2014/09/01

جيشُ العراقِ متى يعود؟ (1 من 5)/ لا أميركا ولا إيران تريدان جيشاً عراقياً قوياً!



لا نصدِّق الدموع التي ما فتئت أميركا تذرفها بين الحين والآخر ندماً على حِّلها الجيش العراقي، ذلك أنَّ بقاء جيش العراق كما كان عليه قبل الإحتلال الأميركي من القوة والعقيدة العروبية والوطنية المعادية للتفريس والضامنة لوحدة العراق كان سيشكِّل عائقاً صلباً أمام تحقيق المشروع الأميركي، ألا وهو فتح الطريق أمام الإمبراطورية الفارسية الموعودة لإتمام الهلال الشيعي الخصيب وإعادة افتعال الصراع الشيعي – السُنّي من جديد ضماناً لأمن إسرائيل لمائة عامٍ مقبلة على الأقل...

إقرأ الموضوع كاملاً في الأسفل




جيش العراق متى يعود؟!
دراسة تاريخية
عن جيش العراق أواخر العصر العباسي
تأليف: حسين احمد صبرا
(2014)


جيشُ العراقِ متى يعود؟ (1 من 5)
لا أميركا ولا إيران
تريدان جيشاً عراقياً قوياً!


حسين أحمد صبرا

لا نصدِّق الدموع التي ما فتئت أميركا تذرفها بين الحين والآخر ندماً على حِّلها الجيش العراقي، ذلك أنَّ بقاء جيش العراق كما كان عليه قبل الإحتلال الأميركي من القوة والعقيدة العروبية والوطنية المعادية للتفريس والضامنة لوحدة العراق كان سيشكِّل عائقاً صلباً أمام تحقيق المشروع الأميركي، الذي تمَّ من أجله غزو بغداد وإسقاط نظام صدام حسين، ألا وهو فتح الطريق أمام الإمبراطورية الفارسية الموعودة لإتمام الهلال الشيعي الخصيب الممتد من الأحواز شرقاً وصولاً إلى لبنان غرباً مروراً بسورية والعراق، وبالتالي إعادة افتعال الصراع الشيعي – السُنّي من جديد ضماناً لأمن إسرائيل لمائة عامٍ مقبلة على الأقل، هذا الصراع الذي جعل أبواب المشرق العربي قبل ألف عامٍ مفتوحةً ومشرَّعة على الآخر أمام الغزو الصليبي القادم من الغرب بفعل التفتت العربي الناجم آنذاك عن الصراع ما بين الدولة العباسية السُنِّية في العراق والدولة الفاطمية الشيعية في مصر، والذي أدى في نهاية المطاف إلى ضعف هاتين الدولتين وخروج الأمر والنهي من أيديهما، ليصبح الآمر والناهي في بلاد العرب هم الفرس البويهيون الساسانيون، والأتراك السلاجقة، والمماليك الأرمن، والأكراد الزنكيون والأيوبيون، ثم المماليك الأتراك، والذي تطوَّر لاحقاً إلى صراع نفوذٍ على أرضنا ما بين الدولة الصفوية الشيعية والدولة العثمانية السُنِّية، أدى في نهاية المطاف إلى احتلال الغرب لكامل أرجاء الوطن العربي بعد الحرب العالمية الأولى وتقسيمه إلى دويلاتٍ ذات حدودٍ ثابتة حالت إلى الآن دون نشوء دولة عربية قوية تمدُّ أجنحتها شرقاً وغرباً في أرض العرب، في حين عمد هذا الغربُ نفسه إلى جمع الأتراك في دولةٍ إسمها "تركيا" من جهة، والفرس في دولةٍ إسمها "إيران" من جهةٍ أخرى، كلٌّ في دولةٍ واسعة الأطراف، يسهر هذا الغرب على ضمان وحدة كلٍّ منها وقوَّتها وتفوُّقها على العرب، وعلى منعها من التعرُّض لأي مخاطر تؤدي إلى تفكُّكها..
هذا الصراع الشيعي – السُنِّي قبل ألف عام، وهو صراعٌ على السلطة بامتيازٍ فائق بإسم الدين، هو الذي مدَّ بعمر الممالك الصليبية لنحو ثلاثة قرونٍ دامية من الزمن.. وهو الذي سيمدّ بعمر إسرائيل لمدةٍ تعادلها في حساب زمننا الراهن..
بوجود جيشٍ عراقي قوي لا سيطرةَ لإيران على العراق، وبالتالي يَفشل حتماً المشروعُ الأميركي المراهن بكل قوة وثقل على الهلال الفارسي الشيعي المفتِّت للمجتمعات العربية والضامن لأمن إسرائيل وقوَّتها وتفوُّقها واستقرارها والكافل لأن تنام قريرة العين ردحاً من الزمن.. من هنا نفهم أن تقوم أميركا بحلِّ الجيش العراقي كمفتاحٍ رئيس للفتنة المذهبية بين العرب أنفسهم بإدارة فارسية لم يغفل جفنُها لحظةً على مدى عمر الإسلام، وما قبل الإسلام أيضاً.. ومن هنا علينا أن نفهم معنى الشكل الذي ظهر عليه في حزيران/ يونيو 2014 جيشُ عراق ما بعد صدام حسين من الهزال والركاكة والهلهلة، وكيف أنَّ إيران، وهي الحاكم الفعلي للعراق منذ عام 2003، منعت إنشاء جيشٍ عراقي قوي حتى ولو كان جيشاً شيعياً صرفاً مائة في المائة تقريباً، قيادةً وضباطاً وعناصرَ، وبصرف النظر عن كونه تابعاً لها ويأتمر بأوامرها.
العودة إلى تاريخ العراق قبل ألف عامٍ تكشف لنا نماذجَ مشابهة بل ومطابقة للذي يحدث في عصرنا الحالي، فما من طامعٍ في السيطرة على العراق وبالتالي على العرب إلا وحالَ دون إنشاء جيشٍ عراقي قوي.. ومؤامرة الوزير الشيعي في الدولة العباسية إبن العَلْقَمي في حل جيش العراق هي التي مهَّدت لغزو بغداد من قِبَل التتار قبل ما يقرب من ثمانية قرون، وهو ما سنعرض له في حديثٍ مقبل.
(آب/ أغسطس 2014)

الحديث التالي:

5-إبن العَلْقَمي أقنع المستعصم بحل الجيش العراقي تمهيداً لدخول التتار إلى بغداد!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق