2016/04/15

كتاب "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"/ 33/ تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (33)/ خامنئي أجبر محمد علي أبطحي على أن يعمل عجين الفلّاحة على شاشة التلفزيون الإيراني!



مسكين محمد علي أبطحي، فلقد كان يتكلَّم بلغة "لا أكذب ولكنّي أتألَّم"، على غرار عنوان قصة إحسان عبد القدوس "لا أكذب ولكنّي أتجمَّل"!...



إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا

(الكتاب قيد التأليف)



القسم الأول


تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (33)
خامنئي أجبر محمد علي أبطحي على أن يعمل
عجين الفلّاحة على شاشة التلفزيون الإيراني!



حسين احمد صبرا
لم يكن التزوير الفاضح الذي شاب الإنتخابات الرئاسية الإيرانية في 12 حزيران/ يونيو عام 2009 هو الأول من نوعه في إيران الخميني، وإنما بدأ هذا التزوير باكراً في انتخابات أول مجلس نيابي عرفته إيران ما بعد الثورة في أيار/ مايو 1980 وأدَّى إلى فوز حزب الخميني (الحزب الجمهوري الإسلامي) فوزاً كاسحاً نَجَمَ عنه استبعاد معظم القوى الوطنية التي كانت تتمتَّع بتأييدٍ واسع في الشارع الإيراني.. إنَّ بعض المتابعين عن قرب للتزوير الفاضح الذي شاب تلك الإنتخابات لاحظوا كيف أنَّ الخميـني قال عشيَّتها: "سأقطع يد كل مَنْ يزوِّر الإنتخابات"، ثم إذ به يظهر على شاشة التلفزيون الإيراني صبيحة الإعلان عن النتائج ليقول إنَّ تلك الإنتخابات هي صحيحة وغير مزوَّرة واصفاً إياها بأنها "عصارة الفضيلة الإنسانية"!
أما علي خامنئي، الذي قمع بالحديد والنار إنتفاضة الشعوب الإيرانية الخضراء التي اندلعت ما بعد 12/6 / 2009  احتجاجاً على قيامه بتزوير الإنتخابات الرئاسية، مهدِّداً بقتل مليون إيراني في سبيل الحفاظ على عرشه حينما قال: "لو أنَّ الشاه (محمد رضا بهلوي) قتل مليوناً من المتظاهرين (عام 1979) لما نجحت الثورة".. فإنَّ علي خامنئي هذا هو نفسه قد جاء في عملية تزوير كبرى إلى رئاسة الجمهورية في أواخر عام 1981 بعد مقتل ثاني رئيس للجمهورية بعد الثورة محمد علي رجائي في 29/ 8/ 1981.. فبعدما أطاح الخميني بأبو الحسن بني صدر من رئاسة الجمهورية في 10/ 6/ 1981 وأهدر دمه، وما رافق ذلك من مجازر جماعية ارتكبها الخميني ضد قياديي وأعضاء وأنصار وجمهور منظمة مجاهدي خلق وذهب ضحيتها الآلاف المؤلَّفة إعداماً وقتلاً وسحلاً في الشوارع، وفي ظل الحرب المدمرة التي أشعلها الخميني مع العراق وخيَّبت آمال وطموحات الشعوب الإيرانية في بناء مستقبلٍ رغيدٍ وآمن، فإنَّ الإيرانيين قد عزفوا عن الإقبال على صناديق الإقتراع لإنتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية في أواخر عام 1981 رغم أنَّ الأرقام الرسمية قد ادَّعت بأنَّ عدد المقترعين بلغ أكثر من 16 مليوناً من أصل 17 مليون إيراني يحق لهم الإقتراع ، أي ما نسبته أكثر من 94%، وهو رقمٌ خرافي ما يزال علي خامنئي يروِّج له عبر موقعه الإلكتروني الرسمي إلى الآن.. في حين أنَّ الشيخ الدكتور موسى الموسوي، رحمة الله عليه، وهو رجل دين مستنير وسياسي وأستاذ جامعي إيراني تعود أصوله إلى العراق وكان على صلة وثيقة بالخميني منذ أن كان الأخير لاجئاً في العراق وأدى له الموسوي خدماتٍ جليلة لدى السلطات العراقية وكان بعد الثورة واحداً من المرشحين لرئاسة الجمهورية في أول انتخابات رئاسية في كانون الثاني/ يناير 1980 كما كان مقرَّباً من أبو الحسن بني صدر إلى أن فرَّ من إيران في أواخر عام 1981 لمعارضته سلطة رجال الدين وولاية الفقيه ولجأ إلى الولايات المتحدة الأميركية.. إذاً، الدكتور موسى الموسوي يقول في كتابه "ثورة الخميني – الثورة البائسة"، والذي طبعه في لوس أنجلوس عام 1983، إنَّ الإقبال على الإنتخابات كان ضئيلاً ولم يتجاوز عدد المقترعين المليوني شخص، فحضر أحمد الخميني (إبن الخميني) إلى وزير الداخلية الشيخ محمد رضا مهدوي كنّي (رئيس مجلس الخبراء حالياً) قائلاً له: "لو أنَّ أبي عَرَفَ أنَّ الشعب أحجمَ عن الإشتراك في إنتخابات الرئاسة بهذه الصورة السلبية فإنه سيموت غداً، فافعلوا شيئاً لإنقاذ حياة أبي وسمعة الجمهورية الإسلامية معاً".. وهكذا تمَّت إضافة 14 مليون صوت خلال ساعات!
خامنئي هذا فَعَلَ الفعلَ نفسَه عام 2009 فأضاف 24,5 مليون صوت ليفوز أحمدي نجاد بولايةٍ ثانية متفوِّقاً على مير حسين موسوي بـ 11 مليون صوت ولِيَسْقط بالتالي مرشَّحو المعارضة سقوطاً مدوياً وقد بدوا وكأنَّ أنصارهم ومحازبيهم لم يصوِّتوا لهم كما حدث على سبيل المثال مع الشيخ مهدي كرّوبي، مؤسِّس حزب الثقة الوطنية (اعتماد ملّي) وأمينه العام، حيث أنَّ حزبَه يضُمُّ أكثر من مليوني عضو، إلا أنه ووفق النتائج المزوَّرة لم يحصل سوى على 290 ألف صوت!! (المرشَّح المعارض الثالث والقائد الأسبق للحرس الثوري محسن رضائي لم يحصل سوى على 588 ألف صوت)..
هذا التزوير الفاضح أدى إلى اندلاع ما عُرف بإسم الإنتفاضة الخضراء التي قام بها شباب التيار الإصلاحي وقام علي خامنئي بقمعهم والتنكيل بهم وسجن الآلاف منهم، كما طال قمعُه وتنكيلُه وسجنُه كلَّ القادة الإصلاحيين.. لماذا؟ لأنَّ هذه الإنتفاضة قد مسَّت بالعِزَّة الإلهية وأَشْرَكَ المنتفضون بالله! لقد انبرى أحمد خاتمي، خطيب الجمعة في طهران وعضو هيئة الرئاسة في مجلس الخبراء وهو أحد أتباع خامنئي، إنبرى يخطب في مسجد طهران أثناء اندلاع الإنتفاضة الخضراء قائلاً: "إنَّ الولي الفقيه (أي خامنئي) هو نائب إمام الزمان (أي المهدي المنتظر)، وإنَّ مخالفة الولي الفقيه (خامنئي) تعني مخالفة الإمام (المهدي المنتظر)، ومخالفة الإمام (المهدي المنتظر) تعني الإشراك بالله"!! (كان قد سبق للزعيم المعارض هاشمي رفسنجاني أن ظهر على شاشة القناة الثانية في التلفزيون الإيراني عشية تلك الإنتخابات ليصرِّح قائلاً إنَّ من حق الإيرانيين أن يعرفوا حقيقةَ أنَّ المهدي المنتظر، الإمام الثاني عشر عند الشيعة، هو مجرَّ خرافات لا أساس لها من الصحة وستُثبت الأيام أنها مجرَّد أوهام صدَّقها الإيرانيون، داعياً مَنْ يروِّج لهذه الخرافات الجلوس مع العلماء الصحاح ومراجعة أفكاره ومصوغاتها ومن ثَمَّ مخاطبة الشعوب الإيرانية)..
على أنَّ ميزة علي خامنئي تكمن في أنه راح يفاخر بأنه لا يعدم المعارضين لنظامه كما كان يفعل الخميني وإنما هو يكتفي بسجنهم! لقد كشفت وسائل إعلامية إيرانية إصلاحية في أواخر عام 2011 عن حوارٍ دار بين علي خامنئي وبين المرجع الديني الشهير عبد الكريم موسوي أردبيلي، الذي جاءه معترضاً على القمع العنيف الذي يقوم به ضد المعترضين على نتائج إنتخابات 2009، فأجابه خامنئي قائلاً: ""في فترة حكم الإمام (أي الخميني) كنتَ تَشْغَل منصب رئيس السلطة القضائية، وفي تلك الحقبة تم إعدام معارضي النظام طبقاً لأوامر قائد الثورة الراحل وأنا كنت رئيساً للجمهورية.. واليوم أنا لم أطلب إعدام المعارضين بل يتم سجنُهم فقط، والآن أنت تحتج على هذا؟!".. (سبق لخامنئي أن قال الكلام نفسه للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي).
عظيم.. الولي الفقيه الحالي (علي خامنئي) يكتفي بسجن معارضيه، بينما الولي الفقيه السابق لم يكن يكتفي حتى بالإعدام! لقد سبق للخميني أن أمر بسحب دم السجناء السياسيين قبل إعدامهم بغية استخدام هذا الدم في معالجة جرحى حربه المجوسية ضد العراق.. وما أن حطَّت هذه الحرب العبثية رحالها في صيف 1988 حتى أصدر الخميني فتواه الشهيرة بإعدام كل السجناء السياسيين بدون محاكمة، فتمَّ في شهر رمضان من ذلك الصيف إعدام أكثر من 4500 سجين سياسي دفعةً واحدة، وهذا ما أدى إلى ثورة الراحل الكبير آية الله حسين علي منتظري على الخميني متَّهماً إياه بارتكاب جرائم لم يرتكبها الشاه نفسه، قائلاً في الرسالة التي وجَّهها إلى الخميني: "لقد وقعت أحداثٌ في السجون إذا ثبتت صحة ولو واحدٍ منها فهي كارثة... سوف تَبْيَضُّ وجوهُ العديد من الحكومات الديكتاتورية بما فيها نظام الشاه الغاشم".. الأمر الذي دفع بالخميني إلى عزله عن خلافته ووضْعِهِ في الإقامة الجبرية ومن ثمَّ راح ينكِّل به إلى حد انتهاك حرمة بيته وإحراق كتبه والدوس على عمامته!
إذاً، علي خامنئي يكتفي بالسجن، رغم أنَّ منظمات حقوق الإنسان الدولية تتَّهم نظام خامنئي هذا بإعدام ما معدَّله عشرة أشخاص يومياً أي ما مجموعه 3650 شخصاً في العام الواحد، ما يضع إيران في المرتبة الثانية عالمياً بعد الصين في الإعدامات.. نعود لنكرِّر بأنَّ علي خامنئي يكتفي بسجن معارضيه، ولكن كيف؟!
إنَّ علي خامنئي، الذي بنى مجده السياسي على أنه كان معتقلاً في سجون الشاه وعلى أنه تعرَّض داخل هذه السجون للتعذيب على أيدي سجّانيه، إنما هو يفعل الفعلَ نفسَه بعدما حلَّ في غفلةٍ من الزمن مكان الشاه، مع فارق أنَّ عرش الشاه كان عرشاً دنيوياً بينما عرش خامنئي (الذي أورثه إياه الخميني) هو عرشٌ إلهي كما رأينا قبل قليل!
أنظروا كيف يعامِل صاحب العرش الإلهي المسجونين من معارضيه: لقد وجَّه المرشَّح المعارض مهدي كروبي رسالةً في 29 تموز/ يوليو 2009 إلى هاشمي رفسنجاني بصفته رئيس تشخيص مصلحة النظام ورئيس مجلس الخبراء قال فيها بالحرف: "إنَّ بعض الموقوفين يؤكدون أنَّ عدداً من الشابات (المعتقَلات) تعرَّضْنَ لعمليات إغتصابٍ وحشية.. وأنَّ عدداً من الشبّان تعرَّض للإغتصاب أيضاً، وهم يعانون مذَّاك من إنهيارٍ عصبي واضطراباتٍ نفسية وجسدية حادة"..
لم يكتفِ نظام الخميني بنفي عمليات الإغتصاب للفتيات والشبّان داخل السجون، بل إنَّ أحمد خاتمي، الذي رأينا قبل قليل كيف وضع علي خامنئي في مرتبة الآلهة، دعا إلى جَلْد مهدي كروبي حينما صرَّح قائلاً: "حسب التعاليم الدينية إذا اتَّهم شخصٌ شخصاً آخرَ بجريمة جنسية ولم يستطع إثبات ذلك فيجب معاقبته بثمانين جلدة"!.. وقد جاء الرد من مهدي كروبي بأن نشر على موقعه الإلكتروني شهادات الفتيات والشبان الذين تعرَّضوا للإغتصاب، كما نُشرت شهادات بعض أُسَر الضحايا ومن بينها أسرة الفتاة الضحية ترانة موسوي، التي اعتُقلت خلال التظاهرات وأعيدت إلى ذويها بعد أسبوعين جثةً مشوَّهة وقد أفادت والدتها بأنَّ ابنتها تعرَّضت لإغتصابٍ وحشي عدة مرات، كما أفادت والدة الشاب سهراب إعرابي (19 عاماً) بأنَّ إبنها تعرَّض للإغتصاب قبل أن يُقتل في السجن...
وإلى جانب عمليات الإغتصاب في سجون نظام الخميني هناك عمليات التعذيب.. تُرى، ما الذي جعل سعيد حجاريان، مستشار الرئيس محمد خاتمي والملقَّب بـ "عقل الإصلاحات"،  يتنكَّر لأفكاره التي تبنَّاها طوال عشر سنوات قائلاً على شاشة التلفزيون الإيراني بأنَّ أفكاره الإصلاحية قد أدَّت إلى انحراف "جبهة المشاركة لإيران الإسلامية" (الجبهة التي تضم الإصلاحيين) في أدائها وخاصةً خلال الإنتخابات الأخيرة، معلناً استقالته منها ومديناً أداءَ شخصِه في تلك الإنتخابات؟! وما الذي دفع مسعود بستاني (رئيس تحرير موقع "الجمهورية" الإلكتروني الذي يديره إبن هاشمي رفسنجاني، مهدي) إلى أن يُقِرَّ بالتجسس لحساب الخارج والإرتباط بشبكاتٍ إعلامية معادية للنظام؟!
إنه التعذيب الوحشي، الذي يدفع بالسجين السياسي إلى أن يستجيب طواعيةً لطلب سجَّانيه منه بأن يعمل "عجين الفلّاحة"، تماماً كما حصل مع أحد أبرز أركان الإصلاحيين محمد علي أبطحي، وهو الذي كان نائباً لرئيس الجمهورية محمد خاتمي للشؤون القانونية والبرلمانية ولاحقاً أحد كبار مستشاري المرشَّح الرئاسي الإصلاحي مهدي كروبي.. لقد ظهر محمد علي أيطحي على شاشة التلفزيون الإيراني وراح يعمل عجين الفلّاحة..  "اعترف" أبطحي بتآمر الرئيس السابق محمد خاتمي ومير حسين موسوي وهاشمي رفسنجاني على الولي الفقيه علي خامنئي.. وقال: "أؤكِّد لكل أصدقائي ولكل الأصدقاء الذين يسمعوننا بأنَّ موضوع التزوير في الإنتخابات الإيرانية كان كذبة تمَّ اختلاقها من أجل إثارة أعمال الشغب كي تصبح إيران مثل أفغانستان والعراق وتقاسي الأمرَّين، ولو حصل ذلك لتبخَّر إسم الثورة ولما بقي لها من أثر".. و"ادَّعى" أبطحي بأنَّ موسوي أصيب بالوهم عندما اعتبر نتائج الإنتخابات مزوَّرة رغم وجود 11 مليون صوت بينه وبين المرشَّح الفائز محمود أحمدي نجاد.. وأنَّ رفسنجاني سعى إلى الإنتقام لهزيمته أمام أحمدي نجاد في الإنتخابات الرئاسية التي جرت عام 2005..
مسكين محمد علي أبطحي، فلقد كان يتكلَّم بلغة "لا أكذب ولكنّي أتألَّم"، على غرار عنوان قصة إحسان عبد القدوس "لا أكذب ولكنّي أتجمَّل"!
في الحديث المقبل: محمد علي أبطحي وضع وثيقة سرية لتهجير العرب من الأحواز .. فاندلعت إنتفاضة شعبية عام 2005 شارك حزبُ الله في قمعها!

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 30 نيسان/ ابريل 2012، العدد 1541).

الحديث التالي:
الحديث السابق:


***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:

www.alshiraa.comx

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق