2017/03/23

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (8): السلطان مسعود يغتال المسترشد بالله بواسطة الحشَّاشين.



سعى جميع الحكَّام السلاجقة الأتراك جهدَهم للسيطرة على العراق وجعل الخليفة العباسي في بغداد مجرَّد واجهة صورية تجنُّباً لاستفزاز العرب المسلمين، تماماً كما فعل أسلافهم من الحكَّام البويهيين الفرس.. ويسجِّل التاريخ للخليفة العباسي المسترشد بالله سعيه الدؤوب لبناء جيشٍ خاص بالخلافة العباسية ليصبح لهذه الخلافة حكمٌ فعلي لا صوري، حتى وصفه المؤرِّخ شمس الدين الذهبي بأنه "أحيا مجدَ بني العبَّاس"، وهذا ما أثار نقمة الحكَّام السلاجقة على المسترشد، واستعانوا بالحشاشين لاغتياله...


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)

الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثالث

الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (8)


السلطان مسعود يغتال المسترشد بالله
بواسطة الحشَّاشين


حسين احمد صبرا
سعى جميع الحكَّام السلاجقة الأتراك جهدَهم للسيطرة على العراق وجعل الخليفة العباسي في بغداد مجرَّد واجهة صورية تجنُّباً لاستفزاز العرب المسلمين، تماماً كما فعل أسلافهم من الحكَّام البويهيين الفرس.. ويسجِّل التاريخ للخليفة العباسي المسترشد بالله(1) سعيه الدؤوب لبناء جيشٍ خاص بالخلافة العباسية ليصبح لهذه الخلافة حكمٌ فعلي لا صوري، حتى وصفه المؤرِّخ شمس الدين الذهبي بأنه "أحيا مجدَ بني العبَّاس"(2)، وهذا ما أثار نقمة الحكَّام السلاجقة على المسترشد.
___________________________________
(1) المسترشد بالله (512ه – 529ه/ 1118م – 1134م).
(2) الذهبي/ دول الإسلام/ ج2، ص32.
____________________________________
عام 517ه/ 1123م تمَّ تكليف فرقةٍ من الحشَّاشين للقيام بعملية اغتيالٍ في بغداد، فأدرك المسترشد بالله أنه هو المقصود، وخاصةً أنه قد دخل في صراعٍ عنيف مع السلطان السلجوقي محمود ومع تابعه الأمير الشيعي دُبَيْس بن صَدَقة. يقول ابن الجوزي إنَّ "جماعةً من الباطنية (الحشَّاشين) وصلوا بغداد في زي الأتراك يقصدون الفتك، فتَقَدَّمَ (أي أَمَرَ الخليفةُ بــ) أن يُبْعَدَ كلُّ مستعربٍ من الأتراك عن السرادق (الخِيَم التي تُقام فوق صحن البيت)، وأمر بأنْ تَحْمِلَ الأعلامَ الخاصةَ –وهي أربعةٌ- أربعةٌ من الخَدَم، وكذلك الشَمْسة (المِظَلَّة)، ولا يدنو من المسترشد غيرُ الخَدَم والمماليك"(3). وفي العام التالي (518ه/ 1124م أُرسلت جماعةٌ من الحشَّاشين لقتل أعبان الدولة العباسية، حيث "وَصَلَتْ كتبٌ إلى الديوان بأنَّ قافلةً واردةً من دمشق فيها باطنيةٌ (حشَّاشون) قد انتُدبوا لقتل أعيان الدولة مثل الوزير، ونُظِرَ فقُبِضَ على جماعةٍ منهم وصُلِبَ بعضُهم في البلد، إثنان عند عقد المأمونية وإثنان بسوق الثلاثاء وواحدٌ بعقد الجديد، وغَرِقَ جماعةٌ، ونُودِيَ: أيُّ مشتبهٍ من الشاميين وُجِدَ ببغداد أُخِذَ وقُتِل. وأُخِذَ في الجملةِ إبنُ أيوب –قاضي عُكْبَرَا (عُكْبَرَا هي بلدة عراقية نواحي دُجَيْل)- ونُهبت دارُهُ، وقيل إنه وُجِدَ عنده مدارجُ من كُتُبِ الباطنية. وأُخِذَ آخرُ كان يُعِينُهُم بالمال. وأُخِذَ رجلٌ من الكَرْخ (أحـــــــــــــــــــــــد
_____________________________________
(3) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص216.
_____________________________________
أحياء بغداد وغالبية سكانه من الشيعة)"(4). وجديرٌ بالذكر أنَّ من بين مَنْ قُتلوا الأسدآباذي، خال بهرام داعي الباطنية في بلاد الشام.
بعد وفاة السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه عام 525ه/ 1130م خَلَفَهُ في السلطنة ابنُهُ داود، بيد أنَّ السلطنة استقرَّت في النهاية بيد مسعود، أخي محمود. وهنا نشأ صراعٌ دامٍ بين السلطان مسعود، الذي أراد بدوره السيطرة على العراق، وبين الخليفة العباسي المسترشد بالله، الذي كما ذكرنا بنى جيشاً خاصاً به ليدافع بواسطته عن العراق في وجه الأطماع السلجوقية.
_____________________________________
(4) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص225.
_____________________________________
عام 529ه/ 1134م وقعت الحرب بين الخليفة العباسي المسترشد بالله والسلطان السلجوقي مسعود بالقرب من همذان، انهزم فيها المسترشد بعدما خذلته العناصر التركية في جيشه وانضمَّت إلى جيش مسعود، وكان من نتيجة تلك الهزيمة إلقاء القبض على المسترشد، و"جَعَلَهُ السلطانُ مسعود في خيمةٍ ووكَّل به مَنْ يحفظه، وقام بما يجب من خدمته، وتردَّدت الرسل بينهما (بين المسترشد ومسعود) في تقرير قواعد الصلح على ما يؤديه الخليفة، وأن لا يعود (المسترشد) يجمع العساكر وأن لا يخرج من داره، فأجاب السلطانَ إلى ذلك (أي وافَقَ) وأركبَ الخليفةَ وحمل الغاشية بين يديه ولم يبق إلا أن يعود إلى بغداد"(5)، وفي هذه الأثناء "وصل رسولُ (السلطان السلجوقي) سَنْجَر يستحثُّ (ابنَ أخيه) مسعوداً على إعادة الخليفة (المسترشد بالله) الى بغداد، ووصل معه (أي مع هذا الرسول) عسكرٌ عظيم ووصل معه (أي مع عسكره العظيم) سبعة عشر من الباطنية (الحشَّاشين)، فذَكَرَ بعضُ الناس أنه (أي رسول سَنْجَر) ما عَلِمَ أنهم (أي الحشَّاشين) معه، والظاهر خلافُ ذلك وأنهم دبَّروا في قتله وأفردوا خيمةً من خيمهم، فخرج السلطان ومعه العسكر ليلقى الرسول فهجمت الباطنية (الحشَّاشون) على أمير المؤمنين (المسترشد بالله) فضربوه بالسكاكين إلى أن قتلوه وقُتلوا معه، وقيل إنهم أُحرقوا"(6). أما المؤرِّخ ابنُ عساكر فتوجَّه بالسؤال إلــــــــــــــــــــــــــــى
_____________________________________
(5)إبن الأثير/ الكامل/ ج9، ص283.
(6) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص298.
_____________________________________
أحد رجال الخليفة المسترشد ويدعى محمد بن عبد الكريم بن ابراهيم، المعروف بابن الأنباري، وهو كاتب الإنشاء في بغداد، وخَدَمَ الملوكَ والخلفاءَ، وقد توفي سنة 558ه/ 1162م، وذلك حينما نزل ابنُ عساكر إليه ببغداد عام 534ه/ 1139م، فكان مما قاله ابن الأنباري: " وأخذ السلطانُ المسترشدَ معه، وطاف به في أذربيجان إلى أن وصل إلى مراغة، فنزل هناك، فدخل عليه ثلاثةُ نَفَرٍ من الملاحدة (الحشَّاشين) فقتلوه"(7). ثم يضيف: "وقيل إنَّ السلطان سَنْجَر نَفَذَ (أي أرسل) إليه (إلى المسترشد) مَنْ قَتَلَهُ، وقيل إنَّ السلطان مسعود نَفَذَ استأذَنَ عَمَّهُ سَنْجَر فأَذِنَ له في قَتْلِهِ فرتَّب له ذلك فدخلوا عليه فقتلوه"(8).
___________________________________
(7) إبن عساكر/ تاريخ دمشق/ (وردت مقتطفاتٌ منه في "الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية" من إعداد د. سهيل زكَّار، ج11، ص223).
(8) المرجع السابق/ ص223.
___________________________________
الحديث التالي:

الحديث السابق:











 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق