَرّاً بوالديه ولم يكن جباراً عصيّاً * وسلامٌ عليه يومَ وُلِدَ ويومَ يموتُ ويومَ يُبْعَثُ حيّاً * (سورة مريم، الآيات 1 – 15).

الرسول العربي.. وليس أي أحدٍ آخر

وعلى الرغم مما رأيناه قبل قليل من وجود خمسة أنبياء منتظَرين قبل النبي السادس والأخير وهو النبي محمد، صلوات الله عليهم أجمعين، فإنَّ الخمسة الأوائل قد تمَّ تبشير أهاليهم بالأمر فحسب: في إسماعيل بُشِّرَ والدُهُ إبراهيم.. وفي إسحاق ويعقوب بُشِّرَ والدا إسحاق (وجَدَّا يعقوب) إبراهيم وزوجه العاقر.. وفي يحيى بُشِّرَ والدُهُ زكريا.. وفي عيسى بُشِّرَتْ أمُّهُ مريم.
ولم يكن الأمر ليطول مع الأنبياء الخمسة الأوائل حتى يكتشف قومُ كلٍّ منهم صِدْقَ ما بُشِّر به أهاليهم.. وكانت البشارة التي استغرق انتظار حدوثها الوقتَ الأطول هي مع يعقوب حيث أنه من صُلْب إسحاق المبشَّر به أصلاً وكان على قوم إبراهيم أن ينتظروا ريثما يُولد إسحاق أولاً ويكبر ثم يُنجب يعقوبَ ويكبر ويصبح نبياً.. اما البشارة التي استغرق انتظار حدوثها وتصديقها الوقت الأقصر فهي مع عيسى نظراً لحراجة الموقف حيث اقتضَتْ آيتُهُ أن يتكلَّم وهو ما يزال في المهد، وذلك مسارعةً من قِبَلِ الله تعالى في دحض شبهة الزنى عن والدته السيدة مريم..
أما مع النبي محمد فإنَّ الأمر مختلفٌ تمام الإختلاف: فهو – وفقَ النص القرآني – النبي الوحيد الذي تمَّ التبشير به ليس شفهياً فحسب، وإنما بنصٍّ مكتوبٍ نظراً لكونه خاتم النبيين والمرسلين، وقد استغرق انتظارُهُ قروناً مديدة حيث تمَّ ذِكْرُهُ في توراة موسى في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، أي قبل ظهور النبي محمد بنحو 1900 عام.. ثم ذُكِرَ في إنجيل عيسى، أي قبل ظهوره بنحو ستة قرون.
وإنه لمن دواعي الأسف ألا يتم الربط ما بين النبي محمد المذكور اسمه في التوراة (وفق النص القرآني) وبين الإعتقاد الذي ساد عند اليهود زمن الفراعنة بالمهدي المنتظَر، وهو ما أتت بعضُ البرديَّات على ذكره، بحيث أنَّ عدم الربط هذا يؤدي في عصرنا الحالي إلى إظهار الإعتقاد بظهور المهدي قُبَيْلَ يوم القيامة كما لو أنه ضاربٌ جذورَهُ في التاريخ السحيق عند باقي الأديان السماوية، الأمر الذي يتناقض كليةً وبشكلٍ صارخ مع القرآن الكريم ويسيء إلى رسولنا العربي الكريم ويسلب منه مكانته ودوره وصِفَتِهِ التي اختصَّهُ الله بها بحيث أنه هو المهدي المنتظر الذي وَعَدَنا اللهُ به وأرسله إلينا قبل 14 قرناً!














 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق