2017/03/28

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون واعتناق المسيحية.



سرعان ما أرسل زعيم الحشَّاشين راشد الدين سنان إلى ملك الصليبيين عموري الأول "يقترح إنشاء تحالفٍ وثيق ضد نور الدين (زنكي)"، عارضاً عليهم أنه "سيقوم باعتناق عقيدة المسيح وتلقِّي التعميد"...






إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)

الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل العاشر

الحشَّاشون واعتناق المسيحية



حسين احمد صبرا
في عام 565ه/ 1169م أرسلت قيادة الحشَّاشين في أَلَمُوت زعيماً جديداً للحشَّاشين في بلاد الشام هو راشد الدين سنان. و"كان في هذه الفُرقة بين المسلمين (أي الحشَّاشين) تعزيةٌ للفرنج (الصليبيين)"(1)، إذ إنهم "لم يُظهروا عداوتَهم للفرنج، وإنما كان عدوُّهم المقيت هو نور الدين (زنكي) الذي تسبَّبت قوَّتُهُ في تقييدهم شرقاً. لكنه كان عاجزاً عن قمعهم"(2). وسرعان ما أرسل راشد الدين سنان إلى ملك الصليبيين عموري الأول "يقترح إنشاء تحالفٍ وثيق ضد نور الدين (زنكي)"(3)، عارضاً
_______________________________________
(1) ستيفن رنسيمان/ تاريخ الحملات الصليبية/ ج2، مملكة القدس، ص453.
(2) المرجع السابق/ ص453.
(3) المرجع السابق/ ص453.
_______________________________________
عليهم أنه "سيقوم باعتناق عقيدة المسيح وتلقِّي التعميد"(4)، " وأرسل إلى البطريرك (بطريرك بيت المقدس) (رسولاً) ليجلب معه كهنة ولاويين يمكن على أيديهم تسلُّم تعميدٍ كامل، مع قرابين الإيمان"(5)، بشرط رفع الجزية عنهم، تلك التي كانت تفرضها عليهم ميليشيا الداويَّة الصليبية (فرسان المعبد).
_______________________________________
(4) وليم الصُوْرِي/ الحروب الصليبية (تاريخ أعمال أُنجزت في ما وراء البحار)/ ج4، الكتاب العشرون، الفقرة 29، ص367 (ورد هذا الكتاب ضمن "الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية"، ج7).
(5) والتر ماب (رجل دين إنكليزي من معاصري هنري الثاني وابنه رتشارد قلب الأسد)/ ص389 (ورد ضمن "الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية"، ج35)،
_______________________________________
و"استقبل الملكُ (عموري الأول) الرسولَ بسرورٍ (عبد الله، رسول سنان راشد الدين)، وبما أنه (أي عموري) كان رجلاً صاحب حسٍّ سليم، فقد وافق تماماً على المطالب المقدَّمة، ويُقال إنه كان مستعداً لأن يعوِّض (فرسان) الداويَّة من خزينته الخاصة ويدفع لهم ألفي قطعة ذهبية، أي مقدار الجزية السنوية التي طلب الحشيشية إعفاءهم منها. واحتفظ بالرسول لديه فترةً طويلةً من الزمن ليُكْمِلَ معه تفاصيل الإتفاق، ثم أعاده إلى سيِّده (راشد الدين سنان) لإعداد الترتيبات الأخيرة ومعه مرشدٌ (من الصليبيين) ليقوده ويحميه على الطريق. وكان (الرسول) عبد الله قد اجتاز طرابلس بمرافقة الدليل والرفيق الذي زوَّده الملكُ (عموري) به، وكان على وشك الدخول في بلاده عندما انقضَّ بعض فرسان الداويَّة فجأةً على فريقه بسيوفٍ مسلولة وقتلوه. وكان هذا الرسول يواصل رحلته دون حذر وبشكلٍ بعيدٍ عن توقُّع حدوث عملٍ كهذا وباعتمادٍ تامٍّ على أمانة الملك (عموري) وعلى الود المخلص لشعبنا. وجَلَبَ الفرسانُ (الداويَّة) على أنفسهم بهذه الجريمة تهمة الخيانة"(6).
"كاد هذا الإعتداء على المبعوث (الحشّاشي) أن يُقحم المملكة بأسرها في دمارٍ يتعذَّر إصلاحه"(7)، "زد على هذا أنَّ الكنيسة بَدَت في الشرق بهذا العمل معرَّضةً لاحتمال فقدان التوسع السارّ جداً للربّ، والذي جرى إعداده لها من قبل"(8).
_______________________________________
(6) والتر ماب/ ص368.
(7) المرجع السابق/ص369.
(8) المرجع السابق/ ص368.
_______________________________________
وهنا لا بد لنا أن نربط بين مجيء راشد الدين سنان إلى بلاد الشام ومسارعته بادىء الأمر إلى السعي لاعتناق المسيحية، وبعد فشل هذا المسعى كان الخروج عن الإسلام وإباحة المحارم بين حشَّاشي بلاد الشام، مع الإشارة هنا إلى أنَّ الحشَّاشين في إيران كانوا قد خرجوا عن الإسلام باكراً وأباحوا المحرَّمات في عام 558ه/ 1162م، وتأخر ذلك في بلاد الشام حتى عام 572ه/ 1176م، أي بعد مجيء راشد الدين سنان إلى بلاد الشام بثلاث سنوات. واستكمالاً، لا بد أن نربط ذلك كلِّه بالخوف الذي شعر به الحشَّاشون من نور الدين زنكي بعد سيطرته على بلاد الشام ومصر، وبعد وفاته عام 569ه/ 1173م تفاقم خوف الحشَّاشين من صلاح الدين الأيوبي، الذي لم يسيطر على بلاد الشام فحسب، بل وعلى مصر أيضاً منهياً الخلافة الإسماعيلية الفاطمية فيها، وبسقوط هذه الخلافة تلاشى حلم الحشَّاشين بالسيطرة على مصر وإنشاء خلافتهم الإسماعيلية النزارية في أرض الكنانة، وشعر الحشَّاشون أنهم باتوا حيال دولة جديدة ناشئة في مصر وبلاد الشام لا بد لها أن تخضعهم تحت سيطرتها، لذا سارعوا إلى التحالف مع الصليبيين. (الحشَّاشون أقدموا على الفعل نفسه لاحقاً عام 648ه/ 1250م حينما عقدوا تحالفاً وثيقاً مع الملك لويس التاسع مع سقوط دولة الأيوبيين في مصر ونشوء دولة جديدة مكانها هي دولة المماليك/ راجع عن ذلك في فصل "الحشَّاشون مرتزِقة غبَّ الطلب: تجديد تحالف الحشَّاشين مع الصليبيين زمن الملك لويس التاسع").

الفصل التالي:
الفصل السابق:













 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق