2011/05/14

يا أبو مازن.. يجب إعادة فلسطينيي لبنان إلى الضفة والقطاع قبل أي فلسطيني آخر!


    منذ لحظة اغتصاب فلسطين عام 1948 وحتى يومنا هذا تعامَلنا- نحن العرب- بحماسٍ غوغائي مع الفلسطينيين النازحين إلى ديارنا فأصبح حالهم كحال فتاةٍ سرق المغتصبون ملابسها حتـى باتت تهيم في شوارعنا عارية زلبطَّة، مولاي كما خلقتَنـي.. وعوضاً عن أن نسارع إلى تقديم ملابسَ بديلة لها تستر بها عورتها على الأقل، تركناها عمداً عاريةً على مرأى من ناظرنا
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


                     

                         أهلنا هؤلاء هم بشرٌ أم جرذان؟!
                              يا أبو مازن..
     يجب إعادة فلسطينيي لبنان إلى الضفة
                 والقطاع قبل أي فلسطيني آخر!

الرئيس عباس مستقبلاً بطلة فلسطين في التنس إبنة الـ 17 ربيعاً
جميلة الجميلات دنيا الصوص (من عرب الـ 48) (2007)

                                      

            حسين احمد صبرا
      منذ لحظة اغتصاب فلسطين عام 1948 وحتى يومنا هذا تعامَلنا- نحن العرب- بحماسٍ غوغائي مع الفلسطينيين النازحـين إلى ديارنا فأصبح حالهم كحال فتاةٍ سرق المغتصبون ملابسها حتـى باتت تهيم في شوارعنا عارية زلبطَّة، مولاي كما خلقتَنـي.. وعوضاً عن أن نسارع إلى تقديم ملابسَ بديلة لها تستر بها عورتها على الأقل، تركناها عمداً عاريةً على مرأى من ناظرنا وناظر العالم بأسره وجعلنا من قضية استرداد ملابسها قضية مقدَّسة استرداداً للعِرض وللشرف وللكرامة!! فعن أي عِرض وأي شرف وأي كرامة نتحدَّث وهذه الفتاة ما تزال عارية زَلَبَطَّة في شوارعنا منذ 63 عاماً!! ونحن هنا لا نرغب في الحديث عن أخوتنا اللاجئـين الفلسطينيين في كل الدول العربية المتواجدين فيها، وإنما سنحصر حديثنا هذا بأهلنا اللاجئيـن الفلسطينيين في لبنان حيث المأساة الحقيقية التـي يندى لها الجبيـن ولم يعد جائزاً السكوت عنها ولا البحث لها عن حلول مؤقتة أو مسكنات، وإنما آن الأوان للبحث عن حل جذري يعيد الكرامة لأهلنا هؤلاء.
                                    مجارير يا أهل الهوى مجارير!!

     إنه لمن الطبيعي أن يتوجَّه كل طفل فلسطيني في مخيمات اللاجئـين في لبنان إلى ذويه سائلاً:
- لماذا كُتب علينا أن نعيش وسط المجارير (أي مياه الصرف الصحي).. فهل نحن جرذان؟!
                                                                                            ومن الطبيعي أن يجيبه أبوه وأمه بالحقيقة:
- كلا، لسنا جرذاناً وإن كان حالنا بات مثل حالها.. ولكننا نعيش وسط المجارير لأن قضيتنا مقدَّسة.. لقد أصرَّ علينا من استضافنا من أشقائنا العرب أن نعيش وسط المجارير كي لا ننسى قضيتنا، فهـي ليست لنا وحدنا وإنما هي قضية كل العرب من المحيط إلى الخليج..
     وحينها سيرتاح الطفل الفلسطيني من عبء سؤاله ويأخذ نفساً عميقاً محدِّثاً نفسه قائلاً:
- ياه، الحمد لله أنَّ قضيتنا مقدسة لنعيش وسط المجارير.. تُرى، ماذا لو كانت قضيتنا غير مقدَّسة، أين كنا سنعيش إذاً؟!

المخيمات الفلسطينية في لبنان

     فهل حَدَث خلال 63 عاماً أن طَرَحنا، نحن العرب جماعاتٍ وأفراداً، هذا السؤال على أنفسنا: كيف يعيش الفلسطينيون المنكوبون والمشرَّدون داخل مخيماتهم (في لبنان على الأقل)، هؤلاء الذين رضعنا مع حليب أمهاتنا قدسية قضيتهم ورَهَنّا ماضينا وحاضرنا ومستقبلنا من أجلها بغض النظر عن أن "كله طلع على فاشوش" وخسارة بخسارة، وبعيداً عن أي حساسيات من قِبَل اللبنانيين تجاه هؤلاء الفلسطينيين، وبعيداً عن تحميلنا لسلاحهم اللعيـن المسؤولية الرئيسة في خراب هذا البلد منذ العام 1968؟ فإذا كنا ما نزال ننظر إليهم كبشر أسوةً بنا، وبغض النظر عن كونهم باتوا ضيوفاً غيـر مرغوب بوجودهم في ديارنا منذ ردح طويل من الزمن (ولا هم ظلوا راغبيـن في البقاء بيننا) فإنَّ تساؤلات جمّة لا بد وأن تبقى حاضرة في أذهاننا ووجداننا: كيف يعيش هؤلاء.. ماذا يأكلون.. ماذا يشربون.. أين يسكنون.. كيف يتناسلون.. ماذا يعملون.. ماذا يتعلمون.. كيف يتطبَّبون.. ممَّ يعتاشون.. كيف يتَّقون برد الشتاء وحرّ الصيف.. بأي تركيبة تتشكل منها نفسية أطفالهم.. كيف ينمو وجدان شبابهم.. ممَّ تتكوَّن أحاسيس ومشاعر شاباتهم.. أين الآمال.. والطموحات.. والأهداف.. والأحلام؟! فهل هذه الأجيال الفلسطينية، التي لعن الزمن سنسفيل أبوها، ممنوع عليها أن تشعر بكرامتها.. بإنسانيتها.. بشخصيتها.. بعزَّتها.. بوجودها.. بكيانها.. باستقلاليتها؟ ممنوع عليها أن تفجِّر طاقات.. وتسجِّل إبداعات.. وتجسِّد ابتكارات.. وتحقق إنجازات؟ يا أخي، إذا عشق شابٌ فلسطيني فتاةً فلسطينية ماذا يغنّـي لها؟! في لبنان قد يغنّـي الواحد منا لمعشوقته: مجاريح يا اهل الهوى مجاريح (بالإذن من المطرب اللبناني الأصيل علي شلهوب).. فماذا يغنّـي الشاب الفلسطيني لمعشوقته؟! مجارير يا اهل الهوى مجارير؟!!

                              التوطين في لبنان ممنوع بالثلاثة!

     في طليعة الأسباب التي تضع أي مشروع لتوطين الفلسطينيين في لبنان في خانة التحريم هو الوجود المسيحي في لبنان، وهو الوجود الذي شكّل المبرر الوحيد لقيامة هذا البلد وجعل منه منارةً حضارية متفردة ومتميـزة في وطننا العربي ومثالاً وقدوة للتعايش السلمي والحضاري للأديان في دنيا العرب.. وأي مشروع يهدف إلى توطـين اللاجئيـن الفلسطينيين في لبنان سيؤدي إلى الإخلال بالتوازن الطائفي من ناحية العدد بيـن المسلمين والمسيحيين على اعتبار أن غالبية الفلسطينيين الموجودين في لبنان هم من المسلمين.. ناهيك عما سيشكله هذا الأمر من صدامات مذهبية بيـن المسلمين اللبنانيين أنفسهم من سنَّة وشيعة، نظراً لكون جميع المسلمين الفلسطينيين هم من السنَّة.. وأول من سيعترض من الشيعة اللبنانييـن على توطين الفلسطينيين في لبنان هم أولئك المرتبطون بالمشروع الفارسي، وذلك لإعتبارات عدة أهمها:

السلاح الفلسطيني في لبنان هو سلاح غير شرعي

     أولاً، أن الوجود الفلسطيني المسلّح في لبنان داخل المخيمات وخارجها هو ورقة بيد ما يسمى بالمحور المقاوم والممانع يستخدمها لإبتزاز أميركا وإسرائيل في أي مقاولات أو صفقات يعقدها مع أعداء هذه الأمة.
     ثانياً، أن الإبقاء على السلاح الفلسطيني الذي هو غيـر شرعي داخل المخيمات وخارجها هو واحد من أهم العوائق التي تحول دون قيام دولة حقيقية في لبنان تبسط نفوذها وسلطتها وشرعيتها على كامل الأراضي اللبنانية.. مع التشديد على أن أي قيام لدولة حقيقية في لبنان سيسحب كل الأوراق من يد هذا المحور المقاوم والممانع ويتركه عارياً فلا تعود له أي أهمية استراتيجية عند أميركا وإسرائيل.
     ثالثاً، أن هذا السلاح الفلسطيني غيـر الشرعي هو جاهز دوماً وعلى طول الخط لإثارة الفتـن والنزاعات والحروب بيـن اللبنانيين أنفسهم لمصلحة هذا المحور الإقليمي الذي أشرنا إليه آنفاً.
    رابعاً، أن الفريق اللبناني الشيعي المرتبط بالفرس والذي يرفع شعار الزحف المقدَّس نحو القدس وتحرير فلسطين من النهر إلى البحر، قد حرَّض جمهوره تحريضاً مذهبياً حامي الوطيس ضد السنّة اللبنانييـن بشكل خاص (والسنّة العرب بشكل عام)، مسيلاً لعابهم بجعل لبنان جمهورية شيعية (انتبهوا، شيعية وليس إسلامية).. وأي توطيـن للفلسطينيين في لبنان (والذين هم سنّة بالإضافة لكونهم قوة مقاتلة) سيخلّ بالتوازن العددي بيـن المسلمين السنّة والشيعة في لبنان ويجعل مشروع الجمهورية الشيعية في مهب الريح، وهو المشروع الذي يبـرِّر نفسه (ظاهرياً على الأقل) بأن الشيعة اللبنانيين باتوا يشكلون الأغلبية العددية في هذا البلد.

                                         المطلوب من أبو مازن

     إن عدد الفلسطينيين الكلي، إن في فلسطين المحتلة أو في فلسطين المحررة أو في الدول العربية أو في دول العالم أجمع، يبلغ الآن حوالى 11 مليون نسمة، وأي أمل بعودتهم جميعاً إلى فلسطين (المحتل منها أو المحرَّر) يبقى مجرد أمل ويجافي الواقع، ذلك أن العرب لن يتمكنوا من إعادة الفلسطينيين جميعاً إلى ديارهم إلا إذا استطاعوا تحرير فلسطين من النهر إلى البحر.. لذا علينا أن نتواضع قليلاً ونبتعد عن أي غوغائية لنتحدَّث عن الأمور كما هي.. إنَّ أي اتفاق بيـن السلطة الفلسطينية (أو الدولة الفلسطينية الموعودة) مع إسرائيل، أو أي سلام شامل بين العرب وإسرائيل، الآن أو غداً أو بعد مئة عام، إنما سيبحث في أعداد الفلسطينيين الذين ستسمح لهم إسرائيل بالعودة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة.. فعلى أي أساس سيتم انتقاء الفلسطينيين الذين سيُسمح لهم بالعودة؟ هذا هو السؤال الذي علينا نحن اللبنانيين أن نطرحه الآن على الرئيس الفلسطيني محمود عباس..

أطفال فلسطينيون في المخيمات اللبنانية

    إن عدد اللاجئيـن الفلسطينيين في لبنان يبلغ حالياً حوالى 300 ألف لاجىء، يعيش أكثر من نصفهم بقليل داخل المخيمات.. معظمهم لجأ إلى لبنان بعد نكبة 1948.. تم تجنيس نسبة قليلة منهم في الخمسينيات (من بينهم زميلنا العزيز في مجلة "الشراع"جورج دلّل) ويُعتبـرون مواطنيـن لبنانيين مثلهم مثل أي مواطن لبناني آخر.. أما البقية، وهم الأغلبية، فالله وحده الأعلم بالحياة المأسوية التـي يعيشونها.. ذلك أن الخوف من توطينهم دفع بالدولة اللبنانية إلى حرمانهم من فرص العمل والضمان الإجتماعي والطبابة والتعليم على المستوى الرسمي، كما يمنع أي تحسين خدماتي داخل المخيمات.. لذا  ترتفع بينهم نسبة البطالة، ويضطر قسم منهم للعمل في السوق السوداء بأجور متدنية وضمن ظروف عمل سيئة.. أما إحصائيـــات منظمــــــة اليونيسيـــــف فتشيـر إلـى أن 60% منهم يعيشون تحت خط الفقر..
     لذا فإننا نتوجه إلى الرئيس الفلسطيني أبو مازن، مخاطبين ضميره وحسَّه الوطني العالي، لنقول:

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)

     في أي اتفاق بيـن السلطة الوطنية وإسرائيل على عودة عدد محدد من اللاجئيـن إلى الضفة والقطاع يجب تَبْدِئة جميع فلسطينيي لبنان عن أي فلسطيني آخر موجود في أي دولة عربية أخرى، رحمةً بفلسطينيي لبنان ورأفة باللبنانيين الساعين إلى بناء دولة تبسط شرعيتها على كامل الأراضي اللبنانية.. إنَّ على أبو مازن أن يسحب ورقة فلسطينيي لبنان من يد المتاجرين بها بأن يجعلهم جميعاً على رأس قائمة المسموح لهم بالعودة.. فإذا ما توصَّل إلى اتفاق مع إسرائيل على عودة 200 ألف لاجىء، على سبيل الإفتـراض، فعليه الإشتراط على العالم أجمع أن يكونوا جميعهم من فلسطينيي لبنان.. وإن تم الإتفاق على عودة 300 ألف لاجىء فيجب أن يكونوا جميعاً من لبنان أيضاً.. وإذا ما تم الإتفاق على عودة 400 ألف لاجىء فيجب أن يكون في طليعتهم ال300 ألف لاجىء الموجودين في لبنان.. وليس المطلوب منه أي شيء آخر، مع علمنا المسبق بأن حركة حماس والمحور الفارسي الذي تنتمـي إليه سيكونان أول المعترضين على ذلك!

                                             غزة.. أم الضفة؟!

     في الختام نسأل أهلنا اللاجئيـن الفلسطينيين في لبنان: إلى أين تفضلون العودة، إلى الضفة أم إلى غزة؟

خراب ودمار في غزة بسبب مقاولات "حماس"
 خدمةً لمصالح الفرس! 

     وقبل أن نستمع إلى الإجابة سنروي هذه النكتة المتداولة في لبنان منذ عشرين عاماً على الأقل.. تقول النكتة ان الناس الذين تقرَّر فرزهم إلى جهنَّم يوم القيامة قد خُيِّـروا عند بابها بين أمرين: إما أن يخلدوا في جهنَّم ساءت سعيراً، أو أن يخلدوا في المجارير.. فاختار الناس المجارير طبعاً لإعتقادهم بأنها أرحم.. ولكن ما أن مضى عليهم خمس دقائق وهم يسبحون في مياهها حتى ناداهم الحارس ليأمرهم بالقول: الآن انتهـى وقت الإستراحة وحان وقت الغطس.. فأُسقِطَ في يد الناس وصرخوا في صوتٍ واحد: لا يا عَمّ، جهنَّم أرحم!! (انتهت النكتة).
     والآن، لو أنك سألت أهلنا اللاجئيـن الفلسطينيين في لبنان: هل تودّون العودة إلى أرضكم المحرَّرة في غزة؟  لأَجابوكَ على الفور وبصوتٍ واحد: لا يا عَمّ، المجارير أرحم!!!


إقرأوا أيضاً:


**********************************************************
           إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:
                              www.alshiraa.com




هناك تعليق واحد:

  1. صح لسانك اخي وضعنا نحن فلسطينيي لبنان اسوأ من السيء و ذلك يعود لعنصرية الاغلبية من ( اشقائنا اللبنانيين ) الله يصلح الحال !

    ردحذف