2017/02/02

كتاب "تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين" (21)/ كاسباروف يكتب في "نيوزويك": بوتين وترامب يتشابهان في الروح الإستبدادية.



قبل 7 أشهر من فوز ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأميركية، كتب غاري كاسباروف مقالاً قال فيه إنَّ بوتين وترامب يتشابهان في الروح الإستبدادية وتبجيل السلطة على حساب القيم التي توجِّهُها، وإنهما لا يهتمان إلا بنفوذهما الشخصي وبهيبتهما، ويلهيان الناس بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإنَّ ترامب في النهاية سيجلس في حضن بوتين كما جلس سابقاً رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني والمستشار الألماني جيرهارد شرودر.. وحذَّر كاسباروف من أمر خطير للغاية، فكما أنَّ انتخاب بوتين عام 2000 جعل العملية الديمقراطية للإنتخابات تحصل لآخر مرة في روسيا، فإنَّ الخوف أن يكون انتخاب دونالد ترامب آخر انتخاباتٍ ديمقراطية تشهدها الولايات المتحدة والعالم أجمع.


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




كتاب
تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين
تأليف: حسين احمد صبرا
(2015 – 2017)
(قمنا بتعريب تصريحات ومقالات كاسباروف عن الإنجليزية وصغناها بأسلوب صحافي)



الإهداء:
إلى غاري كاسباروف ومنه إلى سورية الحبيبة


تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين (21)

غاري كاسباروف يكتب في "نيوزويك":
بوتين وترامب يتشابهان في الروح الإستبدادية



·      غاري كاسباروف:
- بوتين هو الدكتاتور الذي لا يهتم إلا بنفوذه الشخصي، وترامب غوغائي شعبوي
- أخشى من أن يكون انتخاب ترامب آخر انتخابات ديمقراطية



حسين احمد صبرا
عن أوجه الشبه التي يراها بين فلاديمير بوتين ودونالد ترامب، كتب المعارض الروسي البارز ولاعب الشطرنج العالمي غاري كاسباروف مقالاً في صحيفة "نيوزويك" الأميركية في 15 آذار/ مارس 2016، أي قبل 7 أشهر من فوز ترامب في الإنتخابات الرئاسية الأميركية، قائلاً إنَّ بوتين وترامب يتشابهان في الروح الإستبدادية وتبجيل السلطة على حساب القيم التي توجِّهُها، وإنهما لا يهتمان إلا بنفوذهما الشخصي وبهيبتهما، ويلهيان الناس بالحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، وإنَّ ترامب في النهاية سيجلس في حضن بوتين كما جلس سابقاً رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني والمستشار الألماني جيرهارد شرودر..
وحذَّر كاسباروف من أمر خطير للغاية، فكما أنَّ انتخاب بوتين عام 2000 جعل العملية الديمقراطية للإنتخابات تحصل لآخر مرة في روسيا، فإنَّ الخوف أن يكون انتخاب دونالد ترامب آخر انتخاباتٍ ديمقراطية تشهدها الولايات المتحدة والعالم أجمع.
يبدأ كاسباروف مقاله بالقول: "عادةً ما تكون المقارنات التاريخية، التي تشمل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، موجهةً نحو الماضي البعيد، ذلك أنَّ دكتاتورية رجلٍ واحدٍ، غزا وضمَّ بلداً مجاوراً على أسس المطالب العرقية الخادعة، لا تترك كثيراً مجالاً للخيال، في وقتٍ حشد الناس معه بواسطة الدعاية القائمة على البغض والإنتقام. وعندما سبق أن أشرتُ إلى غزو بوتين لشبه جزيرة القرم بمصطلح "الضم" فإنَّ ذلك لم يحدث عَرَضاً، وقد تعرَّضتُ للإنتقادات في ذلك الوقت بسبب المبالغة وباتوا ينادونني بـ"عالم الغيب" بعد بضعة أشهر، وهو أسلوبٌ مؤلمٌ في حياتي بالنظر إلى الأحداث المظلمة في روسيا بوتين خلال الستة عشر عاماً الماضية".  
ثم ينتقل كاسباروف إلى مقارنة بوتين مع شبيهٍ له في الحاضر، كاتباً: "أما في الآونة الأخيرة فإنَّ مقارنة بوتين قد انتقلت إلى الإتجاه الآخر، إلى الحاضر  (وليس إلى الماضي)، وذلك عبر المحيط إلى الولايات المتحدة. فقد تسبَّب ترشيح المليونير الشهير دونالد ترامب لإنتخابات الرئاسة بفوضى في دورة الإنتخابات الأميركية. فحملتُهُ المتَّسمة بالغضب المستمر لفتت انتباه أقلية قوية في الإنتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري، وتحوَّلت جنباً إلى جنبٍ مع التغطية الإعلامية الواسعة من نكتةٍ مثيرةٍ للقلق إلى تهديدٍ حقيقي بالوصول إلى الإنتخابات العامة". 
وعن قلة القواسم المشتركة بين بوتين وترامب ظاهرياً يقول كاسباروف: "عندما نساوي بين الشخصيات السياسية وتحركات الماضي والحاضر فمن السهل أن نخرج عن الطريق، فلدى بوتين وترامب – ظاهرياً – القليل من القواسم المشتركة: فبوتين، شبح الــ"كي. جي. بي" الذي ارتفع رويداً رويداً إلى السلطة، هو في مقابل المليونير الطنَّان. ولدى بوتين القليل من حب ترامب للظهور، ذلك أنَّ الدكتاتور المسيطر سيطرةً كاملةً على كل جانبٍ من جوانب المجتمع ليس بحاجةٍ إلى هذا النوع من الشعبوية. والتلفزيون الروسي مُلْزَمٌ بالتودد إلى بوتين 7 ساعات كل 24 ساعة، في حين أنَّ الشبكات الأميركية تفعل الشيء نفسه بالنسبة إلى ترامب ولكن عن طريق الإختيار".    
يتابع كاسباروف: "أنا (حالياً) أقاوم معظم المقارنات بين ترامب وبوتين لسببٍ واحدٍ بسيط ألا وهو السلطة، لأنَّ بوتين يتمتَّع بها بينما ترامب لا [للتذكير: لم يكن ترامب قد انتُخب رئيساً بعد]. وفي الأسبوع الماضي عندما وصف الممثل الفكاهي الأميركي، لويس سي كي، ترامبَ بـــ"هتلر العشرينيات من القرن العشرين" فإنه ردَّد وصفي لبوتين بأنه "هتلر الثلاثينيات". طبعاً بوتين لليس هتلر، وترامب ليس بوتين، ولكنَّ هذا لا يعني أنه لا ينبغي علينا إيلاء اهتمامٍ وثيق للغاية بأي شخصٍ يبدو وكأنه دونالد ترامب، وخاصةً أنه يقود الحزب الجمهوري. ولا بدَّ لنا من أن نتعلَّم من التاريخ بدلاً من تكرار أخطاء الماضي". 
ثم يقدِّم كاسباروف جانباً من صورة ترامب، واصفاً إياه بالغوغائي: "إنَّ ترامب لا يتحدَّث كثيراً في السياسة، وهو غير متماسك عندما يفعل ذلك، وهذا ما يجعل من الصعب على النقاد إيجاد تناقضاتٍ سياسية مفيدة مع المرشحين الآخرين، هذا وفقاً للرسم. وعندما تلفت انتباهنا أكاذيب ترامب والتغيرات الكلية في مواقفه فإنه يضغط على كلماته ويرفع صوته بمقدار الضعفين عما كان عليه. وما يتحدَّث عنه ترامب بلا هوادة فإنه، وبدلاً من السياسة، يستخدم كلماتٍ بسيطة ذات دلالاتٍ إيجابية: "القوة"، "السلطة"، "العَظَمة"، "الطاقة"، "الفوز"، "الضخمة"، "المذهلة". ويُوْصِلُ ترامب هذه الكلمات، مراراً وتكراراً، ببراعة الصوت الجهوري لمذيع حفل الكرنفال، وبنبرة الغضب المحق للمظلومين، وهي السمات المشتركة مع الغوغائيين الشعبويين".

ويصف كاسباروف ترامب بأنه يقدِّم وعوداً بعيدة عن الواقع ومستحيلة، فيكتب قائلاً: "كما يشير ترامب بشكلٍ منتظم إلى الكيفية التي سيهدم بها كل الإنتقادات والعقبات من قِبَلِ شعوبٍ بأكملها مثل الشعب المكسيكي وصولاً إلى المسؤولين المنتخَبين مثل المتحدِّث بإسم البيت الأبيض بول ريان. إن ترامب لا يتحدَّث عن أشياء مملَّة مثل الأمور القانونية والإجرائية، ولا عن الكيفية التي سينفِّذ بها هذه التهديدات والوعود. وحتى قبل أن يسأله أي شخصٍ فإنه ينتقل إلى الإدعاءات الجريئة التالية: "سيتم الإهتمام بها!"، "من الأفضل أن ننتبه!"، "سنأخذ النفط!"، "إنهم سوف يدفعون ثمن ذلك!"، سيكون الأمر مدهشاً!"... إنها ادعاءاتٌ جريئة وحاسمة وبعيدة عن الواقع ومستحيلة، ولكن مَنْ يهتم؟ فأتباعه يحبونه".
ويقارن كاسباروف هذا الأسلوب الخطابي بما هو حاصلٌ في روسيا زَمَنَ بوتين، فيقول: "كل هذه العادات الخطابية أنا معتادٌ عليها كما يعتاد عليها أي شخصٍ استمع في العقد الماضي إلى وسائل الإعلام الروسية التي تسيطر عليها الدولة، والتي تقوم بتكرار الموضيع نفسها عن الخوف والكراهية والعنصرية والضحية، وعن بلدٍ يعاني من الأعداء في الداخل والخارج، وعن الكيفية التي سيتم بها تدمير الأعداء، وعن العودة إلى المجد الوطني. فكم سيُظهر الضعفَ اعتذارُ الزعيم العزيز أو اعترافُهُ بالخطأ ، وهذا ما لا يجب أن يتم أبداً. ما يحصل أولاً هو الغضب الملهم وبث الكراهية، ومن ثمَّ التنصل من المسؤولية عندما يحدث العنف. إنها مباراة. وكما هو الحال في ترسيخ قوة شخصية الزعيم وضعفه، يتم دمج القوة الوطنية والضعف عمداً".
ويصل كاسباروف إلى بيت القصيد في الشبه بين ترامب وبوتين، فيقول: "هنا يكمن التشابه الأكثر وضوحاً والأكثر خطراً بين ترامب وبوتين: الغريزة الإستبدادية، وتبجيل السلطة على حساب القيم التي توجِّهُها. وقد أشاد ترامب مراراً وتكراراً ليس فقط بـ"قوة" بوتين نفسه، بل بالطغاة الآخرين أيضاً. ففي عام 1990، وفي مقابلةٍ مع مجلة "بلاي بوي"، انتقد ترامب ميخائيل جورباتشوف لعدم امتلاكه "يداً حازمة بما فيه الكفاية"، وتحدَّث بإعجابٍ عن مذبحة الحكومة الصينية التي طالت المتظاهرين في ساحة تيانانمن".
يتابع كاسباروف: "وكان ترامب قد تحدَّث خلال الحملة الإنتخابية عن كيف أنه يريد أن يكون قريباً جداً من بوتين، وأنا ليس لدي شك بصحة ذلك. إنَّ الزعماء الديمقراطيين الذين يتحلُّون بأخلاقٍ ضعيفة غالباً ما يصابون بضَعْفٍ في رُكَبِهم من شدة حسدهم لقوة الدكتاتور، تلك التي هي بدون منازع. إنَّ ترامب وبوتين على حدٍّ سواء لا يهتمان إلا بنفوذهما الشخصي وبهيبتهما، ولا مكانَ في أحاديثهما لمصالح الدول الصغيرة والتي تقف في طريقهما، مُبْقِيَين على الأحاديث الإلهائية مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان. إنَّ الرئيس ترامب سيأخذ بسعادةٍ مكانَهُ ككلبٍ صغير في حضن بوتين، وهو الدور الذي لعبه سابقاً رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلسكوني، وجيرهارد شرودر في ألمانيا".
ويحذِّر كاسباروف من الفخ الذي يودي إلى الإستبداد، مبدياً خشيته من أن يكون انتخاب ترامب آخر عملية إنتخابية يشهدها العالم: "إنَّ إغراء الناخبين لجلب رجلٍ قوي قادرٍ على "التخلص من الفوضى" و"إنجاز الأمور" أثناء الأوقات العصيبة، هو أمرٌ راسخٌ جداً. هكذا وصلت المجالس العسكرية إلى السلطة دورياً إلى أميركا اللاتينية ومناطق أخرى، وحدث ذلك عادةً في ظل دعمٍ شعبي. إنه الفخ الرهيب الذي يودي حتماً إلى الإستبداد، فأنْ تتخلى عن مبادئك من أجل الدفاع عنها هو خطأٌ فادح. لقد ارتكبنا هذا الخطأ في روسيا حينما انتخبنا بوتين، وقد غدت بعدها آخر انتخاباتٍ حرة عرفناها سابقاً. ومع وجود إصبع ترامب على الزر النووي قد تكون آخر انتخابات سيعرفها أي واحد منا".   
وثيقة الحقوق الأميركية (عام 1791)
ويشبِّه كاسباروف الوضع الحالي بالوضع الذي نجحت فيه الإيديولوجيات الإشتراكية والفاشية في الفوز على الديمقراطيات، فيقول: "لا يمكن للأميركيين أن يقولوا إنهم لم يعرفوا، فترامب ظهر في أحد عشر مناقشة إعلامية خلال هذه الحملة (أي أكثر من المناقشات التي ظهر فيها بوتين خلال حياته كلها). العديد من الأميركيين هم خائفون وغاضبون اليوم، وغير راضين عن الأعذار الضعيفة والمقترحات الغامضة التي يقدِّمها سياسيو مؤسساتهم. إنَّ الخطط الجريئة والسياسيين غير التقليديين هم جذابون في ظل هذه الظروف، مهما كانت مقترحاتهم خيالية أو تهديدية. تلك هي الطريقة التي نجحت فيها الإيديولوجيات، مثل الإشتراكية والفاشية، في الفوز على الديمقراطيات. ولكنَّ حرقها لكل شيء ليس إجابةً أكثر من تحميل الحكومة مسؤولية كل شيء.. وإن كنتم تعتقدون أنَّ الليبراليين هم مثل حكومة كبيرة فما عليكم سوى الإنتظار إلى أن تروا الإستبداد بأعينكم! إنَّ حرب ترامب الأولى ستكون على "وثيقة الحقوق" [أي التعديلات العشرة الأولى على الدستور الأميركي، والتي صُدِّق عليها في عام 1791 وضمنت هذه الحقوق حرية التعبير والتجمع والعبادة].   
ويختم كاسباروف مقاله بالتحذير من أنَّ انتخاب ترامب سيكون أسوأ خيار، قائلاً: "إنَّ العالم هو في حالةٍ من تزايد الصراع والفوضى بعد سبع سنواتٍ من انسحاب القوة الأميركية والذي قام به باراك أوباما. إننا بحاجةٍ أكثر من أي وقتٍ مضى إلى زعيمٍ أميركي صاحب رؤية إيجابية تجاه العالم الحر وصاحب قدرة على طمأنة الحلفاء وعلى ردع الأعداء. وإذا كان تأييد فلاديمير بوتين له ليس كافياً لإقناعكم بأنَّ ترامب هو أسوأ خيار ممكن للرئاسة، فإنكم لن تكسبوا شيئاً".

الحديث التالي:
الحديث السابق:








 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق