2016/04/15

كتاب "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"/ 49/ تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (49)/ جيمي كارتر تمنى لو فَصَلَ السفير الأميركي في طهران من عمله بسبب تحالفه مع الخميني!



ما أن يُذْكر إسم آخر سفير أميركي في طهران وليام سوليفان حتى تتبادر إلى أذهان المتابعين لأحداث الثورة الإيرانية في أواخر السبعينيات العبارة الشهيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر حيث قال: "كان يجب أن أفْصُلَ سوليفان".. لقد عثرنا، ونحن نبحث في أمر السفير سوليفان، على نص مقابلة مطوَّلة من 72 صفحة (منشورة على الإنترنت باللغة الإنكليزية بصيغة ب. د. أف)، كان قد أجراها مع جيمي كارتر في ولاية جورجينيا ثمانيةٌ من كبار أساتذة الجامعات الأميركية في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، ونقتطف منها مقطعاً قصيراً يُسأل فيه كارتر عن هذه العبارة...

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا

(الكتاب قيد التأليف)



القسم الأول


تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (49)
جيمي كارتر تمنى لو فَصَلَ
السفير الأميركي في طهران من عمله
بسبب تحالفه مع الخميني!



حسين احمد صبرا
ما أن يُذْكر إسم آخر سفير أميركي في طهران وليام سوليفان حتى تتبادر إلى أذهان المتابعين لأحداث الثورة الإيرانية في أواخر السبعينيات العبارة الشهيرة التي أطلقها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر حيث قال: "كان يجب أن أفصُلَ سوليفان"..
لقد عثرنا، ونحن نبحث في أمر السفير سوليفان، على نص مقابلة مطوَّلة من 72 صفحة (منشورة على الإنترنت باللغة الإنكليزية بصيغة ب. د. أف)، كان قد أجراها مع جيمي كارتر في ولاية جورجينيا ثمانيةٌ من كبار أساتذة الجامعات الأميركية في 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 1982، ونقتطف منها مقطعاً قصيراً يُسأل فيه كارتر عن هذه العبارة، إذ يقول كينيث طومسون (من جامعة فرجينيا) في سياق الحوار: "سنتوقَّف عند التباين المثير والشديد في غضبك المعنوي الشامل في ما يتعلَّق بالسفير وليام سوليفان وعباراتك حول إطلاق النار عليه مباشرةً".
هنا يجيب جيمي كارتر قائلاً: " كان يجب أن أَفصله (من عمله). كان عليَّ أن أفصله وأفصل (ألكسندر) هيغ (القائد العام لقوات حلف الناتو آنذاك). هذان الإثنان هما الوحيدان اللذان أعود وأعتقد بأنه كان عليَّ أن أطردهما من العمل. لقد عبَّرتُ عن رغبتي في طرد كلا الرجلين، ولكنني أذعنتُ في كلا الحالتين إلى نصيحة (وزير الخارجية سايروس) فانس و(وزير الدفاع هارولد) براون. كلا الرجلين (فانس وبراون) كانا وبحدةٍ شديدة يقاومان رغبتي بطرد هيغ ولاحقاً سوليفان، لذا لم أنفِّذ ذلك. ولكن بالنظر إلى أحداث الماضي، كان عليَّ أن أفصلهما. في الواقع، لقد أعطيت تعليماتي لسايروس فانس بإحضار سوليفان من إيران. وسايروس عرقل ذلك، وعاد مرةً تلو الأخرى -كما هو أسلوبه- وسعى إلى إقناعي بأنَّ علينا أن نرسل من الولايات المتحدة قائماً بأعمال سفيرٍ إلى هناك (إيران) ليقوم بتسيير الأمور، أو مساعدَ سفيرٍ على ما أذكر، ولكي نُخرِجَ سوليفان شيئاً فشيئاً بعد الأزمة التي حصلت (أي الثورة في إيران والإطاحة بالشاه). وأنا في النهاية امتثلتُ لذلك... ولكن، بالنظر إلى الماضي، أتمنى لو أني مضيتُ قدماً وفعلتُ ذلك" (أي طرد سوليفان من إيران وهيغ من حلف الناتو في أوروبا).
هنا يعقِّب ريتشارد نيوستات من جامعة هارفرد بالقول: "كلا الإثنين هما برهان على العصيان الواضح وعلى عدم إتِّباع التعليمات في خطط العمل السياسية".. فيجيبه كارتر قائلاً: "أجل. إنَّ سوليفان كان بالتحديد عاصياً، وهيغ كان يسعى بوضوحٍ إلى الرئاسة".
إذاً، وعلى الرغم من أنَّ كارتر قد مرَّ في هذه المقابلة مرور الكرام على مسألة سوليفان دون الدخول في التفاصيل، إلا أنه لخص الأمر بـ"العصيان"، مع الإشارة إلى أنَّ هذه المقابلة قد أجريت مع كارتر بعد حوالى عامين من خروجه من البيت الأبيض وبعد شهرٍ ونصف الشهر من صدور مذكراته التي صدرت طبعتها الأولى في أواسط تشرين الأول/ أكتوبر 1982 وحملت عنوان "الحفاظ على الإيمان/ مذكرات رئيس" (الطبعة الثانية صدرت عام 1983 والثالثة عام 1995) وقد خصَّ فيها فصلاً للحديث عن الثورة الإيرانية و"العصيان" الذي مارسه وليام سوليفان تحت عنوان "إيران والسنة الأخيرة"، وقد قمنا بتعريب ما أتيح لنا قراءته من هذه المذكرات عبر كتب غوغل معتمدين على الطبعة الثالثة، حيث يقول جيمي كارتر ص448:
"في أوائل تشرين الثاني/ نوفمبر [1978] كان السفير سوليفان قد أصبح مقتنعاً بأنَّ قادة المعارضة يجب أن يكونوا ناطقين بصوتٍ أقوى في شؤون إيران أكثر مما كان الشاه مستعداً لأخذه بعين الإعتبار. لم أستطع أن أخالف هذا الرأي، لكن خياري الأساسي كان إما منح الشاه دعمنا الكامل في أزمته وإما أن نحمل الشاه على الإذعان لمقترحات السفير الأميركي، أي على نحو ما ظَهَرَ من أن سوليفان يفضِّل ذلك وبشكلٍ متزايد".
ثم يقول كارتر ص451 إنه تلقى تقارير من الإستخبارات المركزية الأميركية "السي آي إي" ومن وزارة الخارجية ومن العديد من الدبلوماسيين الأميركيين في بلدانٍ أخرى أشعرته بأنَّ على الشاه أن يرحل. وكان كارتر يؤيد ذلك إلا أنه رأى أن لا بد لهذا الأمر أن يحدث بعد أن تشكَّل حكومة قوية وثابتة تخلُف الشاهَ، ثم يتابع كارتر قائلاً:
"إلا أنَّ السفير سوليفان نَصَحَ بأن نعارض خطط الشاه وأصرَّ على رحيله الفوري وحاول بناء نوعٍ من الصداقة أو التحالف مع الخميني. لقد رفضتُ هذه النصيحة لأنَّ الشاه و[رئيس الحكومة شاهبور] بختيار وقادة الجيش الإيراني احتاجوا دعماً أميركياً متَّسقاً. بيد أنَّ التقارير في وسائل الإعلام في واشنطن أشارت إلى وجود إنحراف ضمن وزارة الخارجية عن سياستي الداعمة للشاه أثناء بذله جهداً كبيراً لتشكيل حكومة وريثة. ولأنَّ سوليفان بدا غيرَ قادرٍ على أن يَمُدَّنا بتقارير وافية من الجيش [الإيراني]، والتي كانت مصدراً حاسماً للمعلومات والنصائح، فلقد توصًّلتُ أنا ووزير [الدفاع هارولد] براون إلى أننا نحتاج إلى ممثِّلٍ أميركي قوي وكَفُؤ في طهران لكي يُبقيني مطَّلعاً على ما يتعلَّق باحتياجات الجيش [الإيراني]، وأنَّ واحدةً من مسؤولياته ستكون تقوية عزيمة قادة الجيش وتشجيعهم على البقاء في إيران من أجل أن يحافظوا على الإستقرار حتى ولو قرَّر الشاه الرحيل. لقد أمرتُ نائب قائد القوات الأميركية في أوروبا الجنرال روبرت هوايزر بأن ينفِّذ هذه المهمة في إيران".
ثم يتابع كارتر ص452 سردَه لما جرى لاحقاً:
"في 4 كانون الثاني/ يناير 1979 ذهبتُ إلى غواديلوب [جزيرة في البحر الكاريبي] للإلتقاء بزعماء فرنسا وبريطانيا وألمانيا، ولكن كان عليَّ أن أمضي قدراً كبيراً من وقتي في العمل على الأزمة الإيرانية... كانت تعليماتي بأن يصار إلى عمل أي شيء ممكن لتقوية الشاه، لكني خلال تلك الأيام أصبحتُ قلقاً باضطراد من مواقف السفير سوليفان، الذي بدا منشغل البال بضرورة استقالة الشاه دون تأخيرٍ إضافي. لقد بات [سوليفان] عصبياً جداً، ويقدَّم تقاريرَ في بعض الأحيان بأنَّ الشاه لا يَوَدُّ رؤيتَه. وكنت ما أزال أعتمد على بعض تقاريره، التي أدركتُ لاحقاً بأنها لم تكن دقيقة أو متَّزنة. لقد أصرَّ سوليفان على أنه ينبغي علينا دعم الخميني حتى ولو كان ذلك يعني إضعافَ [شاهبور] بختيار وحكومتَه الإئتلافية التي كان يحاول تشكيلها".
ثم يتابع كارتر ص454 قائلاً:
"بعدما عدتُ إلى واشنطن [من غواديلوب] بقي سوليفان مصراً على أن نذهب إلى الخميني مباشرةً في باريس لنضع بعض الترتيبات العملية معه. فكَّرتُ بتلك النصيحة بحذر، لكني رفضتها لأنَّ إنشاءنا لأي علاقة مع الخميني سيُشير إلى انعدام دعمنا للحكومة الجديدة المناضلة في إيران [أي حكومة بختيار]، والتي كان الخميني قد أقسم على القضاء عليها. وبدلاً عن ذلك طلبتُ من [الرئيس الفرنسي جيسكار] ديستان جس النبض حول ما إذا كان هناك أي إحتمال لإمكانية أن يدعم الخميني [شاهبور] بختيار. وجاء في الجواب ترداد الخميني لعبارته السابقة من أنَّ بختيار غير مقبولٌ به بالنسبة إليه. فَقَدَ سوليفان السيطرة على نفسه بوضوح، وفي العاشر من كانون الثاني/ يناير [1979] أرسل إلى [وزير الخارجية سايروس] فانس برقيةً، بالغاً حدَّ الوقاحة، مستنكراً طلبَنا من الرئيس الفرنسي الإتصال بالخميني عوضاً عن أن نفعل ذلك بأنفسنا. لقد إستخدم عباراتٍ مثل: "خطأٌ فاضحٌ وربما لا يمكن إصلاحه"، "إلتماس صحةَ الرأي"، و"يتعذَّر فهمُه". لقد بدا غيرَ قادرٍ على تقديم تحليلٍ موضوعي حول الوضع المعقَّد في إيران. كنتُ مدركاً فعلاً أنَّه كان ينفِّذ بعضاً من تعليماتي بدون حماس، إن لم يكن كلها. والآن، ومنذ أن غيَّر رأيه في الأسابيع الأخيرة حول دعم الشاه، فإنَّ تصرُّفاته وأقواله كلَّفَتْه [فقدان] الكثير من الثقة التي كان يتمتَّع بها سابقاً من قِبَلِ الشاه ومن زملائه ومنّي أنا. لقد طلبتُ من وزير الخارجية [الأميركية] أن نتخلَّص من سوليفان [ونستدعيه] من إيران، لكنَّ سايروس فانس شدَّد على أنه سيكون من الخطأ أن نعيِّن رَجُلاً جديداً في البلاد [إيران] في وُسْطِ تعاقُب الأزمات التي من المحتمل أن نواجهها. وافقتُ بتردُّد، لكني منذ ذلك الحين فصاعداً اعتمدتُ بشكلٍ أساسي على الجنرال هوايزر، الذي ظلَّ هادئاً وكُفُؤاً. لقد نَشَدَ الحفاظَ على أوسع مجالٍ ممكن من الإتصالات حول طهران خلال تلك الأيام الأخيرة من حكم الشاه، وبقدر ما أستطيع أن أقول، لقد أعاد إحياء المواقف المتوازنة".
وفي الصفحة 457 يتحدَّث كارتر عن إحتلال السفارة الأميركية في 14 شباط/ فبراير 1979 لمدة ساعتين، وعن إقتراح الخميني لمهدي بازركان بتشكيل حكومة، ثم يقول:
"عند هذه النقطة قرَّرتُ إعادة الجنرال هوايزر [من طهران] كي يعطيني تقريراً شخصياً. لقد أخبرني بأنْ كان هناك إختلافٌ ملحوظ في تفسير السياسة الأميركية بينه وبين السفير سوليفان. فأجبتُ بأنَّ ذلك كان واضحاً منذ بداية العام [1979]، ولكني أعتقد أننا أصدرنا تعليماتنا بوضوح. وأشار [هوايزر] إلى أنَّ كليهما –هو وسوليفان- قد قرآ الرسائل الرسمية نفسها الصادرة من البيت الأبيض ووزارة الخارجية، لكنَّ سوليفان اعتقدَ بأنَّ علينا ألا نعارض استيلاء الخميني على السلطة لأنَّ حُكْمَه سيقود إلى الديمقراطية، لكنَّ هوايزر اعتقدَ بأنه سيقود إلى الكارثة فقط. ورأى سوليفان بأنَّ على الجيش أن يقف بعيداً لا أن يشارك في العملية السياسية في إيران، بينما رأى هوايزر أنَّ على الجيش أن يدعم بوضوح الحكومة الحالية [حكومة بختيار] إلى أن يُصار إلى كتابة دستورٍ جديد ويوضع حيِّزَ التنفيذ. وآمنَ هوايزر بأنَّ الجيش قد وضع خططاً كافية لحماية معداته وتمديداته وبأنه سوف يبتعد عن الشوارع. لقد أقنعَ [هوايزر] بعضاً من قادة [الجيش] بعدم القيام بضربة، وبعدم الخروج من أجزاء أخرى من إيران إلى داخل الجزء الجنوبي الأكثر استقراراً" [إنتهى كلام كارتر].
في الحديث المقبل: السفير الأميركي في طهران وليَم سوليفان حيَّد الجيش الإيراني لتمكين الخميني من الإطباق الكامل على السلطة!


(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2012، العدد 1572).

الحديث التالي:
الحديث السابق:


***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:

www.alshiraa.comx

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق