يقول السيد رضا الصدر في مؤلَّفِهِ
الذي حمل عنوان "في سجن ولاية الفقيه": "رأيتُ أناساً قد جاؤوا
لتشييع الجثمان (جثمان شريعتمداري)، ولكن أُغلق عليهم باب المستشفى. الناس أوقفوا
سياراتهم في الشارع ووقفوا على الرصيف. كانت آثار الحزن والصمت بادية على وجوههم.
لماذا منعوا المشيِّعين من الدخول إلى المستشفى؟! هل أنَّ تشييع المؤمن السيد
الغريب حرامٌ في الإسلام؟!".
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع
كاملاً
كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا
(الكتاب قيد التأليف)
القسم الأول
تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي
(41)
الخميني منع تشييع جثمان شريعتمداري
ومنع رضا الصدر من الصلاة عليه
ومنع ذويه من البكاء بصوتٍ مرتفع!
حسين احمد صبرا
وهو على فراش الموت في مستشفى مهرداد
في طهران كَتَبَ آية الله العظمى محمد كاظم شريعتمداري في آذار/ مارس 1986
العبارات التالية باللغة العربية شاكياً حاله إلى الله، قائلاً:
"قد مَنَّ اللهُ عليَّ حيث جعلني
من أهل بيت العِلم والفقه فَتَرَبَّيْتُ في حجر الفقاهة من صاحب العِلم
والدراسة... ففوجئتُ ببليَّةٍ ما أعظمها من مصيبة، ما كانت تختلج ببال أحد، ألا
وهي بليَّة نشر أمواج التُهَم المؤلمة على أساس دعاوى مختلفة من أهلها فنشروها في
حقي مع الحكم عليَّ بالمنع من الدفاع، فهجموا على داري بشكلٍ فجيع ثمَّ حبسوني في
بيتي مع سلب جميع الإختيارات منِّي وتصرَّفوا بما كان لي من المتصرِّفات العامة
والخاصة وحكموا عليَّ بمنع الملاقات مطلقاً إلا بأشخاصٍ قليلين معدودين من
أقربائي. ومما يجب البكاء عليه بكاءَ الثكلى أنهم سألوا سؤالاتٍ وأجبروني على
الجواب عنها ونشروها في التلفزيون، ولكنهم مع ذلك أسقطوا نصفَ ما أجبروني على
الجواب عنها وحصل من ذلك كل التحريف والتغيير وكأنّي قلت: "لا إله إلا
الله" فنشروها بكلمة "لا إله" وأسقطوا كلمة "إلا الله"،
والعجب أنَّ القاضي (محمد الريشهري) اعترفَ بأنه أمر بذلك الإسقاط... ولقد
تزايدت الأمراض والآلام خلال هذه الفترة،
لكنهم منعوا عني المعالجة الطبية ومراجعة الأطباء، ولكنني صبرتُ وتحمَّلتُ الآلام
رضىً بقضاء الله وتسليماً لأمره، وأنه بعونِهِ جَلَّت عظمتُهُ، وكفاني وجودُهُ
سبحانه وتعالى".
التشييع ممنوع
يوم الخميس في 3 نيسان/ ابريل 1986
توفي آية الله العظمى شريعتمداري، فتوجَّه أحد أقرب المقرَّبين منه ألا وهو الإمام
رضا الصدر (شقيق الإمام موسى الصدر والسيدة رباب الصدر) إلى مستشفى مهرداد، حيث
يقول في مؤلَّفِهِ الذي حمل عنوان "في سجن ولاية الفقيه": "رأيتُ
أناساً قد جاؤوا لتشييع الجثمان، ولكن أُغلق عليهم باب المستشفى. الناس أوقفوا
سياراتهم في الشارع ووقفوا على الرصيف. كانت آثار الحزن والصمت بادية على وجوههم.
لماذا منعوا المشيِّعين من الدخول إلى المستشفى؟! هل أنَّ تشييع المؤمن السيد
الغريب حرامٌ في الإسلام؟!".
يتابع رضا الصدر: "إستطعتُ العبور
من الباب الأول، ولكنهم أغلقوا عليَّ الباب الثاني. وبسببِ آلامٍ في قدميَّ ما
استطعتُ الوقوف خلف الباب، فأتى أصحابي بكرسي فجلستُ عليه خلف الباب. جلوسي خلف
الباب، إضافةً إلى إلحاح الناس كانت مُضِرَّةً لسمعتهم، لذلك إضطروا أخيراً إلى
فتح الباب واستطعتُ الدخول.. لم تمضِ لحظات إلا وأخبروني أنهم يريدون إخراج
الجثمان بسيارة الإسعاف من الباب الخلفي للمستشفى ويضعون المشيِّعين أمام الأمر
الواقع. وبالفعل صار كما أرادوا، لماذا؟! هل تشييع الجنازة في الإسلام حرام؟!
خاصةً إذا كانت الجنازة جنازة العالِم السيد وسليل فاطمة الزهراء، سلام الله
عليها. يسلِّمون جنازة السجناء والمجرمين والمعدومين إلى ذويهم، ولكنَّ هذه الجنازة
كانت إستثنائية!".
يتابع رضا الصدر: "سيارة الإسعاف،
الحاملة للجنازة، تحرَّكت بسرعة مذهلة نحو قم المقدَّسة ونحن أيضاً تبعناها.
سيارتُنا كانت بطيئة لذلك تأخَّرنا عن سيارة الإسعاف ولم نعرف إلى أين أخذوا
الجنازة!!".
أداء الصدر للصلاة ممنوع
بعدها يقول الصدر: "عند منتصف
الليل وصلنا إلى قم المقدَّسة، وفي بداية دخولنا ذهبنا مباشرةً إلى بيت المرحوم
(شريعتمداري) وأُخبرنا هناك بأنهم نقلوا الجنازة إلى مغتسَل مقبرة جنَّة السيدة
المعصومة (فاطمة الزهراء) وأنه لا يحق للسيد رضا الصدر أن يصلّي على الجنازة.
السيد (جلال) الإمامي وإضافةً إلى أنه صهرٌ لذلك الرجل العظيم (شريعتمداري) كان
حقاً يُعَدُّ من أبنائه أيضاً. إقترح السيد الإمامي أن نتَّصل بالسيد (آية الله
العظمى) الكلبيكاني لكي يتوسَّط حتى يُعْمَل بالوصية. قلت: ليس صحيحاً لأنَّ
وساطته من الممكن أن تجلب له الأذى. على كل حال، ذهبنا مع الأقارب ومع أولئك الذين
أتوا معنا من طهران لتشييع جنازة المتوفَّى إلى مقبرة جنَّة السيدة المعصومة، سلام
الله عليها.. ودخلنا إلى المقبرة. حرسُ الثورة قطعوا علينا الطريق ومنعونا من
الدخول إلى المقبرة! لماذا؟! ماذا كان سيحدُث إن كان أفرادٌ قلائل ينتظرون الجنازة
خلف جدار المغتسَل في ظلام الليل؟!.. تفاوضْنا معهم قليلاً ولكن دون جدوى ولم
يسمحوا لنا بالدخول، وفي النهاية قالوا لنا: نحن نغسل الجثمان وسنأتي به إلى
المنزل. ونحن أيضاً اقتنعنا بكلامهم وذهبنا، ولكنهم لم يفعلوا ذلك. فهل يجوز الكذب
في الإسلام؟! هل يجوز هتك حرمة المسلم؟!".
يتابع الصدر: "غُسل جثمان
(شريعتمداري) واقتُرح على السيد (جلال) الإمامي أن يصلّي عليه، ولكنه لم يقبل
وقال: يجب أن يصلّي عليه السيد (رضا) الصدر بحسب الوصيّة. ولكنهم قالوا له: لا يحق
للسيد الصدر أن يصلّي عليه، فإن لم تُصَلِّ أنتَ عليه سنأتي بشخصٍ آخر لكي يصلّي
عليه صلاة الميت. وبعد اللتيّا واللتي صلَّى السيد الإمامي عليه".
هنا يعلِّق رضا الصدر بالقول:
"لقد سمعنا من ذي قبل بمصادرة الأموال، بيد أننا لم نسمع من ذي قبل بمصادرة
الصلاة!! ولم نسمع بمصادرة الوصية، ولكن رأينا ذلك بأمِّ أعيننا!! ففي الإسلام
الأصيل المحمَّدي يجب في صلاة الميت إذنُ وليِّ الميت، هذا إن لم يُوصِ الميتُ بأن
يصلّي عليه شخصٌ معيَّن، ولكن في حال وجود الوصيَّة لشخصٍ معيَّن فيجب العمل
بها".
التأبين ممنوع
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، لابل أنَّ
الخميني منع تأبين شريعتمداري، وبمعنى أوضح مَنَعَ إقامة مجلس عزاء عن روحه (مجلس
العزاء هو عادة مجوسية تسمى "برسه"، وقد أدخلها الفرس إلى المذهب الشيعي
الإثني عشري وأصبحت تقليداً سائداً)، إذ يقول رضا الصدر: "صباح يوم الجمعة
ذهبتُ إلى أصحاب العزاء للمشاركة في المصيبة، ولكنَّ باب بيتهم كان مغلقاً،
لماذا؟! طرقتُ البابَ ولكن لم يُجبني أحد.. إستمرَّيتُ في قرع الباب حتى فُتح لي
ودخلتُ البيت.. قلت: أَخبروا أحداً لقراءة التعزية. قالوا: لقد منعونا من ذلك ولقد
أصدروا أمراً بعدم رفع أصوات البكاء من البيت!! هل يُحَرَّم البكاء والنحيب
والنياحة في الإسلام المحمَّدي على المكروبين؟! هل بكاء المفجوعين وندبة النادبين
كان يَضُرُّ النظام (نظام الخميني)؟! لعلَّ ذلك كان ينفع النظام، لأنَّ المنع من
البكاء يولِّد العقدة، وانفجار العقدة أمرٌ خطير".
في الحديث المقبل: الخميني اعتقل رضا
الصدر لأنه أدَّى واجب العزاء في منزل شريعتمداري.. واعتقل الرستكاري لأنه أقام
مجلس عزاء عن روحه!
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية في 6 آب/ أغسطس 2012، العدد رقم 1555).
الحديث التالي:
- الخميني اعتقل رضا الصدر لأنه أدَّى واجب العزاء في منزل شريعتمداري.. واعتقل الرستكاري لأنه أقام مجلس عزاء عن روحه!
الحديث السابق:
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من
على موقعها الإلكتروني التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق