2017/03/23

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (7): الوزير الدركزيني واغتيال الحشَّاشين للقاضي الهروي.



عام 518ه/ 1124م أوفد الخليفةُ العباسي المسترشدُ بالله القاضيَ الهروي إلى خراسان برسالةٍ إلى السلطان السلجوقي سَنْجَر بن ملكشاه، ثم قَفَلَ الهروي عائداً إلى الخليفة بالجواب، ونزل وهو في طريق العودة بهمذان للصلاة في جامعها، وهناك "وثب عليه على حين غفلةٍ منه قومٌ من الباطنية (الحشّاشين) فضربوه بسكاكينهم فقتلوه وهربوا في الحال ولم يَظهر لهم خبرٌ ولا بانَ لهم أثرٌ ولا تَبِعَهم شخصٌ للخوف منهم".. ويورد عماد الدين الأصفهاني أنَّ الوزير الدركزيني (وزير سَنْجَر في العراق) هو الذي أوعز إلى الحشَّاشين أن يغتالوا القاضي الهروي...



إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثالث

الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (7)


الوزير الدركزيني واغتيال الحشَّاشين للقاضي الهروي



حسين احمد صبرا
عام 518ه/ 1124م أوفد الخليفةُ العباسي المسترشدُ بالله القاضيَ الهروي(1) إلى خراسان برسالةٍ إلى السلطان السلجوقي سَنْجَر بن ملكشاه، ثم قَفَلَ الهروي عائداً إلى الخليفة بالجواب، ونزل وهو في طريق العودة بهمذان للصلاة في جامعها، وهناك "وثب عليه على حين غفلةٍ منه قومٌ من الباطنية (الحشّاشين) فضربوه بسكاكينهم فقتلوه وهربوا في الحال ولم يَظهر لهم خبرٌ ولا بانَ لهم أثرٌ ولا تَبِعَهم شخصٌ للخوف منهم"(2).
____________________________________
(1) القاضي زين الإسلام أبو سعد محمد بن نصر ين منصور الهروي.
(2) إبن القلانسي/ ذيل تاريخ دمشق/ ص210.
___________________________________
يورد عماد الدين الأصفهاني أنَّ الوزير الدركزيني (وزير سَنْجَر في العراق) هو الذي أوعز إلى الحشَّاشين أن يغتالوا القاضي الهروي، إذ خاف أن يفضح القاضي الهرويُّ أمرَهُ عند السلطان سَنْجَر: " وعرف (الدركزينيُّ) أنه إذا حَضَرَ (القاضي الهروي) هناك انهَتَكَ سَتْرُهُ، فإنه كان مَوَّهَ ولَبَّسَ، وأخفى أحواله عند السلطان سَنْجَر ودَلَّسَ، فعرف أنَّ (القاضي) الهروي يُهَرِّيه، وينزع لباسَ تلبيسه ويُعَرِّيه، فقرَّر (الدركزيني) مع عِدَّةٍ من الباطنية (الحشَّاشين) أنهم فتكوا به عند عوده من رسالة خراسان، وقد حضر (أي الهروي) للصلاة في جامع همذان، فاستُشْهِدَ قبل أن يشهد السلطانَ، وذلك في سنة 518 (ه)"(3).
____________________________________
 (3) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص131 – 132.
____________________________________

الدركزيني واغتيال الوزير معين المُلك

عام 521ه/ 1127م اغتال الحشَّاشون معينَ المُلك(4)، وزيرَ السلطان السلجوقي سَنْجَر بن ملكشاه، وقد خافه وزيرُ سَنْجَر في العراق، الدركزينيُّ. وكان معين المُلك قد "أَنِفَ من وزارة الدركزيني بالعراق، ولقد كان (معين المُلك) على الدولة شديدَ الإشفاق. وعرف الدركزيني أنَّ نقصَه مع فضل أبي الفضل (أي معين المُلك) بادٍ (...) فلم يزل (الدركزيني) يعمل كيدَه في نكبته، ويتسلَّق بالمكر على هضبته، وباطَنَ الباطنيةَ في قتله، وفرغ فكرُهُ لشغله، فوجده متحرِّزاً متيقِّظاً (أي أنَّ الدركزيني وجد معينَ المُلك متحرِّزاً متيقِّظاً)، متحرِّساً متحفِّظاً، فبثَّ عليه حبائلَه وأدَّب إليه غوائلَه،
_____________________________________
(4) معينُ الدين مختصُّ الملك أبو نصر أحمد بن الفضل بن محمود.
_____________________________________
وسيَّر إلى خراسان عِدَّةً من الملاحدة (الحشَّاشين)، فتوصَّل منهم واحدٌ إلى أنْ خَدَمَ في إصطبل الوزير المختصّ (معين المُلك) سائساً لدوابه، فأراد (معين المُلك) يوماً عرضَ الخيل فحَضَرَ ذلك السائسُ وهو عريان، وقد خبَّأ سكينةً في ناصية حصان، فأطلق حصانَه من يده حتى شَغَبَ، واستخرج من ناصيته السكِّين ووَثَبَ، وتعمَّد مقتلَ الوزير فأصابه. وعَظُمَ على الكرام مصابُه، وبُضِّعَ السائسُ في الحال تبضيعاً، ومزَّعوه تمزيعاً، وذلك في شهر ربيع الآخر سنة 521 (ه/ 1127م)"(5).
_____________________________________
 (5) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص132 – 133.
_____________________________________

الدركزيني واغتيال القاضي العزيز

الآن نصل إلى اغتيال عَمِّ المؤرِّخ عماد الدين الأصفهاني، القاضي العزيز(6)، الذي كان رئيس ديوان الإستيفاء (الجبايات) في وزارة السلطان سَنْجَر. وقد حدث أن قام العزيز بفضح أمر الوزير الدركزيني عند السلطان سَنْجَر، فقام الأخير باعتقال الدركزيني "وسلَّمَهُ إلى العزيز ليُريحَ الناسَ من شرِّه"(7)، فتمنَّع العزيز عن إصدار أمرٍ بسفك دم الدركزيني، ثم ما لبث سَنْجَر أن أعاد الدركزيني إلى الوزارة، وحدث أن سُجن القاضي العزيز بقلعة تكريت فقرَّر الدركزيني الإنتقام من القاضي العزيز، واستغلَّ وجود أوراقٍ بيضاء عليها خَتْمُ سَنْجَر على بياض كان الدركزيني قد طلبها من سَنْجَر عند تغيُّبه عن السلطنة، فوقَّع الدركزيني على واحدةٍ منهــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا
_____________________________________
(6) وإسمُهُ أحمد بن حامد بن محمد أبو نصر المستوفي، المعروف بالعزيز.
(7) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص135.
_____________________________________
"بقتل العزيز"(8) وأرسلها إلى حاكم تكريت بهروز الخصي، فامتنع والي القلعة نجم الدين أيوب(والد صلاح الدين الأيوبي) عن تنفيذ الأمر، فقال بهروز: "هذا توقيع السلطان مع صاحب وزيره يأمر بقتل العزيز وتسليمه إليه وتسييره، فإن أَبَيْتَ فقد رَضِيْتَ بسَخْطي وخالفْتَ شَرطي وأردتَ الخطأ في رد خطِّي"(9). إلى أن تمكَّن بهروز من دخول القلعة و"قد استصحَبَ معه من أعوان الدركزيني ملحداً (حشَّاشياً)، مثله مُفْسِداً، فلمَّا عرف العزيزُ رحمه الله أنه قد أسلَم، وأحسَّ بالأمر وما أعلَم، قام يصلّي ركعتين فصلَّى الأولى بسورة الكهف وشرع في الأخرى بـ (سورة) ياسين، وطالت صلاتُهُ على الملحد (الحشَّاشي) اللعين، فضَرَبَهُ (الحشَّاشيُّ) وهو في السجود، فجادَ بروحه في مناجات المعبود، وشَهِدَ السعادة وسَعِدَ بالشهادة"(10).
_______________________________________
(8) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص152.
(9) المرجع السابق/ ص152.
(10) المرجع السابق/ ص153.
_______________________________________

الدركزيني وما انتهى إليه

انتهى أمر الوزير الدركزيني إلى القتل على يد السلطان طغرل بن محمد بن ملكشاه حيث وَزَرَ له هو الآخر، وذلك حوالى سنة 527ه/ 1132م، وقد أيقن طغرل "أنَّ كلَّ ما تمَّ عليه من الوَهَن في أموره كان بوِزْرِ وزيره (الدركزيني) وإدبار تدبيره، فأَمَرَ بصَلبه"(11). ومما يرويه العماد الأصفهاني أنَّ الدركزيني اعترف للسلطان طغرل بأنه يستخدم الحشَّاشين لقتل أعدائه، إذ يقول:
_____________________________________
(11) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص154.
_____________________________________
"وكان السلطان طغرل قد قال له (أي للدركزيني) وهو جافل، ومن طلوع أخيه عليه آفل: "أين العسكر، أين الجند، أين ما سبق به منك في الكفاية الوعد؟". فقال (الدركزيني) له: "لا تبالي ولا تخطر خطراً بالبال، فإني قد نَدَبْتُ جماعةً من الحشيشية (الحشاشين) لقتل أعدائك وكأني بهم وقد تعجَّل قَمْعُهم وتفلَّل جَمْعُهُم". فاغتاظ السلطان (طغرل) وقال له: "قد وَضُحَتْ صحة إلحادك، وبانَ فسادُ اعتقادك". فأمر بتجريده وإشعال نار الحديد في ماء وريده"(12).
_____________________________________
(12) عماد الدين الأصفهاني/ تاريخ دولة آل سلجوق (تلخيص البنداري)/ ص154 - 155.
______________________________________
الحديث التالي:
الحديث السابق:












 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق