2017/03/23

كتاب "حزب الله والحشَّاشون"/ الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (12): الحشَّاشون يحاربون جنباً إلى جنب مع الصليبيين.



بلغ التحالف الوثيق بين الحشَّاشين والصليبيين ضد أي قوة إسلامية صاعدة إلى حد مشاركة الحشَّاشين في القتال في صفوف الصليبيين، كما حصل عام 544ه/ 1149م حينما شارك زعيم الحشَّاشين في حلب عليّ بن وفاء جنباً إلى جنب مع حاكم أنطاكية ريموند أوف بواتييه ضد حاكم حلب الجديد نور الدين زنكي، الذي أعاد حلب إلى المذاهب السُنِّيَّة وشنَّ حرباً ضد شيعتها وألغى جملة "حي على خير العمل" من الأذان، إلى غير ذلك، وقد شكَّل ظهور نور الدين محمود زنكي على ساحة بلاد الشام بداية ظهور قوَّة إسلامية جديدة، وكان ذلك مدعاةً إلى أن يسعى الحشَّاشون بكل السبل لمحاربتها، وها هم يتحالفون مع الصليبيين ضدَّها، وكان عليّ بن وفاء "يحمل الكراهية لنور الدين ما يفوق كراهيته للمسيحيين".

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثالث

الحشَّاشون مرتزِقة غِبَّ الطلب (12)


الحشَّاشون يحاربون جنباً إلى جنب مع الصليبيين




حسين احمد صبرا
بلغ التحالف الوثيق بين الحشَّاشين والصليبيين ضد أي قوة إسلامية صاعدة إلى حد مشاركة الحشَّاشين في القتال في صفوف الصليبيين، كما حصل عام 544ه/ 1149م حينما شارك زعيم الحشَّاشين في حلب عليّ بن وفاء جنباً إلى جنب مع حاكم أنطاكية ريموند أوف بواتييه ضد حاكم حلب الجديد نور الدين زنكي، الذي أعاد حلب إلى المذاهب السُنِّيَّة وشنَّ حرباً ضد شيعتها وألغى جملة "حي على خير العمل" من الأذان، إلى غير ذلك، وقد شكَّل ظهور نور الدين محمود زنكي على ساحة بلاد الشام بداية ظهور قوَّة إسلامية جديدة، وكان ذلك مدعاةً إلى أن يسعى الحشَّاشون بكل السبل لمحاربتها، وها هم يتحالفون مع الصليبيين ضدَّها، وكان عليّ بن وفاء "يحمل الكراهية لنور الدين ما يفوق كراهيته للمسيحيين"(1).
_____________________________________
(1) ستيفن رنسيمان/ تاريخ الحملات الصليبية/ ج2، مملكة القدس، ص378.
_____________________________________
لقد دخل نور الدين زنكي " إلى بلاد أنطاكية ونهب كل البلاد ونزل على الشغر، لكنَّ ريموند (أوف بواتييه) حاكم أنطاكية لم يكن موجوداً فيها، ولمّا سمع أتى مسرعاً ولم يدخل لأنطاكية بل جاز عليها، وكان معه عليُّ بن وفاء، البدوي الذي انشقَّ عن نور الدين، وكان هذا (أي ابن وفاء) مع عسكره قد ساعد الإفرنج كثيراً حتى كسروا الأتراك وجعلوهم يهربون بحالةٍ سيئة (...) وعندما كان نور الدين حاكم حلب يتَّقد غيظاً ويختال ويجمع عسكراً، كان الإفرنج المتكبِّرون والمتغطرسون لا يبالون بما حولهم، وربما دفعهم الله إلى هذا الموقف جزاءً لأعمالهم الشريرة، فاستهتروا بأعدائهم الأتراك الذين أخذوا يتجمَّعون حولهم كما يتجمَّع الذباب حول الجثة، فتركوا قراهم وكرومهم بغير سياج، وكان شأنهم في ذلك كالذي يترك بيته بدون أبواب. ومضوا إلى بلاد العرب كما يمضي الغزال إلى الفخ والأيل إلى السهم الذي سوف ينغرس في كبده، وكان معهم عليُّ بن وفاء العربي. ولمّا رأى أنهم دخلوا إلى أواسط أراضي أعدائهم قال البدوي (عليّ بن وفاء): إلى أين أنت ماضٍ أيها الملك وأعداؤك يحيطون بك من كل جانب، إبقَ في مكانك وتجمَّع أنت وعسكرك حتى يتفرَّقوا ويذهبون، فإن أرادوا أن يدخلوا بلادك فحينئذٍ تلاقيهم. أما هو (أي ريموند) فاحتقر كلامه ورفض نصيحته ومشورته، ما كاد يهبط الليل حتى وجد نفسه في وسط الأتراك، فأطبق الترك على الإفرنج الأشقياء من كل جانب، حينئذٍ قال له عليُّ بن وفاء ثانيةً: إنك لم تسمع مني، وها نحن الآن في الفخ، لكن إسمع مني الآن وتعال نهرب، فعسانا نستطيع إنقاذ ما أمكن لأنَّ الأتراك يحيطون بنا بعسكرٍ عظيم، وإذا أشرق الصباح ونحن ما زلنا هنا فسوف يُهلكوننا. وعندما انبلج الصبح وقبل أن تشرق الشمس هجم الأتراك هجوماً عنيفاً وأكنَّهم (وكأنَّهم) جبلٌ من الماء وأخذوا يذبحون الكبار والصغار وكانوا يتساقطون كالأشجار عندما تُقْطَع من أسفلها، وقُتل ريموند حاكمُ أنطاكية – الأسدُ الشديد –،    وسقط رنجر –حاكم كيسوم شبلُ الأسد- (وقُتل على بن الوفاء) ولم ينجُ واحدٌ منهم لينقل أخبار ما جرى، وتحوَّلت هذه العساكر إلى أكوامٍ من القتلى. وفي ذلك اليوم نزلت ضربةٌ قاصمة بالمسيحيين، إذ لم يشعر أهلُ أنطاكية إلا والأتراك قد غنموا كلَّ البلاد وسبوا أهلها، وحلَّ نور الدين على المدينة وأرسل رأس ريموند إلى بغداد"(2).
نذكر أنَّ الشعر القيسراني كتب قصيدةً بمناسبة قتل حاكم أنطاكية، نقتطف منها هذا البيت الشعري:
طَهَّرْتَ أَرْضَ الأَعاديْ مِنْ دِمائِهِمُ/ طَهارةً، كُلُّ سَيْفٍ عِنْدَها جُنُبُ(3).
_____________________________________
(2) (المؤرِّخ الرهاوي المجهول/ ص197 – 198 (ورد هذا الكتاب ضمن "الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية"، ج5).
(3) راجع ابن الأثير/ الكامل/ ج9، ص363.
_____________________________________
الحديث التالي:
الحديث السابق:










 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق