2013/03/27

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي- راشد الغنوشي يقود التونسيين إلى وادي العكاريت!




إنَّ أكثر ما يثير الغرابة أنَّ راشد الغنوشي وصف فرنسا بأنها لا تفهم الإسلام، وذلك في معرض ردِّه على اتهام فرنسا لحزب النهضة في شباط/ فبراير 2013 بممارسة الدكتاتورية، بما يعني أنَّ الغنوشي وشلَّتَه وميليشياته فاهمون للإسلام.. والأمثلة أكثر من أن تحصى حول هذا "الفهم"، ونريد وبسرعة أن نسوق إليكم نموذجاً من العيِّنات الفاقعة والتي توضِّح أكثر فأكثر أنَّ الإخوان المسلمين في تونس كما في كل مكان، كما الإسلامجية الشيعة، ليسوا جاهلين بالإسلام فحسب، بل وإنهم غير مؤهلين أصلاً لإستلام السلطة:




إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً





كتاب
حوار مع صديقي الإسلامجي
تأليف: حسين احمد صبرا


بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي
راشد الغنّوشي يقود التونسيين
إلى وادي العكاريت!



حسين احمد صبرا
مَنْ قال إنَّ حركة النهضة التونسية هي ضد الموسيقى والغناء؟! فلقد استضافت أثناء انعقاد مؤتمرها في 17 نيسان/ ابريل عام 2011 مغنّي الراب التونسي الشهير محمد الجندوبي ليغنّي لأعضائها وقيادييها وعلى رأسهم الخليفة الراشد الغنوشي السادس، ليطربهم ويشجيهم على أنغام أحدث أنواع الغناء الشبابي في العالم في وقتنا الراهن.. فهل منكم بعد ذلك من يجرؤ على القول بأنَّ الإخوان المسلمين في تونس هم ضد الموسيقى والغناء؟! ولكن قبلها هل عرفتم ما يبيعه محمد الجندوبي هذا في سوق "الطرب"؟!
عن اليمين: غلاف كتاب "حيرة مسلمة"
عن اليسار: نوري أبو زيد - سوسن المعالج - ألفة يوسف
إنه غناءٌ تكفيري بكل ما للكلمة من معنى.. فهذا الشاب البالغ من العمر 26 عاماً لم يَدَع أحداً ضد المشروع الإسلامجي لا داخل تونس ولا خارجها إلا وكفَّره في أغانيه.. فهل عرفتم ما الذي أطرب وأشجى إخوانَ تونس في النهضة؟! إنَّ محمد الجندوبي، الشهير بـ"بْسِيكو أم"، عمد في الأغنية التي كانت السبب في شهرته والتي تحمل بالفرنسية عنوان "مانيبولاسيون" (أي التلاعب)، إلى وصف المخرج التونسي الكبير نوري بوزيد بأنه كافر، وسط تصفيقٍ حار من جمهور الحاضرين متزامناً مع صيحات "الله أكبر".. وهكذا أصبح نوري بوزيد كافراً، وهو مَنْ هو، واحدٌ من أهم أعمدة الثقافة والفن في تونس ومن أهم من قامت على كتفيه السينما التونسية في الثمانينيات والتسعينيات حتى بات لها جمهورها في الوطن العربي والعالم.. كما وصفَ محمد الجندوبي في أغنيته الممثلة التونسية الشهيرة سوسن المعالج بأنها عاهرة، فقط لأنها مثَّلت فيلماً سينمائياً يعترض على فرض الحجاب.. ووصف الكاتبة والباحثة التونسية الدكتورة ألفة يوسف بأنها فاسقة وماجنة ومريضة نفسياً لأنها ألَّفت كتاباً عام 2008 بعنوان "حيرة مسلمة" دعت فيه إلى المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى كما بحثت في الآيات القرآنية التي تناولت قومَ لوط وخَلُصَتْ إلى أنَّ الله في القرآن لم يحرِّم المثلية الجنسية بحد ذاتها وإنما حرَّم ما كان يقوم به قوم لوط من إغتصابٍ للذكور وحفلاتٍ للجنس الجماعي وقطعٍ للطرق بهدف السرقة، وهو كتاب جدير بالقراءة والمناقشة وبالإمكان تحميله عبر الإنترنت..
مغنِّي الراب محمد الجندوبي
الشهير بـ"بسيكو أم"
إنَّ أغنية "مانيبولاسيون"، التي عَرَفَ محمد الجندوبي الشهرة من ورائها، إنما كان قد غنّاها ونشرها على صفحته في الفيسبوك مطلع كانون الأول/ ديسمبر  عام 2010 أي قبل أن تستضيفه حركة النهضة في مؤتمرها عام 2011 ليشنِّف آذان حكام تونس الملتحين بما جاء فيها من تكفير.. والمفارقة التي لفتت إنتباهنا هنا هي أنَّ الممثلة سوسن المعالج والكاتبة ألفة يوسف اضطرَّتا يومها إلى رفع دعوى قضائية ضد هذا المغنّي بعد تعرُّضهما للتهديد بالقتل من مجهولين عبر الهاتف وعبر صفحات الفيسبوك.. والمفارقة تكمن في أنَّ تلك الدعوى القضائية قد تمَّ رفعها يوم 17 كانون الأول/ ديسمبر 2010، وهو اليوم نفسه الذي قام فيه الشاب التونسي الفقير محمد البوعزيزي بإحراق نفسه احتجاجاً على البطالة التي بات يعاني منها وعلى حصار النظام الحاكم له في منفذ رزقه الوحيد ألا وهو عربة الخضار، ما أدى إلى إشتعال ثورة شعبية في تونس أطاحت بنظام زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/ يناير 2011، وهي الثورة التي ألهمت الشباب في دول عربية أخرى انطلقت فيها ثورات مشابهة أدت إلى إسقاط العديد من الأنظمة، لتصبح تونس مهداً لما عُرف بالربيع العربي قبل أن يسرق هذا الربيع إخوانُ النهضة..

التكويش على السلطة!

الرئيس التونسي
منصف المرزوقي
إذاً، وصل إخوان النهضة إلى السلطة في تونس فيما زعيمُهم راشد الغنوشي يرفع شعار: "الخلافة أمل وطموح كل المسلمين"، أما عملياً وعلى الأرض فإنَّ التكويش على السلطة بات أمل وطموح كل الإخوانيين، متلطِّين خلفَ خطابٍ ديني تكفيري ألا وهو الخطاب الديني التكفيري نفسه الذي ورد في أغنية محمد الجندوبي "مانيبولاسيون" وأطربَ وأشجى إخوانَ النهضة.. لقد ضرب راشدُ الغنوشي وجماعتُه عُرْضَ الحائط بأملِ وطموحِ الشعب التونسي بتغيير نظام الحكم نحو الأفضل ، وعوضاً عن ذلك عمدوا مع سبق الإصرار والعناد إلى تثبيت أسوأ ما في النظام السابق بنيَّة الحفاظ على وجودهم الأبدي في السلطة والتمتُّع بمغانمها.. إنَّ أول ما فعله إخوان النهضة بعد فوزهم في الإنتخابات النيابية في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 وتشكيلهم الحكومة هو تعيين جحافلَ من الإخوان في كل وزارات ومؤسسات ومرافق الدولة حتى بلغ عددهم حوالى 1300 موظفٍ باتت لهم الغلبة والكلمة الفصل في كل ما يتعلَّق بشؤون التونسيين، وأبرز مثالٍ على ذلك أنَّ معظم المحافظين (الولاة) الجدد الذين عيَّنتهم حكومة الجبالي في المحافظات (الولايات) التونسية هم من إخوان النهضة.. أما عن باكورة إنجازات هذه الجحافل من الموظفين الإخوانيين فلقد ظهرت في بدء انقطاع الكهرباء ومياه الشَفَة عن العديد من المحافظات في سابقةٍ هي الأولى من نوعها في تاريخ تونس منذ استقلالها قبل حوالى ستة عقود.. هذا السعي المحموم للتكويش على السلطة هو الذي دفع بالرئيس التونسي منصف المرزوقي، ولو متأخراً، إلى أن يَبُقَّ البحصة بعدما فاض به الكيل، حينما اتهم النهضة في آب/ أغسطس 2012 وبالحرف الواحد بـ"السعي إلى السيطرة على مفاصل الدولة الإدارية والسياسية عبر تسمية (أي تعيين) أنصارها، سواء توافرت فيهم الكفاءة أو لم تتوافر، وكلُّها ممارسات تذكِّر بالعهد البائد"..
جمال حكيم
أما على صعيد حكومة النهضة التي كانت برئاسة حمادي الجبالي فإنَّ الدليل الساطع على فشلها وعقمها هو تضاعف أعداد العاطلين عن العمل حتى فاق الـ800 ألف بعد أن كان عددهم عشية سقوط نظام زين العابدين بن علي قبل عامين حوالى 400 ألف، وسط غياب أي حديثٍ عن أي مشروعٍ أو حتى خطة مهما كانت متواضعة لحل ولو جزءٍ من هذه المشكلة الكارثية.. وعوضاً عن التفاني في حل أزمة البطالة، راحت النهضة تخطِّط، في سعيها المحموم إلى التكويش على السلطة، للإطاحة بأكبر صرحٍ نقابي تونسي عريق هو الإتحاد العام التونسي للشغل كونه الأكثر تأثيراً في تحريك الشارع التونسي منذ ستينيات القرن الماضي، وقد رأينا بالأمس القريب كيف كان هو القوَّة الأساسية التي ساعدت التونسيين في الإطاحة بزين العابدين بن علي، ونرى حالياً كيف أنه هو المحرِّك الرئيس للإضرابات العمالية والإحتجاجات الشعبية ضد تسلُّط النهضة.. هذا الإتحاد العام التونسي للشغل تسعى النهضة ومنذ اليوم الأول لفوزها في الإنتخابات النيابية إلى ضربه عبر محاولتها من خلال الإخواني جمال حكيم إنشاء ما يسمى بـ"الجامعة العامة التونسية للشغل" والتي من المفترض أن تنضوي تحت لوائها نقابات عمالية ومهنية تابعة للنهضة وتسيطر عليها، وهذا ما دفع بنقابيي أهم مستشفى حكومي في تونس (المستشفى الجامعي الهادي شاكر في محافظة صفاقس) إلى منع مديره الجديد الإخواني جمال حكيم نفسه من تسلُّم منصبه احتجاجاً على تآمره على الإتحاد العام التونسي للشغل، وظلَّ ممنوعاً من دخول المستشفى طوال خمسة أشهر بدءاً من شباط/ فبراير 2012 وحتى تموز/ يوليو حينما تمَّت إعادته بحكمٍ قضائي ونُفِّذ الحكم بالقوة وأمر وزير الداخلية حينها علي العريِّض قواتِ الشرطة بمعاونة ميليشيات النهضة (كما العادة) باقتحام المستشفى واعتقال نقابييها، وهو أمر لم يجرؤ زين العابدين بن علي على الإقدام عليه، حيث لم يجرؤ على اعتقال أي نقابي طوال 23 عاماً من حكمه حتى وهو في عز سطوته!

تطهير الإعلام!

لطفي التواتي
ومنذ مجيئهم إلى سدة الحكم وإخوان النهضة يرفعون شعار "تطهير الإعلام"، وهو ما لم نفهمه حتى اللحظة: تطهير الإعلام ممَّن؟! فإذا ما كان جميع مَنْ عيَّنتهم حكومة النهضة على رأس المؤسسات الإعلامية التونسية التابعة للدولة هم إما من الإخوان المسلمين وإما من رموز العهد السابق ممَّن امتهنوا التطبيل والتزمير لزين العابدين بن علي، فَمَن المقصود بالتطهير إذاً؟! لقد تعمَّد حزب النهضة منذ تموز/ يوليو 2012 إلى تعيين أتباعه من الإخوان أو من رموز النظام السابق على رأس جميع وسائل الإعلام الرسمي من محطاتٍ إذاعية وتلفزية وصحف وكالات أنباء، مع الإشارة إلى أنَّ الأمر لم يقتصر على تعييناتٍ إدارية بل تجاوزها إلى تعييناتٍ في أقسام التحرير وفي مناصب رؤساء التحرير في كلٍّ من تلك الوسائل وذلك عوضاً عن أن يتم انتخابهم أو التوافق عليهم، ما يعني سيطرة إخوان النهضة على الإعلام التونسي الرسمي الذي هو ملكٌ لجميع التونسيين في إنتهاكٍ فاضح للمرسومين اللذين صادقت عليهما حكومة الباجي قائد السبسي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، حيث نص المرسوم رقم 115 على "حرية الصحافة والطباعة والنشر"، فيما نصَّ المرسوم رقم 116 على إنشاء "الهيئة العليا المستقلة للإتصال السمعي والبصري" يكون من مهامها تعيين المسؤولين في جميع وسائل الإعلام الرسمية وحماية استقلاليتها بعيداً عن تسلُّط الحكومة أو أي قوى حزبية..  على أنَّ أكثر ما استفز الإعلاميين التونسيين كان تعمُّد إخوان النهضة تعيين لطفي التواتي في آب/ أغسطس 2012 مديراً لأهم مؤسسة صحافية تصدَّت لنظام زين العابدين بن علي ألا وهي "دار الصباح"، مع ما للطفي التواتي من تاريخٍ أسود حيث كان قد تآمر مع بن علي عام 2009 لإحداث انقلابٍ داخل نقابة الصحافيين لإسكات الأقلام المعارضة للنظام وإبعادها عن النقابة، ولم تتراجع حكومة النهضة عن قرارها هذا إلا بعد مرور شهرين كاملين وذلك بفعل الضغوط الشديدة والمتصاعدة التي مارسها الإعلاميون عليها بإحتجاجاتهم وتنديداتهم ومظاهراتهم وإضراب العديد منهم عن الطعام، إلى أنْ تُوِّجت بإضرابٍ عام للصحافيين..
من اليمين: رفيق عبد السلام - ألفة الرياحي
ونعود للسؤال: مَن المقصود إذاً بعملية تطهير الإعلام؟! إليكم ما يقوله صهر راشد الغنوشي، رفيق عبد السلام، الذي كان وزيراً للخارجية في حكومة الجبالي: "إنَّ الحكومة لا ترغب بالسيطرة على وسائل الإعلام، لكنها في المقابل لن تسمح للإعلام أن يتحوَّل إلى منابر معادية لعمل الحكومة"!! وبذا يبدو جلياً أنَّ إخوان النهضة يريدون تطهير الإعلام التونسي من كل معارضٍ لهم، وهم في كل الأحوال لم يكتفوا بإبعادهم عن الإعلام الحكومي وإنما زادوا بإفلات ميليشيات النهضة للتعدي على البعض منهم بالشتم والضرب وتهديد البعض الآخر بالقتل كما حصل مع نقيب الصحافيين السابق ناجي البغوري، الذي هدَّدته ميليشيات النهضة بالقول: "سنرسل رأسك إلى الصحافيين الذين يعارضون الإسلام"! ولِمَ العجب، فراشد الغنوشي نفسه دعا في أواخر عام 2012 إلى "تطبيق الحد" على المدوِّنة التونسية ألفة الرياحي (من حزب المؤتمر من أجل الجمهورية) بعد نشرها وثائق (لا نشك في أنَّ مَنْ سرَّبها إليها هو الرئيس منصف المرزوقي نفسه) كشفت فيها عن بعض "فضائل" صهره رفيق عبد السلام في الفساد وفي وجود علاقةٍ له مع إمرأةٍ غير زوجه! لقد نشرت ألفة الرياحي على صفحتها في الفيسبوك في 26 كانون الأول/ ديسمبر 2012 صوراً من فواتير صادرة عن فندق الشيراتون، أفخم فنادق العاصمة التونسية والواقع قبالة وزارة الخارجية، حيث أقام صهر راشد الغنوشي وزير الخارجية (السابق) رفيق عبد السلام لعدة ليالٍ على حساب المال العام ومن ضمنها فاتورة بإسم إحدى النساء أقامت في الفندق نفسه وفي التاريخ نفسه وقام عبد السلام بتسديد حسابها من ماله الخاص، وهي الفضيحة التي باتت تُعرف في تونس بإسم "شيراتون غيت".. ناهيك عن نشر الرياحي لصورٍ من وثائق أخرى تُظهر أنَّ وزارة الخارجية الصينية حوَّلت إلى وزارة الخارجية التونسي هبةً بقيمة مليون دولار  بتاريخ 18/ 7/ 2012 وأبقاها وزير الخارجية رفيق عبد السلام في حسابه الخاص رافضاً تحويلها إلى خزينة الدولة وفق القوانين المعمول بها رغم أنه تلقى من وزارة المالية التونسية في 25/ 10/ 2012 طلباً رسمياً لتحويل هذه الهبة إلى الخزينة! واللافت أنَّ رفيق عبد السلام لم ينفِ صحة هذه الوثائق وإنما كان تبريره أنه يضطر في بعض الأحيان إلى المبيت في الشيراتون لبُعد منزله عن الوزارة، وأنَّ السيدة المشار إليها هي "قريبته" وليست "عشيقته"، وأنَّ وزارة التجارة الصينية اشترطت عليه عدم تحويل الهبة إلى خزينة الدولة! وهنا نسأل: ما علاقة وزارة التجارة في دولةٍ ما بوزارة الخارجية في دولةٍ أخرى؟! ولماذا وزارةُ تجارةٍ تقدِّم هبةً بمليون دولار لوزارةِ خارجية؟! ثم كيف لوزارة التجارة هذه أن تشترط على وزارة الخارجية تلك ألا تذهب هذه الهبة إلى خزينة الدولة؟!

هَلُمُّوا إلى وادي العكاريت!

مظاهرة لميليشيات راشد الغنوشي
المعروفة بإسم "رابطة حماية الثورة"
إنَّ أكثر ما يثير الغرابة أنَّ راشد الغنوشي وصف فرنسا بأنها لا تفهم الإسلام، وذلك في معرض ردِّه على اتهام فرنسا لحزب النهضة في شباط/ فبراير 2013 بممارسة الدكتاتورية، بما يعني أنَّ الغنوشي وشلَّتَه وميليشياته فاهمون للإسلام.. والأمثلة أكثر من أن تحصى حول هذا "الفهم"، وقد عَرَضنا أعلاه (وكذلك في كتاباتٍ سابقة) لنذرٍ يسيرٍ منها، لكننا نريد وبسرعة أن نسوق إليكم نموذجاً من العيِّنات الفاقعة والتي توضِّح أكثر فأكثر أنَّ الإخوان المسلمين في تونس كما في كل مكان، كما الإسلامجية الشيعة، ليسوا جاهلين بالإسلام فحسب، بل وإنهم غير مؤهلين أصلاً لإستلام السلطة:
الفاقعة الأولى، أنَّ راشد الغنوشي دعا في 28 كانون الأول/ ديسمبر 2012 إلى تطبيق الحد على المدوِّنة التونسية ألفة الرياحي (الوارد ذكرها أعلاه) بجلدها ثمانين جلدة بعدما اتهمها بإثارة "حادثة إفك" شبيهة بالتي أثيرت ضد زوج الرسول عائشة بنت أبي بكر وشكَّكت بسمعتها ونفاها القرآن الكريم في حينه! (القيادي في حزب النهضة الحبيب اللوز اتَّهم ألفة الرياحي في 2/ 3/ 2013 عبر شاشة قناة "هنيبعل" التونسية بأنها عميلة للموساد الإسرائيلي!!)..
الفاقعة الثانية، أنَّ ميليشيات النهضة العاملة تحت مسمى "الرابطة الوطنية لحماية الثورة"، والتي يصفها الغنوشي بأنها "ضمير الثورة التونسية" ويستميت لمنع صدور أي قرار بحلِّها، أصدرت أمراً بمنع لعب الورق في المقاهي التونسية بناءً على زعمها بأنَّ لعب الورق حرامٌ في الإسلام، ومن ثَمَّ راحت تشن الغارات على المقاهي لتفرض قرارها هذا بالقوة! أوليس جميعُنا يعلم أنَّ المقاهي هي المتنفَّس الوحيد المتاح للتسلية بالنسبة للطبقات الفقيرة وأنَّ أكثر مَنْ يرتاد المقاهي الشعبية هم العاطلون عن العمل؟! وبذا فإنَّ الغنوشي، كفاهمٍ للإسلام هو وميليشياته، لم نجده يذرف دمعة واحدة على العاطلين عن العمل من التونسيين والذين يقترب عددهم من المليون، ولا تصبَّبت منه نقطة عرقٍ واحدة في سبيل إيجاد حلٍّ لهذه الكارثة التي تهدِّد تونس والتونسيين والتي قامت الثورة بسببها، وعوضاً عن ذلك راح يحرِّم على هذا المليون من العاطلين لعبَ الورق!
من الأعلى: الفتاة التونسية
المغتصَبة مريم -
خالد طروش -
نور الدين البحيري
الفاقعة الثالثة، أنَّ الفتاة التونسية مريم، التي قام باغتصابها شُرطيان في العاصمة التونسية في 3 أيلول/ سبتمبر 2012 بعدما وجداها مع خطيبها في السيارة في ساعة متأخرة من الليل، سارع إخوان النهضة إلى اتهامها بالعمل الفاحش وذلك بغية إنقاذ سمعتهم (كونهم هم المكوِّشون على السلطة) وبالأخص إنقاذ سمعة وزير الداخلية آنذاك علي العُرَيِّض (رئيس الحكومة حالياً)، فكانت المفاجأة الأولى أنَّ المتحدِّث بإسم وزارة الداخلية خالد طرّوش (أي المتحدِّث بإسم علي العريِّض) سارع إلى توجيه التهمة إلى الفتاة بالإخلال بالآداب العامة معلناً في 12/ 9/ 2012 أنَّ الفتاة وخطيبها يُحقَّق معهما بتهمة الإخلال بالأخلاق الحميدة لأنَّ الفتاة ضُبِطت مع خطيبها وهما "في وضعٍ غير أخلاقي"! ثم تلتها المفاجأة الثانية حيث أنَّ القضاء التونسي وبضغطٍ من وزير العدل الإخواني نور الدين البحيري سارع بدوره إلى توجيه التهمة إلى الفتاة المغتصَبة بتهمة "التجاهر عمداً بعملٍ فاحش"!! ثم راح نور الدين البحيري يدافع عن هذا الإتهام بأن أصدر بياناً (بإسم وزارة العدل) في 28/ 9/ 2012 قال فيه: "إنَّ اعتبارَ شخصٍ متضرراً من جريمةٍ ما لا يمنحه حصانةً في حال ارتكاب جريمةٍ أخرى".. أي أنَّ تعرُّض الفتاة للإغتصاب لن يعفيها من العقاب على ارتكابها "الفاحشة" مع خطيبها! وبعدها بثلاثة أيام تراجع البحيري عن موقفه بعد موجة الإستنكار العارمة التي اجتاحت تونس وباقي أرجاء العالم، قائلاً: "إن القول بأنَّ الفتاة هي متَّهمة من قبل القضاء مغالطةٌ كبيرة باعتبار أن القضاء التونسي لم يوجه تهمةً إلى الفتاة بل قام باستفسارها عن ما جرى وهي الآن في حالة سراح".. لقد وصلت موجة الإستنكار لموقف إخوان النهضة الشنيع إلى حد أنَّ منظمة العفو الدولية اعتبرت إتِّهام حكومة النهضة للفتاة مريم بالعمل الفاحش "محاولة ماكرة لتشويه سمعة الضحية".. والفتاة نفسها صرَّحت بأنها تتعرَّض لتهديدات من قبل وزارة الداخلية لدفعها إلى التنازل عن القضية، وأنَّ أحد القضاة هدَّدها بمقاضاتها خلال أول جلسة إستماع إذا ما تحدَّثت عن تعرُّضها لعملية اغتصاب من قبل الشرطيين! وهكذا، وأياً يكن ما كانت تفعله الفتاة مع خطيبها، فإنَّ إخوان النهضة الذين يكوِّشون على السلطة في تونس، أرادوا تصوير الأمر على أنَّ "فُحش" الفتاة هو الذي أغرى الشُرْطِيَّين المسكينَين فلم يتمالكا نفسيهما فاغتصباها! وطبعاً، هذا الكلام نقوله أنا وأنتَ ونحن نحلب الجاموسة، أما إذا قلناه ونحن على رأس السلطة فلا بد حينئذٍ من إعادتنا أنا وأنتَ على الفور إلى ما وراء أذيال البقر!
وعلى هذا النحو فإنَّ راشد الغنوشي، الفاهم للإسلام، إنما يقود التونسيين إلى العصر الحجري.. وحبَّذا لو كان يقودهم إلى مخبأ الجحشة في محافظة قفصة التونسية حيث آثار العصر الحجري الحديث التي تعود إلى 5 آلاف سنة قبل الميلاد، بل إنه يقودهم إلى وادي العكاريت في محافظة قابس، حيث آثار العصر الحجري القديم الأوسط، تلك التي تعود من 80 ألف سنة إلى 35 ألفاً قبل الميلاد!
أما في الختام، وفي غمرة السعي الإسلامجي للتكويش على السلطة في ديار العرب، فإننا نريد أن نذكِّر إخوانَ تونس، كما إخوان مصر، كما عملاء الفرس في لبنان وفي العراق، بالمثل المصري القائل: "اللي ياكل لوحده يِزْوَر"!
(27 آذار/ مارس 2013)
الحديث التالي:
الحديث السابق:

إقرأ عن تونس أيضاً:


















x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق