2012/03/16

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ كي لا يتحوَّل الربيع العربي إلى خريف إسلامجي (2)- غداً ستغنِّي نانسي عجرم في مهرجان قرطاج: "البيكيني" آه.. و"البورنو" لأ!


في أعقاب قيام ثورة 23 تموز/ يوليو عام 1952 قام المرشد العام للإخوان المسلمين حينها الشيخ حسن الهضيبي بزيارةٍ إلى قائد الثورة جمال عبد الناصر للبحث في كيفية تعاون الإخوان مع الثورة ولطرح وجهة نظرهم في كيفية النهوض بمصر وحل المشاكل المختلفة التي يعاني منها الشعب المصري.. لقد كان المطلب الأساسي الذي طلبه حسن الهضيبي من عبد الناصر هو فرض الحجاب في مصر!!
يومها قال عبد الناصر لحسن الهضيبي (وقد كان الإثنان جارَين في السكن قبل الثورة حيث كانا يسكنان في العمارة نفسها): -يا أستاذ، إنتَ ليك بنت في كلية الطب مش لابسة طرحة ولا حاجة، ما لبِّستهاش ليه؟! إذا كنت إنتَ مش قادر تلبِّس بنت واحدة اللي هيَّ بنتك طرحة، عايزني أنزل أَلَبِّس 10 مليون طُرَح في البلد!!!".


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً

                                                     
                                               كتاب
            حوار مع صديقي الإسلامجي
                                                تأليف: حسين احمد صبرا


                   

                        كي لا يتحوَّل الربيع العربي إلى خريف إسلامجي (2)
   غداً ستغنِّي نانسي عجرم في مهرجان قرطاج:
             "البيكيني" آه.. و"البورنو" لأ!


حسين احمد صبرا
في أعقاب قيام ثورة 23 تموز/ يوليو عام 1952 قام المرشد العام للإخوان المسلمين حينها الشيخ حسن الهضيبي بزيارةٍ إلى قائد الثورة جمال عبد الناصر للبحث في كيفية تعاون الإخوان مع الثورة ولطرح وجهة نظرهم في كيفية النهوض بمصر وحل المشاكل المختلفة التي يعاني منها الشعب المصري..
لقد كان المطلب الأساسي الذي طلبه حسن الهضيبي من عبد الناصر هو فرض الحجاب في مصر!!




يومها قال عبد الناصر لحسن الهضيبي (وقد كان الإثنان جارَين في السكن قبل الثورة حيث كانا يسكنان في العمارة نفسها):
-يا أستاذ، إنتَ ليك بنت في كلية الطب مش لابسة طرحة ولا حاجة، ما لَبِّسْتهاش ليه؟! إذا كنت إنتَ مش قادر تلبِّس بنت واحدة اللي هيَّ بنتك طرحة، عايزني أنزل أَلَبِّس 10 مليون طُرَح في البلد!!!".
هذه الواقعة التي حدثت قبل نحو 60 عاماً ليست سوى نموذجٍ عن أولويات الإسلامجية السنَّة والشيعة، تلك التي يريدون الوصول إلى السلطة من أجل تطبيقها، وقد رأينا كيف أنَّ الخميني الذي نجح بالخداع في اعتلاء كرسيّ العرش الشاهنشاهي في إيران عام 1979 كان الحجاب وتحريم الموسيقى وتحريم ارتداء ربطة العنق أوَّل ما سارع إلى فرضه على الشعوب الإيرانية الثائرة من أجل حريتها ولقمة عيشها! وما نلاحظه هنا هو أنَّ المكتوب كان بادياً من عنوانه منذ تلك اللحظة، حيث أنَّ الظلم الذي ثارت الشعوب الإيرانية ضدَّه قد استبدله الخميني بظلمٍ أشد وأكثر فداحةً، ذلك أنَّ مجرَّد فرضه الحجاب وتحريمه الموسيقى وتحريمه ربطة العنق وما شابه إنما كان عنواناً لمرحلة دموية سوداء ليس فيها شبهةُ حلٍّ لأيٍّ من المشاكل العالقة التي تعاني منها الشعوب الإيرانية وما تزال حتى اللحظة الراهنة.. ومن هذا المنطلق  فإنَّ كلَّ الجماعات والتنظيمات والأحزاب الإسلامجية، تلك التي ترفع شعار فرض الحجاب وفصل البنين عن البنات وتحريم الموسيقى والقضاء على الرذيلة وما شاكل مما يأتي تحت تسمياتٍ من قبيل "تطبيق الشريعة الإسلامية" أو"إقامة حكمٍ إسلامي" أو"إقامة جمهورية إسلامية" أو "إقامة دولة دينية"، يكون حُكْمُهم متى ما نجحوا في الوصول إلى السلطة عبارة عن صفحة سوداء في تاريخ شعوبهم تسيل فيها أنهارٌ من الدماء بإسم الدين وبإسم الحِشمة وبإسم الفضيلة وبإسم الشرف، ويتَّضح من خلالها للقاصي والداني أنَّ هؤلاء الملتحفون بالإسلام هم أبعد الناس عن الله وعن الدين وعن الفضيلة وعن الحشمة وعن الشرف وعن تحقيق أي شيء يفيد الناس وينفعهم!
أنظروا إلى ما فعلته حركة طالبان عندما استولت على السلطة في أفغانستان عام 1996 وقد وضعت على رأس قائمة أهدافها "إقامة الحكومة الإسلامية على نهج الخلافة الراشدة".. إنهم لم يسارعوا إلى فرض الحجاب أو بالأحرى النقاب (البرقع) على النساء ومنعهنَّ من التعليم وحبسهنَّ في البيوت ومنعهنَّ من الخروج إلا مع مُحْرِمٍ شرعي فحسب، بل إنهم فرضوا على الرجال أيضاً لبسَ العمائم والسراويل الأفغانية وإطالة لحاهم شرط أن تكون إطالة اللحى تلك بمقدارٍ معيَّن وليس بشكلٍ عشوائي، وقد أمهلوا الرجال ستة أشهر كي ينفذوا هذه الأوامر "الشرعية" و"الدينية" وبعدها الويل والثبور وعظائم الأمور، فإن اتَّضح للدوريات التي كانت طالبان تسيِّرها في الشوارع لمراقبة مقدار طول اللحى أنَّ حجم شعر اللحية أطول أو أقصر من قبضة اليد (أي بطول عشرة إلى خمسة عشر سنتمتراً) فإنَّ الرجل المخالِف إما أنْ يُجلَد وإما أنْ يُعزَّر (أي يُضرَب ضرباً مبرَّحاً) وبعدها يُطرد على الفور من وظيفته..
الآن تشهد بعض أقطار الوطن العربي ربيعاً عربياً هو عبارة عن ثوراتٍ شعبية ضد الأنظمة العربية الطاغية، منها مَنْ ينتصر ومنها مَنْ ينتظر.. أما البلدان التي انتصرت فيها الثورات الشعبية فإنَّ ربيعها مهدَّدٌ بأن يتحوَّل إلى خريفٍ أسودٍ قاتم بعدما أدَّت الإنتخابات النيابية في بعض تلك البلدان إلى فوزٍ ساحقٍ للإسلامجية، الأمر الذي لا يبشِّر بالخير، وكما ذكرنا قبل قليل فإنَّ المكتوب يُقرأ من عنوانه..


المخرجة التونسية نادية الفاني
في تونس، وهي خير مثال والتي منها انطلقت شرارة الربيع العربي، وبعد أقل من خمسة أشهرٍ أعقبت سقوط زين العابدين بن علي وقبل تحقيق أي إنجازٍ حقيقي على صعيد التغيير المنشود، جاء قرار حظر المواقع الإباحية من على شبكة الإنترنت في 28 أيار/ مايو 2011 ليدلَّ بوضوح على مدى التأثير الإسلامجي على طبيعة نظام الحكم المقبل وأولوياته، وعلى أنَّ المكتوب بات مقروءاً من عنوانه بكل وضوح.. وتوالت الدلائل على الخريف الإسلامجي المرتقب حينما أصبحت حرية الإبداع وحرية التعبير على المحك.. لقد قامت مجموعات من الإسلامجية في أواخر حزيران/ يونيو 2011 باقتحام قاعة سينما "أفريقيا آرت" في العاصمة التونسية وهي تعرض فيلماً للمخرجة التونسية نادية الفاني بعنوان "لا الله ولا سيِّدي"، فهشَّموا الأبواب الزجاجية وحطَّموا أجهزة العرض واعتدوا بالضرب على جمهور المتفرِّجين تحت شعار الدفاع عن الإسلام والمقدسات الدينية.. أَيْ نَعَم العنوان جريء، والمخرجة سبق وأن أعلنت إلحادها صراحةً عبر محطة تلفزيونية تونسية خاصة (قناة هنيبعل) بقولها: "أنا لا أؤمن بربِّي، وهذا حقي"، إلا أنَّ ذلك استُغِلَّ في الظاهر من قبل الإسلامجية للتعدّي على الصالة التي يُعرض فيها الفيلم ولتكفير المخرجة وهدر دمها على صفحات الفيس بوك، في حين أنَّ الإستفزاز الحقيقي الذي أشعل غضب هؤلاء الملتحين هو مضمون الفيلم الذي يدعو إلى العلمانية وحرية المعتقَد ويفضح الإزدواجية الدينية والأخلاقية التي يعيشها المجتمع التونسي، فهو يصوِّر مشاهد حقيقية عن تدافع التونسيين أمام محالّ بيع الخمور قبل بدء شهر رمضان ليشتروا أكبر كمية منها قبل إغلاقها مع بدء شهر الصوم، كما يصوِّر المقاهي في رمضان وهي مكتظة بالرواد خلال النهار وهم يحتسون القهوة ويدخنون السجائر، مع فارق أنهم يجلسون في داخل تلك المقاهي وليس على أرصفتها كي لا يراهم أحد وهم مفطرون.. والمخرجة نادية الفاني، وبعد اضطرارها إلى تغيير عنوان فيلمها إلى "العلمانية إن شاء الله"، أشارت إلى أن شهر رمضان هو مثالٌ فحسب وأنَّ هذا المثال يُبرز أهمية إجراء نقاش حول العلمانية حتى لا يفعل الناس في الخفاء ما يفعلونه خلف الأبواب المُغلقة.
المفكر المستنير محمد الطالبي
ولم يكد يمر أسبوع على حادثة اقتحام صالة السينما في العاصمة تونس حتى قامت مجموعات من الإسلامجية مطلع تموز/ يوليو 2011 بالهجوم في قلب العاصمة على "بيت الحكمة"، الذي هو مجمع للعلوم والآداب والفنون، ليعبِّروا في الظاهر عن احتجاجهم على ما ورد في حديثٍ إذاعيّ أدلى به رئيس الشرف لبيت الحكمة المفكر التونسي المستنير الدكتور محمد الطالبي لإذاعة "الشمس أف أم" التونسية، حينما تطرَّق على الهامش إلى ما يلصقه بعض المتطرفين الشيعة من أوصافٍ غير لائقة بعائشة زوج الرسول.. فاستغلَّ الإسلامجية ذلك ليتَّهموا الطالبي بأنه هو من يشتم عائشة! فكان الهجوم على بيت الحكمة ومحاولة إجبار المسؤولين فيه على التوقيع على بيانٍ "مشترَك" يدينون فيه مس الطالبي بمقدسات المسلمين ورموزهم.. ولما لم تفلح هذه المحاولة أطلق الإسلامجية دعواتٍ من على صفحات "الفيس بوك" لسفك دماء هذا المفكِّر وقد كتبوا أنَّ من يقتل محمد الطالبي فتلك هي مَكْرُمة يكتسبها عند الله، كما أنهم كتبوا على جدران بيته: "هذه دار شيطان كلب كافر"!
أما السبب الحقيقي لهذه الهجمة على الدكتور محمد الطالبي فهو أنَّ الأخير يدعو إلى "ضرورة إلغاء الشريعة الإسلامية"، حيث يعتبر أنَّ "الشريعة الإسلامية هي أحد أسباب القهر الذي عاشه المسلمون.. لأنها تخضَع لدكتاتورية الفقهاء وليست تنزيلاً من الله".. وأن "لاشريعة إلا القرآن، والقرآن هداية وليس مجلة قوانين".. أما الشريعة فهي ليست سوى "فَهْم بشري لمجموعة من الفقهاء للقرآن والسنّة، في حين أنَّ الواجب إتِّباع القرآن".. كما يتَّهم الشريعة الإسلامية بأنها السبب المباشر في تكريس التسلُّط والدكتاتورية التي نعيش تحت وطئتها، ويرى أنَّ قيم الحرية والديمقراطية "مفقودة في الشريعة، وكل القيم في الشريعة تؤسس للدكتاتورية التي نعيشها في كل العالم العربي والإسلامي".

فيلم "بيرسي بوليس" الذي عرضته قناة "نسمة"
ثم حدث مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2011 أن أعادت قناة "نسمة" التونسية عرض فيلم الرسوم المتحركة الفرنسي – الإيراني "بيرسي بوليس" (مدينة الفُرس) بعدما كان قد عُرض سابقاً عدة مرات في صالات السينما في تونس دون أن يثير أي اعتراض، وهو من إخراج إمرأة فرنسية من أصل إيراني تناولت فيه رؤية أُمٍّ إيرانية تريد تحرير طفلتها من القمع بإسم الإسلام في ظل نظام الخميني وفي طليعته فرض ارتداء الحجاب، فيقرِّر والدُها تحريرَها بإرسالها إلى النمسا.. فتقدَّم أكثر من 140 محامياً تونسياً بشكوى إلى القضاء لمنع عرض الفيلم بسبب تجسيده للذات الإلهية في أحد مشاهد الفيلم.. على أنَّ الإسلامجية سيَّروا مظاهرات صاخبة في طول البلاد وعرضها رافعين شعاراتٍ معادية للعلمانية، ثم قاموا بمحاولة لإقتحام مبنى المحطة التلفزيونية، كما هدَّدوا مديرها نبيل القروي بالحرق وبالقتل رغم تقديمه اعتذاراً عن المشهد المذكور، ولاحقاً قاموا بالإعتداء على منزله.


أيضاً ثار لغطٌ في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 حول رفض وزارة الثقافة التونسية منح تأشيرة العرض التجاري لفيلم "حكايات تونسية" للمخرجة التونسية ندى المازني حفيظ لتضمُّنه مشاهد "إباحية"، واكتفت بأن سمحت بعرضه عرضاً خاصاً لجمهورٍ خاص ولوقتٍ محدَّد، مع الإشارة إلى أنَّ معظم نقاد السينما في تونس رأوا أنَّ هذا الفيلم يعيد المجد إلى السينما التونسية نظراً لأهمية المواضيع الإجتماعية التي يتناولها وللتقنية الحديثة المستخدمة في تصويره.. وفي حين نفت وزارة الثقافة منع عرض الفيلم في الصالات السينمائية التونسية قائلةً بأنَّ موزِّع الفيلم لم يتقدَّم بطلبٍ للحصول على تأشيرة العرض التجاري كما تقتضي القوانين، فإنَّنا نستدل من ذلك أنَّ أياً من أصحاب صالات العرض السينمائي في تونس لم يعد يجرؤ على عرض فيلمٍ كهذا تجنباً للأذية المادية والمعنوية التي يمكن أن تلحق به والتي أقلُّها تكفيرُه وهدرُ دمه!
 
سلفيون اقتحموا جامعة منوبة لفرض النقاب على الطالبات
وإلى جانب الإعتداء على مركبٍ سياحي في مدينة الحمامات التي هي مركز الثقل السياحي في تونس، والإعتداءات المتكررة على الحانات، والسعي المتواصل لغلق بيوت الدعارة، فإنَّ الجامعات التونسية ومع بدء العام الدراسي في تشرين الأول/ أكتوبر 2011 تحوَّلت إلى ساحة صراعٍ دامٍ بين الإسلامجية والعلمانيين وفي طليعة أسبابها الخلاف حول النقاب.. فمع بدء العام الدراسي اندلعت أعمال عنفٍ في جامعة سوسة (في ولاية سوسة جنوب شرق العاصمة التونسية) تسبَّب بها حوالى 200 عنصر من الإسلامجية قاموا باقتحام حرم الجامعة والإشتباك مع طلابها وهيئتها التعليمية والإدارية بعدما رفضت إدارة الجامعة قبول طالبة بسبب ارتدائها النقاب، حيث يتعذَّر تمييز المنقبات ومعرفة شخصياتهنَّ الحقيقية وخاصةً في الإمتحانات.. والأمر نفسه حدث في جامعة منوبة (في ولاية منوبة غرب العاصمة) في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 حيث اقتحمت حرم الجامعة مجموعات من الإسلامجية يرتدون اللباس الأفغاني قاموا بالتعدّي على عميد كلية الآداب والفنون والإنسانيات بالشتم والضرب ثم احتجزوه في مكتبه واعتصموا في الكلية إلى حين تحقيق مطالبهم الداعية إلى تمكين الطالبات المنقَّبات من الإلتحاق بقاعات الإمتحانات، بالإضافة إلى بناء مسجد وسط الحرم الجامعي، وفصل الطالبات عن الطلبة أثناء الدروس، وحظر الرجال من تدريس البنات وكذلك النساء من تدريس الشباب!
ويبدو أن الأمور ستزداد تفاقماً في المستقبل القريب مع تأسيس ما يسمَّى بـ "لجنة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وهي عبارة عن شرطة "دينية" أو شرطة "أخلاق"، وقد بات عناصرها الملتحون يجوبون في مختلف الولايات والمناطق والشوارع التونسية وهم يحملون العصي ويطالبون المارة من النساء بلبس الحجاب والرجالَ بإطالة اللحى ويعتدون بالضرب على أي شخصٍ يرون أنه يخالف "تعاليم الإسلام"!
 
إشتباكات بين العلمانيين والسلفيين في تونس بسبب النقاب
هذه اللجنة التي على وشك أن يتقدَّم مؤسسوها بطلبٍ لترخيصها قانونياً، فإنها وفي حال حصلت على ترخيصٍ قانوني ستتحوَّل إلى دولة ضمن الدولة.. إليكم ما يقوله مؤسسُها عادل العلمي: "سيكون مجالُ عملنا إجتماعياً وسنحاول إيجاد الحلول للمشاكل قبل إحالتها إلى المحاكم، كما سنعمل على رفع المظالم والدفاع عن المظلومين، وانطلاقاً من ذلك سنبدأ في اتِّباع سياسة التدرُّج والموعظة"!     
                                             دعوة صريحة إلى القتل!
على المقلب الآخر فإنَّ الأخوان المسلمين الذين يعملون في تونس تحت مسمَّى حركة النهضة قد آثروا أن يلبسوا مؤقتاً لباس "الإعتدال" سعياً منهم لطمأنة الشعب التونسي تجاه عقيدتهم ونهجهم الحافل بالتطرف وغير الخافي على أحد وذلك بعدما بدت الطريق أمامهم ممهَّدةً لإستلام السلطة، حتى أنهم بالغوا في هذا "الإعتدال" قبيل فوزهم في الإنتخابات النيابية وتشكيلهم الحكومة، دون أن تستطيع هذه المبالغة إخفاء حقيقة الخطاب المزدوج الذي بات ينطق به قادة النهضة والذي يشي بعدم صفاء النيَّة، وبمعنى آخر دجل سياسي مؤقَّت إلى حين الإمساك الكامل بمفاتيح البلاد والعباد..
لقد أفاض زعيم النهضة راشد الغنوشي في كتبه السبعة التي ألَّفها منذ عودته إلى تونس في كانون الثاني/ يناير 2011 بعد الإطاحة بزين العابدين بن علي، بالحديث عن الإسلام الديمقراطي تشبهاً بتجربة صديقه رجب طيب أردوغان في تركيا.. ومع ذلك نجده يتحدَّث عن إقامة دولة الخلافة الإسلامية أثناء الزيارة التي قام بها إلى مصر في تشرين الأول/ أكتوبر 2011، ثم سرعان ما يتبرَّأ من قوله هذا بعد عودته إلى تونس ويعلن بأنَّ ما قاله في مصر "هو أنَّ المسلمين يؤمنون بأنهم أمةٌ واحدة رغم أنهم 57 دولة في العالم".. وبعد ذلك بشهرٍ واحد وعلى المنوال نفسه يتحدَّث أمين عام النهضة حمادي الجبالي في أنصاره وقبل أن يعيَّن رئيساً للوزراء، قائلاً لهم: "أنتم الآن في الخلافة الراشدة السادسة"! ثم يسارع الجبالي إلى إصدار بيانٍ ينفي فيه أن يكون قَصَدَ إحياء الخلافة الإسلامية بل إنما قصد "الإستلهام القيمي" لتراث الخلافة السياسي..
النائبة سعاد عبد الرحيم
وفي حين راح الغنُّوشي يفاخر أثناء الحملة الإنتخابية بأنَّه هو وجماعته أكثر انفتاحاً من الجماعات السياسية التونسية الأخرى التي تدَّعي العلمانية والحداثة بدليل أنَّ حركة النهضة قدَّمت على رأس قوائمها الإنتخابية نساءً غير محجَّبات، متحدياً الأحزاب السياسية الأخرى بأن تقدِّم على لوائحها امرأةً واحدة محجَّبة، فإنَّ أبرز إمرأة غير محجَّبة ممن رشَّحتهنَّ حركة النهضة على لوائحها الإنتخابية هي سعاد عبد الرحيم، التي لم يكتفوا بترشيحها فحسب، بل جعلوها رئيسة قائمة حركة النهضة في تونس العاصمة.. سعاد عبد الرحيم هذه، والتي كما ذكرنا إمرأة غير محجَّبة، أدلت بتصريحٍ متطرِّفٍ دموي مخيف إلى إذاعة مونتي كارلو الدولية في 9/ 11/ 2011 حول قانون الأمهات العازبات، والمعني بالفتيات اللاتي حَبِلْنَ ووَلَدْنَ أطفالاً خارج إطار الزواج، حيث تتكفَّل الدولة وفق هذا القانون برعايتهنَّ والإنفاق عليهنَّ.. قالت سعاد عبد الرحيم هذه: "إنَّ الأمهات العازبات وصمة عار على المجتمع التونسي.. أنا أخجل من البلدان العربية والإسلامية التي تحاول إيجاد أعذارٍ للناس الذين أذنبوا".. وبعد أن أبدت معارضتها لهذا القانون قائلةً بأنَّ الأمهات العازبات لا ينبغي أن تستفيدَنَّ من حماية الدولة، إذ بها تقول بأنَّ الأمهات العازبات "لا حقَّ لهنَّ في الحياة"!
هل لاحظتم جملة "لا حقَّ لهنَّ في الحياة"؟! إنها دعوة صريحة إلى القتل!!
          راشد الغنُّوشي.. لحمة يا دنيا لحمة و"البيكيني" الحلال!
أما على صعيد اللحمة الحريمي بجميع ألوانها، البيضاء والسمراء وما بين بين، فإنَّ التصريح الذي أدلى به راشد الغنُّوشي إلى صحيفة "التايمز" البريطانية في 15/ 7/ 2011 كان الأبرز والأكثر إثارة في ما يتعلق بسياسة "الإعتدال" التي تَعِدُ حركةُ النهضة بإتِّباعها إذا ما استلمت الحكم في تونس..
لقد أعلن راشد الغنُّوشي في هذا الحديث الموجَّه إلى العالم الغربي أصلاً أنه إذا ما تولَّت حركة النهضة السلطة في تونس فإنها لن تمنع النساء في الشواطىء من ارتداء "البيكيني" (أي لباس البحر/ المايوه)، كما لن تمنع الخمور.. وبرَّر ذلك بسَعيه للحفاظ على تونس كوجهة سياحية ولجعل تونس بلداً منفتحاً على كل الدول لجلب السياح (تونس تستقبل 7 ملايين سائح سنوياً وهو عدد ضخم جداً).. وزاد القول، في معرض تبريره لـ "البيكيني"، بأنَّ قوى السوق في تركيا تقود إلى نماذج مختلفة من الفنادق وبالتالي إلى أنواع مختلفة من النزلاء (لاحظوا أنَّ تركيا حزب التنمية والعدالة صارت هي البوصلة التي يريدنا الأخوان المسلمون أن نهتدي بها!)..
السؤال الآن: على أي أساس يفتي راشد الغنُّوشي اليوم بأنَّ "البيكيني" حلال؟! وعلى أي أساس أفتى البارحة (أي على مدى كل السنين الماضية) بأنَّ "البيكيني" حرام؟! مَنْ سمح له بأن يحلِّل.. ومَنْ سمح له بأن يحرِّم؟!
ثم كيف يتوافق تحليل  لباس "البيكيني" على الشواطىء وفي الوقت نفسه تحريم أفلام "البورنو" على شاشات الإنترنت؟! أي أنَّ النظر إلى اللحم الحي وجهاً لوجهٍ حلالٌ والنظر إلى اللحم المصوَّر عبر الشاشة حرام؟! يعني احترنا يا لحمة منين بدنا نبوسك!
لحظة.. تاهت ولقيناها! إنَّ مهرجان قرطاج الأشهر من أن يُعرَّف والذي دأبت تونس على إحيائه سنوياً منذ العام 1964 وغنَّى فيه مشاهير المطربين في الوطن العربي والعالم كأمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفيروز وماجدة الرومي وشارل أزنافور وغيرهم، لم يَحْظَ هذا العام ( صيف 2011) باهتمام الشباب التونسي، حيث ظلَّت المدرَّجات شبه خالية من الحضور على عكس السنوات الماضية حيث كان من النادر أن تجد موطىء قدم في جميع الحفلات، والسبب يعود إلى أنَّ إدارة المهرجان قد قرَّرت هذا العام تقديم الأغنية "الملتزمة"، بمعنى الأغنية الوطنية التي تساير ثورات الربيع العربي، وقد جاءت الأغاني ماسخة وباهتة وخالية من أي إبداع ولم تَرُق لجمهور المستمعين الذوَّاقة.. لذا نقترح على إدارة مهرجان قرطاج أن تقدِّم في الصيف المقبل أغانِيَ "ملتزمة" بالمعنى الحقيقي للكلمة تصوِّر الواقع الحالي في تونس وتعالج الهموم  الحقيقية للمواطن التونسي وتضع إصبعها على الجرح.. فلا بدَّ على وجه السرعة أن تُدعى المغنية اللبنانية نانسي عجرم لتغني توشيحَها الشهير، ذاك الذي تقول فيه: "البيكيني" آه.. و"البورنو" لأ! وحينها عينيك ما تشوف إلا حزب النور السلفي! فإلى اللقاء مع حديثٍ آخر عما سيغنّي عمرو دياب في مصر.
حديثنا التالي:
-غداً سيغنّي عمرو دياب في ليالي القاهرة: شوَّقنا أكتر "بالجزمة"!
الحديث السابق:

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 16 كانون الثاني/ يناير 2012، العدد 1526).

                                   ترقبوا قريباً كتاب:
                    "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"
                                                          (تأليف: حسين احمد صبرا)
************************************************************************************                    
                                      فهرس كتاب:
                          "حوار مع صديقي الإسلامجي"
***********************************************************************************
                          إقرأ قصيدة "مشايخ.. ومشايخ"
                                     (شعر: حسين احمد صبرا)
***********************************************************************************
                                      فهرس كتاب:
                        "على هامش ثورة شباب مصر"
***********************************************************************************
                    فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
                  "لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
                                    (قيد الطبع)
***************************************************************************************
                              إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:











ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق