2016/04/15

كتاب "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"/ 50/ تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (50) السفير الأميركي في طهران وليَم سوليفان حيَّد الجيش الإيراني لتمكين الخميني من الإطباق الكامل على السلطة!



كانت خطة آخر سفير أميركي في طهران وليَم سوليفان تقضي ليس فقط برحيل الشاه عن إيران، بل وأن يكون بصحبته على الطائرة نفسها  مئة من كبار ضباط الجيش الإيراني، تمهيداً لتسليم الخميني السلطة كاملةً دون أن يشكِّل الجيش أيَّ خطرٍ عليه، على أن يقوم الخميني باختيار ضباطٍ أصغرَ رتبةٍ ممن يثق بهم ليكونوا هم القادة الجدد في هذا الجيش..

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا

(الكتاب قيد التأليف)



القسم الأول


تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (50)

السفير الأميركي في طهران وليَم سوليفان حيَّد الجيش الإيراني
لتمكين الخميني من الإطباق الكامل على السلطة!



حسين احمد صبرا
كانت خطة آخر سفير أميركي في طهران وليَم سوليفان تقضي ليس فقط برحيل الشاه عن إيران، بل وأن يكون بصحبته على الطائرة نفسها  مئة من كبار ضباط الجيش الإيراني، تمهيداً لتسليم الخميني السلطة كاملةً دون أن يشكِّل الجيش أيَّ خطرٍ عليه، على أن يقوم الخميني باختيار ضباطٍ أصغرَ رتبةٍ ممن يثق بهم ليكونوا هم القادة الجدد في هذا الجيش..
في كتابه الصادر في الولايات المتحدة عن جامعة كورنيل عام 2009 بعنوان "غريب في البيت الأبيض/ جيمي كارتر ومستشاروه وصناعة السياسة الخارجية الأميركية"  للباحث بيتي غلاد، نقرأ ص172 ما يلي: "إنَّ اقتراحات [السفير الأميركي السابق في طهران وليَم] سوليفان بأن تقوم الولايات المتحدة بعمل إتصالٍ ما مع القوى الخمينية قد تمَّ رفضه فعلاً في البداية. وعندما قرَّر كارتر في النهاية الإتصال بالخميني عبر فرنسا لا عبر الإتصال المباشر، فإنَّ سوليفان –المحبَط- أبرق إلى واشنطن برسالةٍ أخرى. لقد كتب يقول: "إنَّ مصالحنا القومية تتطلَّب أنَّ نحاول إنشاء تسوية مؤقتة بين العسكر و(القادة) الدينيين لكي نشتري البضاعة قبل أن يشتريها الآخرون". لقد نظر كارتر إلى أسلوب سوليفان على أنه وقحٌ ومهين، وأبلغ [وزيرَ الخارجية سايروس] فانس أن يستدعي السفير ويعفيه من وظيفته في طهران. إلا أنَّ كارتر تراجع عن ذلك حينما قام فانس بلفت انتباهه إلى أنَّ نقله أثناء وقوع أزمةٍ سيكون خطأً. ولكنَّ (كارتر)، منذ ذلك الوقت فصاعداً، تجاهل سوليفان بشكلٍ كاملٍ تقريباً، ناظراً إلى [نائب قائد القوات الأميركية في أوروبا الجنرال روبرت] هايزر كصاحب مواقف أكثرَ إتِّزاناً".
إذاً، عارض كارتر خطة سوليفان إقامة تسوية بين الجيش الإيراني والخميني يصل الأخير بموجبها إلى السلطة، وها هو يذكر في مذكراته التي صدرت عام 1982 (الحفاظ على الإيمان/ مذكرات رئيس) أنه كان قد تلقى تقارير من الإستخبارات المركزية الأميركية "السي آي إي" ومن وزارة الخارجية ومن العديد من الدبلوماسيين الأميركيين في بلدانٍ أخرى أشعرته بأنَّ على الشاه أن يرحل، وأنه هو نفسه (أي كارتر) كان يؤيد ذلك إلا أنه رأى أنَّ هذا الأمر لا يجب أن يحدث إلا بعد أن تشكَّل حكومة قوية وثابتة تخلُف الشاهَ (حكومة شاهبور بختيار)، ثم يتابع قائلاً في مذكراته ص451:
"إلا أنَّ السفير سوليفان نَصَحَ بأن نعارض خطط الشاه وأصرَّ على رحيله الفوري وحاول بناء نوعٍ من الصداقة أو التحالف مع الخميني. لقد رفضتُ هذه النصيحة لأنَّ الشاه وبختيار وقادة الجيش الإيراني احتاجوا دعماً أميركياً متَّسقاً. بيد أنَّ التقارير في وسائل الإعلام في واشنطن أشارت إلى وجود إنحراف ضمن وزارة الخارجية عن سياستي الداعمة للشاه أثناء بذله جهداً كبيراً لتشكيل حكومة وريثة. ولأنَّ سوليفان بدا غيرَ قادرٍ على أن يَمُدَّنا بتقارير وافية من الجيش [الإيراني]، والتي كانت مصدراً حاسماً للمعلومات والنصائح، فلقد توصًّلتُ أنا ووزير [الدفاع هارولد] براون إلى أننا نحتاج إلى ممثِّلٍ أميركي قوي وكَفُؤ في طهران لكي يُبقيني مطَّلعاً على ما يتعلَّق باحتياجات الجيش [الإيراني]، وأنَّ واحدةً من مسؤولياته ستكون تقوية عزيمة قادة الجيش وتشجيعهم على البقاء في إيران من أجل أن يحافظوا على الإستقرار حتى ولو قرَّر الشاه الرحيل. لقد أمرتُ نائب قائد القوات الأميركية في أوروبا الجنرال روبرت هايزر بأن ينفِّذ هذه المهمة في إيران".
وهكذا، أرسل جيمي كارتر في كانون الأول/ ديسمبر 1978 مبعوثاً من قبله إلى طهران هو الجنرال هايزر لغرضين أساسيين ألا وهما: الأول هو الطلب من الشاه مغادرة البلاد، والثاني هو تقوية عزيمة ضباط الجيش الإيراني من أجل الصمود والبقاء في إيران وتقديم الدعم اللازم لهم والتحضير لإستيلاء الجيش الإيراني على السلطة كحلٍّ أخير.. ومن المفيد هنا إيراد ما قاله الشاه للجنرال هايزر بحضور سوليفان، إذ أورد الأخير (أي سوليفان) في سيرته الذاتية عام 1984 والتي حملت عنوان "لحنٌ مصاحِب/ 1939-1979/ ملاحظات على مهنة العمل الخارجي " أنَّ الشاه قال لهما: "إنَّ هناك مؤامرة أجنبية تنشط ضدي، وأنا لا أستغرب أن يفعل ذلك السوفيات والإنكليز، لكن مما يحزنني من الأعماق أكثر من أي شيءٍ آخر هو دور وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية السي. آي. إي في هذه المؤامرة، وما زلت أسأل نفسي عن الأسباب التي جعلت الإستخبارات الأميركية تشترك في المؤامرة؟ ما الذي إقترفتُه ضد أميركا حتى تعاملني بهذه الطريقة القاتلة؟!"..
وعلى الرغم من وجود مبعوث كارتر في طهران الجنرال هايزر، استمرَّ وليَم سوليفان في المضي في تنفيذ خطَّته.. فما هي هذه الخطة؟! ندعوكم هنا لأن تقرأوا معنا ما أورده السياسي الأميركي الشهير غاري سيك في كتابه "فشلُ الجميع/ معركة أميركا الحتمية في إيران"، مع الإشارة إلى أنَّ غاري سيك هو خبير في الشؤون الإيرانية وفي أمن الخليج العربي، وقد خدم في مجلس الأمن القومي الأميركي أثناء حكم الرئيسين الديمقراطيين جيرالد فورد وجيمي كارتر، وكان كبير مساعدي البيت الأبيض خلال أزمة الرهائن الأميركيين في إيران عام 1980 وهو الذي فضح الصفقة السرية التي أجراها مساعدو ريغان مع الخميني أثناء حملته الإنتخابية والتي اقتضت بأن يتم الإحتفاظ بالرهائن من أجل إسقاط كارتر وإنجاح ريغان.. إذاً، نقتطف بعضاً مما قاله غاري سيك في كتابه (من ص132 إلى ص139) في فقرة تحت عنوان "سوليفان يُطلق خطَّتَه" (وهنا نعتمد على الطبعة الأولى الصادرة في لندن عام 1985، مع الإشارة إلى أنَّ الطبعة الثانية صدرت عام 2001):
"في أواخر كانون الأول/ ديسمبر [1978] وأوائل كانون الثاني/ يناير [1979] كان السفير سوليفان قد استنتج أنَّه مع تصميم الشاه على مغادرة البلاد -في تصرُّفٍ هو بمثابة إستقالة- يكون قد حان الوقت للبدء بالخطة [أي خطة سوليفان]، التي كان قد أوجزها بعبارة "التفكير بما لا يُمكن تصوُّره" والتي أوردها في رسالته مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر [1978 إلى جيمي كارتر]. ولم يكشف سوليفان لأحدٍ في واشنطن عن أهدافه أو عن تفاصيل خطته. وعلى النقيض من رسالته في 9 تشرين الأول/ أكتوبر [1978]، والتي ناظَرَ فيها ضد إجراء أي إتصالات مع كبار آيات الله أو مع المناوئين لبختيار، فإنَّ موظفي السفارة الأميركية في طهران كانوا قد أنشأوا -عقب تاريخ هذه الرسالة [الثانية]- إتصالاً مع كلا الطرفين بمن فيهم آية الله محمد بهشتي، الذي برز ككبير وكلاء الخميني في طهران".
يتابع غاري سيك: "لم تتم مشاركة البيت الأبيض في مضمون هذه المباحثات التي أُجريت مع المعارضين؛ لكنَّ المرحلة الأولى من هذه الخطة، والتي كانت قد نجمت عن هذه الإتصالات، قد تمَّ العمل بها مع وزارة الخارجية الأميركية. وخلال هذا الوقت كان سوليفان قد أوقف الإعتماد كلياً تقريباً على القنوات العادية أو حتى على الرسائل. وبما أنَّ الوضع أصبح أكثر حساسيةً فإنه استخدم خط الهاتف الآمن وجهاز البرقيات المكتوبة للتواصل مع وزارة الخارجية. لقد ظنَّ سوليفان أنه كان من الضروري التأكيد مع آية الله الخميني في باريس على أساسيات الإتفاقات المؤقتة التي كان قد وضعها مع المعارضة في طهران. واقترح بالتالي على [وزير الخارجية سايروس] فانس و[كبير موظفي الخدمة الخارجية في وزارة الخارجية الأميركية ديفيد] نيوسوم و[مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى وجنوب أسيا هارولد]سوندرز، الإتصال المباشر مع آية الله [الخميني] في باريس. وبعد بعض المناقشات طوَّر كلٌّ من سوليفان ووزارة الخارجية خطةً سيسافر بموجبها إلى باريس المفتشُ العام في الخدمة الخارجية والذي كان يتقن اللغة الفارسية تيودور إليوت (جي آر) ويلتقي بآية الله [الخميني]، وكان جوهر الهدف [من اللقاء] صُنْع عملية تكيُّف لتمكين إنتقال السلطة في طهران بأقل قدرٍ من سفك الدماء. واعتقد سوليفان بأنْ لو قُدِّر للخطة أن تحظى بأي فرصةٍ من النجاح لكان ضرورياً لهذا الإتصال أن يكون معترفاً به [رسمياً] قبل رحيل الشاه، والذي سيُقَدَّر له أن يحدث عاجلاً في 6 كانون الثاني/ يناير [1979] حينما حدَّد بختيار موعدَ تقديم تشكيلة حكومته إلى المجلس [النيابي]".
في النهاية يطرح غاري سيك السؤال التالي: "هل استطاعت الولايات المتحدة تنفيذ أهدافها من وعدها بحماية الجيش الإيراني؟ لقد أوغل سوليفان بعيداً جداً في توجُّهه خلال مفاوضاته مع قادة المعارضة وذلك من دون علم أي أحد في واشنطن. وخلال الثالث من كانون الثاني/ يناير [1979] كان يمتلك لائحةً بأسماء أكثر من مئة من كبار ضباط الجيش الإيراني ممن كان من المتوقع أن يغادروا البلاد مع الشاه، مع أسماء بُدَلاء عنهم ليكونوا مختارين من قبل القادة الثوريين [الخميني وجماعته]. وبالعودة إلى هذا التحيُّز فإنَّ المعتدلين من قادة المعارضة كانوا قد استعدُّوا للتعهُّد بأن سوف لن يكون هناك اعتقالات أو أي أعمال انتقامٍ أخرى ضد الجيش. تلك كانت بالكاد مسألةً تافهة؛ ومع ذلك فإنَّ الرئيس [كارتر] والبيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع كانوا غير مدركين لطبيعة هذا الصفقة المنتظَرة. إنها تساعد في أن تفسِّر لماذا كان سوليفان منزعجاً جداً من قدوم الجنرال هايزر [إلى إيران]، الذي وجَّهته بشكلٍ خاص تعليماتٌ من الرئيس لـ"حضِّ قادة الجيش على البقاء في إيران وليؤكد لهم بأنَّ الولايات المتحدة ستتمسَّك بهم"، وتفسِّر مسعى سوليفان في اللحظة الأخيرة عبر [سايروس] فانس لإيقاف هايزر عن بدء المحادثات مع الجنرالات الإيرانيين. وتساعد أيضاً في تقديم حسابٍ عن معنى إلحاح سوليفان على الشروع في الإتصال بالخميني قبل رحيل الشاه. ومن بين أمورٍ أخرى، كان عليه أن يجد وقتاً لإيجاد مكانٍ على طائرة الشاه لمئة ضابطٍ إيراني".
في الحديث المقبل : أميركا أوصلت الخميني إلى السلطة ليساعدها في إنشاء هلال شيعي يفتِّت العرب مذهبياً!

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 4 آذار/ مارس 2013، العدد رقم 1585).

الحديث التالي:
الحديث السابق:

***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:

www.alshiraa.comx

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق