2017/03/28

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الظن بالحشَّاشين.



بَلَغَ تَفَرُّد الحشَّاشين بالإغتيال وبالأساليب الخاصة التي اتَّبعوها، إضافةً إلى باعهم الطويل في الإرعاب وذيوع صيتهم في هذا الأمر، حداً جعل البعض ينسب إليهم بعض عمليات الإغتيال لأسبابٍ عديدة: منها الظن بأنَّ الفاعل هم الحشَّاشون مع الجهل بالفاعل الحقيقي والذي قد يكون الحشَّاشون هم أنفسهم ولكن مع عدم وجود دليل قاطع، ومنها التعمُّد في توجيه التهمة إلى الحشَّاشين لإبعاد الشبهات عن الفاعل الحقيقي، دون أن نغفل عن أنَّ تهمة الإنتماء إلى الحشَّاشين قد استخدمها البعضُ، من حكَّامٍ وعامَّة، للإفتراء على الخصوم بغية الإيقاع بهم والتخلص منهم. وهذا في حقيقة الأمر إنما يدل على مدى ما أحدثه الحشَّاشون على مدى ما يقرب من ثلاثة قرون من إرعابٍ في المجتمعات الإسلامية، بل والمجتمعات الصليبية والأوروبية أيضاً، ومدى العداوة التي لقيها الحشَّاشون لا سيما في المجتمعات الإسلامية. وسنضرب على ذلك كلَّ الأمثلة التي صادفنا في كتب المؤرِّخين.


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)

الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثامن

الظن بالحشَّاشين


حسين احمد صبرا
بَلَغَ تَفَرُّد الحشَّاشين بالإغتيال وبالأساليب الخاصة التي اتَّبعوها، إضافةً إلى باعهم الطويل في الإرعاب وذيوع صيتهم في هذا الأمر، حداً جعل البعض ينسب إليهم بعض عمليات الإغتيال لأسبابٍ عديدة: منها الظن بأنَّ الفاعل هم الحشَّاشون مع الجهل بالفاعل الحقيقي والذي قد يكون الحشَّاشون هم أنفسهم ولكن مع عدم وجود دليل قاطع، ومنها التعمُّد في توجيه التهمة إلى الحشَّاشين لإبعاد الشبهات عن الفاعل الحقيقي، دون أن نغفل عن أنَّ تهمة الإنتماء إلى الحشَّاشين قد استخدمها البعضُ، من حكَّامٍ وعامَّة، للإفتراء على الخصوم بغية الإيقاع بهم والتخلص منهم. وهذا في حقيقة الأمر إنما يدل على مدى ما أحدثه الحشَّاشون على مدى ما يقرب من ثلاثة قرون من إرعابٍ في المجتمعات الإسلامية، بل والمجتمعات الصليبية والأوروبية أيضاً، ومدى العداوة التي لقيها الحشَّاشون لا سيما في المجتمعات الإسلامية. وسنضرب على ذلك كلَّ الأمثلة التي صادفنا في كتب المؤرِّخين.

الدهستاني

سنة 495ه/ 1101م اغتيل الوزير الأعز عبد الجليل الدهستاني، وزير السلطان السلجوقي بركيارُق بن ملكشاه، وقد ذكر ابن الجوزي أنه "قَتَلَتْهُ الباطنيةُ (الحشَّاشون) بباب أصبهان"(1). وردَّد هذا الكلام عماد الدين الأصفهاني ذاكراً أنَّ الدهستاني "لم يكن له أثرٌ محمود، ولا يومٌ في الكفاية مشهود، بل تفاقم شرُّه إلى أن أَخرج املاكَ الناس في الإقطاع، وكان في الظلم مستطيل اليد طويل الباع. ولم تَطُلْ أيامه فإنه بَقَرَ بطنَه باطنيٌّ (حشَّاشيٌّ) على باب أصفهان"(2).
____________________________________
(1) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج16، ص77.
(2) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص82.
____________________________________
بيد أنَّ ابن الأثير أورد احتمالين، قائلاً أنَّ الدهستاني كان مع السلطان بركيارُق محاصراً لأصفهان أثناء صراعه مع أخيه محمد بن ملكشاه وأرملة أبيه، "فركب (الدهستاني) هذا اليوم من خيمته إلى خدمة السلطان، فجاء شابٌّ أشقر قيل: إنه كان من غلمان أبي سعيد الحداد، وكان الوزير قَتَلَهُ في العام الماضي، فانتهز الفرصة فيه، وقيل: كان باطنياً فجرحه عدة جراحاتٍ فتفرَّق أصحابه عنه، ثم عادوا إليه فجَرَحَ (الحشَّاشيُّ) أقربَهم منه جراحاتٍ أثخنته، وعاد إلى الوزير فتركه بآخر رمق"(3).
_____________________________________
(3) إبن الأثير/ الكامل في التاريخ/ ج9، ص50.
_____________________________________

الخطيبي

أصبحت تهمة الإنتماء إلى الباطنية عرضةً لأن يستخدمها البعضُ فَرِيَّةً لمجرَّد الإيقاع بخصومهم، الأمر الذي يدل في العموم على المدى الذي بلغه عداءُ المسلمين للحشَّاشين الملاحدة. ومن الأمثلة على ذلك ما حصل مع رئيس أصفهان عبد الله الخطيبيّ، الذي راح يحرِّض السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه على بعض أعيان دولته ويتَّهمهم بالباطنية لمجرَّد أنهم خصومه. وقد أورد عماد الدين الأصفهاني نقلاً عن أنو شروان(4) أنَّ الخطيبي عثر على أحد الحشَّاشين مختبئاً ومتوارياً عن الأنظار، فأحضره وآمَنَهُ "ولقَّنه أسامي مائة نفسٍ من خدَّام السلطان وأعيان البلدان، وقال له: "إذا سُئلتَ عمَّن تعرفه من الباطنية فاذكر هؤلاء"(5)، ثم طلب منــــــــــــــــــــــــــه
_____________________________________
(4) أنو شروان: أحد الذين قرَّبهم إليه السلطان محمد بن ملكشاه وسلَّمه شؤون خزانة الأموال.
(5) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص91.
_____________________________________
الإختباء مرة أخرى، ثم ذهب الخطيبي إلى محمد بن ملكشاه "وقال: قد دُلِلْتُ على رجلٍ باطنيٍّ في موضع كذا، وأرجو أن يقع، فلعلَّه يفتح علينا بشيءٍ من أمر الباطنية. فأمر (السلطانُ) الحاجبَ بإنفاذ مَنْ يأخذه، فأُخِذَ (الباطنيُّ) واُحْضِرَ وسئل عمَّن يعرفه من الباطنية في البلاد والعسكر، فأعاد ما تلقَّنه من الخطيبيّ وأجرى ذكر مختص المُلك أبي نصر والصفيّ القُمّيَ أبي الفضل نائب الخطير في ديوان الإستيفاء، وكذلك عَدَّ قريباً من مائة من المعروفين، فأُخذوا وسُلِّموا إلى الأتراك، وتصرَّفوا منهم في الدُور والأملاك، وتشتَّت أهلُهم وتفرَّق شملُهم. وفي أثناء هذه المكايد والحِيَل نزل الخطبُ بالخطيبيّ وضُرب بغتةً بسكِّينٍ سَكَّنَتْ حركتَه وأَسْكَنَتْ نامتَه وأَشْمَتَتْ به خاصة الزمان وعامَّته (تمَّ قتل الخطيبي عام 502ه/ 1108م). وبقي المكذوبُ عليهم في السجن شهوراً، وانتقم الله ممن جاء في أمرهم بهتاناً وزوراً. ثم تبيَّن للسلطان بعد قتل الخطيبيّ أنه كان محالياً مُسْتَحِلاً، مستبداً بالإحتيال والإغتيال مستقلاً. وعُرف أنَّ ذلك الباطنيُّ ذَكَرَ مَنْ ذَكَرَهُ بتلقينه، فندم السلطان ولات حين مندم. وأمر بالإفراج عن أولئك المساكين، ولم يسمع السلطانُ بعد ذلك حديثاً في اعتقاد.، ولم يصدِّق نسبةَ مُسْلِمٍ إلى الإلحاد، وإذا جرى عنده حديثُ الباطنية قال: "إنهم في القلاع وهي موضعها ونحن نقصدها ونَقْلَعُها". وشغف بحصار حصونهم (أي حصون الباطنية) وفَتَحَ قلاعاً لو بقيت إلى الآن في أيديهم لَعَمَّ العالمَ الكفرُ"(6).
_____________________________________
(6) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص91.
_____________________________________
هذا ما أورده واحدٌ من أبرز مؤرِّخي القرن الهجري السادس عماد الدين الأصفهاني نقلاً عن أنو شروان، أحد المقرَّبين من السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه. والغريب في الأمر أنَّ أبرز مؤرِّخي القرن الهجري السادس الآخرَين، إبن الجوزي وابن الأثير، ذكرا أنَّ الحشَّاشين هم الذي اغتالوا قاضي أصفهان عبد الله الخطيبي ولكن كلٌّ بأسلوب مختلف، إذ ذكر ابن الجوزي مباشرةً أنه "قَتَلَهُ الباطية بها"(7). أما ابن الأثير فقد ذكر أنَّ الخطيبي "كان قد تجرَّد في أمر الباطنية تجرُّداً عظيماً وصار يلبس درعاً حذراً منهم ويحتاط ويحترز. فقصده إنسانٌ عجميٌّ يومَ جمعة ودخل بينه وبين أصحابه فقتله"(8). وعلى الرغم من أنَّ ابن الأثير لم يذكر بصريح العبارة أنَّ الحشَّاشين هم الذي قتلوه، بل قال "إنسانٌ عجمي"، إلا أنَّ قوله في أنَّ الخطيبي كان قد تجرَّد في محاربة الحشَّاشين هو أمرٌ بدا في الظاهر حقيقياً، إلا أنَّ رواية أنو شروان كشفت زيف هذا التجرُّد. ولكن في العموم فإنَّ الخطيبي كان يحرِّض السلطان محمد بن ملكشاه على الحشَّاشين في إيران والعراق بشكلٍ ظاهري فحسب، وربما ظنَّ الحشَّاشون أنه يحرِّض ضدهم بشكلٍ جدّي فقتلوه، كما يبقى احتمال أن لا يكونوا هم القتلة وارداً أيضاً.
_____________________________________
(7) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص113.
(8) إبن الأثير/ الكامل/ ج9، ص133.
_____________________________________

الأفضل شاهنشاه
عام 515ه/ 1121م اغتيل الوزير الخلافة الفاطمية بمصر الأفضل شاهنشاه بن بدر الجمالي، وكان "راكباً في موكبه مجتازاً في بعض أسواق القاهرة، وقد كان على غايةٍ من التحرُّز والتحفُّظ واستعمال الإحتراس والتيقُّظ لاسيما من الطائفة الباطنية والإحتياط منهم بأنواع السلاح ووافر الغلمان والخدم والعبيد والعُدَد المختلفة والسيوف الماضية. وكان المرتِّب لقتله والمرصد له جماعةٌ فوثب عليه رجلٌ من بعض الشوارع بحيث شَغَلَ أصحاب الركاب، ووثب الآخرُ من بين يديه فضربه ضرباتٍ سقط بها عن ظهر جواده إلى الأرض. وقُتلا (أي الحشَّاشان) في الحال، وحُمل (الأفضل) إلى داره وبه رمقٌ، وتوفي رحمه الله من يومه"(9).
____________________________________
(9) إبن القلانسي/ ذيل تاريخ دمشق/ ص203.
____________________________________
اللافت ما أضاف ابنُ القلانسي ذِكْرَهُ، إذ قال: "وادَّعى (أي الأفضلُ وهو على فراش الموت) أنَّ الباطنية (الحشَّاشين) تولّوا قتلَه، وليس ذلك صحيحاً بل ذلك ادِّعاءٌ باطلٌ ومحالٌ زائلٌ، وإنما السبب الذي اجتمعت عليه الروايات الصحيحة التي لا تشكُّ في هذا الأمر فسادُ ما بينه وبين مولاه (الخليفة الفاطمي) الآمر بأحكام الله أمير المؤمنين لتضييقه عليه (أي لتضييق الأفضل على الآمر) ومنعِهِ مما تميلُ نفسُهُ إليه ومنافرته إياه في بعض الأوقات. وقد كان هذا الخلف (الخلاف) المستمر بينهما قد ظهر بمصر لكثيرٍ من أهلها وتحدَّثوا فيه، وكان (الخليفة) الآمر قد عزم على اغتياله إذا دخل عليه في قصره للسلام عليه أو في أيامِ أعيادٍ، وقويت نفسُهُ على إتمام هذا الأمر، فمَنَعَهُ من ذلك الأميرُ أبو الميمون عبد المجيد وقال له: "إنَّ هذا الأمر إذا تمَّ على هذه القضية كان فيه شناعةٌ وسوءُ سمعةٍ لأنَّ هذا (أي الأفضل) وأباه (أي بدر الدين الجمالي) في خدمتنا منذ خمسين سنةً، لا يعرف الناسُ في سائر أقطار البلاد غير هذا، فما يُقال في مثل هذه الحال في مجازاتنا لمَنْ هذه صفتُهُ هذه المجازاة الشنيعة والمكافأة الفظيعة؟ وما العذر في ذلك إلى الناس وهم لا يعلمون ما في نفوسنا له وما ننقم عليه بسببه وما يعرفون منه في ظاهر الأمر إلا الموالاة الخالصة والطاعة الصادقة والذَبُّ عن الدولة والمحاماة عنها؟ ولا بدَّ أن تدعو الضرورةُ إلى إقامة غيره في مكانه والإعتماد عليه في منصبه فيتمكَّن كتمكُّنِهِ أو بعضِهِ فتحَذَّرَ من الدخول إلى قصرنا خوفاً على نفسه مما جرى على غيره، وإن دخل علينا كان خائفاً مُعِدّاً، وإن خرجَ عنّا خرجَ وَجِلاً مستعِدّاً، وفي هذا الفعل ما يؤكِّد الوحشة ويدلُّ على فساد التدبير في اليوم وفيما بعد. بل الصوابُ في التدبير أن تستميل أبا عبد الله (محمد) البطائحي (كان استخدمه الأفضل في داره مع الفراشين ثمَّ صار ذا مكانةٍ عنده) الغالب على أمره، المطَّلع على سرَّه (على سِرّ الأفضل) وجهره وتراسله وتَعِدُهُ وتُمَنِّيه وتُطْمِعُهُ في منصبه فإنه يُجيب إلى ذلك ويُعِينُ عليه لأمرين، أحدُهُما دِيناً لأنَّ مذهبَهُ (أي البطائحي) مذهبُنا واعتقادُهُ موالاتنا ومحبَّتُنا، والثاني للدنيا وحُبِّها وكونه (أي البطائحي) يصير في منصبه فيها (أي يصبح البطائحي هو الوزير)، ويدبِّر (أي البطائحي) الأمرَ عليه (أي يخطِّط لقَتْلِ الأفضل) بمن لا يُعرَف ولا يُوْبَهُ له ولا يُلتفَتُ إليه ممَّن يغتالُهُ (أي يغتال الأفضل) إذا ركبَ، فإذا ظفرنا بمن قَتَلَهُ قَتَلناه وأَظْهَرْنا الطلبَ بدمه والحزنَ عليه والأسف لفقده، فيكون عذرُنا عند كافة الرعيّة مبسوطاً ويزول عنّا قُبحُ القالة وسوءُ السمعة"(10).
____________________________________
(10) إبن القلانسي/ ذيل تاريخ دمشق/ ص203 – 204.
____________________________________
يتابع ابن القلانسي: "فاستقرَّ الأمر على هذه القضية وشُرع في إتمامه والحال فيه ظاهرةٌ، وقضى الله عليه قضاءَ المحتوم، وسُرَّ (الخليفة الفاطمي) الآمرُ بمقتله (بمقتل الأفضل) سروراً غير مستورٍ عن كافة الخاص بمصر والقاهرة (...). وانتظمت لـ (الخليفة الفاطمي) الآمرِ الأمورُ على المأثور، وأقامَ (أي عَيَّنَ) أبا عبد الله بن البطائحي (وزيراً) ووفى له بوعده ولقَّبه بالمأمون وبسطَ يدَه في البَرْمِ والنقض والرفع والخفض"(11).
إذاً، قيل إنَّ الوزير الأفضل وهو على فراش الموت اتَّهم الحشَّاشين باغتياله، لكنَّ ابن القلانسي نفى ذلك بشدة وفنَّد الأمر بإسهاب، ذاكراً أنَّ الخليفة الفاطمي الآمر قرَّر بدايةً اغتيالَهُ حينما يدخل عليه، لكنْ مَنَعَهُ أحدُ الأمراء ونَصَحَهُ بأن يوكل أمر تدبير عملية الإغتيال إلى البطائحي، على أن تُطْمِعَهُ (أي البطائحي) بأن يصبح وزيراً مكان الأفضل، وهذا ما حصل.
_____________________________________
(11) إبن القلانسي/ ذيل تاريخ دمشق/ ص204.
_____________________________________
ولكن يبقى الأمرُ محيِّراً، إذ لو لم يكن البطائحي استعان بالحشاشين لقتل الأفضل فلماذا احترز منهم الخليفة الفاطمي الآمر والبطائحي نفسه لاحقاً؟
 جديرٌ بالذكر أنَّ كُلاًّ من الإسماعيلية الفاطميين والإسماعيلية النزارية الحشَّاشين كانوا يكرهون الوزير الأفضل لسببين اثنين: "لإظهاره السُنَّةَ، ولتضييقه على خليفتهم (الآمر بأحكام الله)"(12).
____________________________________
(12) الذهبي/ دول الإسلام/ ج2، ص21.
____________________________________

الآمر بأحكام الله

في عام 524ه/ 1129م اغتيل بمصر الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله، وتعدَّدت الروايات حول الجهة التي اغتالته:
فمن ناحية أول، كانت هناك عداوةٌ مستحكمة بين الآمر والحشَّاشين، ذلك أنَّ الآمر هو إبن المستعلي، الخليفة الفاطمي الذي قتل أخاه نزار ليستلَّم سدة الخلافة بمساعدة الوزير الأفضل شاهنشاه، في حين أنَّ الإسماعيلية الحشَّاشين أيَّدوا نزار وتسمُّوا بالنزاريين. وبالإضافة إلى ذلك فإنَّ الآمر قد صعَّد من حملته الإعلامية ضد الحشَّاشين وألَّف كتاباً بعنوان "الهداية الآمرية في إبطال الدعوى النزارية" هاجم فيه الإسماعيليين النزاريين الحشَّاشين ودافع عن إمامة أبيه المستعلي.
ومن ناحية ثانية، فإنَّ الآمر بأحكام الله هو من أوعز إلى البطائحي بقتل الوزير الفاطمي الأفضل شاهنشاه، مما أوجد عداوةً بينه وبين أتباع الأفضل.
ومن ناحية ثالثة، فإنَّ الآمر هو الذي كان وراء اغتيال وزيره المامون البطائحي، الذي عيَّنه مكان الأفضل ثم تخلَّص منه.
وهكذا، بات المتَّهَم بقتل الآمر ثلاثُ جهات. ولكن دعونا نبدأ بما قاله المؤرخون الذين عاصروا تلك الحادثة، ونبدأ بالأقرب: فإبن القلانسي (المتوفي سنة 556ه/ 1160م) أورد أنَّ السبب الذي كان وراء مقتله هو الظلم الذي ألحقه الآمر برعيَّته، ذاكراً أنه قُتل "لأمورٍ مُنْكَرة ارتكبها وأحوالٍ قبيحة اعتمدها ادعت إلى قتله واوجبت الفتك به لأنه بالغ في ظلم الرعيَّة وأخْذ أموالهم واغتصاب ملاكهم وسفك الدماء، وأساءَ السيرة وارتكب المحذورات واستحسن القبائح من المحظورات، فابتهج الخاصُّ والعامُّ بالحادث والراحة منه"(13). إلى أن يقول: "إلى أن وُجدت الفرصة فيه متسهِّلة (...) ودُبِّر عليه فوثبوا عليه وقتلوه رحمه الله وانفردوا به، وأدركه أصحابُهُ وقد قضى، فقَتَلوا الجناةَ"(14). دون أن يوضِّح مَنْ الذي دَبَّر عليه.
_____________________________________
(13) إبن القلانسي/ ذيل تاريخ دمشق/ ص228.
(14) المرجع السابق/ ص229.
_____________________________________
أما ابن الجوزي (المتوفي سنة 597ه/ 1200م) فيذكر أنه "هَجَمَ عليه عشرةُ غلمانٍ من غلمان (الوزير الراحل) الأفضل، الذي كان من قبله (أي الذي كان الحاكم الفعلي بمصر)، فقتلوه"(15).
أما ابن الأثير (المتوفي سنة 630ه/ 1232م) فيتَّهم الحشَّاشين، قائلاً: "في هذه السنة (524ه/ 1129م) ثاني ذي العقدة قُتل الآمر بأحكام الله أبو علي بن المستعلي العلوي صاحب مصر. خرج إلى منتزهٍ له، فلما عاد وَثَبَ عليه الباطنيةُ (الحشَّاشون) فقتلوه لأنه كان سيء السيرة في رعيته"(16).
____________________________________
(15) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص258.
(16) إبن الأثير/ الكامل/ ج9، ص255.
____________________________________
ومن المؤرِّخين المتأخرين نجد أنَّ ابن أيبك الدواداري (المتوفَّى سنة 713ه/ 1313م) يذكر جهتين اثنتين: الحشَّاشين وبقية من عترة الوزير البطائحي، فيذكر أولاً أنَّه "كمن له قومٌ اتَّفقوا على قتله، وكان ذلك بتدبيير بني عَمِّه ( أي الحشَّاشين، ذلك أنَّ نزار هو عَمُّ الآمر)"(17). إلى أن يقول: "وقيل إنَّ الذين دبَّروا في قتله بقيَّةٌ من عَتْرَة محمد بن فاتك (الوزير المأمون البطائحي)"(18).
_____________________________________
(17) إبن أيبك الدواداري/ كنز الدرر وجامع الغرر/ ج6، ص504.
(18) المرجع السابق/ ج6، ص505.
_____________________________________
ومن المؤرخين المتأخرين أيضاً نجد أنَّ المقريزي (المتوفى سنة 845ه/ 1441م)، والذي وضع كتاباً خاصاً بأخبار الخلفاء الفاطميين، يذكر أنه في سنة 524ه/ 1129م (أي عام مقتل الآمر) "تواترت الأخبار بتخويف الآمر من اغتيال النزارية(الحشَّاشين) وتحذيره منهم وإعلامه بأنه قد خَرَجَ منهم قومٌ من المشرق يريدون قَتْلَهُ، فتحرَّز احترازاً كبيراً بحيث إنه كان لا يصل أحدٌ من قطرٍ من الأقطار إلا ويفتِّش ويستقصي عنه. وأقام عدَّةً من ثقاته يتلقُّون القوافل ليتعرَّفوا أحوالَ الواصلين ويكشفوا عنهم كشفاً جليّاً. وكلَّما اشتد الأمرُ كَثُرَ الخوف. واتَّصل به أنَّ جماعةً من النزارية (الحشَّاشين) حصلوا بالقاهرة ومصر، فاحترز وتحيَّل في قبضهم فلم يقدر لِمَا أراد الله؛ وفشا في الناس أمرُهُم (أي أمر الحشَّاشين)، وكانوا عشرة"(19). ثم يذكر المقريزي أنَّ تسعةً من هؤلاء الحشَّاشين "وثبوا عليه (على الآمر) وثبة رجلٍ واحد وضربوه بالسكاكين (...) فأدركهم الناسُ وقتلوهم"(20).
____________________________________
(19) المقريزي/ إتِّعاظ الحُنَفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخُلَفا/ ج3، ص128.
(20) المرجع السابق/ ج3، ص130.
____________________________________

القاضي العزيز

نصل إلى حادثة قَتْل القاضي العزيز، عَمِّ المؤرِّخ عماد الدين الأصفهاني، و الذي كان رئيس ديوان الإستيفاء (الجبايات) في وزارة السلطان السلجوقي سَنْجَر بن ملكشاه، أنَّ الدركزيني – وزيرَ سَنْجَر – قد تآمر عليه عام 527ه/ 1132م وقرَّر قتله بدون معرفة سَنْجَر، وحدث أنْ حصل الدركزيني من سَنْجَر على ورقة بيضاء موجود عليها ختم الأخير، فكتب عليها الدركزيني أمراً باسم السلطان بقتل القاضي العزيز، الذي كان مسجوناً آنذاك في قلعة تكريت في العراق.
اللافت في هذه الحادثة أنَّ الدركزيني اصطحب معه إلى القلعة أحدَ الحشَّاشين كي يتولَّى هذا الحشَّاشي قتلَ القاضي العزيز بنفسه، ليُقال بعدها بأنَّ الحشَّاشين هم الذين اغتالوا القاضي العزيز من تلقاء أنفسهم(21).
_____________________________________
(21) راجع عن حادثة قتل القاضي العزيز فصل "مرتزِقة غِبَّ الطلب". أيضاً راجع كتاب عماد الدين الأصفهاني "تاريخ دولة آل سلجوق" (تلخيص البنداري)، ص152 – 153 – 154.
_____________________________________

إسماعيل بن بوري بن طُغْتِكِين

في سنة 529ه/ 1134م تمَّ اغتيال حاكم دمشق شمس الملوك إسماعيل بن بوري بن طُغْتِكِين، وكان سبق للحشَّاشين أن اغتالوا والده بوري بن طُغْتِكِين سنة 523ه/ 1128م، كما أوردنا في فصلٍ سابق. ونجد المؤرِّخ شمس الدين الذهبي يقول بأنَّ الباطنية الحشَّاشين هم الذين قتلوا شمس الملوك(22). ورغم أنه ينقل عن إبن الأثير، إلا أنَّ الأخير لم يأتِ على ذكر الحشَّاشين، بل يذكر عدة أسباب لا علاقة للحشَّاشين بها(23).
______________________________________
(22) راجع الذهبي في "دول الإسلام"، ج2، ص32.
(23) راجع إبن الأثير في "الكامل في التاريخ"، ج9، ص278 - 279.
______________________________________

الراشد بالله

بعد قتل الخليفة العباسي المسترشد بالله سنة 529ه/ 1134م من قبل السلطان السلجوقي مسعود بن محمد بن ملكشاه عن طريق الحشَّاشين تمَّ تعيين ابنه الراشد بالله مكانه في الخلافة، ما لبث السلطان أن عزله في العام التالي عن منصب الخلافة وتمَّ استبداله بخليفةٍ آخر (المقتفي بالله).
في عام 532ه/ 1137م سار الراشد بالله إلى أصفهان، وهناك مرض مرضاً شديداً ثم فارق الحياة، ويذكر ابن الجوزي أنَّ "في سبب موته ثلاثةُ أقوال، أحدها: أنه سُقي السُمَّ ثلاث مرات، والثاني: أنه قَتَلَهُ قومٌ من الفراشين الذين كانوا في خدمته، والثالث: أنه قتله الباطنية وقُتلوا بعده"(24).
______________________________________
(24) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص332.
______________________________________

إبن المظفَّر

في عام 573ه/ 1177م اغتيل الوزير عضد الدين ابن المظفَّر، وزير الخليفة العباسي المستضيء بأمر الله، وذلك حينما كان خارجاً من بغداد مترئساً قافلةً من الحُجَّاج. وكان المؤرِّخ ابن الجوزي معاصراً لهذه الحادثة وقد ألقى كلمةً في عزاء الوزير، إذ يقول: "فحضر في اليوم الثالث (للعزاء) صاحبُ الديوان وقاضي القضاة والنقيب (نقيب الهاشميين) وغيرهم وسألوا أن أتكلَّم عندهم في العزاء، فنُصِبَ لي كرسيٌّ لطيف وتكلَّمتُ عليه والقراء يقرأون، ومَدَدْتُ الكلام إلى أن جاء خَدَمُ الخليفة بمكتوبٍ منه يعزّهم ويأمرهم بالنهوض عن العزاء"(25).
_______________________________________
(25) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج18، ص241.
_______________________________________
أما الإتهام فقد وُجِّه إلى صاحب المخزن في الوزارة واعوانه، ولكن بقي الإختلاف حول ما إذا اتَّفق مع الحشَّاشين لاغتيال وزير الخليفة أم أنه اتفق مع أمراء خراسان لإرسال مَنْ يغتال الوزير، إذ يقول ابن الجوزي: "واختلفت الأراجيف (الأخبار السيِّئة) في نوبته (أي في مصيبة اغتيال الوزير)، فقومٌ يقولون إنهم (أي صاحب المخزن وأعوانه) في وَضْعِ (أي تكليف) الباطنية على قتل الوزير، وذُكِرَ أنه (أي صاحب المخزن) كَتَبَ إلى أمير المؤمنين مراراً يحرِّضه على الخروج للفُرْجَة في الحاج، فلما اتَّفَقَ (وَقَعَ عَرَضاً) قتلُ الوزير خِيْفَ أن تكون نيَّتُهُ (أي نية صاحب المخزن) قد كانت رديئة (أي أن تكون نيَّته اغتيال الخليفة نفسه). وقومٌ يقولون إنه (أي صاحب المخزن) كاتَبَ أمراءَ خراسان (لإرسال مَنْ يغتال الوزير)"(26).
_______________________________________
(26) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج18، ص241.
_______________________________________

التحجُّج بالحشّاشين

عام 577ه/ 1181م تسلَّم الحكمَ بحلب عماد الدين بن مودود بن زنكي من ابن عمِّه الملك الصالح بناءً على وصية الأخير. وبعد تسلُّمه حلب صعد إلى قلعتها، فطمع والي مدينة حلب وديوانها مظفَّر الدين بن زين الدين بأن يملك القلعة، فصعد إلى القلعة مع رجاله متظاهراً بالقدوم إلى عماد الدين ليسلَّمه كتاباً من أخيه عز الدين، وقد لبس هو ورجالُهُ الزرد (الدرع الواقي) تحت ثيابهم وحمل كلُّ واحدٍ منهم سيفاً، وحينما تمَّ اكتشاف الزرد تحت ملابسهم مُنعوا من دخول القلعة، ذلك أنَّ هذا الأمر يعني أنه ينوي الدخول في معركة مسلَّحة، وبالتالي باتت نيَّته في احتلال القلعة مكشوفة. فعاد مظفَّر الدين إلى داره، وشاعت قصته بين الناس، فبَعَثَ يعتذر ويتحجَّج بالحشَّاشين، قائلاً: "إنَّ الإسماعيلية (الحشَّاشين) أوعدوني بالقتل، وما أمكنني إلا الإحتراز بالسلاح أنا ومَنْ معي، وأَنْكَرَ الحَفَظَةُ (الحرّاس) بالقلعة ذلك عليَّ، ولم يكن ذلك (أي حمل السلاح وارتداء الزرد) لأمرٍ غير ما ذَكَرْتُهُ"(27).
_______________________________________
(27) إبن العديم/ زبدة الحلب من تاريخ حلب/ ص386.
_______________________________________

شهاب الدين الغوري

في سنة 602ه/ 1205م اغتيل شهاب الدين الغوري، مَلِك غزنة وبعض خراسان، وقد أورد ابن الأثير سببين اثنين:
السبب الأول: "أنَّ نفراً من الكفّار الكوكرية لزموا عسكرَهُ عازمين على قتله لِمَا فَعَلَ بهم من القتل والأسر والسبي، فلمَّا كان هذه الليلة تفرَّق عنه أصحابه (...) فلمَّا تفرَّق عنه أصحابُهُ وبقي وحده في خركاه (بيت من الخشب) فثار أولئك النفر فقَتَلَ أحدُهُم بعضَ الحرس بباب سرادق شهاب الدين، فلمَّا قتلوه صاحَ (الحارسُ)، فثار أصحابُهُ (الحرَّاس) من حول السرادق لينظروا ما بصاحبهم، فأَخْلُوا مواقفَهُم وكَثُرَ الزحام، فاغتنم الكوكرية غفلَتَهُم عن الحفظ فدخلوا على شهاب الدين وهو في الخركاه، فضربوه بالسكاكين اثنتين وعشرين ضربة فقتلوه، فدخل عليه أصحابُهُ فوجدوه على مصلّاه قتيلاً وهو ساجد، فأخذوا (أي الحرَّاسُ) الكفَّارَ )الكوكرية) فقتلوهم، وكان فيهم اثنان مجنونان"(28).
والسبب الثاني: "وقيل إنما قَتَلَهُ الإسماعيلية (الحشَّاشون) لأنهم خافوا خروجَهُ إلى خراسان، وكان له عسكرٌ يحاصر بعضَ قلاعهم"(29).
_______________________________________
(28) إبن الأثير/ الكامل/ ج10، ص303.
(29) المرجع السابق/ ص303.
_______________________________________

هنري الثالث

وتأثَّر الصليبيون والأوروبيون بأسلوب الحشَّاشين في الإغتيال، حتى أنّ بعضهم حاول تقليد هذا الأسلوب ليصار إلى اتِّهام الحشَّاشين بغية إبعاد الشبهة عنهم. ففي عام 636ه/ 1238م وقعت محاولة اغتيال ملك إنكلترا هنري الثالث في غرفة نومه في بلاطه في ودستوك، وتمَّ اكتشاف المحاولة وألقي القبض على الشخص الذي حاول القيام بالإغتيال، "وقد اعترف هذا الرجل بعد بعض الوقت بأنه قد أُرسل إلى هناك ليقتل الملك وفق طرائق الحشيشية (الحشَّاشين) من  قبل (الفارس) وليم مارش، ابن غيوفري مارش (أحد النبلاء الإنكليز)، وأفاد بأنَّ آخرين قد تآمروا لاقتراف الجريمة نفسها"(30).
_______________________________________
(30) متَّى باريس/ التاريخ الكبير/ ص164 (ورد هذا الكتاب ضمن "الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية"، ج40.
_______________________________________
وكان هذا الرجل قد دخل "إلى قاعة نوم الملك من النافذة، حاملاً بيده مديةً مفتوحة، واقترب من فراش الملك. غير أنه أُصيب بالإضطراب لعدم وجوده هناك، وبدأ على الفور يبحث عنه في عددٍ من قاعات النوم في مسكنه. وكان الملك – بفضل الرب – نائماً مع الملكة، وكان هناك بالصدفة واحدة من وصيفات الملك مستيقظة (...) وكانت تغني ببعض المزامير على ضوء شمعة، وعندما رأت هذا الرجل المجنون يفتِّش في الأماكن الخاصة ليقتل الملك وهو يسأل بصوتٍ مرعبٍ عن المكان الذي فيه الملك، ارتعبت كثيراً وأخذت تردِّد صراخَها. ولدى سماع صراخها المرعب استيقظ حرَّاس الملك وقفزوا من أَسِرَّتهم بكل سرعة وركضوا نحو المكان، وفتحوا الباب بالقوة، والذي كان اللص قد أغلقه بإحكام، واعتقلوا اللص، على الرغم من مقاومته، وربطوه وغَلُّوه بقوة"(31).
_______________________________________
(31) متَّى باريس/ التاريخ الكبير/ ص163 – 164.
_______________________________________

غيَّاث الدين تورنشاه الأيوبي

كان آخر سلطان أيوبي حَكَمَ مصر هو السلطان المعظَّم غياث الدين تورنشاه الأيوبي (إبن الملك الصالح نجم الدين أيوب)، والذي لم يحكم سوى 71 يوماً، وبقتله سنة 648ه/ 1250م انقرضت دولة بني أيوب من مصر. وكان نجم الدين أيوب قد أنشأ ما سُمِّي بالمماليك البحرية، وقد سمَّاهم بالبحرية لسكناهم معه في قلعة الروضة على بحر النيل.
ذات يومٍ "جلس السلطان (المعظَّم غياث الدين تورنشاه) على عادته، (و) تقدَّم إليه واحدٌ من (المماليك) البحرية، وهو بيبرس البندقداري – الذي صار إليه مُلكُ مصر (لاحقاً) – وضربه بالسيف، فتلقّاه المعظَّم بيده فبانت أصابعه، والتجأ (المعظَّم) إلى البرج الخشبي الذي نُصب له بفارسكور، وهو يصيح: مّنْ جَرَحَني؟! قالوا: الحشيشة (أي الحشَّاشون). فقال: لا والله إلا (المماليك) البحرية! والله لا أبقيت منهم بقيّة!"(32).
ونلاحظ هنا أنَّ حاشية السلطان المعظَّم تورانشاه، وبمجرَّد أن تعرَّض الأخير لمحاولة اغتيال، ظنوا أنَّ الحشَّاشين هم القتلة.
_______________________________________
(32) المقريزي/ السلوك لمعرفة دول الملوك/ ج1، ص458.
_______________________________________
الفصل التالي:
الفصل السابق:







 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق