2016/04/15

كتاب "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"/ 26/ تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (26)/ الخميني سَجَنَ عباس أمير انتظام 32 عاماً لأنه كان يخاطب الأميركيين بعبارة "يا عزيزي"!



لم تجد هيئة المحكمة المكلَّفة من قبل الخميني مباشرةً بإدانة عباس أمير انتظام سوى أن تُصدر قراراً تقول فيه لإنتظام ما يلي: أنتَ كنتَ تخاطب الأميركيين بعبارة "يا عزيزي".. إذاً إعدام!!

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا

(الكتاب قيد التأليف)



القسم الأول


تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (26)
الخميني سَجَنَ عباس أمير انتظام 32 عاماً
لأنه كان يخاطب الأميركيين بعبارة "يا عزيزي"!



حسين احمد صبرا
عباس أمير انتظام هو واحدٌ من الشخصيات السياسية الإيرانية التي كلَّفها الخميني بإجراء اتصالاتٍ سرّية مع الولايات المتحدة الأميركية قبل انتصار الثورة الإيرانية وبعده، وهي الإتصالات التي تمخَّضت عن اتفاقاتٍ سرّية واستراتيجية بين أميركا والخميني سهَّلت وصول الأخير إلى السلطة في إيران على بساطٍ من حرير وساهمت منذ ذلك الحين وحتى وقتنا الراهن وإلى أجلٍ غير منظور في حماية النظام الذي أرساه الخميني منذ العام 1979 وفي الإطالة بعمره رغم كل هذا العداء الظاهري المضحك بين أميركا وإيران والذي ما زلنا نشهده منذ 33 عاماً..
في المنفى في نوفل لو شاتو ، إحدى ضواحي باريس في فرنسا، كان الدكتور مهدي بازركان من أبرز الشخصيات التي كلَّفها الخميني بإجراء الإتصالات السرية مع أميركا من خارج إيران.. أما عباس أمير انتظام فكان من أبرز الشخصيات التي كلَّفها الخميني بالإتصال مع أميركا من داخل إيران عبر السفارة الأميركية في طهران..
الآن عباس أمير انتظام هو أقدم سجين سياسي في إيران بعدما لفَّق له الخميني تهمة العمالة لأميركا وأودى به وراء الشمس، وقد مضى على سجنه إلى الآن 32 عاماً ونيِّف، ما أدى إلى أن يُطلَق عليه لقب "مانديلا إيران"، أمضى 17 عاماً منها في السجن بشكلٍ متواصل (1979- 1997)، فيما أمضى الأعوام الـ15 الباقية (أي منذ عام 1997 وإلى الآن) إما قابعاً في السجن وإما في إجازة للعلاج أو للنقاهة..
بدايةً لا بد وأن نشير إلى أنَّ عباس أمير انتظام هذا هو واحدٌ من قيادات الجبهة الوطنية التي كان قد أسسها الدكتور محمد مصدِّق (رئيس الحكومة الإيرانية بين عامي 1951- 1953 والذي أمَّم النفط وأطاح لعدة أشهر بالشاه محمد رضا بهلوي)، ثم واحداً من قادة حركة تحرير إيران التي انشقَّت عن مصدَّق عام 1961 بزعامة مهدي بازركان.. وقد درس انتظام الهندسة المعمارية في جامعات الغرب في الستينيات فحصل على شهادة الماجستير من جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأميركية ثم على شهادة ماجستير أخرى من جامعة السوربون في فرنسا، وعاد إلى إيران مطلع السبعينيات ليؤسس شركة للهندسة.. وغنيٌّ عن القول، استناداً إلى ما تقدَّم، أنه يُتقن اللغتين الإنكليزية والفرنسية.    
في أعقاب انتصار ثورة الشعوب الإيرانية في شباط/ فبراير عام 1979 أصبح عباس أمير انتظام عضواً بارزاً في أول حكومة مؤقتة شكَّلها الخميني (برئاسة مهدي بازركان، أحد أبرز أعوان محمد مصدِّق في الخمسينيات ومطلع الستينيات) حيث عُيِّنَ عباس أمير انتظام نائباً لرئيس الوزراء والمتحدث الرسمي بإسم الحكومة.. لكنَّ بازركان ما لبث أن قدَّم استقالة حكومته احتجاجاً على قيام مجموعة من الطلبة الإيرانيين باحتلال السفارة الأميركية في طهران في 4/ 11/ 1979 واحتجازهم 53 رهينة من الدبلوماسيين الأميركيين، وأيضاً احتجاجاً ضمنياً على هيمنة رجال الدين على السلطة.. بعدها قام الخميني بتعيين أمير انتظام سفيراً لإيران في السويد (أو بالأحرى سفيراً في الدول الإسكندينافية الخمس: السويد والنروج والدنمارك وفنلندا وآيسلندا)، وكان واحداً من الذين طلب منهم الخميني شخصياً تنشيط قنوات الإتصال السرية مع الأميركيين لعقد الصفقات مع "الشيطان الأكبر" بشأن هؤلاء الرهائن وبشأن أمورٍ أخرى..
الآن وقع الفأس في الرأس.. لقد وَقَع عباس أمير انتظام في المحظور ودخل عشَّ الدبابير.. فبعد احتلال السفارة الأميركية في طهران في 4/ 11/ 1979 واستقالة حكومة بازركان وتعيين عباس أمير انتظام سفيراً في السويد، اعترض الأخير على الدستور الإيراني الجديد الذي ألغى الديمقراطية وأعطى صلاحياتٍ واسعة لرجال الدين، وحضَّر مع مجموعة من زملائه السياسيين بياناً معارضاً في هذا الشأن لرفعه إلى مجلس الخبراء المكلَّف صياغة الدستور، إلا أنَّ خبر البيان المذكور تسرَّب إلى الخميني باكراً ولم يكن عباس أمير انتظام يدرك حينها أنَّ كل من سيعترض على سلطة رجال الدين سيشنِّف الخميني آذانه بأغنية "ودَّع هواك"!
لقد استُدعي عباس أمير انتظام من السويد وتم اعتقاله فوراً في 22/ 12/ 1979 ليقدَّم إلى المحاكمة بتهمة العمالة لأميركا استناداً إلى الوثائق التي حصل عليها الطلبة الإيرانيون من السفارة الأميركية في طهران بعد احتلالها.. ونفيدكم علماً بأنَّ محاكمة عباس أمير انتظام كانت عبارة عن مسرحية هزلية أشبه بالمحاكمة التي جرت في مسرحية الفنان المصري الراحل علاء ولي الدين "حكيم عيون".. إننا بإطّلاعنا على مجموعة الصور المنشورة على الموقع الإلكتروني الرسمي لعباس أمير انتظام نجد أنَّ الأخير كان أثناء جلسات المحاكمة إما غارقاً في الضحك وإما مبتسماً ومنفرج الأسارير..
لم يجرؤ أحدٌ من مجموعة الأراجوزات الذين تولّوا محاكمة عباس أمير انتظام على أن يوجَّه إليه تهمة العمالة لأميركا استناداً إلى مضمون الوثائق التي حصلوا عليها من السفارة الأميركية المحتلة في طهران، وذلك لعدة أسباب: أوَّلها أنَّ كل ما جاء في هذه الوثائق هو لصالح عباس أمير انتظام الذي كان يطالب الأميركيين بعدم دعم الشاه.. وثاني الأسباب أنَّ الوثائق تبيِّن بشكلٍ واضح أنَّ انتظام كان عبارة عن ناقلٍ أمين لما كان يطلبه الخميني من الأميركيين أو العكس، ومن شأن الكشف العلني عن تلك الوثائق أن يفضح حقيقة العلاقات السرية والوطيدة التي بين الخميني وأميركا، وهذا ما يفسِّر لماذا لم يقم الخميني ولا أتباعه من بعده بنشر تلك الوثائق إلى الآن رغم مرور أكثر من 32 عاماً على الحصول عليها.. أما ثالث الأسباب فهو أنَّ عباس أمير انتظام كان يلتقي بالدبلوماسيين الأميركيين في طهران بحضور رجال دين مقرَّبين جداً من الخميني أمثال حسين علي منتظري ومحمد بهشتي وموسوي أردبيلي..
إذاً ما العمل؟!
لم تجد هيئة الأراجوزات المكلَّفة من قبل الخميني مباشرةً بإدانة عباس أمير انتظام سوى أن تُصدر قراراً تقول فيه لإنتظام ما يلي: أنتَ كنتَ تخاطب الأميركيين بعبارة "يا عزيزي".. إذاً إعدام!!
في الحديث المقبل سنتابع مع مسرحية الخميني "حكيم إعدام حضرتك" وموقف عباس أمير انتظام من قضية عرب الأحواز.

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 27 شباط/ فبراير  2012، العدد رقم 1532).

الحديث السابق:


***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:

www.alshiraa.comx

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق