2017/03/23

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (13): محاولة اغتيال صلاح الدين.



في صراعه مع الصليبيين عَمَدَ القائدُ العروبي صلاح الدين الأيوبي إلى توحيد الجبهتين المصرية والسورية ولم يبقَ خارج سيطرته سوى حلب، التي كان يطغى عليها الطابع الشيعي ويحكمها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين زنكي.. وفي عام 570ه/ 1174م حاصر صلاح الدين حلب.. هنا اتَّبع حكَّام حلب خطوتين اثنتين: الخطوة الأولى، استمالة شيعة حلب إلى جانبهم، والخطوة الثانية، الطلب من الحشَّاشين اغتيال صلاح الدين...




إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثالث

الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (13)


محاولة اغتيال صلاح الدين


المحاولة الأولى



حسين احمد صبرا
في صراعه مع الصليبيين عَمَدَ القائدُ العروبي صلاح الدين الأيوبي إلى توحيد الجبهتين المصرية والسورية ولم يبقَ خارج سيطرته سوى حلب، التي كان يطغى عليها الطابع الشيعي ويحكمها الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين زنكي، وكان عمره آنذاك اثني عشر عاماً، وكان قائد حلب العسكري هو سعد الدين كُمُشْتِكِين، الذي كان في ما مضى والياً على الموصل من قِبَل نور الدين زنكي، وبعد وفاة الأخير فرَّ كُمُشْتِكِين إلى حلب وأصبح قائد العسكر  فيها.
عام 570ه/ 1174م حاصر صلاح الدين حلب، وأرسل إليها "رسولاً يُعَرِّض بطلب الصلح، فامتنع كُمُشْتِكِين، فاشتدَّ حينئذِ السلطان (صلاح الدين) في قتال البلد"(1). هنا اتَّبع حكَّام حلب خطوتين اثنتين:
____________________________________
(1) أبو شامة/ كتاب الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية/ ج2/ ص229، وهنا ينقل أبو شامة عن كتاب "السيرة الصلاحية" المفقود للمؤرخ الشيعي الحلبي يحيى بن أبي طي.
____________________________________
الخطوة الأولى، استمالة شيعة حلب إلى جانبهم، وهنا كان للشيعة شروطهم المتمثِّلة بأن يعاد إليهم جامعهم ليصلُّوا فيه على طريقتهم المعتادة، وأن يُجْهَر بالأذان بجملة "حي على خير العمل"، وأن يُسْمَح لهم بذكر أسماء أئمَّتهم الإثني عشر جهاراً في الأسواق وفي الجنائز، وأن يصلُّوا على أمواتهم خمسَ تكبيرات، وأن تُكتَب عقود الزواج على يد مرجعٍ شيعي في حلب، وأن يتم التصدِّي بقوة وحزم لمن يحاول التصدَّى لهم من المسلمين، مع الإشارة إلى أنَّ ما اشترطوه كان أَبْطَلَهُ سابقاً في حلب نور الدين زنكي. فاستجاب حاكم حلب الملك الصالح (إبن نور الدين زنكي) لشروطهم، وفي هذا الإطار يقول المؤرِّخ الحلبي الشيعي يحيى ابن أبي طي(2) في كتابه المفقود "السيرة الصلاحية": "فأَذَّنَ المؤذِّنون في منارة الجامع وغيره بحيّ على خير العمل، وصلَّى أبي (أي أبو طيّ، وكان شيعياً اثنا عشرياً) في الشرقيّة مُسْبلاً، وصلَّى وجوهُ (أعيان) الحلبيين خلفه، وذكروا في الأسواق وقُدَّام الجنائز بأسماء الأئمة (الإثني عشر)، وصلُّوا على
_____________________________________
(2) يحيى بن أبي طي (575ه – 630ه/ 1179م – 1232م).
_____________________________________
الأموات خمس تكبيرات، وأُذِنَ للشريف (أبي المكارم حمزة ابن زُهْرة الحسيني) في أن تكون عقود الحلبيين من (الشيعة) الإمامية إليه، وفعلوا جميع ما وقعتِ الأَيْمانُ عليه"(3)   
الخطوة الثانية، الطلب من الحشَّاشين اغتيال صلاح الدين. يقول ابن أبي طي في "السيرة الصلاحية": "وكانت ليالي الجماعة عند الملك الصالح (ملك حلب) لا تنقضي إلا بنصب الحبائل للسلطان (صلاح الدين)، والفكرة في مخاتلته وإرسال المكروه إليه. فأجمعوا آراءهم على مراسلة سنان(4) صاحب الحشيشية في إرصاد المتالف للسلطان، وإرسال مَنْ يفتك به، وضمنوا له على ذلك أموالاً جمَّة وعِدَّةً من القرى. فأرسل سنان جماعةً من فُتَّاك أصحابه لإغتيال السلطان (صلاح الدين)"(5).
_____________________________________
(3) أبو شامة/ كتاب الروضتين/ ج2، ص228.
 (4) شيخ الجبل راشد الدين سنان، المتوفَّى سنة 588ه/ 1192م.
(5) أبو شامة/ كتاب الورضتين/ ج2، ص229.
______________________________________
فشلت محاولة الحشَّاشين الأولى اغتيال صلاح الدين بطلب من حكَّام حلب، فلم يكن من الملك الصالح وكُمُشْتِكِين إلا أن طلبا المعونة من الصليبيين كي يفتحوا معركةً مع صلاح الدين تجعله مضطراً إلى فك الحصار عن حلب، "فأُرسل إليه (أي إلى حاكم طرابلس الصليبي الكونت ريموند) من حلب (أي من الملك الصالح وكُمُشْتِكِين وأعوانهما) يطلبون منه أن يقصد بعضَ البلاد التي بيد صلاح الدين ليرحل عنهم (أي عن حلب)، فسار (الكونت ريموند) إلى حمص ونازلها سابع رجب، فلما تجهَّز لقصدها سَمِعَ صلاحُ الدين الخبرَ فرحل عن حلب فوصل إلى حماة ثامن رجب بعد نزول الفرنج على حمص بيوم، ثم رحل إلى الرستن، فلما سمع الفرنج بقربه رحلوا عن حمص ووصل صلاح الدين إليها فحَصَرَ القلعةَ (في حمص) إلى أن مَلَكَها في الحادي والعشرين من شعبان من السنة (570ه/ 1174م)، فصار أكثرُ الشام بيده، ولما مَلَكَ حمصَ سار منها إلى بعلبك (...) فحصرها صلاح الدين (...) وتسلَّم القلعة رابع عشر رمضان من السنة المذكورة"(6).
_____________________________________
(6) إبن الأثير/ الكامل في التاريخ/ ج10، ص68.
_____________________________________

محاولة اغتيال صلاح الدين الثانية

لم يكن نجاح الصليبيين في إبعاد صلاح الدين عن حلب إلا مؤقتاً، إذ عَقَدَ صلاح الدين صلحاً مع حاكم حلب الملك الصالح، بيد أنَّ قيام الأخير بنقض ميثاق الصلح هذا بتحالفه سراً مع حاكم الموصل ضدَّه وانكشاف هذا الأمر لصلاح الدين، جعل الأخير يعود في العام التالي (571ه/ 1175م) إلى محاصرة حلب للمرة الثانية، فكاتب حكَّامُ حلب الحشَّاشين مرةً ثانية لاغتيال صلاح الدين.. يقول ابن أبي طي: " لمَّا فتح السلطانُ (صلاح الدين الأيوبي) حِصْنَ بُزاعا ومَنْبِج أيقن مَنْ بحلب بخروجِ ما في أيديهم من المعاقل والقلاع، فعادوا إلى عادتهم في نصب الحبائل للسلطان (صلاح الدين). فكاتبوا سِناناً صاحبَ الحشيشية مرةً ثانية، ورغَّبوه بالأموال والمواعيد، وحَمَلوه على إنفاذ مَنْ يَفْتِكُ بالسلطان. فأرسل –لعنه الله- جماعةً من أصحابه، فجاؤوا بزِيّ الأجناد، ودخلوا بين المقاتلة، وباشروا الحرب وأبلوا فيها أحسن البلاء، وامتزجوا بأصحاب السلطان لعلَّهم يجدون فرصةً ينتهزونها. فبينما السلطان يوماً جالسٌ في خيمةِ (أحد قادته) جاولي، والحربُ قائمة، والسلطان مشغولٌ بالنظر إلى القتال، إذ وثب عليه أحدُ الحشيشية وضربه بسِكِّينةٍ على رأسه، وكان رحمه الله محترزاً خائفاً من الحشيشية، لا ينزع الزَرَدِيّة(7) عن بدنه، ولا صفائحَ الحديد عن رأسه، فلم تصنع ضربةُ الحشيشيّ شيئاً لمكان صفائح الحديد."(8)، إلى آخر الرواية.
_____________________________________
(7) أبو شامة/ كتاب الروضتين/ ج2، ص269 – 270.
(8) نوعٌ من الدروع.
_____________________________________
الحديث التالي:
الحديث السابق:






 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق