2017/02/11

كتاب "بوتين زعيم مافيا" (7)/ بوريس نيمتسوف قبل اغتياله بساعات: بوتين كذاب وهدفه الأساسي الحفاظ على المال بأي ثمن.



في 27 شباط/ فبراير 2015 تمَّ اغتيال أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألا وهو بوريس نيمتسوف بأربع رصاصاتٍ في ظهره، وذلك على جسرٍ قرب الكرملين والساحة الحمراء في موسكو، وتمَّ توجيه أصابع الإتهام إلى بوتين نفسه، لا بل أن نيمتسوف وقبل أسابيع من اغتياله أعرب عن مخاوفه من الإغتيال قائلاً إنَّ بودّ بوتين أن يقتله.
مَنْ هو بوريس نيمتسوف، وما الخطر الذي كان يشكله على بوتين، وما هي أدلتنا على أنَّ الأخير يقف خلف هذا الإغتيال؟



إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)


الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن عام 2006)



الطامع في ثروة سورية النفطية (7)

بوريس نيمتسوف قبل اغتياله بساعات:
بوتين كذاب
وهدفه الأساسي الحفاظ على المال بأي ثمن





حسين احمد صبرا
في 27 شباط/ فبراير 2015 تمَّ اغتيال أبرز معارضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألا وهو بوريس نيمتسوف بأربع رصاصاتٍ في ظهره، وذلك على جسرٍ قرب الكرملين والساحة الحمراء في موسكو، وتمَّ توجيه أصابع الإتهام إلى بوتين نفسه، لا بل أن نيمتسوف وقبل أسابيع من اغتياله أعرب عن مخاوفه من الإغتيال قائلاً إنَّ بودّ بوتين أن يقتله.
مَنْ هو بوريس نيمتسوف، وما الخطر الذي كان يشكله على بوتين، وما هي أدلتنا على أنَّ الأخير يقف خلف هذا الإغتيال؟

بوريس نيمتسوف

بوريس نيمتسوف مع بوريس يلتسين
انتُخب بوريس نيمتسوف (مواليد 1959) نائباً في البرلمان الروسي عدة مرات في تسعينيات القرن العشرين، على أنَّ أهم منصب تسنَّمه كان بين عامي 1997 و1998 عندما عيَّنه الرئيس الروسي الأسبق بوريس يلتسين نائباً أول لرئيس وزراء الإتحاد الروسي وأوكلت إليه مهمة الإصلاح في قطاع الوقود والطاقة، حيث تمكَّن من تقديم مشروع قانون مكافحة الفساد في جميع مشتريات الدولة في الحكومة، كما ساعد على إنهاء التصدير غير المشروع للمواد الخام النفطية وجَعَلَ مبيعات النفط أكثر شفافية..
بوريس نيمتسوف
   أما عن مواقفه السياسية فكان أهمها في التسعينيات معارضته الشديدة للحرب الروسية في الشيشان، وبلغت شهرة مواقفه تلك لدى الشيشان إلى حد أنَّ اسم نيمتسوف برز في العام 2002 حينما احتجزت مجموعة من الشيشان رهائن في مسرح موسكو، حيث كان نيمتسوف واحداً من الذين طالَب المحتجزون الحديث معه لإجراء المفاوضات، وخاصةً أنَّ نيمتسوف كما ذكرنا كان من أبرز معارضي الحرب الروسية في الشيشان، إلا أنه لم يشارك في تلك المفاوضات وقال في وقتٍ لاحق إنَّ بوتين قد أمره بعدم الذهاب.
نيمتسوف مع بوتين
عام 1999 كان نيمتسوف واحداً من مؤسسي إتحاد قوى اليمين، وهو ائتلاف ليبرالي ديمقراطي، وقد حصل هذا الإتحاد على نحو 6 ملايين صوت في الإنتخابات النيابية في كانون الأول/ ديسمبر عام 1999، أي ما يعادل 8,6% من الأصوات.. وفي عام 2001 انتُخب نيمتسوف رئيساً للإتحاد، لكنَّ هذا الحزب ما لبث أن فقد الكثير من شعبيته بعدما نحا جزءٌ منه بزعامة أناتولي تشوبايس إلى اعتماد خط التصالح مع الرئيس فلاديمير بوتين بين عامي 2000 و2003، وخاصةً أنَّ بوتين اعتمد سياساتٍ تمَّ التراجع فيها عن الديمقراطية والحريات المدنية في روسيا، ولذا فإنَّ حزب إتحاد قوى اليمين لم  يحصل سوى على 2,4 مليون صوت في الإنتخابات النيابية في كانون الأول/ ديسمبر عام 2003، أي 4% من أصوات الناخبين، الأمر الذي لم يتح لهذا الحزب دخول الندوة البرلمانية..
نيمتسوف مع فيكتور يوشنكو
   وفي كانون الثاني/ يناير 2004 استقال نيمتسوف من منصبه في الحزب، وأصبح رئيساً لشركة نفطية تسمَّى "نفتيانوي"، كما عمل مستشاراً إقتصادياً للرئيس الأوكراني فيكتور يوشنكو عام 2004 بعدما دعم نيمتسوف يوشنكو في حملته الإنتخابة الرئاسية، في حين كان بوتين يدعم خصم يوشنكو (فيكتور يانوكوفيتش)، وظل نيمتسوف مستشاراً إلى أن أعفاه يوكوفيتش من منصبه في تشرين الأول/ أكتوبر 2006 بعدما انتقد نيمتسوف قراراتٍ اتخذتها الحكومة الأوكرانية.
نيمتسوف مع بيل كلينتون
من أهم المحطات في حياة نيمتسوف السياسية أنه كان متوقَّعاً أن يصبح رئيساً لروسيا في العام 2000 (بدلاً من بوتين)، وقد قدَّمه الرئيس بوريس يلتسين للرئيس الأميركي بيل كلينتون على أنه خليفته المختار.. ومن اللافت في هذا المجال أنَّ إستطلاعات الرأي أظهرت في صيف عام 1997 حصول نيمتسوف على تأييد بنسبة 50% كمرشح محتمل للرئاسة.. ولاحقاً ترشَّح نيمتسوف في الإنتخابات الرئاسية لعام 2008 ضد ديمتري ميدفيديف، إلا أنه ما لبث أن انسحب من الترشح في 26/ 12/ 2007 مفسحاً الطريق أمام مرشَّحٍ آخر من المعارضة الديمقراطية ميخائيل كاسيانوف كي لا تتشتَّت الأصوات.
نيمتسوف عام 2013  متوجهاً إلى إحدى مظاهرات المعارضة حاملاً صورة لبوتين
كُتب عليها بالروسية: "من أجل روسيا بدون هيرودوس"

    منذ العام 2000 وحتى لحظة اغتياله كان نيمتسوف من أشد معارضي فلاديمير بوتين، ناقداً النظام السلطوي غير الديمقراطي، مركزاً في السنوات الأخيرة على الإختلاس والتربُّح من أولمبياد سوتشي، فضلاً عن التدخل الروسي السياسي والعسكري في أوكرانيا، كما كان ينتقد نمط الحياة الفخم لبوتين..
نيمتسوف وغاري كاسباروف
   وفي 13 ديسمبر 2008 شارك نيمتسوف ولاعب الشطرنج الشهير غاري كاسباروف في تأسيس حركة المعارضة السياسة "سوليدارنست" (التضامن)، على أمل أن يتم من خلالها توحيد قوى المعارضة.. وفي 10 آذار/ مارس 2010 كان نيمتسوف واحداً من بين 34 شخصية روسية معارضة وقَّعت على بيان بعنوان "يجب أن يذهب بوتين".. وفي العام نفسه شارك نيمتسوف في تأسيس ائتلاف "من أجل روسيا بدون فوضى وفساد"، بيد أنَّ السلطات رفضت تسجيله كحزبٍ سياسي.. ومنذ العام 2012 أصبح نيمتسوف الرئيس المشارك لحزب روسيا الجمهوري (حزب حرية الشعب)، وهو حزب مسجَّل رسمياً..
نيمتسوف يخطب وفي يده أحد تقاريره
بعنوان: "بوتين والفساد"
منذ العام 2008 وحتى مقتله كَتَبَ نيمتسوف بانتظام عشرات التقارير والمقالات المنتقدة لبوتين والفاضحة لفساده، كما نظَّم وشارك في العديد من التظاهرات المعارضة للكرملين، لا بل أنه وقتَ اغتياله كان متواجداً في موسكو لتنظيم مسيرة شعبية معارضة لتوريط روسيا في الحرب الأوكرانية ومندِّدة بالأزمة المالية في البلاد..
آخر تقرير كان يكتبه نيمتسوف
وهو بعنوان: "بوتين والحرب"
وآخر ما كان يكتبه نيمتسوف تقريراً يبيِّن فيه أنَّ القوات الروسية تقاتل إلى جانب المتمردين الموالين لروسيا في أوكرانيا، وهو الأمر الذي كان الكرملين ينفيه.. كما كان نيمتسوف من القلائل الذين انتقدوا ضمَّ روسيا لشبه جزيرة القرم، وقال إنه ينظر إلى شبه جزيرة القرم باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أوكرانيا، وأنَّ ضمَّها إلى روسيا غير قانوني، ولا بد لشعب القرم أن يقرِّر هو نفسه البلد الذي يريد العيش فيه..
نيمتسوف مع بوريس بيريزوفسكي
في 16 كانون الأول/ ديسمبر عام 2010 سُئل بوتين خلال بثٍ تلفزيوني مباشر: "ماذا يريد نيمتسوف وميلوف وريجكوف وغيرهم؟"، فأجاب بوتين قائلاً: "لقد سحبوا الكثير من المليارات جنباً إلى جنب مع (رجل الأعمال اليهودي) بيريزوفسكي ومع أولئك الذين هم الآن في السجن، والآن يريدون أن أعود وأملأ جيوبهم".. وهذا ما دفع بالمذكورين إلى رفع دعوى تشهير ضد بوتين، إلا أنَّ المحكمة رفضتها على اعتبار أنهم شخصيات عامة.



يذكر أنَّ نيمتسوف اعتقل لعدة أيام في أعوام 2007 و2010 و2011 لمشاركته في مظاهراتٍ معارضة لبوتين.

إتهام بوتين بسرقة 30 مليار دولار

غلاف تقرير نيمتسوف
"الأولمبياد الشتوي في المناطق شبه الإستوائية"
في 30 مايو/ أيار 2013 عقد نيمتسوف مؤتمراً صحافياً ليعلن فيه عن كتابه الجديد "الأولمبياد الشتوي في المناطق شبه الإستوائية"، وهو عبارة عن تقريرٍ من عشرات الصفحات (بالمشاركة مع زميله ليونيد مارتينيوك) ذكر فيه أنَّ ما يصل إلى 30 مليار دولار قد سُرقت من الأموال المخصصة لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي المقررة عام 2014 حيث بلغت تكلفتها النهائية 51 مليار دولار وهو الأعلى في التاريخ، متَّهما إدارة بوتين بالمحسوبية والإختلاس على مستوىً كبير، معتبراً ذلك تهديداً للأمن القومي الروسي، مقترحاً إنشاء لجنة مدنية للتحقيق في جرائم النهب التي ارتُكبت حول المشروع الأولمبي.وكتب نيمتسوف قائلاً: "إنَّ الألعاب الأولمبية في سوتشي هي مكانٌ لعربدة اللصوص بشكلٍ غير مسبوق، ففيها يمتزج ممثلون لحكومة بوتين على طول الخط مع القلَّة المقرَّبة من الكرملين".
   واتَّهم نيمتسوف في مقابلة مع إذاعة أوروبا الحرة في اليوم نفسه (30/ 5/ 2013) الأشخاصَ المرتبطين بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالمسؤولية عما آلت إليه تكاليف الأولمبياد في سوتشي، قائلاً: "من الواضح أنَّ لبوتين أصدقاء يعملون للتحضير لدورة الألعاب الأولمبية في سوتشي (عام 2014). ومن الواضح أيضاً أنَّ بوتين لا يرغب في وضع أصدقائه الحميمين وراء القضبان. إنَّ الإختلاس الذي اقترفوه ليس مجرد نوع من لُعَبِ الأطفال، لكنه تهديد حقيقي للأمن القومي الروسي". ودعا نيمتسوف إلى إجراء تحقيقٍ مستقل في السرقة المزعومة، قائلاً: "نقترح تشكيل لجنة مدنية للتحقيق في الجرائم التي ارتُكبت في المشروع الأولمبي، ونعتقد أنَّ من واجبنا أن تُساق الحالات الفاضحة في الإختلاس إلى المحكمة، ولنا وطيد الأمل في تأييد الرأي العام لذلك".
   (ملاحظة: كان مراجعو حسابات الدولة في ديوان المراجعة في روسيا قٌد أبدوا مراراً قلقهم إزاء التجاوزات في المبالغ المرتفعة التي تُنفق في سوتشي وأصدروا التوصيات التي ينظر المدَّعون في بعضٍ منها. والمعلوم أنَّ دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في لندن عام 2012 قد بلغت 14,3 مليار دولار فقط، إلا أنها بلغت في روسيا 51 مليار دولار، مع أنَّ بوتين كان قد ذكر عام 2007 أنَّ دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي ستكلِّف 12 مليار دولار فقط. ومعلومٌ أنَّ معظم الأموال التي أُنفقت هي من خزينة الدولة والمصارف المملوكة من قبلها). 

بوتين وجنون العظمة

   في الأول من أيلول/ سبتمبر عام 2014 (أي قبل نحو 6 أشهر من اغتياله) كَتَبَ بوريس نيمتسوف مقالاً افتتاحياً نُشر في صحيفة "كييف بوست" (الناطقة بالإنكليزية) تحت عنوان: "لماذا شنَّ بوتين الحرب على أوكرانيا"، وبعد اطلاعنا على هذا المقال في موقع الصحيفة الإلكتروني نقتطف منه أبرز ما جاء فيه:
   "هذه ليست حربنا، إنها حرب فلاديمير بوتين (...) إنَّ بوتين يحاول تشريح أوكرانيا وخلق دولة عميلة في شرق البلاد مسيطَرٍ عليها بالكامل سياسياً واقتصادياً من قبل الكرملين. إنه أمرٌ مصيري بالنسبة إلى زمرته من أجل السيطرة على المعادن في شرق أوكرانيا، فضلاً عن المجمَّع الصناعي العسكري. وعلاوةً على ذلك فإنَّ جنوب شرق أوكرانيا غنيٌّ بالغاز الصخري، الذي من شأنه أن يخلق منافسة حقيقية لشركة بوتين "غازبروم" (...) إنَّ موسم السياحة الكارثي في شبه جزيرة القرم، والإنخفاض الحاد في عدد السياح، والإرتفاع في أسعار السلع والخدمات بما لم نسمع به من قبل، والنقص في مياه الشرب، كل ذلك يدفع نظام بوتين باتجاه ضم جنوب شرق أوكرانيا لإنشاء ممرٍ أرضي إلى شبه الجزيرة. ولتحقيق هذه الأهداف جَلَبَ بوتين قواته العسكرية (...) تلك هي طموحات جنون العظمة، التي جعلت الروس والأوكرانيين يموتون، في حين أنَّ روسيا نفسها تغرق في الكذب والعنف والظلامية والهستيريا الإمبراطورية".
   يتابع نيمتسوف: "إنَّ من السهل تجميل أفعال بوتين بالقول بأنه مجنون، وثمة كثيرٌ من الناس مَنْ يعتقدون ذلك بمن فيهم هذا الكاتب (أي نيمتسوف نفسه)، إلا أنَّ هنالك تفسيراً آخر: فمن خلال أفعال بوتين الدموية وإثارته للحرب بين الأشقاء (الروس والأوكرانيين) يمكن للمرء أن يرى هدفَ بوتين الرئيس ألا وهو الحفاظ على قوته الشخصية وعلى المال بأي ثمن (...) وعلى الرغم من الرقابة على المطبوعات فإنَّ المجتمع الروسي بدأ يفهم شيئاً فشيئاً أنَّ مَنْ هُمْ في السلطة هم من الجشع وانعدام الأخلاق إلى درجة أنَّ هدفهم الرئيس هو الإثراء الشخصي. إنَّ حزب اللصوص (يقصد حزب "روسيا المتَّحدة" الحاكم في روسيا) يفقد مكانته ويحتاج إلى هزَّة على نطاقٍ واسع (...) لقد اختارت أوكرانيا الطريقة الأوروبية، مما يعني سيادة القانون والديمقراطية وتداول السلطة، وبالتالي فإنَّ نجاح أوكرانيا على هذا النحو يشكِّل تهديداً مباشراً لسلطة بوتين، ذلك أنه اختار المسار المعاكس: البقاء في السلطة مدى الحياة، وحكمٌ مليءٌ بالتعسُّف والفساد (...) والآن، وللتأكد من أنه لن ينتهي وراء القضبان بتهمة انتهاك دستور الإتحاد الروسي بإرساله قواتٍ عسكرية إلى دولة أجنبية دون موافقة مجلس الإتحاد الروسي، وكذلك انتهاك إلتزامات روسيا الدولية بشأن عدم انتشار الأسلحة النووية، فإنَّ بوتين لا يترك لنفسه أي مناورة إلا البقاء في السلطة حتى وفاته. لذلك فإنَّ سلوكه يبدو مثل الجنون، بيد أنه في الواقع استراتيجيةٌ باردة للإستبداد مدى الحياة".
   يضيف نيمتسوف: "في كثيرٍ من الأحيان فإنَّ مؤيدي فكرة العالَم الروسي قد شرحوا عدوان بوتين على أوكرانيا بالقول إنَّ جمهوريات الإتحاد السوفياتي السابق – بما في ذلك أوكرانيا – هي منطقة مصالح حيوية لروسيا. وبدلاً من إظهار مثالٍ للعالَم على سيادة القانون والأمن والتنمية ومستوىً عالٍ من المعيشة، فإنَّ بوتين زَرَعَ في عقول الناس مفهومَ القوة الصرفة والتهديدات. ومع ذلك فإنه يحقق نتائج عكسية: إنَّ أوكرانيا تتجه بالفعل للإنضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي، على الرغم من أنها كانت في حالة عدم الإنحياز قبل الحرب. إنَّ حلف شمال الأطلسي بات فعلياً ينمو بشكلٍ أقوى، وأصبحت الرابطة بين أميركا وأوروبا أكثر دواماً من ذي قبل. وعلاوةً على ذلك فإنَّ عدوان بوتين قد عزَّز لحمة الشعب الأوكراني وأصبح الكفاح من أجل الإستقلال والوحدة الترابية بالنسبة إليه مشروعاً وطنياً. وبعبارةٍ أخرى فإنَّ أياً من أهداف بوتين لم يتحقَّق، بل حدث العكس".

بوتين كذاب

   قبل ساعاتٍ من اغتياله، أدلى بوريس نيمتسوف بحديثٍ إذاعي مقتضب لإذاعة "صدى موسكو" في 27/ 2/ 2015، وقد عثرنا على نص هذا الحديث في الموقع الإلكتروني لصحيفة "كييف بوست" الأوكرانية. يقول نيمتسوف:
جثة الشهيد بوريس نيمتسوف بعد اغتياله
    "نحن نعتقد أنه من أجل تحقيق الإستقرار في هذا البلد والتغلب على هذه الأزمة فإنَّ هناك حاجة لتغييراتٍ سياسية هامة، وهي: من المهم إجراء انتخاباتٍ نزيهة، مع وجود أحزابٍ معارضة تأخذ حصَّتها بشكلٍ طبيعي، وإلغاء الرقابة من أجل وقف الدعاية والأكاذيب التي تقلب عقلية الشعب الروسي رأساً على عقب. إنَّ السبب الرئيس للأزمة هو أنَّ فلاديمير بوتين بدأ هذه السياسة المجنونة في الحرب مع أوكرانيا، وهي حربٌ عدوانية ودموية بالنسبة لبلدنا ولكثيرٍ من مواطنينا. إنَّ وجود القوات الروسية في أوكرانيا هو موثَّقٌ جيداً. دعونا نتخيَّل مجرد نقاشٍ عام بيني وبين بوتين، وأود أن أبدأ بسؤالٍ بسيط جداً: لماذا يتم قتل الجنود الروس بينما أنت يا سيد بوتين – كونك قائداً عاماً للقوات المسلحة – تتبرَّأ من هؤلاء الجنود؟ إننا نرى قبور هؤلاء الجنود في مناطق كوستروما وبسكوف ونيجني نوفوغورَد. لماذا، كونك القائد العام للقوات المسلحة، تتبرَّأ من هؤلاء الجنود؟ كيف تجرؤ بعد ذلك على البقاء قائداً عاماً للقوات المسلحة؟ نحن بحاجة إلى إصلاحٍ سياسي في هذا البلد. عندما تتركَّز كل السلطة السياسية في يد شخصٍ واحدٍ وعندما يحكم هذا الشخص إلى الأبد، فإنَّ كل ذلك ينتهي إلى كارثة مطلقة. إنَّ السؤال الرئيس الذي يسألنا إياه الشعبُ هو: "أنتم دعوتمونا إلى الإنضمام إلى المسيرة، فإذا كان لي أن أجيء فما الذي سيتغيَّر؟". أُجيب: "إذا كان الكثير من الناس يأتون فإنَّ شيئاً ما سيتغيَّر". أنا لا أريد أن أكذب. إنَّ بوتين هو الخبير بيننا بالكذب، وهو كذاب. أنا لا أريد أن أكذب عليكم، أريد أن أقول لكم الحقيقة. تلك المسيرة ممكن أن تصحِّي الكرملين من سكره. إننا تدريجياً يمكننا تغيير المسار السياسي، ولكن ليس من مجرَّد تظاهرة واحدة فحسب". 

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية بتاريخ أول شباط/ فبراير 2016، العدد رقم 1734).

الحديث التالي:
الحديث السابق:










 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق