2017/03/23

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (16): الحشَّاشون مطلع القرن الهجري السابع.



ما أن أطلَّ القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) حتى كان الحشَّاشون مرتزقةً بيد كلٍّ من الخليفة العباسي الناصر لدين الله، والصليبيين، وحاكم حلب الملك الظاهر غازي الأول (إبن صلاح الدين الأيوبي). ففي عام 608ه 1211م، وبعد عودة الحشَّاشين الظاهرية إلى الإسلام، أصبح الملاحدة الحشَّاشون في بلاد فارس وخراسان بزعامة جلال الدين مرتزقةً بيد الخليفة العباسي الناصر لدين الله، فأَمَرَهُم عام 612ه/ 1215م الإشتراك في الحرب ضد حاكم همذان وأصفهان والري الأمير منكلي...


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثالث

الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (16)



الحشَّاشون مطلع القرن الهجري السابع



حسين احمد صبرا
ما أن أطلَّ القرن السابع الهجري (الثالث عشر الميلادي) حتى كان الحشَّاشون مرتزقةً بيد كلٍّ من الخليفة العباسي الناصر لدين الله(1)، والصليبيين، وحاكم حلب الملك الظاهر غازي الأول (إبن صلاح الدين الأيوبي)(2).
ففي عام 608ه 1211م، وبعد عودة الحشَّاشين الظاهرية إلى الإسلام(3)، أصبح الملاحدة الحشَّاشون في بلاد فارس وخراسان بزعامة جلال الدين مرتزقةً بيد الخليفة العباسي الناصر لـــــــــــــــــــــــــــــدين الله، فأَمَرَهُم(4)
_____________________________________
(1) الخليفة العباسي الناصر لدين الله، أبو العباس أحمد بن المستضيء بالله، وقد حكم 46 عاماً ما بين عامي 575ه – 622ه/ 1179م – 1225م.
(2) الملك الظاهر  غياث الدين أبو منصور غازي الأول (568ه – 613ه/ 1173م – 1216م). حَكَمَ حلب خلال السنوات 582ه – 613ه/ 1186م – 1216م.
(3) من سنة 572ه/ 1176م وحتى سنة 608ه/ 1211م أسقط زعيمُ الحشَّاشين في قلعة أَلَمُوت الكيا محمد التكاليفَ الشرعية عن جميع أتباعه وأباح لهم زنى المحارم وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير والإفطار في شهر رمضان.
(4) ذكر ابن الأثير أنَّ الخليفة أرسل إلى زعيم الملاحدة في أَلَمُوت "يأمُرُهُ بمساعدة أوزبك على قتال منكلي"/ الكامل/ ج10، ص364.
_____________________________________
عام 612ه/ 1215م الإشتراك مع حاكم أذربيجان الأمير أوزبك بن البهلوان في الحرب ضد حاكم همذان وأصفهان والري الأمير منكلي، على أن يكون لكلِّ فريقٍ منهم (أي الخليفة وأوزبك والحشَّاشين) حصةٌ من الأراضي التي يحكمها منكلي. وبالفعل، فبعد هزيمة منكلي ومقتله "استولى عسكر الخليفة وأوزبك على البلاد، فأعطى (الخليفةُ) جلالَ الدين – ملكَ الإسماعيلية (الحشَّاشين) – من البلاد ما كان استقرَّ له، وأخذ الباقي أوزبك"(5).
_____________________________________
(5) إبن الأثير/ الكامل في التاريخ/ ج10 ص365.
_____________________________________
وفي عام 610ه/ 1213م "وَثَبَ الإسماعيليةُ (الحشَّاشون) على ابن الإبرنس(6) بكنيسة أنطرسوس، فقتلوه"(7). "وكان عمره ثماني عشرة سنة، فحزن عليه أبوه حزناً شديداً وأَعْظَمَت الملَّةُ الفرنجية ذلك وخافوا واحترزوا لأنفسهم"(8). "ويبدو أنَّ (الصليبيين) الإِسْبِتَارِيَّة(9) هـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــم الذين
____________________________________
(6) إبن الإبرنس: ريموند، الإبن الأكبر لأمير أنطاكية وطرابلس بوهيموند الرابع.
(7) إبن العديم/ زبدة الحلب/ ص452.
(8) إبن الفرات/ تاريخ الدول والملوك/ المجلد الخامس، ج1، ص135.
(9) فرسان الإسْبِتَارِيَّة (فرسان المستشفى) وفرسان الدَاوِيَّة (فرسان المعبد): كانوا عبارة عن ميليشيات عسكرية دينية صليبية عملت على حماية الكيان الصليبي في بلاد الشام، وقد بدأت أنظمتها العسكرية تتشكَّل ما بين عامي 512ه – 514ه/ 1118م – 1120م. وكلتا الفرقتين، الإسبتارية والداوية، كانتا تتبعان مباشرةً للسلطة البابوية في روما دون غيرها، وقد ازداد نفوذهما بعدما امتلكتا الثروات والأراضي، وباتتا على حد تعبير المؤرخين الأوروبيين كنيسةً داخل الكنيسة. والإسبتارية تسمية مشتقة من كلمة مستشفى (هوسبيتال) وتحديدا كلمة المسعف أو فرسان المستشفى (هوسبيتالر)، وقد بدأوا عملهم كهيئة صحية تسعف المرضى من الصليبيين وجرحى حروبهم في بلاد الشام، إلى أن تحولوا لاحقاً إلى قوة عسكرية.. أما الداوية فحملوا إسم "فرسان المعبد" (فرسان الهيكل) حيث كان مقرهم في هيكل سليمان في المسجد الأقصى في بيت المقدس. (راجع ستيفن رنسيمان، تاريخ الحملات الصليبية، ج2، مملكة القدس، تعريب نور الدين خليل، ص188 – 189 – 190 تحت عنوان "بدايات الأنظمة الدينية العسكرية للرهبان الفرسان)/ راجع عن فرسان المستشفى (الإسبتارية): وليم الصوري، الحروب الصليبية، ج3، الكتاب 18، فقرة 4، ص387 – 388./ راجع عن فرسان المعبد (الداوية): وليم الصوري، الحروب الصليبية، ج2، الكتاب 12، الفقرة 7، ص345 – 346 – 347/ راجع عن أصل الداوية ص384، وعن أصل الإسبتارية ص390 من "الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية" ج35).
____________________________________
حرَّضوا القَتَلَة، نظراً لأنَّ الحشيشية كانوا وقتذاك يؤدُّون إتاوةً لهم"(10)، وقد "أُثيرت الشكوك – في ما يختص بمصرع ريموند – حول الإسبتارية بسبب تعاطف الإسماعيلية (الحشَّاشين) معهم جرياً وراء تحقيق مطلبهم الخاص بالإعفاء من الجزية المقرَّرة عليهم. أما بوهيموند (الرابع) فقد وجَّه الإتهام إلى كلٍّ من الإسْبِتارِيَّة والدَاوِيَّة معاً، الأمر الذي ترتَّب عليه رفعُ تقريرٍ ضدهم إلى البابا(11)، والذي بَعَثَ بدوره إلى امراء صيدا وصور وبيروت يطلب إليهم إبلاغ النظام العسكري المتمثِّل في الإسبتارية والداويَّة ضرورة إلغاء كل ارتباطٍ (لهم) مع الإسماعيليين (الحشَّاشين) في بلاد الشام"(12).
____________________________________
(10) ستيفن رنسيمان/ تاريخ الحروب الصليبية/ ج3، القسم الأول، ص247/ تعريب د. السيد الباز العريني.
(11) البابا أنوسَنت الثالث (توفي عام 613ه/ 1216م).
(12) عثمان عبد الحميد عشري/ الإسماعيليون في بلاد الشام على عصر الحروب الصليبية/ ص178.
____________________________________
ومن ناحيته فإنَّ بوهيموند الرابع جَمَعَ عام 611ه/ 1214م "جموعَ الفرنج (الصليبيين) ونزل على حصونهم (حصون الحشَّاشين) وقَتَلَ وسَبى، وحَصَرَ حصنَ الخوابي(13) (التابع للحشَّاشين)"(14) "حصاراً شديداً، وكانوا (أي الصليبيين) حانقين عليهم (على الحشَّاشين) بسبب قتلهم ابن الإبرنس صاحب أنطاكية"(15). فما كان من الحشَّاشين إلا أن كتبوا إلى حاكم حلب الملك الظاهر غيَّاث الأول (إبن صلاح الدين الأيوبي) "يستغيثون به ويستنجدونه"(16). وكانت علاقة الملك الظاهر وثيقة جداً بالحشَّاشين، حيث أنَّ حصونهم باتت بعد صلح الرملة واقعة تحت سلطته وسلطـــــــــــــــــــــــــــــــــــة
_____________________________________
(13) يقع حصن الخوابي شرق مدينة طرطوس الساحلية.
(14) إبن العديم/ زبدة الحلب/ ص452.
(15) إبن واصل/ مُفَرِّج الكروب في أخبار بني أيوب/ ج3، ص224.
(16) إبن العديم/ زبدة الحلب/ ص452.
_____________________________________
عمِّه الملك العادل (أبي بكر بن أيوب)، فبعثَّ الملك الظاهر " إلى الفرنج يُعْلِمُهُم أنه لا يُمَكِّنهم من الإسماعيلية"(17)، وسارع إلى استخدام "مائتي راجلٍ، وسيَّر جماعةً من عسكر حلب يحفظونهم، ليدخلوا إلى حصن الخوابي ويمنعوا الفرنج من الإستيلاء عليه. وجرَّد عسكراً من حلب مع سيف الدين بن علم الدين لِيُشْغِلَ الفرنج من جهة اللاذقية ليتمكَّن الرَجَّالة من الدخول إلى الحصن. فلما سمع الفرنج بذلك كمنوا كميناً للرَجَّالة والخَيَّالة الذين يحفظونهم، فأسروا الرَجَّالة وقتلوهم، وقبضوا ثلاثين من الخَيَّالة، وذلك في حادي عشر شهر رجب (سنة 611ه/ 1214م). فعند ذلك خرج الملكُ المعظَّم إبن العادل(18) من دمشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــق
_____________________________________
(17) إبن واصل/ مُفَرِّج الكروب/ ج3، ص224،
(18) الملك المعظَّم عيسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وقد حكم دمشق ما بين عامي 615ه – 624ه/ 1218م – 1226م.
_____________________________________
بعسكره ودخل غائراً في بلد طرابلس، فلم يترك في بلدها قريةً (صليبية) إلا نهبها وخربها، واستاق الغنائم والأسرى، فرحلوا (أي الصليبيين) عن الخوابي وأطلقوا الأسرى الذين أسروهم من أصحاب السلطان الملك الظاهر، وراسلوه معتذرين متلطِّفين، وافترقوا عن غير زبدةٍ حصلت لهم"(19).
وعلى الرغم من القرار الذي أصدره البابا إلى كافة الصليبيين بقطع علاقاتهم مع الحشَّاشين، إلا أنَّ تعاون الإِسْبِتارِيَّة مع الحشَّاشين ظلَّ قائماً على قدمٍ وساق، إذ ما لبث الحشَّاشون عام 612ه/ 1215م أن اغتالوا بطريرك بيت المقدس ألبرت، "وكان أيضاً من أعداء الإِسْبِتَارِيَّة"(20)، "الأمر الذي كان له أَثَرٌ سيء في نفس البابا والصليبيين جميعاً"(21)، فما كــــــــــــــان إلا
_____________________________________
(19) إبن العديم/ زبدة الحلب/ ص452.
(20) ستيفن رنسيمان/ تاريخ الحروب الصليبية/ ج3، القسم1، ص247 (تعريب السيد الباز العريني).
(21) عثمان عبد الحميد عشري/ الإسماعيليون في بلاد الشام/ ص179،
_____________________________________
أن "نازَلَت الفرنجُ (حصن) الخوابيَ (لثاني مرة)، وجَدُّوا في حصاره وقتال أهله"(22)، وأخذوا من حصن الخوابي وما حوله "نحو ثلاثمائة أسير"(23). فسارع حاكم حلب الملك الظاهر لثاني مرة إلى إرسال النجدة إلى الحشَّاشين ضد الصليبيين، الذين "قاتَلَتْهُم رَجَّالةُ الحلبيين الذين بعثهم الملكُ الظاهر نجدةً لأهل الخوابي"(24). ومع تدخُّل الملك الظاهر لثاني مرة لصالح الحشَّاشين، لم يكن من الصليبيين إلا أن "صالحوهم"(25).
____________________________________
(22) إبن واصل/ مُفَرِّج الكروب/ ج3، ص229،
(23) أبو شامة/ كتاب الروضتين/ ج5، ص137.
(24) إبن واصل/ مُفَرِّج الكروب/ ج5، ص229.
(25) المقريزي/ السلوك لمعرفة دول الملوك/ ج1، ص301.
____________________________________
وفي عام 615ه/ 1218م حصل نزاعٌ بين الصليبيين على مَنْ يَرِث مملكة أرمينية عقب وفاة ملكها ليو الثاني. وفي النهاية استقرَّ رأي البابا هونوريوس الثالث والكنيسة على أن يتولى مملكة أرمينية أمير أنطاكية ريموند روبين، الذي "استقرَّ في طرسوس ينتظر المساعدة من الإِسْبِتَارِيَّة، وكان يرتبط معهم بعلاقاتٍ ودية"(26). إلا أنَّ نبلاء أرمينية نفَّذوا رغبات مَلِكِهِم الراحل (ليو الثاني) فعيَّنوا ابنتَهُ الصغيرة إيزابيلا مَلِكَةً على عرش أرمينية، وعيَّنوا آدم (سيِّد بغراس) وصياً عليها. وهنا بتنا أمام صراعٍ على العرش بين أمير أنطاكية (ويسانده الإسبتارية)، وبين الوصي على العرش آدم سيِّد بغراس. وما هي إلا أشهر معدودة حتى اغتال الحشَّاشون فجأةً آدمَ سيد بغراس، "ولا شكَّ أنَّ ذلك جرى بتحريضٍ من الإسبتارية"(27).
_____________________________________
(26) ستيفن رنسيمان/ تاريخ الحروب الصليبية/ ج3، القسم1، ص305 (تعريب السيد الباز العريني).
(27) المرجع السابق/ ج3، القسم1، ص306.
_____________________________________
تجدر الإشارة إلى أنه في عام 629ه/ 1231م "قُتِلَ الدوق لودفيك دو بافيير، ووُجِّهَت التهمة إلى الإمبراطور فريدريك الثاني باستخدام الحشَّاشين في تنفيذ العملية. ولقد وَجَدَ البابا إنوسنت الرابع في هذه التهمة المسوِّغ الكافي لخلع الإمبراطور من العرش وتجريده من انتمائه الديني"(28).
____________________________________
(28) سميرة بن عَمُّو/ أَلَمُوت وإيديولوجيا الإرهاب الفدائي/ ص9.
____________________________________
الحديث التالي:
الحديث السابق:





 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق