2016/04/15

كتاب "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"/ 25/ تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (25)/ بازركان اعتبر الحكم الذاتي لعرب الأحواز انفصالاً يهدد وحدة إيران.. وبني صدر اعتبره "تفكيكاً للأمة"!



ما يهمنا الآن هو موقف مهدي بازركان من قضية العرب الأحوازيين، التي طفت على السطح في أعقاب انتصار الثورة الإيرانية مباشرةً.. فعلى الرغم من أنَّ بازركان سبق له أن وعد الوفدَ العربي الأحوازي، الذي التقاه في طهران في 30/ 4/ 1979بأن يُدرِج مطالب الشعب العربي على لجنة صياغة الدستور، إلا أنه سرعان ما تنصَّل من وعوده بعد بضعة أيام مصرِّحاً بالقول في 4/ 5/ 1979: "إن الحكم الذاتي (للعرب) هو بمثابة انفصال يهدد الوحدة الوطنية"!


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا

(الكتاب قيد التأليف)



القسم الأول


تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (25)
بازركان اعتبر الحكم الذاتي لعرب الأحواز
انفصالاً يهدد وحدة إيران..
وبني صدر اعتبره "تفكيكاً للأمة"!




حسين احمد صبرا
الفرسُ هم الفرس، لا فارقَ بين الإسلامجي منهم أو الإصلاحي، فحين يصل بهم الأمر إلى العرب تجدهم جميعاً في خندقٍ واحد! ولا يتوقَّعنَّ أحدٌ بأنَّ وصول الإصلاحيين إلى السلطة سيعني تخلِّيهم الطوعي عن الأحواز، وإلا سيكون حالهم كحال مَنْ ينتحر!
وغنيٌّ عن القول بأنَّ الشارع العربي ومن منطلقٍ إنسانيٍّ شامل وعروبيٍّ حضاري ودينيٍّ مستنير (إسلامي ومسيحي) سيكون سعيداً جداً إذا ما نجحت الشعوب الإيرانية في الإطاحة بنظام الخميني الحالي واستبدلته بنظامٍ آخر ديمقراطي وحضاري يحقق السعادة المرجوَّة للشعوب الإيرانية بمن فيهم الشعب الفارسي نفسه.. لكنَّ ذلك لا يجب أن يجعلنا واهمين في أنَّ أي نظام إصلاحي جديد في إيران سيُقِرُّ بأنَّ الخليج هو عربي وليس فارسياً وسيُعيد إلينا أرضَنا العربية السليبة الأحواز على طبقٍ من ذهب وأنَّه لن يصرَّ على الإحتفاظ بها بأظافره وبأنيابه، وخاصةً أنَّ الأحواز كانت وما تزال مطمعاً للفرس منذ ظهورهم على سواحل بحر قزوين ونشوء امبراطوريتهم الأولى قبل 2500 عام وحتى الآن وإلى أن تنكسر شوكتهم إلى غير رجعة، ذلك أن كل الإمبراطوريات الفارسية التي نشأت على مدى 2500 عام (بما فيها نظام الخميني الحالي) ما كان لها أن تقوم لها قائمة على مر التاريخ إلا بالسيطرة على أرض العرب في الأحواز ونهب خيراتها (ملاحظة: معظم الأموال التي ملأت خزائن الدولة العربية العباسية كانت بفضل خيرات الأحواز.. وملاحظة أخرى على الهامش: الشاعر أبو نواس كان من عرب الأحواز).
إليكم على سبيل المثال مهدي بازركان، وهو من الشخصيات الإيرانية ذات التاريخ الوطني المشهود، وقد كان من أقرب المقرَّبين من الشخصية الوطنية محمد مصدِّق (رئيس الحكومة الذي أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي عام 1953)، كما كان من ضمن مَنْ تلقوا دعماً من عبد الناصر في الستينيات ضمن الدعم المصري آنذاك للمعارضة الإيرانية ضد الشاه بعدما أسس بازركان عام 1961 "حركة التحرير الإيرانية" بمعية الشخصية العربية الأحوازية آية الله محمود الطالقاني.. وفور انتصار ثورة الشعوب الإيرانية في شباط/ فبراير عام 1979 جاء الخميني ببازركان رئيساً لحكومة مؤقتة ولكن دون أن يجعله يتمتَّع بسلطة فعلية، وسرعان ما اصطدم بالخميني بعدما أراد هذا الأخير مصادرة الثورة لحساب توجهاته الشخصية بعيداً عن آمال وطموحات الشعوب الإيرانية التي ثارت من أجلها، وكان أن وقف بازركان ضد تسمية الإستفتاء الشعبي على الجمهورية المرتقَبة بإسم "الجمهورية الإسلامية الإيرانية" وطالب بتغيير التسمية إلى "الجمهورية الديمقراطية الإسلامية".. وتفاقم الخلاف بعدما حصل الإستفتاء وفق رغبة الخميني، إلى أن حصلت تمثيلية اقتحام السفارة الأميركية في طهران في 4/ 11/ 1979 واحتجاز موظفيها كرهائن، فاستقال بازركان من رئاسة الحكومة احتجاجاً على الإخلال بالأعراف والمواثيق الدبلوماسية وعلى تلطيخ سمعة إيران وتوريطها في أزمة مع المجتمع الدولي، وقاد بعد استقالته "الحركة الوطنية الديمقراطية" المعارضة لنظام الخميني إلى أن توفي عام 1995..
ما يهمنا الآن هو موقف مهدي بازركان من قضية العرب الأحوازيين، التي طفت على السطح في أعقاب انتصار الثورة الإيرانية مباشرةً.. فعلى الرغم من أنَّ بازركان سبق له أن وعد الوفدَ العربي الأحوازي، الذي التقاه في طهران في 30/ 4/ 1979بأن يُدرِج مطالب الشعب العربي على لجنة صياغة الدستور، إلا أنه سرعان ما تنصَّل من وعوده بعد بضعة أيام مصرِّحاً بالقول في 4/ 5/ 1979: "إن الحكم الذاتي (للعرب) هو بمثابة انفصال يهدد الوحدة الوطنية"!
المفارقة الغريبة العجيبة أنَّ محمد مصدَّق قد عيَّن مهدي بازركان عام 1953 رئيساً لشركة النفط الإيرانية بعد تأميمها، فكان بازركان أوَّل شخصٍ إيراني يترأسها.. والغرابة والعجابة في هذا الأمر أنَّ النفط الذي تمَّ تأميمه على يد مصدَّق إنما هو نفطٌ عربي أحوازي يقوم الفرس بنهبه (بتآمرٍ مع الغرب) منذ العام 1925!!
وإليكم مثال آخر وهو الشخصية الوطنية الإيرانية المعارضة أبو الحسن بني صدر، أول رئيس جمهورية منتخَب في إيران بعد انتصار الثورة (انتُخب في 25/ 1/ 1980).. وبني صدر الذي هو شخصية ليبرالية ومعادية لحكم رجال الدين سرعان ما اصطدم مع الخميني جراء تعمُّد الأخير بسط سيطرة المعمَّمين على كافة مفاتيح السلطة في إيران.. على أنَّ الخلاف تصاعد مع نشوب الحرب الإيرانية – العراقية (في أيلول/ سبتمبر 1980) حيث لم يكن بني صدر من أنصار هذه الحرب وكان يدرك تماماً بأنَّ الخميني مقتنع بدعم أميركا له في إقامة حزام شيعي يتألَّف من إيران والعراق وسوريا ولبنان، كما يدرك تماماً حقيقة الإتفاقات التي عقدها الأميركيون مع الخميني قبيل وصول الأخير إلى السلطة والتسهيلات التي قدَّموها له في هذا المجال.. ويدرك حقيقة الدوافع وراء احتلال السفارة الأميركية في طهران عام 1979 ويصفها بـ"مسرحية" جرت بإتفاقٍ بين الخميني والأميركيين لأنَّ كلا الإثنين كان بحاجة إلى عدو وهمي، وأنَّ الخميني لم يُفرج عن الرهائن الأميركيين إلا عشية الإنتخابات الرئاسية الأميركية وتحديداً في 22/ 1/ 1981 حيث انتظر الخميني حتى انتهاء اليوم الأخير من ولاية جيمي كارتر، الأمر الذي أدى إلى فوز منافسه رونالد ريغان، الذي كان وعد الخميني بإمداد إيران بالأسلحة في حربها مع العراق في حال فوزه في الإنتخابات.. وكان الخلاف الأهم بين الإثنين هو أنَّ الخميني قد وجد في بني صدر شخصاً غير نافع لإدارة الحرب مع العراق، تلك التي كان يعتبرها الخميني "نعمة" (الحربُ نعمة)، وذلك بعد الخسائر الفادحة التي منيت بها القوات الإيرانية على الجبهة، مع الإشارة إلى أنَّ بني صدر وقف موقفاً معارضاً لقرار الخميني مطلع عام 1981 استيراد السلاح من إسرائيل بعدما أخبره وزير الدفاع الإيراني آنذاك عمر فاخوري بذلك (بوصفه رئيساً للجمهورية وقائداً للقوات المسلحة)، ويروي بني صدر أنه سأل الخمينيَّ ما إذا كان هو الذي سمح بشراء الأسلحة من إسرائيل فأجابه الخميني: "نعم، الإسلامُ يسمح بذلك، والحربُ هي الحرب"! (صفقة السلاح الأولى بين إيران وإسرائيل تمت في آذار/ مارس 1981 عن طريق قريب الخميني صادق طباطبائي، الذي هو شقيق زوج إبن الخميني أحمد الخميني)..
ما نريد قوله أنَّ أبو الحسن بني صدر هو شخصية إيرانية وطنية ويؤمن بحكم القانون ولا يؤمن بحكم ولاية الفقيه وقد كاد يدفع حياته ثمناً لهذا الموقف حينما عزله الخميني من منصبه في 10 حزيران/ يونيو 1981 وصدرت فتوى بهدر دمه، لولا أنه سارع إلى الإختباء ومن ثمَّ مغادرة إيران متخفياً إلى باريس بمساعدة أنصاره..
إلا أنَّ موقف أبو الحسن بني صدر في ما يتعلق بقضية عرب الأحواز فإنه لا يختلف بتاتاً عن موقف بقية الفرس.. إنَّ بني صدر وأثناء اشتداد الحملة على العرب، وقد كان يشغل منصب نائب وزير الإقتصاد والمالية والقائم بأعمال وزير الخارجية، أعلن في 3/ 7/ 1979 موقفاً معارضاً للحكم الذاتي في الأحواز والمناطق الكردية، قائلاً: "إنَّ إيران لا يمكن أن تمنح أياً من مناطقها حكماً ذاتياً لأنَّ ذلك يعني ببساطة تفكيك الأمة".
نتابع في الحديث المقبل موقف المعارضة الإيرانية من قضية عرب الأحواز.

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 30 كانون الثاني/ يناير  2012، العدد رقم 1528).

الحديث التالي:
الحديث السابق:

***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:

www.alshiraa.comx

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق