يقول الدكتور موسى الموسوي في كتابه
"الثورة البائسة"، الذي ألَّفه بُعيد فراره من إيران عام 1983:
"إنَّ أحد أقرباء الخميني المتَّصلين به سألني يوماً: هل تذكر يومَ كنَّا في
بيتك مع الخميني وتغدَّينا على مائدتك؟ قلت: نعم، إنه كان عام 1955، وعندها كنتُ
مقيماً في طهران. فأضاف محدِّثي معلِّقاً: فإذا كان صحيحاً ما سمعناه عن أيام
إقامته (أي إقامة الخميني) في العراق من أنه كان يطلب منك العون في بعض الحالات،
فَكُنْ على حَذَرٍ منه، فإنه سيقتلك إذا ظَفَرَ بك، لأنَّ الخميني يحقد على شخصين
ويريد أن يزيحهما من الوجود إذا استطاع: شخصٌ أساءَ إليه وشخصٌ أحسنَ إليه، لأنهما
يذكِّرانه بأيام ضَعْفِهِ وهو لا يريد أن يذكر تلك الأيام حتى ولو كانت له. وقد
ثَبُتَ لي صحة كلام الرجل...".
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع
كاملاً
كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا
(الكتاب قيد التأليف)
القسم الأول
تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي
(44)
الخميني قال لمنتظري غاضباً:
وهل كان شريعتمداري يؤمن بالصلاة؟!
حسين احمد صبرا
لدى الفرس عقدة تاريخية أزلية إسمها
العرب.. ومثل هذه العقدة العدوانية يستحيل أن تنشأ إلا عند الفاشل الذي يعاني من
عقدة الدونية، بحيث ينظر الطرفُ العدواني (وهو الفرس هنا) إلى الطرف المستهدَف
(وهو العرب) على أنه أحسن منه وأفضل منه ومتفوِّقٌ عليه ويتقدَّمه بأشواطٍ ما
يجعله عاجزاً عن بلوغ مرتبته، فيستعيض عن النقص فيه بإدعاء ما ليس فيه ليُقنع
نفسَه بأنه هو "الأنظف" وهو "الأشرف" وهو
"الأَعَفّ" وهو عبقري زمانه، وهذا ما يفسِّر نزعة التألُّه والعنجهية
والعجرفة والغطرسة التي تعامَل بها الفرس مع العرب دون خلق الله جميعاً منذ 2500
عام وصولاً إلى وقتنا الراهن مصحوبةً بإجرامٍ مفرط، وهي العقدة التي ستظل تنخر في
نفوس الفرس إلى أبد الآبدين.. والخميني الذي جاء ليعيد صياغة الشعوبية الفارسية ضد
العرب بأبشع صورها إنما قام بصبغها بصبغة إسلامية شيعية، تماماً كما فعل البويهيون
الفرس قبل أكثر من ألف عامٍ والصفويون الأتراك قبل 500 عام.. هذه الصبغة الإسلامية
الشيعية هي التي مكَّنته من التغلغل في المجتمعات العربية والعمل على تفتيتها
مذهبياً.. من هنا فإنَّ أيَّ عربيٍّ باحثٍ عن تعرية الخميني ونظامه من الغطاء
الإسلامي (الشيعي) الذي إلتَحَفَ به وما يزال زوراً وبهتاناً، لا بدَّ وأن يتوقَّف
ملياً عند ما فعله الخميني مع أكبر مرجع ديني شيعي في إيران والعالم ألا وهو آية
الله العظمى محمد كاظم شريعتمداري.. وهذا ما فعلناه على مدى بضع حلقاتٍ سابقة..
ونريد أن نختم حديثنا في هذا المجال بتقديم الدليل القاطع على أنَّ الخميني شخصياً
هو مَنْ أمر عصاباته بإذلال شريعتمداري في حياته وإذلال جثَّته بعد مماته، وهو
شُغْلُ مجرمين محترفين وضالّين مفسدين بكل ما للكلمة من معنى..
ونحن إذ استشهدنا في الحلقتين
السابقتين بأهم وثيقة في هذا المجال صدرت عن رجل دين عربي شيعي معتدل يحظى بإحترام
معظم الشيعة العرب وكان شاهداً حياً على ما فعله الخميني بشريعتمداري، ألا وهو
الإمام رضا الصدر (توفي في قم عام 1994، وهو الشقيق الأكبر للإمام موسى الصدر
والسيدة الفاضلة رباب الصدر)، فإننا نريد أن نقدِّم الإجابة عن السؤال الذي طرحه
رضا الصدر في كتيِّبه (عام 1986) والذي حمل عنوان "في سجن ولاية
الفقيه"، إذ يقول تحت عنوان "أوامر ونواهي خاصة": "لم أعرف
مَنْ الذي أصدر هذه الأوامر والنواهي: 1-لا يُعطى جثمان شريعتمداري إلى ذويه. 2-لا
تُشَيَّع جنازتُه. 3-لا يُعْمَل بوصيَّته. 4-لا يُغَسَّل في حسينيَّته. 5-لا يصلّي
السيد (رضا) الصدر على جثمانه. 6-لا تُدفن الجنازة في حرم قم، حرم السيدة
المعصومة. 7-لا يُدفن في حسينيَّته. 8-لا يُؤبَّن. 9-يُسجن كلُّ مَنْ أقام مجلسَ
العزاء على روحه. 10-يُلقى القبضُ على كل من لَبِسَ الملابس السوداء في يوم
استشهاد الإمام (موسى) الكاظم (الإمام السابع عند الشيعة الإثني عشرية).
11-إعتَقِلوا السيد رضا الصدر إذا ذهب لتعزية ذوي الميت. 12-لا يحق لإبن
شريعتمداري أن يتكلَّم مع والده وإن كان في حالة الإحتضار. 13-لا تصل برقيات
التعزية إلى المخاطَبين. 14-لا يحق لأحد أن يذهب إلى بيت ذوي الميّت. 15-لا يُقام
على روحه (أسبوع) السابع و(أسبوع) الأربعين. 16-لا تُرفع أصوات البكاء والنحيب من
بيته. 17-لا يحق لأحد أن يقرأ المصيبة (مجلس العزاء الحسيني). 18-إذا اشتكى أصحاب
العزاء عند أحدٍ فَهُمْ ضد الثورة".. ثم يتساءل رضا الصدر: "هل هذه
الأوامر والنواهي تتطابق مع تعاليم الإسلام الأصيل مائة في المائة؟!".
نحن من جهتنا نسأل، مع الإمام رضا
الصدر، من أعطى الأوامر لكل ذلك، ومَنْ أمر بدفن شريعتمداري قرب المراحيض؟ آية
الله العظمى حسين علي منتظري هو من يجيب عن هذا السؤال: إنه الخميني نفسه!
الخميني يهدِّد منتظري
لنقرأ شهادة آية الله العظمى حسين علي
منتظري في مذكراته عام 2000، إذ يقول بدايةً عن شريعتمداري: "لقد نسبوا إليه
أعمالاً واتهاماتٍ ما أنزل الله بها من سلطان، ومنها اختلقوا قصة كاذبة تقول بأنَّ
السيد شريعتمداري وبتعاونٍ مع صادق قطب زادة (وزير الخارجية آنذاك) أراد اغتيال
الإمام (الخميني) وذلك بزرع قنبلةٍ في مقر إقامته في جَمَران (شمال طهران)، وبعدما
أُلقي القبض على قطب زادة طلب منه السيد أحمد (إبن الخميني) أن يعترف بهذه
الأكاذيب وأن يقول بأنَّ السيد شريعتمداري كان له يدٌ في هذه المؤامرة في
التلفزيون، ووعده بأن يُعفى عنه ويُطلق سراحه. ولكنه بعدما ظهر في التلفزيون
وتكلَّمَ أُعدمَ مباشرةً!".
ثم يتطرَّق منتظري إلى ما تعرَّض له
شريعتمداري بعد موته، قائلاً: "أنا أيضاً اعترضتُ على اعتقال سماحة الشيخ
(يعسوب الدين) الرستكاري، الذي كان ذنبُه الوحيد إقامة مجلس العزاء والفاتحة على
روح المرحوم السيد شريعتمداري!... كان السيد شريعتمداري مرجعاً للتقليد ثم ارتحل،
وكان من المفروض على الإمام الخميني أن يُقِيم مجلساً تأبينياً! لقد ذَكَرتُ هذا
المطلب أيضاً للشيخ (محمد) الريشهري، الذي كان وزيراً للإستخبارات في ذلك الوقت
(محمد الريشهري هو الذي صفع شريعتمداري على وجهه أثناء التحقيق معه وهدَّده
باغتصاب عرضه أمام عينيه ما لم يقم بتلاوة اعترافات مفبركة أمام شاشة التلفزيون).
وفي يومٍ من الأيام جاء الشيخ الريشهري إلى البيت (بيت منتظري) وقال لي: لقد كنتُ
الآن في بيت السيد الكلبيكاني (من كبار المراجع الدينية الشيعية في إيران آنذاك)
وسأقول لكم ما قلتُه له. لقد قلتُ له إنَّ السيد شريعتمداري سيموت في الأيام
المقبلة فلا تعتنوا بخبر رحيله!".
ويُعقِّب منتظري على ذلك بالقول:
"في الحقيقة، لقد جاء الريشهري ليهدِّدني!! فقلت له: شئنا أم أبينا إنَّ
السيد شريعتمداري مرجعٌ للتقليد ويقلِّده الكثير من الأتراك (الأذريين)، فلو أني
كنتُ مكان الإمام الخميني لكنتُ أبَّنتُهُ وأقمتُ مجالس العزاء والفاتحة على روحه
حين وفاته في المسجد الأعظم. إنَّ هذا العمل يرضي الناس وسيمنع اعتراضَهم على
النظام ولن يكون هنالك مكانٌ حينها للقول بأنَّ العداء الشخصي بين الإمام
(الخميني) وبين السيد شريعتمداري هو الذي منع الإمام (الخميني) من أن يؤبِّن السيد
شريعتمداري. إنَّ تأبين السيد شريعتمداري هو أمرٌ عقلاني.. سألني الريشهري: هل
أنقل إلى المسؤولين ما دار بيننا من حديث؟! أجبتُه: قل لهم! فانتهت القضية وخرج
الريشهري من المجلس وثمَّ ارتحل السيد شريعتمداري. وفي الليل جيء بجنازة السيد
شريعتمداري إلى مدينة قم وطلب السيد رضا الصدر منهم أن يصلّي عليه (عملاً
بالوصيَّة) ولكنهم منعوه!!".
ثم يروي حسين علي منتظري ما جرى في
أعقاب ذلك: "بعد عدة أيامٍ ذهبتُ إلى جَمَران (لمقابلة الخميني). هناك رأيتُ
الشيخَ حسن الصانعي (من أعضاء مكتب الخميني ومن تلامذته) والسيدَ أحمد (الخميني)
يضحكان مما قلت، أي مقالتي للشيخ الريشهري، وكانا يقولان: [المنتظري يقول: على
الإمام (الخميني) أن يُقيم الفاتحة ويؤبِّن السيد شريعتمداري!!]. وكانا يستهزئان
بعمل التأبين!!".
ويتابع منتظري: "إستمرَّ الأمر
(أي الإستهزاء بما اقترحه) إلى أن آنَ وقتُ الجلسة مع الإمام الخميني، وكان ذلك في
ليلةٍ من الليالي حَضَرَ فيها جميعُ المسؤولين الكبار، أي الشيخ (هاشمي) رفسنجاني
والسيد (علي) خامنئي والسيد موسوي أردبيلي ورئيس الوزراء السيد مير حسين الموسوي
وأحمد الخميني. في الجلسة رأيت من المناسب أن أقول للإمام (الخميني) هذه الكلمة:
هل كانت هنالك مشكلة في أن يصلّي السيد (رضا) الصدر على جنازة السيد شريعتمداري
عملاً بالوصيَّة، وهل كان في صَلاته عليه خطرُ إنقلاب (على نظام الخميني)؟! أما
الآن، وبعد الحيلولة بين الوصي (أي رضا الصدر) وبين إقامة صلاة الميّت على الموصي
(أي شريعتمداري)، فلقد كتبَ السيد (رضا) الصدر وجيزةً محترمة ومؤدَّبة جداً (أي
كتيِّب في سجن ولاية الفقيه) لا يُهين فيها أحداً ويشرح فيها ما جرى للسيد
شريعتمداري وكيفية إعتقاله (أي إعتقال رضا الصدر). وستبقى هذه الوجيزة في التاريخ
وتسبِّب براءة الناس منكم وسوف يقولون بأنَّ السيد الخميني منع (رضا) الصدر من أن
يصلّي على جنازة رقيبه المرجع السيد شريعتمداري!!".
هنا استشاط الخميني غضباً، إذ يقول
منتظري: "حينما سمع الإمام مني هذه الكلمة غَضِبَ ونطقَ بحدَّة وبشدَّة
بكلامٍ مسيء بحق السيد شريعتمداري، فتعجَّبتُ منه كثيراً وأدركتُ جيداً كيف أنَّ
الحاشية أثَّرت على ذهنية الإمام (الخميني) بالنسبة إلى السيد شريعتمداري!! قلتُ
للإمام (الخميني): على كل حال، السيد شريعتمداري وصَّى السيد رضا الصدر بالصلاة
ولكنهم منعوه، وحتى آية الله الكلبيكاني أيضاً اعترضَ اعتراضاً شديداً على منع
تشييع جنازة هذا المرجع وعلى ما جرى لجنازته!!".
وهنا نسأل: ما هو الكلام المسيء الذي
نطق به الخميني بحق شريعتمداري؟! ذلك أنَّ حسين علي منتظري ذكر قبل قليل أنَّ
الخميني غضب ونطق بحدة وبشدة بكلامٍ مسيئ بحق شريعتمداري، بما يعني أنَّ الخميني
كان موافقاً على كل ما جرى مع شريعتمداري لا بل هو الذي أعطى الأوامر.. إلا أن منتظري لم يذكر في مذكراته (الصادرة عام
2000 كما أشرنا) ما هي الجملة المسيئة التي نطق بها الخميني هذا! إلا أنه سبق وأن
أباح بها لاحقاً للإمام رضا الصدر نفسه حينما إلتقى به ذات يوم في مطلع التسعينيات
على الأرجح، ذلك أنَّ صحيفة "شما-أنتم" الأسبوعية الطهرانية كتبت في 7
تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2002 أنَّ منتظري وخلال لقائه مع رضا الصدر ذكر له تلك
الجملة التي قالها الخميني لمنتظري حينما كان الأخير ينتقد مَنْعَهُ تنفيذ وصية
شريعتمداري بأن يصلي عليه رضا الصدر بعد وفاته، إذ استشاط الخميني غضباً، قائلاً:
"وهل كان شريعتمداري يؤمن بالصلاة؟!".
إنَّ ما قاله الخميني لهو أكبر دليل
على أنَّ كل ما جرى لشريعتمداري إنما كان بأوامر شخصية من الخميني نفسه، ذلك أنه
لم يبدر منه أيُّ استنكار لكل ما جرى لشريعتمداري بعد موته، لا بل على العكس، ها
هو يكفِّر شريعتمداري ويتَّهمه زوراً وبكل وقاحة وفجور بأنه لم يكن يؤمن بالصلاة،
وبالتالي فهو (أي شريعتمداري) يستحق كل ما فعله به!
إنَّ آية الله العظمى محمد رضا
كلبيكاني وجَّه رسالةً عنيفة إلى الخميني في اليوم التالي على وفاة شريعتمداري (أي
في 4 آذار/ مارس 1986) إتَّهمه فيها بالحقد والغِلّ وبأنَّ حسابه عند الله هو يومَ
القيامة، وقد جاء فيها: "إنَّ ما جرى بينكم وبين آية الله شريعتمداري -طاب
ثراه- حُكْمُهُ عند الله تعالى، وكذلك حسب الظاهر عند التاريخ. أتمنَّى أن تكونوا
مصداقاً للآية الكريمة "ونزعنا ما في صدورهم من غِلٍّ إخواناً على سُرُرٍ
متقابلين". والآن وبعدما نُشر خبر رحيل سماحته رأيتُ من الضروري أن أعبِّر عن
قلقي وتعزيتي من أمر تجهيزه الذي جرى من دون التشييع والإحترامات اللازمة ، والدفن
المخفي في المحل غير المناسب (يقصد قرب المراحيض)، وأعبِّر عن أسفي الشديد لذلك.
أنتظر منكم الآن أيضاً في الحد الممكن أن تتداركوا تلك الإهانات التي تعرَّض لها
سماحته والإهانات التي تعرَّضَت لها المرجعية، وأن تتداركوها شخصياً".
علينا أن نلاحظ كيف أنَّ الإمام رضا
الصدر غمز من قناة الخميني في مؤلَّفه "في سجن ولاية الفقيه" حينما راح
يعدِّد مزايا ومآثر شريعتمداري إلى أن قال حرفياً: "وأنقذَ الكثيرَ من
السجناء".. ذلك أنَّ شريعتمداري، وكما أشرنا مراراً في السابق، هو الذي أنقذ
حياة الخميني من حبل المشنقة عام 1963 حينما أرسل رسالةً إلى الشاه محمد رضا بهلوي
إدَّعى فيها بأنَّ الخميني هو مرجع ديني، في وقتٍ لم يكن الخميني هذا مرجعاً ولا
نيلة، وهذا ما جعل الشاه (ألف رحمة ونور عليه) يتراجع عن إعدام الخميني إلتزاماً
منه بدستور عام 1906 والذي كان يحظر إعدام المراجع الدينية..
إذاً، كان شريعتمداري في السابق صاحبَ
فضلٍ على الخميني إذ أنقذ حياته من الإعدام عام 1963، ثم أصبح شريعتمداري بعد
انتصار الثورة خصماً للخميني: خَصْمُهُ في الدين (كمعارضٍ لولاية الفقيه)، وخصمُهُ
في السياسة (كزعيمٍ لأكبر حزب سياسي في إيران وهو حزب خلق مسلمان).. وهنا وبعيداً
عن كل شيء، لا بد من أخذ الناحية النفسية والطباع الشخصية التي فُطِرَ عليها
الخميني بعين الإعتبار دائماً وباستمرار.. يقول الشيخ الدكتور موسى الموسوي، رحمة
الله عليه، وهو الشخص الذي أمضى 14 عاماً من عمره وهو يُسدي الخدمات الجليلة للخميني
طوال تواجد الأخير في منفاه في العراق (من عام 1964 وحتى عام 1978)، يقول في كتابه
"الثورة البائسة"، الذي ألَّفه بُعيد فراره من إيران عام 1983:
"إنَّ أحد أقرباء الخميني المتَّصلين به سألني يوماً: هل تذكر يومَ كنَّا في
بيتك مع الخميني وتغدَّينا على مائدتك؟ قلت: نعم، إنه كان عام 1955، وعندها كنتُ
مقيماً في طهران. فأضاف محدِّثي معلِّقاً: فإذا كان صحيحاً ما سمعناه عن أيام
إقامته (أي إقامة الخميني) في العراق من أنه كان يطلب منك العون في بعض الحالات،
فَكُنْ على حَذَرٍ منه، فإنه سيقتلك إذا ظَفَرَ بك، لأنَّ الخميني يحقد على شخصين
ويريد أن يزيحهما من الوجود إذا استطاع: شخصٌ أساءَ إليه وشخصٌ أحسنَ إليه، لأنهما
يذكِّرانه بأيام ضَعْفِهِ وهو لا يريد أن يذكر تلك الأيام حتى ولو كانت له. وقد
ثَبُتَ لي صحة كلام الرجل...".
ويتابع الدكتور موسى الموسوي تحليله
لشخصية الخميني، قائلاً: "أما حُبُّهُ للحياة وشهوتُهُ إلى الحكم وهو في أرذل
العمر وما ارتكب في سبيلهما من الآثام فإنه فريدٌ في التاريخ. لقد قلت لبني صدر
عندما إلتقيت به في باريس (بعد فرار الأخير من إيران) إنَّ سبب عداء الخميني لك هو
أنك أظهرتَ نفسَك بالشخصية التي يحبها الشعب أكثر من الخميني، فجهازُك نشر
إحصائيةً للرأي العام تؤكد أنَّ شعبيَّتك 53% وشعبية الخميني 47%. إنَّ هذا التحدي
كان إنتحاراً لك. ألم تكن تعرف الخميني! إنه يَفْني الدنيا في سبيل أنانيته
النابعة من جنون العظمة. وقلتُ له أيضاً: عندما قرأتُ في الصحف هذه الإحصائية
تنبَّأتُ بأنَّ أيامكَ في الرئاسة معدودة، وهذا ما حصل. أيَّدَ السيد بني صدر هذا
الرأي قائلاً إنَّ صهر الخميني –الشيخ الإشراقي – كان ينصحني دوماً بأن لا أَظهر
بمظهر الزعيم الذي يحبه الناس لأنَّ الخميني لا يتحمَّل أن يرى غيرَه زعيماً
يتعلَّق به الشعب".
في الحديث المقبل: بالأمس قال الأذري
صادق قطب زادة: الخليج فارسي.. واليوم يهتف الأذريون الإيرانيون في ملعبٍ لكرة
القدم: الخليج عربي.. الخليج عربي!
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية في 27 آب/ أغسطس 2012، العدد رقم 1558).
الحديث التالي:
- بالأمس قال الأذري صادق قطب زادة: الخليج فارسي.. واليوم يهتف الأذريون الإيرانيون في ملعبٍ لكرة القدم: الخليج عربي.. الخليج عربي!
الحديث السابق:
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من
على موقعها الإلكتروني التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق