2016/04/15

كتاب "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"/ 45/ تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (45)/ بالأمس قال الأذري صادق قطب زادة: الخليج فارسي.. واليوم يهتف الأذريون الإيرانيون في ملعبٍ لكرة القدم: الخليج عربي.. الخليج عربي!



إنَّ صادق قطب زادة، كوزير للخارجية في نظام الخميني، وقف موقفاً معادياً للعرب بشدة بما ينم عن مشروع الخميني الإمبراطوري على حساب العرب، إذ صرَّح في 30 نيسان/ ابريل عام 1980، قائلاً: "جميع دول الخليج هي تاريخياً جزءٌ من الأراضي الإيرانية"، منكراً على العرب حق المطالبة بالجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.. وأضاف قطب زادة قائلاً: "إيران لن تتنازل عن بوصة واحدة من أراضيها"...

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا

(الكتاب قيد التأليف)



القسم الأول


تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (45)
بالأمس قال الأذري صادق قطب زادة: الخليج فارسي..
واليوم يهتف الأذريون الإيرانيون في ملعبٍ لكرة القدم: الخليج عربي.. الخليج عربي!



حسين احمد صبرا
حينما أعدم الخميني وزيرَ خارجيَّته صادق قطب زادة في 15 أيلول/ سبتمبر عام 1982، قام الرئيس الإيراني السابق أبو الحسن بني صدر بتأبينه من منفاه في باريس، قائلاً: "هنيئاً له، فلقد لاقى حتفَه على يد أشقى أهل زمانه"..
وكنا قد أبدينا كلَّ التعاطف مع صادق قطب زادة على مدى الأحاديث السابقة نتيجة ما جرى معه ظلماً وعدواناً، حيث استخدمه الخميني كطعمٍ لإصطياد الراحل الكبير آية الله العظمى محمد كاظم شريعتمداري، المنافس الديني والسياسي الأكبر للخميني في ذلك الحين، وقد كان الإثنان (قطب زادة وشريعتمداري) معارضَين لولاية الفقيه..        
بيد أنَّ مواقف صادق قطب زادة  من قضية الخليج العربي (كوزيرٍ لخارجية إيران منذ 28 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 1979) كانت معبِّرة تماماً عن سياسة العداء العنصري الذي يكنُّه الخميني نفسُه تجاه العرب، الأمر الذي شكَّل إمتداداً لسياسة الشاه، زد على ذلك بأنها كانت نذيراً بمشروع الخميني الفارسي التوسعي في أرض العرب..
فصادق قطب زادة، كوزير للخارجية في نظام الخميني، وقف موقفاً معادياً للعرب بشدة بما ينم عن مشروع الخميني الإمبراطوري على حساب العرب، إذ صرَّح في 30 نيسان/ ابريل عام 1980، قائلاً: "جميع دول الخليج هي تاريخياً جزءٌ من الأراضي الإيرانية"، منكراً على العرب حق المطالبة بالجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى.. وأضاف قطب زادة قائلاً: "إيران لن تتنازل عن بوصة واحدة من أراضيها"..
ثم عاد وأرسل برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة في 26 أيار/ مايو 1980 شدَّد فيها على أنَّ الجزر الإماراتية الثلاث كانت دوماً جزءاً لا يتجزَّأ من إيران، حيث قال ما نصُّه: "إنَّ الجزر الثلاث كانت على الدوام جزءاً لا يتجزَّأ من إيران. وعندما انسحبت القوات البريطانية من الخليج عام 1971 استعادت إيران سيادتها عليها. ولم تفعل إيران أكثر من إستعادة السيادة على الأراضي التي وقعت تحت الهيمنة الأجنبية"!
وتتَّضح نبرة التحريض الخمينية ضد العراق والنية المبيَّتة للحرب معه بشكلٍ واضح في ما قاله صادق قطب زادة في مؤتمره الصحافي الذي عقده في العاصمة الإماراتية أبو ظبي في أول آذار/ مارس عام 1980 (أي قبل 6 أشهر من اندلاع الحرب العراقية الإيرانية)، حيث سؤل أن هل من وساطة بينكم وبين العراق، حيث كانت الأجواء متوترة بين البلدين بعد ثبات نية الخميني بتصدير الثورة إلى العراق، فأجاب قطب زادة: "إننا لا نقبل أي وساطة أو حوار مع هذا النظام المجرم... إنه يجب أن يزول وإنَّ شعب العراق هو الذي يريد أن يطيح بحكومته"!
ثم ما لبث قطب زادة أن صرَّح في 8 نيسان/ ابريل عام 1980 بما يفضح نوايا نظام الخميني، قائلاً: "عدن وبغداد تابعتان لنا"!!
إذاً، كان صادق قطب زادة (وهو من القومية الأذرية الإيرانية) ممثلاً أميناً (كوزير للخارجية) لمشروع الخميني التوسعي في أرض العرب.. بعدها وقع الخلاف بينه وبين النظام حينما عارض ولايةَ الفقيه وحُكْمَ رجال الدين، فقرَّر الخميني التخلص منه وكان ما كان مما رويناه سابقاً..

الأذريون صراصير!!

فقط نريد أن نربط ما بين موقف الأذري صادق قطب زادة المعادي لعروبة الخليج بالأمس، وبين موقف القومية الأذرية اليوم المؤيِّد بحماس لعروبة الخليج نكايةً بالفرس الذين يضطهدونهم ويمارسون ضدهم (كما ضد باقي القوميات) أبشع أنواع العنصرية والإستعلائية وخاصةً منذ ما بعد انتصار الثورة عام 1979، وهو الأمر الذي ازداد في السنوات الأخيرة، حيث يتَّبع الفرسُ معهم (كما مع باقي القوميات) سياسة التفريس من جهةٍ والتمييز العنصري من جهةٍ أخرى، فيحرِمُهم الفرسُ من حقوقهم القومية وأبرزها تعلُّم لغتهم القومية (التركية)، بالإضافة إلى حرمان مناطقهم من التنمية ومن حرمانهم كقومية من العمل السياسي ومن إدراة شؤونهم.. مع التذكير أولاً بأنَّ الثورة ضد الشاه إنما انطلقت شرارتها الأولى من أذربيجان الإيرانية (محافظة أذربيجان) وتحديداً من عاصمتها تبريز وخاصةً بعدما تخطى الشاهُ الخطوطَ الحمر التي وضعها هو نفسه واحترمها طوال سني حكمه وتمثَّلت بعدم انتهاك حرمة بيوت المراجع الدينية، إلى أن اقتحم رجالُ الشاه منزلَ آية الله العظمى شريعتمداري مطلع عام 1978 لإعتقال بعض الطلبة المتَّهمين بالتحريض على التظاهرات، الأمر الذي أدى إلى اندلاع الثورة في تبريز وانتقلت منها سريعاً إلى عموم المدن الإيرانية وانتهت بإسقاط الشاه.. ومع التذكير ثانياً بأنَّ القومية الأذرية (التركية) هي ثاني أكبر أقلية بعد الفرس في إيران وتمثِّل ربعَ عدد السكان (بين كل أربعة إيرانيين إثنان من الفرس وواحد من الأذريين وواحد من الأقليات الأخرى)، وعلي خامنئي نفسُه أذري.. ومع التذكير ثالثاً بأنَّ للأذريين الفضل الأكبر في بقاء إيران إلى الآن موحَّدة وموجودة على الخارطة وذلك نظراً إلى عددهم الكبير كثاني أكبر أقلية بعد الفرس، هذا من ناحية، ونظراً إلى الدور البارز الذي لعبوه عبر الخمسمائة سنة الأخيرة على الأقل في بناء الإمبراطوريات الإيرانية، تلك التي نمت دائماً (وعبر 2500 سنة) على حساب العرب واحتلال أراضيهم ونهب ثرواتهم.. من هنا فإنَّ عدم مطالبة الأذريين جدياً بالإنفصال عن إيران حتى الآن هو الذي ما يزال يُبقي هذه الدولة الفارسية موجودةً على خارطة العالم السياسية..   
إلا أن السنوات البضع الأخيرة بدأت تشهد تململاً أذرياً واسعاً من سياسة الإهمال والإضطهاد والعنصرية التي يمارسها الفرس ضدهم كما ضد باقي الأقليات (وعلى رأسهم عرب الأحواز).. ففي عام 2006 اندلعت في محافظة أذربيجان (الواقعة شمال غرب إيران) إضطرابات شملت معظم المدن الأذرية (كالعاصمة تبريز وأرومية وأردبيل وزنجان) بالإضافة إلى مدن أخرى في إيران يقطنها أذريون بما فيها العاصمة طهران.. وكان مفجِّر هذه الإضطرابات كاريكاتير عنصري نُشر في صحيفة "إيران" الطهرانية ويُصوِّر الأذريين على أنهم صراصير لا يجيدون التحدث باللغة الفارسية وإنما هم فقط يتحدَّثون بلغتهم التركية، إذ يظهَر في الرسم فتى وأمامه صرصار: الفتى يردِّد كلمة "صرصار" باللغة الفارسية وبنبراتٍ عدة ينطق بها الفرس حسب مناطق تواجدهم، فيما الصرصار لا يفهم ما يقوله الفتى ويسأله باللغة الأذرية (التركية): "ماذا؟".. وقد قمع نظام الولي الفقيه هذه الإضطرابات بعنفٍ شديد كما العادة، متَّهماً من يصفهم بـ "بقايا أنصار" آية الله العظمى شريعتمداري بالوقوف وراء هذه الإضطرابات، إلى جانب أميركا وإسرائيل طبعاً..

الخليج عربي.. الخليج عربي

بيد أنَّ النار ما تزال تتَّقد تحت الرماد، ذلك أنَّ العنصرية والإستعلاء والعجرفة هي صفات ملازمة للشخصية الفارسية عبر التاريخ (نلحظ ذلك حتى بين أتباع الفرس من الشيعة العرب، إتْلَمِّ المتعوس على خايب الرجا).. ففي مطلع آب/ أغسطس 2010 عمَّت المظاهرات الغاضبة أنحاء العاصمة تبريز والعديد من المدن الأذرية إثر مباراة في كرة القدم في طهران كان التلفزيون الإيراني يبثُّها مباشرة على الهواء.. أحد الفريقين المشاركين في تلك المباراة كان الفريق الأذري "ترَخْتُورسازي تبريز"، وهو من أشهر الفرق الرياضية في إيران ويحتل الترتيب الثاني في الدوري الإيراني ويحظى بشعبية واسعة بين الأذريين.. وفجأةً راح الجمهور الفارسي الجالس على مدرَّجات الملعب يطلق شعاراتٍ يصف فيها الأذريين الأتراك بالغباء، الأمر الذي أدى إلى خروج الأذريين في محافظة أذربيجان في مظاهرات حاشدة وغاضبة ردَّدوا فيها شعاراتٍ مناهضة للفرس ومؤيدة للقومية الأذرية (التركية)، لا بل وزادوا عليها شعاراتٍ مؤيدة للقومية العربية نكايةً بالفرس.. لقد هتف الأذريون بشعاراتٍ من قبيل "بحر قزوين بحيرةٌ لنا والخليج للعرب".. "ليعلم الجميع أنني تركي".. "أذربيجان موطننا والهلال والنجمة عَلَمُنا"..  "الديمقراطية حقُّنا".. "نناضل ضد الإستبداد".. "إننا مستعدون للشهادة".. "إننا أحفاد بابك خورمدين"...
وفي مطلع أيار/ مايو 2012 راح الجمهور الأذري المحتشد في ملعب تبريز في العاصمة الأذرية يهتف "الخليج عربي، الخليج عربي"، وذلك أثناء مباراةٍ في كرة القدم كان يشارك فيها فريق "ترَخْتُورسازي تبريز"، وكانوا يُتْبِعون هتافهم "الخليج عربي" بتصفيق، وقد صوَّر ناشطون أذريون هذا الهتاف على شريط فيديو بثُّوه عبر موقع اليوتيوب على الإنترنت حيث بإمكانكم مشاهدته وهو تحت عنوان "جمهور إيراني يهتف للخليج العربي خلال مباراة في إيران".. وحثَّت جماهير نادي "ترَخْتُورسازي تبريز" جميع مشجِّعيه عبر صفحات الفيسبوك بإطلاق هتاف "الخليج عربي" في كل المباريات المحلية والدولية التي يخوضها فريقهم..

***

نعيد التذكير بأنَّ الخميني إتَّهم صادق قطب زادة وآية الله العظمى شريعتمداري بالعمالة لأميركا ولجهاز إستخباراتها المركزية "السي. آي. إي"، وتلك كانت تهمة باطلة ما يزال نظام الولي الفقيه إلى الآن يوجِّهها إلى كل من يعارضه أو يقف في طريقه.. فهل كان الخميني فعلاً معادياً لأميركا؟!
في الحديث المقبل: العداء بين الخميني وأميركا أسخف نكتة في العالم!

     (نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 22 تشرين الأول/ أكتوبر 2012، العدد رقم 1566).  

الحديث التالي:
الحديث السابق:


***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:

www.alshiraa.comx

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق