يقول الناشط السياسي العربي الأحوازي
عادل السويدي: "في تسعينيات القرن العشرين أكَّد لي المتحدث باسم جماعة مجاهدي
خلق أنهم يعترفون بحقوق حكمٍ ذاتي للأكراد فقط باعتبار أنهم من الجنس الآري مثل
الإيرانيين. وقد حاول العراقيون عام 1986 أن يوفِّقوا بين العرب الأحواز وجماعة مجاهدي
خلق, إلا أن زعيمهم مسعود رجوي استهزأ بالقضية العربية الأحوازية، مما دفع قائدنا
إلى محاولة قتله, لولا تدخل البعثيين. ومنذ ذلك الحين لم توجد اتصالات".
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع
كاملاً
كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا
(الكتاب قيد التأليف)
القسم الأول
تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (32)
مسعود رجوي يستهزىء بقضية عرب الأحواز
ولا يؤيد الحكم الذاتي إلا للأكراد
لأنهم مثل الفرس من العرق الآري!
حسين احمد صبرا
منظمة مجاهدي خلق هي المنظمة التي
اعتمدت العمل المسلَّح ضد شاه إيران محمد رضا بهلوي منذ العام 1966 (أي بعد عامين
من تأسيسها)، وهي المنظمة التي خرجت من عباءة كلٍّ من حزب تودة الشيوعي والجبهة
الوطنية التي أسسها في أواخر أربعينيات القرن العشرين الراحل الكبير الدكتور محمد
مصدّق، وجاءت أفكارها مزيجاً من الماركسية والإسلام.. وقد انضمَّ إليها مسعود رجوي
عام 1967 وهو في التاسعة عشرة من عمره، وما لبث أن أصبح عضواً في اللجنة المركزية
ليصبح أصغر القيادات سنّاً.. وفي أيلول/ سبتمبر من عام 1971 تمكَّن الشاه من
اعتقال جميع قياديي هذه المنظمة ليقوم بإعدامهم جميعاً باستثناء مسعود رجوي، الذي
تمَّ تخفيض الحكم الصادر بحقه إلى السجن المؤبَّد بعدما تدخَّل شقيقه البروفسور
كاظم رجوي (أستاذ القانون الدولي)،الذي قام بتأليب منظمات حقوق الإنسان والعديد من
القوى السياسية الغربية ضد أحكام الإعدام تلك، وقد كان فرنسوا ميتران (الرئيس
الفرنسي الأسبق) من أبرز الشخصيات الغربية التي تدخَّلت لدى الشاه في هذا الأمر
(وكان ميتران حينها يتزعَّم الحزب الإشتراكي الفرنسي)، ما اضطرَّ الشاه إلى أن
يستثني مسعود رجوي من الإعدام (عام 1986 أصدر الخميني فتوى بقتل البروفسور كاظم
رجوي بعدما نجح الأخير في ذلك العام في أن تقوم لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم
المتحدة والجمعية العمومية في الأمم المتحدة بإصدار أول قرار يدين انتهاك نظام
الخميني لحقوق الإنسان، وقد نجح نظام الخميني بقتله في جنيف في 24/ 4/ 1990)..
بعد أسبوعٍ واحد من فرار الشاه إلى
الخارج تمَّ إطلاق سراح مسعود رجوي في 20 كانون الثاني/ يناير 1979 ليكون آخر سجين
سياسي يتم الإفراج عنه، وقد راح منذ ذلك الحين يشكِّل رقماً صعباً في المعادلة
الداخلية الإيرانية ومنافساً أكبرَ للخميني على الزعامة، الأمر الذي أدى بالخميني
إلى استشعار الخطر الجدي الذي أضحت تشكله منظمة مجاهدي خلق بزعامة رجوي على مشروعه
الساعي إلى الهيمنة المطلقة على إيران ما بعد الشاه.. فبعد عشرة أيام على انتصار
الثورة في شباط/ فبراير 1979 قامت منظمة مجاهدي خلق (بالإشتراك مع قوى يسارية أخرى
وفي طليعتها المنظمة اليسارية الماركسية فدائيو خلق) باحتلال السفارة الأميركية في
طهران، ما أدى إلى اعتراض الخميني بشدة على هذا الإحتلال وأوفد نائب رئيس الوزراء
للشؤون الثورية وأحد المقرَّبين منه عندما كان في باريس إبراهيم يزدي، الذي قاد
اللجان الثورية (الحرس الثوري لاحقاً) لفك الحصار عن السفارة وإنقاذ حياة السفير
الأميركي (في 4/11/ 1979 تمَّ احتلال السفارة الأميركية في طهران للمرة الثانية
ولكن هذه المرة من قبل طلاب تابعين للخميني، وغدا الخميني بعدها يقول للمقرَّبين
منه: "إحتلال السفارة أكبر من الثورة" (أي أهم من الثورة)!!
منذ الأيام الأولى التي أعقبت انتصار
الثورة راح مسعود رجوي ينادي بالحرية والديمقراطية، ولكن وبعدما اتَّضح للجميع
بأنَّ الخميني سائر إلى إقامة نظام يحكمه رجال الدين وخاصة بعدما فرض استفتاءً
شعبياً على إقامة جمهورية إسلامية في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1979، فإنَّ مسعود
رجوي كان واحداً من الذين عارضوا إقامة دكتاتورية بإسم الدين وألقى سلسلة محاضرات
في جامعة "شريف" التكنولوجية في طهران لاقت إقبالاً حاشداً من طلبة
الجامعات وسُجِّلت على شرائط فيديو بِيْعَ منها مئات الآلاف من النسخ..
في كانون الثاني/ يناير 1980 ترشَّح
مسعود رجوي لإنتخابات رئاسة الجمهورية والتي كانت أول انتخابات رئاسية تُجرى بعد
انتصار الثورة.. وللعِلم فإنَّ مسعود رجوي كان الأوفر حظاً في الفوز في هذه الإنتخابات
نظراً لما كان يحظى به من شعبية واسعة ضمن الأقليات القومية والدينية وهي التي
تشكِّل نصف الشعوب الإيرانية على الأقل، مع الإشارة إلى أنَّ الجريدة الناطقة بإسم
مجاهدي خلق كان يُباع منها في تلك الفترة أكثر من نصف مليون نسخة، وهو عددٌ ضخم
فاق ما كانت تبيعه معظم الصحف الرسمية.. وأمام هذه الشعبية الكاسحة التي كان
يتمتَّع بها مسعود رجوي قام الخميني بإصدار فتوى منع بموجبها رجوي من الترشُّح
للإنتخابات الرئاسية بحجة عدم تصويته لصالح "ولاية الفقيه" والدستور
القائم عليها، وحينها انسحب رجوي من سباق الإنتخابات تجنباً للمواجهة مع الخميني
والزمرة التي أحاط نفسه بها.. وبعد عدة أشهر (أيار/ مايو) عمد الخميني إلى عملية
تزوير فاضحة في الإنتخابات النيابية التي أعقبت الإنتخابات الرئاسية أدَّت إلى
إسقاط جميع مرشَّحي مجاهدي خلق والبالغ عددهم 35 مرشَّحاً.. وبرغم عمليات التزوير
التي حدثت إلا أنَّ النتائج قد بيَّنت أن مرشَّحي مجاهدي خلق قد جاؤوا في المرتبة
الثانية بعد مرشَّحي الخميني، إلى درجة أنَّ مسعود رجوي قد نال في طهران أكثر من
530 ألف صوت حسب أرقام وزارة الداخلية نفسها رغم ما شاب العملية من تزوير، وهذا ما
يُظهر مدى المنافسة الحقيقية التي كانت تشكلها هذه المنظمة للخميني ونظامه ومدى
الخوف الذي كان يعتري الخميني منها، دون أن ننسى الإشارة إلى خطوة أخرى قام بها
الخميني لتضييق الخناق على مجاهدي خلق وغيرها من الجماعات السياسية وتمثَّلت
بإغلاق باب الجامعات الإيرانية لمدة عامين منذ نيسان/ إبريل 1980 بحجة إحداث
"ثورة ثقافية" فيها!
ولكن، وعلى الرغم من كل عمليات التزوير
التي انتهجها الخميني لإبعاد مجاهدي خلق عن السلطة، إلا أنَّ مسعود رجوي استمرَّ
في نشاطه السياسي منتهجاً الطرق السلمية والأسلوب الديمقراطي واستطاع في 12
حزيران/ يونيو 1980 أن يحشد 200 ألف من أعضاء ومناصري مجاهدي خلق داخل وخارج ملعب
"أمجدية" في طهران خاطباً فيهم، وهذا ما حدى بالخميني لأن يطلب من قوات
الحرس الثوري اقتحام المكان ومحاولة تفريق المحتشدين بالرصاص والهراوات والغاز
المسيل للدموع..
استمرَّ مسعود رجوي ومجاهدو خلق في
العمل السياسي السلمي حاصدين شعبيةً واسعة داخل إيران، إلى أن استطاع مسعود رجوي
في 20 حزيران/ يونيو عام 1981 أن يسيِّر في شوارع طهران مظاهرةً ضخمة ضمَّت أكثر
من نصف مليون متظاهر طالبوا بالحرية والديمقراطية وإبعاد رجال الدين عن السلطة،
فأمر الخميني الحرس الثوري بإحداث حمَّام دم في شوارع طهران، وهكذا تمَّ إطلاق
الرصاص الحي على المتظاهرين ليسقط منهم مئات القتلى وآلاف الجرحى ناهيك عن حركة
الإعتقالات الواسعة والإعدامات التي طالت قياديي ونشطاء مجاهدي خلق، ليعلن الخميني
بعد خمسة أيام (في 25حزيران/ يونيو) تكفيره لهذه المنظمة قائلاً: "إنَّ
المجاهدين (أي مجاهدي خلق) أسوأ من الكُفَّار"!!
اختبأ مسعود رجوي داخل إيران وقام
بتأسيس "المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية" لإعتماد الصراع المسلَّح مع
الخميني ونظامه بعدما أدرك عدم جدوى المواجهة بالأساليب السلمية، إلى أن استطاع
الفرار إلى فرنسا في 29 تموز/ يوليو 1981 حيث لقي في العالم الغربي تأييداً واسعاً
قلَّ نظيره.. ومكث هناك إلى أن عقد الخميني صفقة مع فرنسا في ربيع العام 1986 حول
إطلاق رهائن فرنسيين كان احتجزهم أتباع الفرس في لبنان (حزب الله)، وكان من ضمن
شروط الإفراج عن هؤلاء الرهائن ترحيل مسعود رجوي من فرنسا.. وهذا ما اضطرَّ رجوي
إلى الإنتقال إلى العراق حيث أسَّس "جيش التحرير الوطني الإيراني" عام
1987 وحارب في صفوف الجيش العراقي على الجبهة مع إيران إلى أن وضعت الحرب
أوزارها..
حالياً لا توجد أي أخبار تؤكِّد أن
مسعود رجوي ما يزال على قيد الحياة من عدمه، إلا أنَّ قيامه بتسليم مهام قيادة
المنظَّمة إلى زوجه مريم رجوي منذ العام 2003 حيث تمَّ انتخابها رئيسةً لجمهورية
إيران المقبلة إنما يدل على إصابته بمرضٍ عضال بات يحول دون ممارسته لأي نشاط..
أما في ما يعنينا نحن العرب، فإنَّ
المشروع الوطني للمقاومة الإيرانية والذي أقرَّته منظمة مجاهدي خلق في تشرين
الأول/ أكتوبر عام 1983 قد تضمَّن جانباً خاصاً بالحكم الذاتي لأكراد كردستان
إيران، دون أن يتطرَّق مطلقاً ولا حتى إلى مجرَّد حكمٍ ذاتي لعرب الأحواز!! فهذا
المشروع الذي تضمَّن 12 مادة نصَّت على تقوية وتعزيز السلطة الشعبية والسيادة
الوطنية ووحدة الأراضي والصف الوطني في إيران، إنما ركَّز بشدة على "النضال
العادل لشعب كردستان الإيرانية من أجل إرساء دعائم الديمقراطية في إيران والحكم
الذاتي لكردستان وإزالة الظلم والإضطهاد المضاعَف من على كاهل القومية الكردية
المضطهَدة"!!!
في 26/ 7/ 2010 سأل يحيى غانم (الصحافي في جريدة "الأهرام"
المصرية) مسؤولَ العلاقات الخارجية في جماعة "مجاهدي خلق" محمد محدثين حول
موقف مجاهدي خلق (في حال تولَّت السلطة في إيران) من قضية الأحواز العربية ومطالبة
العرب الأحوازيين بالإستقلال عن إيران، فكان جوابه: "نحن نهدف الى إقامة
نظام ديمقراطي يتساوى فيه جميع المواطنين في الحقوق والواجبات"!!! (أي أنه
يعتبر الأحوازَ جزءاً لا يتجزَّأ من إيران!).. ولما سأله عما إذا كانت مجاهدي خلق
ستُعيد الجزرَ العربية الثلاث إلى الإمارات، قال: "نحن مستعدون في هذه
الحالة للدخول في مفاوضات"!!
أما الناشط السياسي العربي الأحوازي
عادل السويدي فيقول: "في تسعينيات القرن العشرين أكَّد لي المتحدث باسم جماعة
مجاهدي خلق أنهم يعترفون بحقوق حكمٍ ذاتي للأكراد فقط باعتبار أنهم من الجنس الآري
مثل الإيرانيين. وقد حاول العراقيون عام 1986 أن يوفِّقوا بين العرب الأحواز
وجماعة مجاهدي خلق, إلا أن زعيمهم مسعود رجوي استهزأ بالقضية العربية الأحوازية،
مما دفع قائدنا إلى محاولة قتله, لولا تدخل البعثيين. ومنذ ذلك الحين لم توجد اتصالات".
ومع استنكارنا لمحاولة القتل التي
تحدَّث عنها عادل السويدي إلا أنَّ علينا نحن العرب عدم الرهان على مجاهدي خلق (في
حال نجحوا في استلام السلطة في إيران) في منح الأحواز استقلالها أو حتى منحها
مجرَّد حكمٍ ذاتي، إذ يبدو جلياً جداً مدى التعصُّب الفارسي المتجذِّر عند هؤلاء
إلى درجة تجعلهم يتعاطفون مع الأكراد دون غيرهم فقط لمجرَّد أنهم مثلهم من العرق
الآري!!
في الحديث المقبل سنتحدَّث عن المعارض
الإيراني الشهير محمد علي أبطحي ونواياه الإستعمارية في الأحواز.
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية في 23 نيسان/ إبريل 2012، العدد 1540).
الحديث التالي:
الحديث السابق:
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من
على موقعها الإلكتروني التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق