2017/02/16

كتاب "بوتين زعيم مافيا" (13)/ المعارض الشاب ما يزال قوياً: ألكسي نافالني يرفع دعوى قضائية ضد بوتين.



كتب نافالني في مدوِّنته الإلكترونية إنه يقاضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب تخصيص أموال الدولة لشركة يديرها صهر بوتين، كيريل شمالوف، بعل ابنته الراقصة كاترينا تيخونوفا، (والتي تملك ثروة تقدَّر بـ2 مليار دولار!).. وقال نافالني إنه رفع دعوى قضائية إدارية في المحكمة الجزائية "تفيرسكوي" في موسكو، ادعى فيها المعارض الشاب أنَّ بوتين انتهك القانون الإتحادي لمكافحة الفساد من خلال عدم الإبلاغ عن تضارب المصالح حينما أمر بتخصيص أموالٍ قيمتها 1,75 مليار دولار من صندوق الثروة الوطنية الروسي إلى شركة "سيبَر" النفطية في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وذلك كقرضٍ من الدولة إلى الشركة، وأنَّ تضارب المصالح يبدو من كون أحد أعضاء مجلس إدارة "سيبَر" ومالك أغلب أسهمها هو كيريل شمالوف، المتزوج من كاترينا تيخونوفا، التي يزعم الكثيرون بأنها إبنة بوتين...


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)


الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن عام 2006)




الطامع في ثروة سورية النفطية (13)

المعارض الشاب ما يزال قوياً:
ألكسي نافالني يرفع دعوى قضائية ضد بوتين





حسين احمد صبرا
في السنوات الأخيرة شكَّل المعارض السياسي الروسي ألكسي نافالني أكبر تهديدٍ لبوتين بعدما لمع نجم هذا المعارض الشاب على الساحة السياسية عام 2011 مع حملته ضد الفساد واشتهاره بعبارته التي وصف فيها الحزب الحاكم (حزب روسيا المتحدة) بأنه "حزب المحتالين واللصوص"، وما أعقب ذلك من تهديد لبوتين في عقر داره في انتخابات بلدية موسكو عام 2013، تلك التي لم تكن قد جرت منذ 10 سنوات، حصد فيها نافالني نسبة 27,24% وجاء في المرتبة الثانية، وبات نافالني المرشَّح المحتمل لمنافسة بوتين في الإنتخابات الرئاسية العتيدة عام 2018.. فما كان من بوتين إلا أن بدأ يلفِّق لنافالني قضايا جنائية الواحدة تلو الأخرى ليشوِّه سمعته ويُظهره على أنه هو الفاسد، وقد وضعه إثرها قيد الإقامة الجبرية بدءاً من أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2014 وإلى ما شاء الله، وقد تحدثنا عن ذلك ملياً في أحاديث سابقة.
    
تصريحات في الإقامة الجبرية

ألكسي نافالني
بيد أنَّ نافالني، وهو قيد الإقامة الجبرية تنفيذاً لحكمٍ قضائي شكَّل سابقةً في تاريخ القانون الروسي، ما زال قوياً ويزداد خطره على بوتين.. في 15/ 1/ 2016 كتبت صحيفة "نيويوركر" الأميركية موضوعاً عن ألكسي نافالني بقلم مراسلة الصحيفة في موسكو ماشا جيسين، وقد لاحظنا أنَّ الصحيفة وضعت في موقعها الإلكتروني تعليقاً تحت صورة نافالني استقته مما جاء في المقال، وهو كالتالي: "إنَّ المنشق الروسي ألكسي نافالني هو قوي جداً، أو خطرٌ جداً، أو حُرٌّ جداً، أو كل ذلك مجتمعاً، بحيث أنَّ أدوات الكرملين المعتادة لا تستطيع أن تعمل ضده"..
الصحافية الروسية - الأميركية ماشا جيسين

    وأهم ما قاله نافالني لماشا جيسين: "من الواضح أنَّ بوتين يتَّخذ القرارات حول مصير بلادي بشكلٍ شخصي، وكما يفعل في العديد من الأمور، فإنَّ بوتين شخصياً يتَّخذ الكثير من القرارات في البلد".

    في آخر حوار عالمي أجرته معه إذاعة "البي بي سي" البريطانية في 23/ 1/ 2016 قال نافالني عبارته الجديدة: "إنَّ بوتين هو قيصر الفساد".. وكان نافالني سابقاً قد تحدَّث لصحيفة "الجارديان" البريطانية في 17/ 10/ 2014 عن كيفية العثور على حسابات بوتين المصرفية، فقال: "أعتقد أنَّ هناك ربما عدداً من الحسابات المرقَّمة في المصارف السويسرية حيث يتم الإحتفاظ بالأموال، التي يعتبرها بوتين أموالاً شخصية. ولكن في كل الأحوال فإنه يحتفظ بها جميعها بأسماءٍ رمزية مثل رئيس السكك الحديدية فلاديمير ياكونين، أو الأخوين المليارديرين روزنبرج (صديقَي بوتين منذ الطفولة)، فالمال هو العامل المشترك. وإذا أرادت أجهزة الإستخبارات فعلاً أن تجد أموال بوتين فإنَّ هناك طُرُقاً لذلك، ولكن كل ما يمكننا القيام به هو العمل مع مصادر حرَّة ومع المعلومات التي نحصل عليها من المطَّلعين. نحن لا يمكننا كشف هذه الحسابات في المصارف السويسرية والإستيلاء على وثائق أو تحليل نقل الأموال. إنَّ الفساد في روسيا مفضوح بحيث نتمكَّن من العثور على كمياتٍ ضخمة من المعلومات، أما العثور على حسابات بوتين المصرفية فهذا يفوق قدراتنا"..
    وعن كيفية نهاية بوتين قال نافالني إنه يعتقد بأنْ لا داعي للتنبؤات حول كيفية نهاية بوتين، سواء بانقسامٍ في النخبة الحاكمة أو ثورة عنيفة أو تحوُّل ديمقراطي، ولكنَّ الشيء المؤكَّد – حسب نافالني – هو أنَّ التغيير لن يحصل عبر الإنتخابات..

    أما عن موقفه من الحرب الروسية في أوكرانيا فيقول نافالني لـ"الجارديان" إنه يشعر بأنَّ بوتين قد وضع حجر الأساس لانهيار نظامه في نهاية المطاف، وأضاف: "لقد لجأ بوتين إلى أسلوبٍ استخدمه مختلف القادة لقرون، ألا وهو استخدام الحرب أو العمليات العسكرية في سبيل حل المشاكل الداخلية والرفع من سعره".. وعن عواقب الحرب الروسية في أوكرانيا يقول: "إنَّ بوتين يحب أن يتحدَّث عن العالَم الروسي، إلا أنه يحقق عملياً أصغر من ذلك، ففي روسيا البيضاء يغنون الأغاني المناهضة لبوتين في ملاعب كرة القدم، وفي أوكرانيا فإنهم ببساطة يكرهوننا، ولا يوجد سياسي واحد أوكراني إلا ولديه مواقف متطرفة ومعادية لروسيا، حتى أصبح العداء لروسيا الآن هو مفتاح النجاح في أوكرانيا، وهذا هو خطأنا".

آخر تحقيقات نافالني عن الفساد

   رغم وجوده قيد الإقامة الجبرية فإنَّ "مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد"، التي أسسها نافالني قبل عدة سنوات، ما تزال على نشاطها، وتضم في صفوفها 30 موظفاً بالإضافة إلى آلاف المتطوعين..



مشهد من الفيلم، ويبدو فيه الفندق الفاخر في اليونان
وكان آخر إنجازٍ لها في أوائل كانون الأول/ ديسمبر 2015  حينما أعدَّت مؤسسة نافالني فيلماً تحقيقياً مدته 44 دقيقة، تمَّ نشره في غوغل في موقع اليوتيوب، ويتناول الفيلم قصة أحد الفنادق الفاخرة في اليونان بدءاً من حفل الإفتتاح الفاخر، الذي حضره عدد كبير من أثرى أثرياء روسيا، مروراً بتتبُّع درب الملكية، وصولاً إلى إظهار الحقيقة التالية: أنَّ ملكية الفندق، بالإضافة إلى أصولٍ أخرى بقيمة مليارات الدولارات في سويسرا وروسيا وغيرهما من البلدان، إنما تعود إلى نجل يوري تشايكا، المدَّعي العام الروسي..
شعار "مؤسسة نافالني لمكافحة الفساد"

   شاهد الفيلم في غضون يومين أكثر من مليون شخص، وخلال الشهر التالي (كانون الثاني/ يناير 2016) تجاوز عدد المشاهدين رقم 5 ملايين وفق ما قرأنا عنه في صفحة الفيلم في اليوتيوب، وذكرت مؤسسة مكافحة الفساد بأنها تفخر بتقديم نسخة بالإنكليزية عن الفيلم، وهو بعنوان "تشايكا، فيلم تحقيق وثائقي بواسطة مؤسسة مكافحة الفساد"..

يوري تشايا مع بوتين
من جهته قام المدعي العام الروسي يوري تشايكا برفع دعوى تشهير ضد نافالني ومؤسسة مكافحة الفساد، بل وضد غوغل أيضاً.. ثم في 14 كانون الأول/ ديسمبر 2015 أدلى المدَّعي العام ببيان بشأن التحقيق الوارد في الفيلم، وقال إنَّ الفيلم كان مؤامرة ضده وضد روسيا نفسها بدعمٍ من رجل أعمال أميركي (لعلَّه يقصد بيل برودر – راجع عنه في أحاديث سابقة).. وفي اليوم التالي غرَّد نافالني قائلاً: "يا له من جوابٍ من تشايكا، أنا مسرورٌ جداً، فلقد اعترف الرجل المتأنِّق ببساطة بكل شيء".
ألكسي نافالني وليونيد فولكوف
تجدر الإشارة إلى أنَّ "مؤسسة مكافحة الفساد" والرجال المحيطين بنافالني لم يَسْلموا من أذى بوتين حيث أنَّ اثنين من أبرز ناشطي المؤسسة ما يزالان يعيشان في المنفى بسبب اتهامات جنائية ضدهما في روسيا.. وثالثٌ، هو مدير حملة نافالني في انتخابات بلدية موسكو، ليونيد فولكوف، أمضى سنةً ونصف السنة عقب الإنتخابات وهو يعيش في  دولة اللوكسمبورج الأوروبية، ثم قرَّر العودة إلى روسيا للإنضمام إلى المعركة، وهو الآن يواجه تُهَماً قد تصل عقوبتها القصوى إلى 6 سنوات سجناً، وتُهْمَتُهُ أنه حاول انتزاع المكروفون من مراسل إحدى الصحف الشعبية، وبالتالي ارتكاب عمل من أعمال "عرقلة عمل الصحافي"، والذي يُعتبر جريمة في روسيا، رغم أنَّ ذلك يُعتبر نادراً.. وفي كانون الثاني/ يناير 2016 تمَّ استجواب فولكوف في محكمة نوفوسيبيرسك، وقال فولكوف: "إنَّ الغاية في هذه المرحلة هو ألَّا أُصبح الرهينة رقم 2، والغاية هو أن يجبروني على مغادرة البلاد مرةً أخرى، إنهم لا يرغبون بعودتي".. والغريب في الأمر أن فولكوف لم يُسجن بانتظار محاكمته، بل وسُمح له بالإحتفاظ بجواز سفره، وهو أمرٌ غير معتاد، وبدا الأمر واضحاً كما لو أنهم يَدْعُونه إلى مغادرة البلاد.. (نذكر أنَّ الرهينة رقم واحد هو شقيق نافالني، أوليغ، المسجون حالياً – راجع ما كتبناه عن قضية الأخشاب سابقاً).

نافالني يقاضي بوتين

إبنة بوتين اترينا تيخونوفا وبعلها كيريل شمالوف
 يوم الخميس في 11 شباط/ فبراير 2016 كتب نافالني في مدوِّنته الإلكترونية إنه يقاضي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسبب تخصيص أموال الدولة لشركة يديرها صهر بوتين، كيريل شمالوف، بعل ابنته الراقصة كاترينا تيخونوفا، (والتي تملك ثروة تقدَّر بـ2 مليار دولار!).. وقال نافالني إنه رفع دعوى قضائية إدارية في المحكمة الجزائية "تفيرسكوي" في موسكو، ادعى فيها المعارض الشاب أنَّ بوتين انتهك القانون الإتحادي لمكافحة الفساد من خلال عدم الإبلاغ عن تضارب المصالح حينما أمر بتخصيص أموالٍ قيمتها 1,75 مليار دولار من صندوق الثروة الوطنية الروسي إلى شركة "سيبَر" النفطية (أكبر شركة للبتروكيماويات في روسيا) في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 وذلك كقرضٍ من الدولة إلى الشركة، وأنَّ تضارب المصالح يبدو من كون أحد أعضاء مجلس إدارة "سيبَر" ومالك أغلب أسهمها هو كيريل شمالوف، المتزوج من كاترينا تيخونوفا، التي يزعم الكثيرون بأنها إبنة بوتين.
بوتين، ويبدو صهره كيريل شمالوف في أقصى اليسار
وقال نافالني في بيانٍ في الإنترنت إنه يستند في دعواه القضائية على الإدعاءات في التقارير الصادرة عن وكالة "رويتر" للأنباء في كانون الأول/ ديسمبر 2015، وأضاف: "كل ما نطلبه هو أن نعترف بتضارب المصالح، والإبلاغ عن ذلك، ووقف اتخاذ مثل تلك القرارات الشخصية".. وطالب نافالني المحكمة بأن تطلب من بوتين أن يبرِّىء نفسَهُ من القرار بإقراض الدولة لشركة "سيبَر"..
المتحدِّث الرسمي بإسم بوتين قال لوكالة "تاس" الروسية أنْ ليس لدى بوتين أية معلوماتٍ عن الدعوى.. أما المحكمة في موسكو فقد رفضت النظر في الدعوى وقالت إنَّ اتهامات نافالني لا تخضع لنظر الدعاوى الإدارية.
   جدير بالذكر أنّ بوتين رفض في مؤتمره الصحافي السنوي في كانون الأول/ ديسمبر 2015 التعليق على المزاعم بأنَّ كاترينا تيخونوفا هي ابنته، وقال: "لا تشارك ابنتي في مجال الأعمال التجارية أو السياسية، ولا أناقش مطلقاً مسائلي العائلية".

   وقال نافالني: "حدث ذلك فجأةً بعد أن أصبح كيريل شمالوف أحد المساهمين في "سيبَر"، إن بوتين وقع في غرام "سيبَر" حقاً (...) لقد رفعتُ دعوى ضد بوتين بسبب صهره، وأنا مقتنعٌ بأنني سوف أفوز". وأضاف نافالني إنَّ لدى بوتين مصلحة شخصية في نقل كمية ضخمة من الأموال من دولة إلى شركة حيث صهرُهُ أبرز المساهمين فيها.



تقرير "رويتر"

صهر بوتين كيريل شمالوف
وكان تقريرٌ لوكالة "رويتر" العالمية كشف أنَّه وبعد زواجه من ابنة بوتين الصغرى زاد شمالوف مباشرةً حصَّتَهُ في الشركة خمسة أضعاف ليصبح واحداً من المساهمين الرئيسين في "سيبَر" في عام 2013.. وأنَّ إقراض مبلغ 1,75 مليار دولار إلى الشركة كان بمعدَّل فائدة منخفض جداً، وأنَّ ذلك أمرٌ غريبٌ جداً، إذ أنَّ القرض كان بنسبة فائدة 2% (لمدة 15 عاماً) بدلاً من 7%.. مع الإشارة إلى أنَّ صندوق الثروة الوطنية الروسي يمتلك مبلغ 72 مليار دولار يتم استثمارها عادةً في مشاريع البنية التحتية الوطنية مثل السكك الحديدية والتكنولوجيا النووية والطرق الرئيسة، بيد أنَّ رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف أصدر مرسوماً في تشرين الأول/ أكتوبر قضى بإضافة مصنع "سيبَر" للبتروكيماويات إلى قائمة المشاريع التي يستثمر بها الصندوق!
جينادي تيمتشنكو خلف بوتين إلى اليسار
جدير بالذكر أنَّ صديق بوتين الحميم الملياردير غينادي تيمتشنكو، الذي كتبنا عنه ملياً في الحلقة الأولى من هذه السلسلة، هو أيضاً أحد كبار المساهمين في شركة "سيبَر"، وأيضاً أحد كبار المساهمين في شركةٍ أخرى هي "نوفاتيك"، التي حصلت هي الأخرى على قرضٍ من صندوق الثروة الوطنية، وقد تعرَّض تيمتشنكو لعقوبات وزارة الخزانة الأميركية عام 2014 عقب ضم بوتين لشبه جزيرة القرم..


نيكولاي شمالوف
أما عن والد كيريل شمالوف، نيكولاي شمالوف، فهو أيضاً من أصدقاء بوتين وقد تعرَّض لعقوبات الإتحاد الأوروبي عام 2014 نظراً لكونه "على معرفة شخصية ببوتين لوقتٍ طويل" واستفاد من علاقاته مع "صُنَّاع القرار الروسي"، حيث عوقب بتقييد حقوق السفر وتجميد ما يملكه من أصولٍ في الشركات داخل الإتحاد الأوروبي.


(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية بتاريخ 21 آذار/ مارس 2016، العدد رقم 1741).

الحديث التالي:
الحديث السابق:












 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق