2017/03/23

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (14): كيف نفَّذ الحشَّاشون ما جاء في وثيقة الملك الصالح.



كان الحشَّاشون، كونهم مرتزقةً غِبَّ الطلب، ينفِّذون ما يطلبه الحكَّامُ منهم بموجب وثيقة موقعة من قِبَلِ هؤلاء الحكَّام يَذْكُرُون فيها بالتفصيل ما هو مطلوبٌ من الحشَّاشين فِعْلُهُ من عمليات اغتيال، وإليكم ما جرى في حلب عام 573ه/ 1177م زمن الملك الصالح، إبن نور الدين زنكي:




إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)

الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثالث

الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (14)


كيف نفَّذ الحشَّاشون ما جاء في وثيقة الملك الصالح



حسين احمد صبرا
كان الحشَّاشون، كونهم مرتزقةً غِبَّ الطلب، ينفِّذون ما يطلبه الحكَّامُ منهم بموجب وثيقة موقعة من قِبَلِ هؤلاء الحكَّام يَذْكُرُون فيها بالتفصيل ما هو مطلوبٌ من الحشَّاشين فِعْلُهُ من عمليات اغتيال، وإليكم ما جرى في حلب عام 573ه/ 1177م زمن الملك الصالح، إبن نور الدين زنكي:
كان هناك ثلاثةٌ من القيادات في حلب يتآمرون على القائد العسكري فيها سعد الدين كُمُشْتِكِين "ويحاولون حَطَّه عن مَرْتَبَتِه"(1)، وهم: الوزير شهاب الدين أبو صالح بن العجمي، والأمير لالا المجاهد ياقوت (الذي كان يتولَّى تربية الملك الصالح، حيث أنَّ الأخير كان ما يزال صغيراً)، ووالي قلعة حلب جمال الدين شاذبخت. وكان في المحصِّلة أنْ "عَلِمَ كُمُشْتِكِين ذلك، فكَتَبَ كتاباً إلى سنان (شيخ الجبل راشد الدين سنان) مقدَّمِ الإسماعيلية (الحشَّاشين) بالحصون، على لسان الملك الصالح (ملك حلب)، يلتمس منه قَتْلَ (الوزيرَ) أبي صالح و(المُرَبِّي) اللالا و(والي القلعة) شاذبخت"(2). فكيف حصل أن كتب كُمُشْتِكِين هذا الكتاب على لسان الملك الصالح، أي دون أن يدري الأخير، رغم وجود توقيعه على هذا الكتاب؟
_____________________________________
(1) إبن العديم/ زبدة الحلب في تاريخ حلب/ ص374.
(2) المرجع السابق/ ص374.
_____________________________________
لقد كان الملك الصالح خارجاً إلى الصيد، فتَمَهَّلَهُ كُمُشْتِكِين ليُوَقِّعَ على بياض على كتابٍ لأمرٍ ما ضروري، أي أنَّ هذا الكتاب "لم يُكْتَبْ فيه شيءٌ أصلاً"(3)، وبعدما حصل على توقيع الملك الصالح "كَتَبَ كُمُشْتِكِين (في الكتاب) إلى سنان (زعيم الحشاشين) بالأمر الذي أراده، وسيَّره إليه، فلم يشكَّ سنانُ في أنَّ الأمر وُقِّعَ من الملك الصالح، ليستقلَّ بأموره ومُلكه. فنَدَبَ (سنانُ) جماعةً لقتل المذكورين، فوثبوا على (الوزير) شهاب الدين أبي صالح عندما خرج من باب الجامع الشرقي بالقرب من داره"(4)، "فقتلوه"(5)، "وقُتل الإسماعيليان (الحشّاشان) اللذان وثبا عليه"(6).
وحاول الحشَّاشون "قَتْل (والي القلعة) شاذبخت، فلم يقدروا على الوثوب عليه لشدة احترازه في القلعة"(7).
____________________________________
(3) إبن العديم/ زبدة الحلب في تاريخ حلب/ ص374.
(4) المرجع السابق/ ص374.
(5) إبن الأثير/ الكامل في التاريخ/ ج10، ص87.
(6) إبن العديم/ زبدة الحلب/ ص374.
(7) المرجع السابق ص375.
____________________________________
"ثم وَثَبَ بعد ذلك بمدةٍ ثلاثةٌ منهم على (المُرَبِّي) اللالا بالقرب من خانكاه القصر(8)، وتعلَّق (أحدُهُم) بذيل بغلتاقِهِ(9) ليضربه بالسكين، فرَفَسَ اللالا الفَرَسَ وخَرَجَ من البغلتاق فنجا. وأحاط الناسُ بالجماعة (الحشَّاشين) الذين قفزوا عليه، وفيهم اثنان كانا يترددان إلى رِكَابدار(10) اللالا، فقُتل أحدهما وصُلب الركابدار أيضاً، وكُتب على صدره: هذا جزاء مَنْ يؤوي المُلْحِدَة"(11).
إذاً، قَتَلَ الناسُ أحدَ الحشَّاشين، في وقتٍ استطاعوا إلقاء القبض على حشَّاشي آخر، فماذا فعلوا به؟
____________________________________
(8) الخانكاه: مكان اجتماع طائفة الصوفية وإيواء الفقراء منهم،
(9) البغلتاق: نوعٌ من الثياب يُلبَس فوق الثياب الأخرى.
(10) رِكَابدار: الذي يحمل الرِكَاب، أي السرج.
(11) إبن العديم/ زبدة الحلب/ ص374.
_____________________________________
" وأما (الحشَّاشي) الآخر فصعدوا به إلى القلعة، فضُرب ضرباً عنيفاً وثُقب كَعْبُهُ، ليُقَرِّر على السبب الذي أوجب وُثُوبَهُم، فقال (الحشَّاشيُّ) للملك الصالح: أنتَ تَبْعَثُ كُتُبَكَ إلى مولانا سنان (شيخ الجبل) بِقَتْلِ مَنْ أُمِرْنا بِقَتْلِهِ، ثم تُنكر فِعْلَ ذلك؟ فقال (الملكُ الصالح): ما أَمَرْتُ بشيء. وكَتَبَ (الملكُ الصالح) إلى سنان يعتب عليه فيما فعل بأبي صالح واللالا. فقال (سنان): أنا ما فعلتُ شيئاً إلا بأمرك وخَطِّك. وسَيَّر (سنانُ) إليه كتاباً فيه علامتُهُ بقتل الثلاثة المذكورين، فعَلِمَ (الملكُ الصالح) أنَّ ذلك كان مكيدةً من كُمُشْتِكِين"(12).
عند ذلك قبض الملك الصالح على سعد الدين كُمُشْتِكِين "فعُذِّبَ عذاباً شديداً (...) (ثُمَّ) خُنِقَ بوَتَر"(13).
____________________________________
(12) إبن العديم/ زبدة الحلب/ ص375.
(13) المرجع السابق/ ص376.
_____________________________________
الحديث التالي:
الحديث السابق:











 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق