2017/02/01

كتاب "تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين" (15)/ في مقاله في "الواشنطن بوست": غاري كاسباروف يقترح على الغرب كيفية إسقاط بوتين.



في 3 كانون الثاني/ يناير 2017 كتب المعارض الروسي البارز ولاعب الشطرنج العالمي غاري كاسباروف مقالاً في صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية تحت عنوان "مشكلة أميركا مع فلاديمير بوتين وليست مع روسيا"، تطرَّق فيه إلى التدخل الروسي في الإنتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، داعياً إلى محاسبة بوتين شخصياً طالما أن لا شيء يحصل في روسيا دون علمه، مشدِّداً على أنه إذا ما تمَّت الإطاحة بكل الثروات التي سرقها بوتين هو وعصابته من روسيا، فلا بدَّ لذلك من أن يجعله يسقط...   

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




كتاب
تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين
تأليف: حسين احمد صبرا
(2015 – 2017)
(قمنا بتعريب تصريحات ومقالات كاسباروف عن الإنجليزية وصغناها بأسلوب صحافي)


الإهداء:
إلى غاري كاسباروف ومنه إلى سورية الحبيبة


تصريحات ومقالات غاري كاسباروف ضد بوتين (15)

في مقاله في "الواشنطن بوست":
غاري كاسباروف يقترح على الغرب
كيفية إسقاط بوتين
غاري كاسباروف: ضرورة فرض عقوبات شخصية على ثروات بوتين


·  غاري كاسباروف: مشكلة أميركا مع فلاديمير بوتين وليست مع روسيا




حسين احمد صبرا
في 3 كانون الثاني/ يناير 2017 كتب المعارض الروسي البارز ولاعب الشطرنج العالمي غاري كاسباروف مقالاً في صحيفة "الواشنطن بوست" الأميركية تحت عنوان "مشكلة أميركا مع فلاديمير بوتين وليست مع روسيا"، تطرَّق فيه إلى التدخل الروسي في الإنتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، داعياً إلى محاسبة بوتين شخصياً طالما أن لا شيء يحصل في روسيا دون علمه، مشدِّداً على أنه إذا ما تمَّت الإطاحة بكل الثروات التي سرقها بوتين هو وعصابته من روسيا، فلا بدَّ لذلك من أن يجعله يسقط.



   
بوتين: التدخل في الإنتخابات الرئاسية الأميركية
يستهل كاسباروف مقاله، الذي قمنا بتعريبه عن الإنجليزية، بالقول: " عندما اتَّحد المجتمع الإستخباراتي الأميركي بأكمله على اتهام روسيا بالعبث بالإنتخابات الرئاسية (الأميركية) عام 2016، فإنَّ الإضافة لاحقاً بأنَّ بوتين كان متورِّطاً بشكلٍ مباشر قد بدا زائداً عن الحاجة. فلا شيءَ كبيراً يحدث في روسيا، ولا أي إجراء يتم اتخاذه من قبل روسيا، من دون معرفة الرجل الذي شَغَلَ السلطة الكاملة هناك لمدة 17 عاماً، في أول مرة كرئيسٍ وبعد ذلك كدكتاتورٍ من دون منازع. فبعدما أزال باطِّراد كلَّ شكلٍ من أشكال المعارضة السياسية والإجتماعية الحقيقية في روسيا، تحوَّل بوتين إلى الهجوم على القوى الخارجية التي يمكن – في حال قرَّرت ذلك – إضعاف قبضته". وهنا يوضِّح كاسباروف بالقول: "وبعبارةٍ أخرى فإنَّ الولايات المتحدة ليست لديها مشكلة مع روسيا، لا بل إنَّ مشكلتها هي مع بوتين". ثم يتابع عن التلكؤ الأميركي في الرد: "وبدلاً من الردع، ما يزال الرئيس أوباما يواصل سياسة الردود المتأخرة والتي مكَّنت بوتين من التصعيد المطَّرد في الأعمال العدوانية. فالعقوبات ضد أصول الإستخبارات الروسية، والتي أعلن عنها البيت الأبيض يوم الخميس الماضي (29/ 12/ 2016)، أُرَحِّب بها، ولكنها تركتني أبحث عما يعادل بالروسية المثلَ القائل: "إغلاق باب الحظيرة بعد ذهاب الحصان". 
شعار جهاز الإستخبارات الروسية
الـ"أف. سي. بي"
ثم يكتب كاسباروف عن أنَّ جهاز الإستخبارات الروسية بات عدوانياً أكثر من أي وقتٍ مضى شارحاً الأسباب، فيقول: " ومع خلفية بوتين كضابطٍ متقدِّم في جهاز الـ"كي. جي. بي"، فإنَّ له أهمية خاصة في عمليات التعامل مع المتخصصين في هذا الجهاز في التضليل والتلاعب. ويُطْلَق على جهاز الـ"كي. جي. بي" اليوم تسمية الـ"أف. سي. بي"، وقد جاء هذا التحول في التسمية منطقياً بعد انهيار الإتحاد السوفياتي عام 1991، إلا أنَّ هذا الجهاز هو في ظل بوتين أكثر عدوانيةً من أي وقتٍ مضى في مهمته في التسلل وزعزعة الإستقرار في الغرب. وهو في الواقع أكثر عدوانيةً لأنَّ بوتين ليس مقيَّداً بالمصالح الوطنية أو بتحالفاتٍ عالمية كما كانت القيادة السوفياتية سابقاً. بل الآن لا يوجد أي اعتبار لما هو جيد أو غير جيد بالنسبة لروسيا أو الروس، بل إنَّ كلَّ الإعتبار ينحصر في ما هو الأفضل بالنسبة لبوتين والدوائر المقرَّبة من نُخَب القلَّة الحاكمة (الأوليجارشية). إنَّ اعتماد الولايات المتحدة لقانون ماجنيتسكي عام 2012، والذي استهدف المسؤولين الروس المرتبطين بالقمع الجنائي، تمَّ الرد عليه عن طريق حظر تبنِّي الأميركيين للأيتام الروس. كما أنَّ فرض العقوبات الغربية على روسيا، بسبب ضم بوتين غير الشرعي لشبه جزيرة القرم، قوبل بمقاطعة العديد من السلع الأجنبية، مما يلحق الضرر بالشركات وبالمستهلكين الروس، ما أدى إلى نقطةٍ ضارة بحيث تمَّ إتلاف آلاف الأطنان من المواد الغذائية المهرَّبة في بلدٍ يصارع الملايين فيه الجوعَ والفقر. وبالتالي فإنَّ استراتيجية بوتين قائمة على جعل الروس يُلقون اللومَ على العالم الحر عن طريق زيادة معاقبة الروس أنفسهم. وتلك العقوبات ممكنٌ ردُّها إلا إذا كانت من أجل روسيا وضد بوتين".
قادة العالم الغربي: العمل على رفاهية مواطنيهم
ثم يُجري كاسباروف مقارنة بين بوتين وقادة الغرب من ناحية تحمل المسؤولية، فيكتب قائلاً: "هذا هو واحدٌ فقط من العديد من نواحي الخلل التي يستغلُّها بوتين على نحوٍ فاعل. فمن ناحية نجد أنَّ على القادة الغربيين أن يتعاملوا مع المعارضة في الكونجرس أو البرلمان، وأن يتسوَّلوا من أجل الحصول على كل مليمٍ في الميزانية، وأن يقلقوا بشأن الإنتخابات وبشأن ما يقوله الإعلام، والواحد منهم يأمل في النظر في كيف ستؤثِّر تصرفاته على رفاهية مواطنيه على المَدَيَين القصير والبعيد. أما بوتين فليس لديه أياً من هذه القيود، ويسارع هو وأنصاره في العالم الحر إلى الإستفادة من الشفافية والإنفتاح في وسائل الإعلام الغربية وفي النظم السياسية. فالتدخل الروسي في الإنتخابات الأميركية عام 2016، والموثَّق من قبل إدارة أوباما الأسبوع الماضي، اعتمد على عداوة حزبية من أجل تجاهل مصادر هذا التدخل، وحَرَصَت وكالات الأنباء الأميركية على الإقتداء بوسائل التواصل الإجتماعي من خلال تحويل رسائل البريد الإلكتروني المسروقة وبمضمونها التافه إلى عناوين الصحف اليومية. وقد خطَّط رؤساء التحرير وأصحاب الحلول الحسابية لتحقيق أقصى حدٍّ من المشاركة الإجتماعية للذين كانوا غير مستعدين للأسف لمواجهة هجومِ دعايةٍ منسَّقة ومموَّلة تمويلاً جيداً".
يتابع كاسباروف عن التأثير الروسي في الإعلام الغربي، قائلاً: "فحتى أجهزة الإستخبارات ووكالات الأنباء نشرت معلوماتٍ جديدة حول تورُّط روسيا في تقويض الديمقراطية الأميركية والأوروبية بشكلٍ يومي، ووسائل الإعلام الغربية سعيدة بأنها تأخذ المال من بوتين من أجل الدعاية له. وتَبُثُّ قناة "روسيا اليوم" داخل ملايين المنازل والفنادق في جميع أنحاء العالم بعدة لغات، ويُقال إنَّ القناة تدفع لكي تكون واسعة الإنتشار، وتدفع أكثر من النظام المألوف حيث مشغِّلو الكابلات يدفعون لمقدِّمي المحتوى. إنَّ جوجل يجمع على صفحات أخباره قناة "سبوتنيك" وغيرها من وسائل الدعاية الروسية. والصحفُ الرئيسة، بما في ذلك صحيفة "الواشنطن بوست"، تنشر الإعلانات المدفوعة وتُدْرِج بشكلٍ لامع كل ما يدفع باتجاه خط الكرملين. ولاحظوا أنَّ كل هذا معمولٌ باللغة الإنجليزية، وذلك للتأثير على الأميركيين وليس للوصول إلى الشتات الروسي. وتتدفَّق الأموال الروسية على الأحزاب السياسية والمنظمات غير الحكومية واليمين المتطرف في جميع أنحاء العالم، في وقتٍ يستثمر أوليجارشية بوتين في شركاتٍ غربية مؤثِّرة، وفي أشخاصٍ غربيين".
القرصنة نوع من حرب الظل
ويصف كاسباروف القرصنة بأنها نوع جديد من الحرب، قائلاً: "إنَّ القرصنة هي جبهة جديدة مثالية في هذا النوع من حرب الظل، إذ من الصعب تعقُّبها. وهي، مثل الهجمات الإرهابية، حربٌ إلكترونية لديها قدرة عالية جداً في نسبة التأثير مقارنة بالتكلفة. فبمجرَّد سرقة البيانات فإنها لا تتطلَّب أيَّ جهدٍ على الإطلاق، لأنَّ وسائل الإعلام تكون مسرورة بتوزيعها على القاصي والداني، ذلك أنَّ لدى المعلومات المسروقة جاذبية لا تُقاوَم مثلها مثل الفاكهة المحرَّمة، مهما كان محتواها الفعلي عادياً. ولا يوجد لدى وسائل الإتصال الإجتماعي أي تدقيق على الإطلاق، بحيث أصبحت تربةً خصبة لصيَّادي الكرملين ووكالات الأنباء الوهمية. هذه الأدوات الرقمية سوف تنمِّي السلطة والنفوذ فقط. وبعد النجاح الهائل في اختراق اللجنة الوطنية الديمقراطية فلن يكون هناك سوى المزيد من مثل هذه الهجمات ما لم يتم وضع خطة ردع قوية للغاية لثني مثل هذه الهجمات".

كيفية إسقاط بوتين

ثم يأتي كاسباروف إلى بيت القصيد، داعياً الغرب إلى إسقاط بوتين عن طريق مصادرة كل ثرواته وثروات العصابة المحيطة به، فيقول:
نموذج أوباما غير فاعل ضد المعتدين أمثال بوتين
"منذ أن كان عدوان بوتين هو لمصلحته الشخصية فإنَّ الردود الأكثر فاعلية على عدوانه يجب أن تكون شخصية أيضاً، بحيث تستهدفه وسلطته بدلاً من اتباع قواعد لعبة عفا عنها الزمن، وهي لعبة العين بالعين الدبلوماسية والإقتصادية. فالعقوبات الجديدة التي أعلن عنها أوباما هي في منتصف الطريق هناك، والتي تستهدف أجهزة الإستخبارات التي يُقَدِّرُها بوتين ويعتمد عليها. ولكن هناك فرقاً كبيراً بين الإنتقام المناسب وبين الردع، وهو الردع الذي رفض أوباما القبول به لمدة ثماني سنوات. وقد ثَبُتَ أنَّ نموذج أوباما المتميز بأن يكون صديقاً للبشرية جمعاء هو كارثي وغير فاعل ضد المعتدين أمثال بوتين، الذي يتحدث لغةً مختلفة تماماً. فما لم يكن هناك تهديدٌ حقيقي بتوجيه ضربة يمكن أن تهز قبضة بوتين على السلطة في روسيا فإنَّ بوتين لن يتوقَّف. وبوتين يعلم أنه لا يوجد تقاعدٌ سلمي عن السلطة عند مَنْ يحكُم بالقوة. من هنا إذا ما تمَّت الإطاحة بكل الثروات التي سرقها بوتين هو وعصابته من روسيا، فلا بدَّ لذلك من أن يجعله يسقط".
كاسباروف: حرب بوتين الهجينة
ويأسف كاسباروف لتقاعس الغرب عن الرد على بوتين الرد المناسب، فيقول: "للأسف فإنَّ الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي يثبتون أنهم غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم من حرب بوتين الهجينة، وأنهم غير مستعدين للرد بقوة على الهجوم، وهذا هدف من أهداف بوتين الرئيسة الأخرى. فالولايات المتحدة وأوروبا تمتلكان المزايا الإقتصادية والعسكرية الساحقة، ولكنهما خضعا لضغوط بوتين لأنهما غير مستعدَّتين لاستخدامها أو حتى التهديد باستخدامها، وبوتين يعرف ذلك. إنَّ بوتين يصبح أكثر جرأة مع كل انتصار، وهل هناك أعظم من نجاحه في التأثير على الإنتخابات الأميركية؟ وحتى لو أنَّ القرصنة والهجوم الدعائي الروسيَّين لم ينجحا في تثبيت مرشَّح حزبٍ رئيسٍ هو الأكثر دَمْغاً في موالاته لروسيا في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، فإنَّ هذا الهدف قد تمَّ إنجازه على الرغم من ذلك، مما يجعل بوتين يبدو مرةً أخرى وكأنه لاعب عالمي كبير".
ولاء ترامب الغامض لبوتين
وبعد الإشارة إلى ولاء ترامب الغامض لبوتين يُعيد كاسباروف التشديد على ضرورة فرض العقوبات الشخصية على بوتين وضرورة التعامل معه كمنبوذ، فيقول: "إنَّ مجيء الرئيس دونالد ترامب ستتم مواجهته في الكونجرس ومن قبل جماعة الإستخبارات بإعلان روسيا خطراً واضحاً على المصالح الأميركية. وإذا ما استمرَّ ترامب في ولائه الغامض لبوتين فإنَّ من الممكن أن تحدث أزمة دستورية في وقتٍ مبكرٍ جداً. إنَّ رئيس مجلس النواب بول ريان ليس لديه مصلحة في قيادة حزبٍ كبير وقديم تابعٍ لبوتين. ولكن إذا ما قرَّر ترامب العمل فإنَّ الوصفة لوقف بوتين عند حدِّه مؤلفة من المكونات المألوفة، أي العزلة والردع بدلاً من المزيد من المحاولات العقيمة لإيجاد أرضية مشتركة معدومة. وجون كيري، سيىء السمعة، قال إنَّ فرض عقوباتٍ ضد روسيا جراء غزو وضم جزء من أوكرانيا "لم يكن شخصياً". وقد كان على حق (بأنَّ العقوبات لم تكن شخصية)، وبالتالي فهو كان مخطئاً تماماً، ذلك أنَّ العقوبات الشخصية فقط هي التي ستكون فاعلة، وذلك باستهداف وفضح الثروة الهائلة لبوتين ورفاقه والمخبَّأة في الخارج، وتجميد أموالهم وشركاتهم، وإلغاء تأشيراتهم وعضويَّتهم، والتوقُّف عن تقديم بوتين كشخصٍ معتمَد وعلى قدم المساواة في حين ينبغي التعامل معه كمنبوذ، وكبح جماح مغامراته الخارجية بأن يُجْعَل الأمرُ واضحاً بأنه سوف يعاني بالضبط من نوعٍ من الهزيمة الجيوسياسية المذِلَّة والتي من شأنها أن تهدِّد قبضته على السلطة في روسيا. وبالعودة إلى شهر شباط/ فبراير 1989 فإنَّ القوات السوفياتية تراجعت من أفغانستان بشكلٍ منظَّم (وليس بشكلٍ تدافعي كما الحال مع أميركا في فيتنام)، ولكنَّ ذلك كان إشارةً إلى الشعب السوفياتي وللعالم أنه يمكن الطعن بالإمبراطورية العظيمة. وفي أقل من عامٍ واحدٍ انتهت الهيمنة السوفياتية على أوروبا الشرقية".
أوباما: سذاجة وفكر ضال
وعن تنازل أوباما عن دور القيادة الأميركي وإمكانية أن يفعل ترامب الأمر نفسه، يحذِّر أوباما الأميركيين بالقول: "إنَّ الولايات المتحدة على وشك أن يتسنَّم منصب الرئاسة فيها الرئيسُ الرابع على التوالي من دون أي خبرة في السياسة الخارجية السابقة، والنتائج حتى الآن لم تكن جيدة. لقد تنازل أوباما عن دور القيادة الأميركي، متخلياً عن الحلفاء الديمقراطيين التقليديين، في حين مكَّنَ الخصومَ الإستبداديين مثل إيران وكوبا وروسيا. وما فعله أوباما بسذاجةٍ وفكرٍ ضال، قد يفعله ترامب توخياً للربح. فاثنان من مرشَّحي مجلسه الإستشاري، ريكس تيلرسون في الدولة وويلبر روس في التجارة، تربطهما علاقة تجارية عميقة ببعض القِلَّة الأوليجارشية المحيطة ببوتين، الأمر الذي يراه ترامب علامةً إيجابية، وهو أمرٌ مقلق. بيد أنَّ كلاً من أوباما وترامب يتمتَّعان بإعلان الصفقات الكبرى وتحقيق وَهْم النجاح على حساب الشيء الحقيقي".    
ثم يتطرَّق كاسباروف إلى افتقاد الوضوح الأخلاقي الذي فاز في الحرب الباردة، فيقول: "لا أحد من الذين عاصروا الحرب الباردة يمكن أن يُطلق على تلك العقود المظلمة والخطيرة "الأيام الجيدة الماضية"، فمئات الملايين من الناس عاشوا وراء الستار الحديدي في ظل القمع السياسي والإجتماعي والحرمان الإقتصادي والروحي. وفي المقابل كانت الأمور في العالم الحر أفضل بكثير، ولكنَّ التوتر السياسي وشبح الحرب، بما في ذلك الحرب النووية، كانا متواجدين في ذلك الزمان. وما نفتقده، مع ذلك، هو الوضوح الأخلاقي الذي فاز في الحرب الباردة، والذي تمَّ استبداله بتزايد المد والجزر في التكافؤ الأخلاقي بحيث أصبحت ذكرياته كشرٍّ حقيقي يبدو أنه تلاشى".  
يضيف كاسباروف: "لقد نُعِيَ الدكتاتور المتوحِّش فيدل كاسترو باحترامٍ في جميع أنحاء العالم. ويروِّج كاتب السيناريو الأميركي أوليفر ستون لسلسلة أفلامه الوثائقية "تاريخ الولايات المتحدة غير المروي" (إنتاج عام 2012) بسَرْدٍ دعائي مناهضٍ للولايات المتحدة، بحيث أنه في الواقع قد قال لمراتٍ لا  تُحصى إنه نشأ وتربَّى على كل كتاب تاريخ سوفياتي. إنَّ دكتاتوراً روسياً عدائياً يحظى بنسبة تأييد هي الأعلى بين الجمهوريين من رئيسٍ يجلس من الحزب الآخر".
ويختم كاسباروف محذِّراً من انقسام البيت الأميركي: " إنَّ اعتماد بوتين على استراتيجية الـ"كي. جي. بي"، القائمة على أساس "فَرِّق تَسُدْ"، هي مناسبة تماماً لهذه الحقبة من فَرْط التحزُّب. لقد نسي الأميركيون تحذير إبراهام لنكولن من أنَّ بيتاً منقسماً على ذاته لا يمكن له أن ينتصب. إنَّ أميركا مقسَّمةً لا تستطيع الدفاع عن قيم العالم الحر".

الحديث التالي:
الحديث السابق:









 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق