2017/03/28

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ هكذا انتهى الحشَّاشون على يد المغول.



مع بداية الغزو المغولي لإيران في أواسط القرن الهجري السابع قرَّر المغول بزعامة منكوخان احتلال جميع قلاع الملاحدة الحشَّاشين وإنهاء وجودهم من البلاد لِمَا قد يشكِّلونه من خطرٍ عليهم، وخاصةً أنَّ الحشَّاشين في إيران قد تحوَّلوا إلى مرتزِقةٍ غِبَّ الطلب بيد الخلافة العباسية منذ أن تراجعوا عن الإلحاد وأعلنوا العودة إلى الإسلام عام 608ه/ 1211م، ما يعني أنَّ المغول قد ارتأوا القضاء عليهم أولاً تمهيداً للدخول إلى بغداد والقضاء على الخلافة العباسية. هذا ناهيك عن أنَّ المغول كانوا قد تحالفوا مع الصليبيين منذ أربعينيات القرن الهجري السابع، وكان من شروط الصليبيين أنْ يقضي المغول على الحشَّاشين في إيران وبلاد الشام، مع الإشارة إلى أنَّ الحشَّاشين في بلاد الشام كانوا في تلك الفترة قد تحوَّلوا إلى مرتزِقةٍ غِبَّ الطلب بيد السلاطين الأيوبيين.


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الحادي عشر

هكذا انتهى الحشَّاشون على يد المغول



حسين احمد صبرا
مع بداية الغزو المغولي لإيران في أواسط القرن الهجري السابع قرَّر المغول بزعامة منكوخان احتلال جميع قلاع الملاحدة الحشَّاشين وإنهاء وجودهم من البلاد لِمَا قد يشكِّلونه من خطرٍ عليهم، وخاصةً أنَّ الحشَّاشين في إيران قد تحوَّلوا إلى مرتزِقةٍ غِبَّ الطلب بيد الخلافة العباسية منذ أن تراجعوا عن الإلحاد وأعلنوا العودة إلى الإسلام عام 608ه/ 1211م(1)، ما يعني أنَّ المغول قد ارتأوا القضاء عليهم أولاً تمهيداً للدخول إلى بغداد والقضاء على الخلافة العباسية. هذا ناهيك عن أنَّ المغول كانوا قد تحالفوا مع الصليبيين منذ أربعينيات القرن الهجري السابع، وكان من شروط الصليبيين أنْ يقضي المغول على الحشَّاشين في إيران وبلاد الشام، مع الإشارة إلى أنَّ الحشَّاشين في بلاد الشام كانوا في تلك الفترة قد تحوَّلوا إلى مرتزِقةٍ غِبَّ الطلب بيد السلاطين الأيوبيين.
_______________________________________
(1) راجع فصل "إلحاد الحشَّاشين".
_______________________________________
ومن المؤرِّخين من يعزي قرارَ المغول باستئصال الحشَّاشين إلى قيام بعض رجال الدين المسلمين بتحريضهم ضد الحشَّاشين، إذ يذكر الجوزجاني في "طبقات ناصري" أنَّ الإمام شمس الدين القزويني، الذي كان على اتصالٍ بالمغول، "ذهب مرةً إلى منكوخان وطلب منه أن يضع حداً لشر الملاحدة ويخلِّص الناس من فسادهم. وفي أثناء حديثه وبينما كان مندفعاً بحماسةِ المسلم المتديِّن، صَدَرَت منه كلماتٌ جافَّة أغضبت منكوخان وكان لها أثرٌ عميق في نفسه، إذ نَسَبَ إليه الضعف والعجز لأنه لم يستطع أن يستأصل شأفة هذه الطائفة، التي تُدِين بدينٍ يخالف ديانات المسيحيين والمسلمين والمغول، وما ذلك إلا لأنهم استطاعوا أنْ يُغْرُوا منكوخان بالمال، بينما هم يتحيَّنون فرصة  ضعف دولته، فيخرجون من الجبال والقلاع ليقضوا على البقية الباقية من المسلمين ويَعْفُوا آثارَهم"(2). وهكذا، "كان أول هدف لهولاكو هو الإستيلاء على مقر الحشَّاشين في فارس، فمن المستحيل أن تقوم حكومة منظَّمة ما لم يتحطَّم مذهب الحشيشية"(3).
_______________________________________
(2) رشيد الدين الهمذاني (الملقَّب بـ"مؤرِّخ المغول الكبير")/ جامع التواريخ / ج2، قسم1، ص233، الهامش رقم2.
(3) ستيفن رنسيمان/ تاريخ الحروب الصليبية/ ج3، قسم2، ص515.
_______________________________________
ومن الأسباب التي تُقال أيضاً قيامُ الحشَّاشين باغتيال جغتاي، ثاني أبناء جنكيزخان، أثناء الغزو المغولي الأول لإيران في عشرينيات القرن السابع. بيد أننا نرى على الجانب الآخر أنَّ الحشَّاشين قاموا في تلك الفترة بالتعاون مع المغول سنة 628ه/ 1230م ضد حاكم آمد جلال الدين خوارزمشاه، الذي كان قد هزم المغول مرتين عام 616ه/ 1219م: المرة الأولى هزمهم في غزنة، والمرة الثانية هزمهم في كابول. وكان الحشَّاشون يحقدون عليه لأنه ناصبهم العداء وهاجم قلاعهم. فأرادوا الإنتقام منه، وقاموا عام 628ه/ 1230م ودَلُّوا المغولَ على نقاط ضَعْفه، إذ كان خوارزمشاه سنة 627ه/ 1229ه قد تعرَّض لهزيمة فادحة على يد كلٍّ من ملك بلاد الروم علاء الدين كيقباذ والملك الأشرف حاكم دمشق والجزيرة وملاط، حينها "أرسل مقدَّمُ الإسماعيلية الملاحدة (زعيم الحشَّاشين في إيران وهو علاء الدين محمد بن جلال الدين) إلى التتر يُعَرِّفهم ضَعْفَ جلال الدين (خوارزمشاه) بالهزيمة الكائنة عليه ويحثُّهم على قصده، عقيب الضَعْف، ويضمن لهم الظفرَ به، للوهن الذي صاروا إليه (أي الوهن الذي صار إليه جلال الدين وأتباعه بعد الهزيمة). وكان جلال الدين (خوارزمشاه) سيء السيرة، قبيح التدبير لمُلْكِهِ، لم يترك أحداً من الملوك المجاورين له إلا عاداه ونازَعَهُ الُملكَ، وأساء مجاورته (...)، فكلٌّ من الملوك تخلى عنه ولم يأخذ بيده. فلما وصلت كُتُبُ مقدَّم الإسماعيلية (الحشَّاشين) إلى التتر يستدعيهم إلى قصد جلال الدين، بادر طائفةٌ منهم (أي من التتار) فدخلوا بلاده، واستولوا على الري وهمذان وما بينهما من البلاد، ثم قصدوا أذربيجان، فخرَّبوا ونهبوا وقتلوا مَنْ ظفروا به من أهلها، وجلال الدين لا يَقْدَم (لا يَشْجُع) على أن يلقاهم ولا يقدر على منعهم من البلاد، قد مُلِىءَ رعباً وخوفاً، وانضاف إلى ذلك أنَّ عسكره اختلفوا عليه، وخرج وزيرُهُ من طاعته في طائفةٍ كثيرة من العسكر"(4).
_______________________________________
(4) إبن الأثير/ الكامل في التاريخ/ ج10، ص490 – 491.
_______________________________________

محاصرة قلاع الحشَّاشين

إذاً، قرَّر ملك المغول منكوخان اجتثاث الحشَّاشين من إيران سنة 650ه/ 1252ه، وذهب لهذا الغرض الأمير المغولي كيتوبوقا نويان "في مقدِّمة جيش هولاكو قاصداً بلادَ الملاحدة. وفي أوائل شهر المحرَّم سنة إحدى وخمسين (651ه/ 1253م) عَبَرَ (نهر) جيحون، وشَرَعَ  في الهجوم على ولاية قهستان (حيث الحشَّاشون) واستولى على بعض أجزائها. ثم سار على رأس خمسة آلاف فارس وخمسة آلاف من الرَجَّالة إلى أسفل قلعة (الحشَّاشين) كردكوه (...) فأَمَرَ أتباعَهُ بحفر خندقٍ حول القلعة، أحاطوه بسورٍ مُحْكَم، وعَسْكَرَ الجيشُ خَلْفَهُ. وحَوْلَ الجيشِ حفروا خندقاً آخرَ عميقاً جداً، كما أقاموا سوراً مرتفعاً للغاية حتى يبقى الجيشُ سليماً بينهما، وحتى لا يستطيع أحدٌ من الجانبين التردُّد. ثمَّ ترك كيتوبوقا القائدَ بوري هناك، بينما ذهب هو إلى قلعة مِهْرين وحاصرها"(5).
_______________________________________
(5) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص243.
_______________________________________
وحاول الحشَّاشون مقاومة الحصار المغولي فـ"شَنَّت حاميةُ كردكوه (الحشَّاشية) غارةً ليلية ودمَّروا معسكر المغول الحصين وقتلوا منهم مائة شخص، كما قتلوا قائدَهُم الأمير بوري. فما كان من كيتوبوقا نويان إلا أن شَنَّ هجوماً عنيفاً على ولاية قهستان، وطارَدَ جنودُهُ جميعَ القوات (لحشَّاشية) الموجودة في نواحي تون وترشيز وزيركوه، وأباحوا فيهم القتل والغارة وأسروا كثيراً منهم (...). وفي أوائل شعبان (651ه/ 1253م) سقطت في أيديهم قلعة مِهْرين، وفي السابع من رمضان أخذوا قلعة كماني. ثمَّ وردت الأخبار من كردكوه إلى (زعيم الحشَّاشين في إيران) علاء الدين محمد – سلطان الملاحدة – تُنْبِئْهُ بأنَّ وباءً قد انتشر في قلعة كردكوه سَبَّبَ وفاةَ أكثر المحاربين، وأنَّ القلعة قد تسقط قريباً"(6). إلا أنَّ مجموعةً من الحشَّاشين استطاعت اختراق "صفوفَ المحاصِرين (من المغول) ومَرُّوا دون أي يُصاب واحدٌ منهم بأذى (...) وبهذا صارت كردكوه مُحْكَمةً مرةً أخرى"(7).
_______________________________________
(6) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص244.
(7) المرجع السابق/ ج2، قسم1، ص245.
_______________________________________
وبعد فترةٍ وجيزة تآمر الحشَّاشي ركن الدين خورشاه على والده زعيم الحشَّاشين في قلعة ميمون دز، علاء الدين محمد بن جلال الدين، حيث حرَّض حاجبَهُ على قتل والده، وبعدها "عُيِّنَ خورشاه حاكماً للإسماعيلية (الحشَّاشين في إيران) مكانَ أبيه"(8).
وحاصر المغول قلعة سرتخت في قهستان، وأرسل هولاكو برسالةٍ إلى حاكمها الحشَّاشي ناصر الدين المحتشم يدعوه فيها إلى الإستسلام، فاستجاب واستسلم بمفرده مع زوجه  وأبنائه، فقال له هولاكو: "إنك نَزَلْتَ من القلعة وقَبِلْتَ الخضوع لإنقاذ حياة زوجتك وأبنائك، فلماذا لم تُنْزِل معك سكانَ القلعة وتحثَّهم على التسليم؟! فأجاب ناصر الدين: إنَّ لهم ملكاً يُدعى خورشاه (في قلعة ميمون دز) يأتمرون بأمره"(9).
_______________________________________
(8) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص245.
(9) المرجع السابق/ ج2، قسم1، ص246.
________________________________________

 هولاكو ورسائل تهديد ووعيد

عندها لم يجد هولاكو أمامه مفراً سوى فتح قلعة ميمون دز نفسها، ولكن قبلها كلَّف عدداً من أمراء المغول "بفتح باقي الولايات الإسماعيلية (الحشَّاشية)، فلمَّا بَلَغُوا حدود قهستان (حيث الحشَّاشون) قاومهم بعضُ الرعاع إلى حدٍ ما، ولكنَّ المغول أسروهم جميعاً في مدة أسبوع وخربوا الأسوار وأعملوا القتلَ والغارةَ في السكان وأخذوا الأسرى. وفي نهاية المطاف أرسل هولاكو إلى قلعة ميمون دز وفداً "برسالةٍ إلى خورشاه، سلطان الملاحدة (الحشَّاشين)، فذهبوا إليه وأبلغوه ما أَمَرَ به هولاكو خان"(10). ولاحقاً، عاد وأرسل برسالةٍ أخرى إلى زعيم الحشَّاشين خورشاه وأمر حامليها "بتخويفه وتهديده ووعيده"(11).
_______________________________________
(10) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص249.
(11) المرجع السابق/ ج2، قسم1، ص249.
_______________________________________
وكان يلازم الحشَّاشين في قلعة ميمون دز نصيرُ الدين الطوسي وجماعةٌ آخرون من الأطباء، "ومالوا إلى هولاكو خان إلى أقصى حد، ومن قَبْل كانوا يرغبون في ذلك. فصاروا يتشاورون سِرّاً لكي يجعلوا هذا المَلِك (الحشَّاشي خورشاه) يخضع لهولاكو على الوجه الأحسن والطريق الأسهل (...) ولهذا السبب لم يدَّخروا وسعاً في حث خورشاه على الخضوع والطاعة، وصاروا يخوِّفونه مغبَّة المقاومة وعدم التسليم، فاستجابَ لنُصْحِهِم وأكرمَ وفادة الرُسُل، وأوفد أخاه الأصغر شاهنشاه والخواجه أصيل الدين الزوزني مع طائفةٍ أخرى من أعيان مملكته إلى هولاكو إظهاراً للخضوع والطاعة، فأَمَرَ هولاكو بإعزازهم وإكرامهم"(12).
_______________________________________
(12) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص250.
_______________________________________
ثم عاد هولاكو وأرسل رُسُلاً مرةً أخرى ليُخْبِروا خورشاه "أنه إذا كان قد قَبِلَ الخضوع والتسليم حقاً فإنَّ عليه أن يخرِّب القلاعَ ويَمْثُل بنفسه أمام هولاكو. فأجاب خورشاه: إذا كان أبي (علاءُ الدين محمد) قد أَظْهَرَ التمرُّدَ والعصيان فإني أُظْهِرُ الخضوعَ والطاعة. وقد بَرَّ (خورشاه) بوعده فخرَّب أجزاءً من قلاعٍ مثل هامون دز وأَلَمُوت ولمبسر، وحطَّمَ أبراجَها ورمى أبوابَها واشتغل بتخريب أسوارها وحصونها، ولكنَّه طلب مهلة سَنَةٍ يغادرُ بعدها القلعة. فعَرَفَ هولاكو خان أنَّ وقت النكبة لهذا الأمير (أي خورشاه) قد حَلَّ، وأنه لا داعي لتردُّد الرُسُل عليه لأنه سوف لا يؤثِّر فيه ذلك"(13).
________________________________________
(13) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص250.
________________________________________
ساعتئذٍ قرَّر هولاكو الإستيلاء على قلعة ميمون دز بالقوة، "وفي العاشر من شعبان سنة أربعٍ وخمسين وستمائة من الهجرة (654ه/ 1256م) غادر هولاكو بسطام وتوجَّه نحو قلاع الملاحدة، وأمر بأن تجتمع الجيوش الموجوة في العراق وغيرها من الأطراف"(14)، وسار على رأس قوَّةٍ من عشرة آلاف من المحاربين الأشدَّاء، وأرسل مرةً أخرى ينذر الحشَّاشين في قلعة ميمون دز بالقول: "لقد عَقَدنا العزمَ أنه إذا جاء خورشاه بنفسه لاستقبالنا فإننا سنعفو عنه رغم جرائمه العديدة"(15). فأجاب الحشّاشون بأنْ "تعهَّدوا لهولاكو بتخريب القلاع، والتَمَسُوا إليه أن يُرْجِىء رحيلَ خورشاه عن القلاع لمدة عام، وأن تُسْتَثْنَى من التخريب قلعتا أَلَمُوت ولمبسر، اللتان تكونان المقر الأصلي القديـم للملاحدة (الحشَّاشين)، على أن
_______________________________________
(14) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص251.
(15) المرجع السابق/ ج2، قسم1، ص251.
_______________________________________
يُسَلِّم خورشاه بقية القلاع، ويُطِيع كلَّ ما يَصْدُرُ إليه من أوامر. وقد كتب خورشاه إلى حكَّام كردكوه وقهستان يأمُرُهُم بالمسير طائعين إلى هولاكو، وظَنَّ أنه بتلك الإجراءات يستطيع دفع المقدور الكائن"(16).
استسلمت قلعة كردكوه (التابعة للحشَّاشين)، و"بعد ذلك توجَّه هولاكو إلى فِرَان وحاصر (قلعة) شاهدز (التابعة أيضاً للحشَّاشين)، التي كانت تقع في طريقها وفَتَحَها في يومين. ثم أرسل الرُسُلَ مرةً أخرة (إلى قلعة ميمون دز) ليحثُّوا (زعيمَ الحشَّاشين) خورشاه على التسليم، فأعادَ هذا الرُسُلَ وقَبِلَ أن يُرْسِلَ ابنَهُ مع ثلاثمائة من الجنود، كما قَبِلَ أن يُخَرِّبَ جميعَ القلاع. وفي مدينة عباس آباد الري تَوَقَّفَ هولاكو خان وصار يترقَّب تنفيذَ الوعود"(17).
_______________________________________
(16) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص251.
(17) المرجع السابق/ ج2، قسم1، ص252.
_______________________________________
بعدها "أَرْسَلَ (زعيمُ الحشَّاشين) خورشاهُ إلى هولاكو ابنَهُ، الذي كان في السابعة أو الثامنة من عمره، وكان قد أنجَبَهُ من مَحْظِيَّة، بصُحبة طائفةٍ من الأكابر والأعيان (من الحشَّاشين)، فأَكْرَمَ هولاكو خان الغلامَ وأَعَزَّهُ، وأَذِنَ له بالعودة لأنه ما يزال صغيراً. ثم صرَّح هولاكو للرُسُل بأنه إذا لم يستطع ركن الدين (خورشاه) أن يَحْضُرَ سريعاً، فإنَّ عليه أن يُرْسِلَ أخاه الآخر حتى يعود شاهنشاه(18)، الذي بقي ملازماً لنا منذ عدة سنوات. فأطاع ركنُ الدين (خورشاهُ) الأمرَ، وأوفد إلى هولاكو في الخامس من شوَّال (654ه/ 1256م) أخاهُ الآخرَ شروانشاه والخواجة أصيل الدين الزوزني مع ثلاثمائة من كبار الشخصيات المسؤولين (من الحشَّاشين)"(19).
_______________________________________
(18) شاهنشاه هو الأخ الأصغر لركن الدين خورشاه، وكنا قد أوردنا أعلاه أنَّ خورشاه أرسله إلى هولاكو قبل عدة سنوات كرهينة.
(19) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص252.
_______________________________________
وبعد عدة أيام "عاد شروانشاه (إلى قلعة ميمون دز) يحملُ معه منشوراً من هولاكو يشتمل على العبارة الآتية: نظراً لِمَا أَظْهَرَهُ ركنُ الدين (خورشاه) من طاعةٍ وخضوع، فقد عَفَوْتُ عمَّا ارتكبَهُ أبوه (علاءُ الدين محمد بن جلال الدين) وأتباعُهُ من جرائمَ وأخطاء، وحيث إنه لم يَصْدُر أي جُرْمٍ من ركن الدين (خورشاه) نفسه خلال المدة التي عمل فيها مكانَ أبيه، فإنه إذا خَرَّب القلاعَ فسوف يَاْمَن بأسَنا من جميع الوجوه. ثم أَمَرَ (هولاكو) الجنودَ المنتشرين في مختلف الأطراف بأن يتجمَّعوا في معسكرٍ واحد. وفجأةً، أُحِيْطَ بالملاحدة من جميع الجهات (...) فأَرْسَلَ إليهم خورشاه رسالةً مضمونُها: إننا إذ خَضَعْنَا وإذ نشتغل الآن بتخريب القلاع، فما سبب قدومُكُم إلينا؟ فأجابوه: ما دُمْنَا وإيَّاكم على وفاقٍ فقد جئنا طَلَباً للعَلَف"(20).
_______________________________________
(20) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص252 – 253.
_______________________________________

محاصرة قلعة ميمون دز

"وفي العاشر من شوَّال سنة أربعٍ وخمسين وستمائة (654ه/ 1256م) رَحَلَ هولاكو (...) متَّخذاً طريقَ طالقان، واستعدَّ للهجوم على حدود ولاية الملاحدة. ولو أنَّ المطر لم يسقط مدراراً في تلك الليلة لَقَبَضَ على خورشاه أسفلَ القلعة (قلعة ميمون دز)"(21). وفي التاسع عشر منه "كان هولاكو يطوف حول القلعة (ميمون دز) على سبيل الرؤية وتَفَحُّص المواقع الصالحة لإدارة المعارك، كما كان يشاهد بدقَّة مداخلَ القلعة ومخارجَها. وفي اليوم التالي وصلت الجيوش (المغولية) بعَظَمةٍ تامة تَجِلُّ عن الوصف،
_______________________________________
(21) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص253.
_______________________________________
وأحاطت بالقلعة من جميع جوانبها. وقد امتدَّ الحصار الذي ضربوه حولها إلى ما يقرب من ستة فراسخ. ولكن حينما تعذَّر فتح هذه القلعة لمناعتها، استشار هولاكو خان النبلاءَ والأمراءَ في ما يتعلَّق باستمرار الحصار أو العدول عنه، والعودة أو التوقُّف والإنتظار حتى السنة المقبلة. فردُّوا عليه: إننا في وقت الشتاء، وحيواناتنا نحيفة عجفاء، والعَلَفُ معدوم، ويجب المبادرة بنقل العَلَف من ناحية بلاد الأرمن أو حدود كرمان، فمن الأفضل أن نعود إلى قواعدنا"(22). بيد أنَّ بعض أمراء المغول "أصرُّوا على الإستمرار في محاصرة القلعة. فبَعَثَ هولاكو خان رسولاً مرةً أخرى برسالةٍ إلى (زعيم الحشَّاشين) خورشاه يخاطبه فيها بعباراتٍ فيها الترغيب والترهيب، ويَعْرِضُ عليه فيها أنه إذا نَزَلَ من القلعة وترك المقاومة وتوجَّه
_______________________________________
(22) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص253 – 254.
_______________________________________
إلى معسكر الخان، فإنَّ تصرُّفَهُ هذا يكون سبباً في إنقاذ حياة طائفةٍ كبيرة من الضعفاء والمساكين. وإذا لم يَقْدَمْ بنفسه خلال خمسة أيام فإنَّ عليه أن يستحكم في قلاعه ويستعد للقتال. فلمَّا استشار خورشاهُ الأمراءَ والأعيانَ في ولايته صار كلٌّ منهم يقول ما يُمليه عليه رأيُهُ. وأخيراً استقرَّ الرأي على أنْ يُرْسِلَ إلى هولاكو خواجه نصير الدين الطوسي (...) مع طائفةٍ من الوزراء والأعيان والكُفاة والأئمة، يحملون التحف والطرائف الكثيرة؛ فوصلوا إلى معسكر الإيلخان في يوم الجمعة السابع والعشرين من شوَّال، فأَنْزَلَهُم المغول في أماكن متفرِّقة وتحدَّثوا إليهم الواحد بعد الآخر"(23).
_______________________________________
(23) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص254.
_______________________________________

استسلام زعيم الحشَّاشين خورشاه

وأخيراً، وبعد عدة أيام "نَزَلَ (زعيمُ الحشَّاشين) خورشاهُ من القلعة بناءً على مشورة أعيان الدولة، وتوجَّه إلى هولاكو في صحبة الخواجه نصير الدين الطوسي والخواجه أصيل الدين الزوزني والوزير مؤيد الدين وأبناء رئيس الدولة. فوَدَّعَ (خورشاهُ) بذلك هذا الحصنَ (قلعة ميمون دز)، الذي ظلَّت أُسرتُهُ تتَّخذه مقراً لها مدة قرنين. ثم جاء فقبَّل الأرض بين يدي السلطان الأعظم. وقد أنشد الخواجه نصير الدين الطوسي في تاريخ هذه الحادثة هذين البيتين (بالفارسية): عندما صارت السَنَةُ الهجريةُ أربعاً وخمسين وستمائة/ وفي صباح يوم الأحد الموافق غُرَّة ذي القعدة/ قام خورشاه – مَلِكُ الإسماعيلية – من على عرشه/ ووَقَفَ بين يدي هولاكو"(24).
_______________________________________
(24) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص254 – 255.
_______________________________________
"وحينما وَقَعَ نَظَرُ هولاكو خان على خورشاه عرف أنه غلامٌ غير مجرَّب، يعوزُهُ الرأيُ والتدبير، فأعزَّهُ وأكرمه وشجَّعه ووعد بمساعدته، وأرسل (هولاكو) من قِبَلِهِ صدرَ الدين، فتسلَّم من خورشاه جميع الحصون والقلاع التي كان يملكها آباؤه وأجداده على التوالي في قهستان ورودبار وقومس، والتي كانت مشحونة بالآلات والذخائر. وقد بلغ عدد هذه القلاع نحو المائة. وبعد إخراج الحكَّام (الحشَّاشين من القلاع) خُرِّبَت جميعُها ما عدا كردكوه ولمبسر. وفي هذه القلعة الأخيرة (لمبسر) اعتصم أقارب خورشاه وأتباعه وظلُّوا يقاومون مدة سنة. وبعد ذلك انتشر الوباء بين المعتصمين فأَهْلَكَ كثيرين منهم، ونَزَلَ الباقون ولحقوا بالآخرين. وأخيراً سقطت أيضاً (قلعة) كردكوه في يد المغول بعد أن استمرَّت تقاوم مدة عشرين سنة. وصفوة القول أنَّ خورشاه قد أنزل جميعَ ما يتعلَّق به من قلعة ميمون دز، وأهدى إلى هولاكو جميعَ الخزائن والدفائن الموروثة والمكتسبة مما لم يكن ذائع الصيت، فوزَّعها هولاكو على قُوَّاد جيشه"(25).
_______________________________________
(25) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص255.
_______________________________________

إستسلام قلعة أَلَمُوت

بعد استسلام زعيم الحشَّاشين خورشاه وتسليم قلعة ميمون دز اتَّجه المغول نحو قلعة أَلَمُوت وحاصروها، "وأرسَلَ إليها ركنُ الدين خورشاه ليحث المدافعين (عن قلعة أَلَمُوت) على التسليم، ولكنَّ قائد القلعة تمرَّد وعصى، فكلَّف هولاكو خان (أحدَ أمرائه) بلغابي بمحاصرة تلك القلعة، وقام المغول بالهجوم عليها يومين أو ثلاثة، ثم أرسل هولاكو إلى المحاصَرين منشوراً يُؤَمِّنُهُم على حياتهم. وفي يوم الإثنين السادس والعشرين من ذي القعدة نَزَلَ قائد القلعة وسلَّمها لهولاكو، فصعد المغول إليها وكسروا المجانيق وخلعوا الأبواب. أما السكان فقد طلبوا مهلة ثلاثة أيام لنقل أمتعتهم. وفي اليوم الرابع اقتحم القلعة وأعملوا فيها الغارة والنهب. ثم صَعَدَ هولاكو خان فوق قلعة أَلَمُوت لرؤيتها فدُهِشَ لعَظَمة ذلك الجبل. ثم نزل وارتحل، وأمضى عدة أيام حوالى (قلعة) لمبسر حيث كان يشتو، وهناك ترك قائده طايِرْبوقا  على رأس جيشٍ لمحاصرة القلعة"(26).
_______________________________________
(26) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص256.
_______________________________________

قلاع الحشَّاشين في بلاد الشام

"وفي يوم الخميس العاشر من المحرَّم سنة خمسٍ وخمسين وستمائة (655ه/ 1257م) أنعَمَ هولاكو على (زعيم الحشَّاشين) خورشاه مرسوماً ولوحة ذهبية، وخَلَعَ عليه ووَهَبَهُ فتاةً مغولية ليتزوَّج منها، وأَوْدَعَ مدينة قزوين متاعَهُ وحاشيتَهُ. ثم أرسل خورشاهُ رجلين أو ثلاثة من خاصته مع رُسُل هولاكو خان إلى قلاع الملاحدة بالشام لدعوة الناس هناك إلى التسليم عندما تصل إليهم الرايات الهَمَايُونِيَّة (رايات المغول)"(27).
_______________________________________
(27) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص257.
_______________________________________

قَتْل زعيم الحشَّاشين خورشاه

وبعد أن انتهت حفلات زفاف زعيم الحشَّاشين ركن الدين خورشاه بالفتاة المغولية "لم يشأ هولاكو خان أن ينكث بعهده لخورشاه وأن يقضي عليه، ذلك لأنه كان قد أمَّنَهُ على حياته، ولأنه يعرف أنه ما زالت هناك قلاعٌ كثيرة تخص الملاحدة (الحشَّاشين) موجودة في هذه الديار وفي ديار الشام، يُمْكِنُ استخلاصُها بتوجيهِ خورشاه ونفوذه، وإلا فإنَّ عليه (أي على هولاكو أن يقضي سنواتٍ عديدة حتى يتيسَّر فَتْحُها. وعلى هذا صار هولاكو يُعِزُّ خورشاهَ ويُكْرِمُهُ مدةً من الزمن، ثم أرسله إلى بلاط (ملك المغول) منكوخان"(28).
_______________________________________
(28) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، 257 – 258.
_______________________________________
أما في ما يتعلَّق بكيفية موت خورشاه فإنه "تَرِدُ رواياتٌ مختلفة متعارضة، أَرْجَحُها وأوثقُها أنه حينما وصل خبر قدومه إلى الخان (منكوخان)، قال (الأخيرُ): لماذا تُحْضِرُونَهُ وتَشْقُون بذلك عَبَثاً على الدابَّة التي يَرْكَبُها؟! ثم أرسل (منكوخان) رسولاً من قِبَلِهِ قضى على حياة خورشاه. ولمَّا تخلَّصوا منه قَتَلُوا أقاربَهُ وأفرادَ أسرته من النساء والرجال حتى الأطفال الذين في المهد، فيما بين أبهر وقزوين، فلم يبقَ منهم أثر. وقد استمرَّ مُلْكُ الإسماعيلية (الحشَّاشين) سبعاً وسبعين ومائة سنة. وكان بدء حكمهم سنة سبعٍ وسبعين وأربعمائة، وهو العدد الذي يُكَنِّى عنه بلفظ "ألَمُوت"، وانتهاؤه في غرَّة ذي القعدة سنة أربعٍ وخمسين وستمائة. وكان عدد ملوكهم ثمانية تولّوا الحكمَ على التوالي بالترتيب الآتي:
"1 – حسن بن علي بن محمد الصبَّاح الحِمْيَري.
"2 – كِيا بزرك أميد، وكان هو وحسن داعِيَيْن.
"3 – محمد بن بزرك أميد،
"4 – حسن بن محمد بزرك أميد (والذي اشتُهِرَ بلقب "على ذِكْرِهِ السلام").
"5 – محمد بن حسن.
"6 – جلال الدين بن محمد بن حسن (الملقَّب بـ "نو مسلمان" لأنه عاد عن الإلحاد عام 608ه/ 1211م ورجع إلى الإسلام).
"7 – علاء الدين محمد بن جلال الدين بن محمد بن حسن.
"8 – ركن الدين خورشاه بن علاء الدين، الذي خُتِمَت به دولة الإسماعيلية"(29).
_______________________________________
(29) رشيد الدين الهمذاني/ جامع التواريخ/ ج2، قسم1، ص258 – 259.
_______________________________________

ما انتهى إليه الحشَّاشون

بعد وفاة ركن الدين خورشاه انتهت الدعوة الإسماعيلية الحشَّاشية في إيران لتستقر في أذربيجان، ذلك أنَّ شمس الدين محمد (إبن ركن الدين خورشاه) تسلَّم الإمامة بعد وفاة أبيه عام 654ه ونقل مقر الإمامة إلى مقاطعة أذربيجان حيث قصدها آلاف الحشَّاشين، الذين نجوا من أيدي المغول.. ومن هناك قام الفيلسوف الإسماعيلي جلال الدين الرومي بإرسال أعدادٍ ضخمة من الدعاة إلى الهند والصين وسورية والعراق وتركيا وإيران، واعتنق حاكم الهند برهان نظام شاه الدكني المذهب الإسماعيلي الحشَّاشي "وأصبح من أكبر المؤيدين والدعاة له، وبذلك اتَّسعت رقعة البلاد التي يقطنها الإسماعيلية وتجدَّد نشاطهم بقوة في الأقطار التي حلُّوا بها"(30).
_______________________________________
(30) مصطفى غالب/ تاريخ الدعوة الإسماعيلية/ ص277 - 278.
_______________________________________
أما في سورية فقد تسلَّم زمام الدعوة شيخ الجبل الرابع موسى بن حسن القصار، بعدما أوفده من أذربيجان شمس الدين محمد، وقد جعل مقرَّه في مدينة حلب. ويذكر  الباحث الإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب أنَّ شيخ الجبل الرابع موسى بن حسن القصار عمل على جمع شمل الإسماعيلية في سورية، "فنظَّم شؤونهم وأنشأ لهم المدارس ودور العلم، كما استقدم لهم الدعاة والمدرِّسين، وعمل على تأسيس جيشٍ قوي من الإسماعيلية وأعاد إلى الوجود الفرقة الفدائية، فاستعملها لتنفيذ أغراضه السياسية، وعقد معاهدة صداقة مع السلطان (المملوكي) الظاهر بيبرس(31)، الذي اعترف باستقلال الإسماعيلية في المناطق السورية على أن تُصان حرياتهم الدينية وتُحترم معتقداتهم، وسمح لهم أن يرفعوا على مراكز دعوتهم وحصونهم العلم الإسماعيلي المؤلف من الأخضر والأحمر، واختار (الظاهر بيبرس) من علماء وفقهاء الإسماعيلية وزراءَ وقضاةً لدولته، وفرض على الإسماعيلية تقديم المساعدات والتضحيات والجنود لمساعدة السلطان بيبرس في حروبه مع الصليبيين، وعيَّن حرسَ السلطان الخاص من شباب الفدائية الإسماعيلية وجرى توقيع تلك المعاهدة عام 660 هجرية (1261م)"(32).
_______________________________________
(31) الظاهر بيبرس البُنْدقداري، سلطان مملوكي حكم مصر ما بين عامي 658ه/ 1259م و676ه/ 1277م..
(32) مصطفى غالب/ تاريخ الدعوة الإسماعيلية/ ص278 – 279.
_______________________________________
ويتابع مصطفى غالب قائلاً، مع التذكير بأنه يتحدَّث من وجهة نظر إسماعيلية: "قام الإسماعيلية (الحشَّاشون) بتنفيذ بنود تلك المعاهدة وأرسلوا سبعين مقدَّماً، يرأس كلٌّ منهم ألفَ مقاتلٍ إسماعيلي، وتولى منصب الوزارة صاحب (قلعة) مصياف آغا شاهين وعلاء الدين حسن وعز الدين أيك، وأُسندت قيادة الأسطول للقائد الإسماعيلي محمد البطرني، وأُوفد السيد بدر الفقير ليمثِّل السلطان (بيبرس) لدى الإمبراطورية الرومانية في روما. ولقد ساعد الإسماعيليةُ الملكَ الظاهر (بيبرس) في امتلاك ساحل طرابلس، وشنوا هجوماً عاماً عليه سنة 664 هجرية (1265م) بقيادة إبراهيم بن حسن الحوراني وسعد بن دبل وإسماعيل أبو السباع وطردوا الصليبيين من كافة البلدان الساحلية السورية"(33).
_______________________________________
(33) مصطفى غالب/ تاريخ الدعوة الإسماعيلية/ ص279.
_______________________________________
وبعد وفاة موسى بن حسن القصار، يقول مصطفى غالب إنه "دُفن في  مدينة حلب بإحتفالٍ مهيب، وسار وراء نعشه 20 ألف فدائي إسماعيلي، وبانتهاء حياة هذا البطل العظيم زال نفوذ الإسماعيلية وسيطر عليهم الخمول والكسل، فتفرَّق شملهم وانتابتهم المصائب والمحن من كل صوب، وتألَّب عليهم الجوار فأذاقوهم الويلات واستبيحت دماؤهم وقُتلوا أينما وُجدوا ونُهبت ممتلكاتهم واحتل السلطان (المنصور قلاوون) قسماً كبيراً من بلادهم، كلُّ هذا حدث لهم بعد وفاة الظاهر بيبرس وتولّي السلطان المنصور قلاوون الحكم، الذي مزَّق المعاهدة الإسماعيلية وهاجم قلاعهم بجيوشٍ جرّارة فاستولى على قسمٍ منها بعد قتالٍ مرير، وبعد هذه الفاجعة المؤلمة غادر أغلب الإسماعيلية قلاعهم الحصينة وتوغلوا مستترين في المدن السورية. وهكذا ضَعُفَ مركز الإسماعيلية في سورية وتعرَّضوا للأخطار، بينما ازداد النفوذ الإسماعيلي في بقية الأقطار"(34)، (وخاصةً في الهند).
_______________________________________
(34) مصطفى غالب/ تاريخ الدعوة الإسماعيلية/ 281 – 282.
_______________________________________
الموضوع التالي:
الفصل السابق:










 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق