2017/03/23

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (5): دُبَيْس بن صَدَقة يحاول اغتيال آقْسُنْقُر البُرْسُقي.



تفاقم الصراع بين الأمير العراقي الشيعي دُبَيْس بن صدقة والأمير التركي قسيم الدولة آقْسُنْقُر البُرْسُقي.. وكان دُبَيْس بن صَدَقة مرتزقاً غِبَّ الطلب، يتنقَّل من ضفَّةٍ إلى أخرى بين السلاطين والملوك السلاجقة والخلفاء العباسيين.. وقد حاول دُبَيْس أن يغتال البٌرسُقي بواسطة تسعة أشخاص.. من هنا سؤالنا: هل أنَّ هؤلاء التسعة، الذين استعان بهم دُبَيْس بن صدقة من حلب والشام لاغتيال البُرْسُقي هم من الحشَّاشين؟ أغلب ظنِّنا أنهم كذلك كما سنرى بعد قليل.




إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثالث

الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (5)



دُبَيْس بن صَدَقة يحاول اغتيال آقْسُنْقُر البُرْسُقي



حسين احمد صبرا
بعد وفاة السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه، سلطان بلاد فارس وخراسان وجزءٍ من العراق، عام 511ه/ 1117م خَلَفَه في السلطنة وليُّ عهده ابنُهُ محمود، الذي ما لبث أن دخل معه أخوه الملك مسعود في حروبٍ ونزاعٍ دامٍ على السلطة في السلطنة السلجوقية. ومن هنا تفاقم الصراع بين الأمير العراقي الشيعي دُبَيْس بن صدقة والأمير التركي قسيم الدولة آقْسُنْقُر البُرْسُقي: 
من الناحية الأولى، كان الأمير آقْسُنْقُر البُرْسُقي "في خدمة السلطان محمود، ناصحاً له، ملازماً له في حروبه كلِّها"(1) ضد أخيه مسعود وضد الصليبيين وضد آخرين، فَوَلَّاهُ محمود عام 515ه/ 1121م على "مدينة الموصل وأعمالها وما ينضاف إليها كالجزيرة وسنجار وغيرها"(2)، وذلك بعدما انتزع محمود الموصلَ من أخيه مسعود.
____________________________________
(1) إبن الأثير/ الكامل في التاريخ/ ج9، ص207.
(2) المرجع السابق/ ج9، ص207.
____________________________________
من الناحية الثانية، كان دُبَيْس بن صَدَقة مرتزقاً غِبَّ الطلب، يتنقَّل من ضفَّةٍ إلى أخرى بين السلاطين والملوك السلاجقة والخلفاء العباسيين، تماماً مثلما كان يفعل قَبْلَهُ أبوه سيف الدولة صَدَقة بن مَزْيَد إبَّان الصراع الدامي على السلطة في السلطنة السلجوقية بين الأخوين بركيارُق بن ملكشاه ومحمد بن ملكشاه. وكان دُبَيْس بن صَدَقة هو السبب المباشر في إذكاء الصراع الذي دارت رحاه بين محمود ومسعود حينما حرَّض دُبَيْسُ مسعوداً على طلب السلطنة لنفسه بدلاً من أخيه، وقام دُبَيْس بمكاتبة أحد رجال مسعود "يحُثُّه على طلب السلطنة للملك مسعود ويَعِدُهُ المساعدة، وكان غرضه أن يختلفوا فيَنَال من الجاه وعلوّ المنزلة ما نالَهُ أبوه بإختلاف السلاطين بركيارُوق ومحمد، إبني ملكشاه"(3)، حيث أنَّ دُبَيْساً كان "يُعْجِبُهُ اختلاف السلاطين ويعتقد أنه ما دام الخلاف قائماً بينهم فأمرُهُ مُنْتَظِم"(4). "ووقعت الخصومةُ بين السلطان محمود وأخيه مسعود، إبنَي محمد (بن ملكشاه)، وكان مسعود هو العاصي عليه فتَلَطَّفَهُ محمودٌ فلم يُصْلِح، وقامت الحرب في ربيع الأول (سنة 514ه/ 1120م)، فانحاز البُرْسُقي إلى محمود، وانهزم مسعود وعسكره"(5).
______________________________________
(3) إبن الأثير/ الكامل في التاريخ/ ج9، ص191.
(4) إبن الجوزي/ المنتظَم في تاريخ الملوك والأمم/ ج17، ص187.
(5) المرجع السابق/ ج17، ص186.
______________________________________
ولا بد من الإشارة هنا إلى أنَّ البُرْسُقي كان في السابق في خدمة الملك مسعود، وبعدها انتقل إلى خدمة السلطان محمود، لماذا؟ فالبُرْسُقي مُذْ كان في خدمة الملك مسعود "كان بينه وبين دُبَيْس عداوةٌ مُحْكَمة"(6)، فكاتَبَ دُبَيْسٌ الساعدَ الأيمن للملك مسعود ويُدعى جيوش بك "يشير عليه بقبض البُرْسُقي (أي إلقاء القبض عليه) ويَنْسُبُهُ (بمعنى يتَّهمه) إلى الميل إلى السلطان محمود، وبَذَلَ (دُبَيْسٌ) له (أي لجيوش بك) مالاً كثيراً على قَبْضِهِ، فعَلِمَ البُرْسُقيُّ ذلك ففارقهم إلى السلطان محمود، فأَكْرَمَهُ وأعلى مَحَلَّه وزاد في تقديمه"(7).
_____________________________________
(6) إبن الأثير/ الكامل/ ج9، ص191.
(7) المرجع السابق/ ج9، ص191.
_____________________________________
عام 516ه/ 1122م ولَّى السلطانُ محمود الأميرَ آقْسُنْقُر البُرْسُقي على "مدينة واسط وأعمالها مضافاَ إلى ولاية الموصل وغيرها مما بيده وشحنكية (رئاسة عسكر) العراق"(8)، وباتت مهمة البُرْسُقي التصدي لما يقوم به دُبَيْس في العراق من أعمال سلبٍ ونهبٍ وقتلٍ وفساد، وقد "فَعَلَ (دُبَيْسٌ) القبائحَ، ولَقِيَ الناسُ منه فنونَ الأذى، وبشؤمه بَطُلَ الحجُّ في هذه السنة (516ه/ 1122م) لأنه كان قد وقعت وقعةٌ بينه وبين أصحابه وأهل واسط (...). ونَفَّذَ (أرسل) (الخليفةُ العباسي) المسترشدُ إليه (إلى دُبَيْس) يحذِّره من إراقة الدماء ويأمره بالإقتصار على ما كان لجدِّه من البلاد، ويُشْعِرُهُ بخروجه إليه إنْ لم يكفّ، فزاد (دُبَيْسٌ) في طغيانه وتواعد وأرعد، وأقبلت طلائعُهُ فانزعج أهلُ بغداد"(9). في هذه الأثناء ألقى
______________________________________
(8) إبن الأثير/ الكامل/ ج9، ص217.
(9) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص209.
_______________________________________
البُرْسُقي القبضَ على 9 أفرادٍ كانوا يُعِدُّون العدة لاغتياله وقد أرسلهم دُبَيْس بن صدقة. وهنا يذكر ابنُ الجوزي: " فلما كانت بكرة الثلاثاء ثالث شوال (سنة 516ه/ 1122م) صَلَبَ (آقسُنْقُر) البرسقيُّ تسعةَ أنفسٍ، ذُكِرَ أنهم من أهل حلب والشام، وأنَّ دبيس بن صدقة أرسلهم لقتل البرسقي في تاسع ذي القعدة"(10). وهنا سؤالنا: هل أنَّ هؤلاء التسعة، الذين استعان بهم دُبَيْس بن صدقة من حلب والشام لاغتيال البُرْسُقي هم من الحشَّاشين؟ أغلب ظنِّنا أنهم كذلك كما سنرى بعد قليل.
_____________________________________
(10) المرجع السابق/ ج17، ص209 – 210.
_____________________________________
الحديث التالي:
 الحديث السابق:











 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق