وهكذا يبدو لنا الأمر بكل وضوح في أنَّ ما فعله تيمور لنك
الشيعي البارحة بالمدن السورية هو نفسه ما يفعله اليوم بشار الأسد العلوي انتقاماً
من العروبة والإسلام بمساعدة حلفائه الفرس وأتباعهم من الشيعة العرب.
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون
التتار
نموذجاً
(دراسة
تاريخية)
2015
تأليف:
حسين احمد صبرا
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون (8 من 15)
تيمور
لنك الشيعي دمَّر المدن السورية
كما
يدمرها اليوم بشار العلوي!
حسين احمد صبرا
كان تيمور لنك (728ه – 808ه/ 1327م – 1405م) من الشخصيات
الهمجية الدموية المريضة بالمرض النفسي المسمَّى بارانويا، فهو:
أولاً، يسعى لأن يتشبَّه بالله، إذ كان يردِّد على
الدوام قوله: "يجب ألا يوجد إلا سيد واحد على الأرض طالما أنه لا يوجد إلا
إله واحد في السماء".. بالإضافة إلى قوله لرجال الدين في حلب حينما غزاها:
"إني رجلٌ نصفُ آدمي".
ثانياً، يتوهَّم بأنه مكلَّفٌ من الله بمحاربة الظالمين،
وكل ذلك وفق عقيدته الشيعية، وقد ذكر السيد محسن الأمين في كتابه "أعيان
الشيعة": "وتيمورلنك والتيموريون كلُّهم كانوا شيعة" (ج2، فقرة رقم
214).. من هنا لم يكن تيمور لنك يحارب سوى العرب والمسلمين، مع الإشارة إلى أنَّ
غالبية العرب والمسلمين كانت ولم تزل على سُنَّة الرسول، وهذا ما لفت إليه المؤرخ
السخاوي حينما قال: "وكان (تيمور لنك) مُغْرىً بغزو المسلمين وترك الكفار"
(الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، دار الجيل ، بيروت، ج3، ص50).
ثالثاً، أنه يعترف بصريح العبارة بأنه بِغَزْوِهِ لأي
بلد إنما يحمل معه القتل والسبي والخراب.
رابعاً، يتوهَّم بأنه لا يتحمَّل عند الله إثمَ ما
يرتكبه من جرائم إبادة جماعية وسبي وتدمير ونهب، بل إنَّ مَنْ يناوئه ويخالفه
ويعاديه هو الذي يتحمَّل إثمَ كل ما يلحق به من خراب وسبي ونهب وسفك دماء.
وكدليل على ذلك، ما علينا سوى أن نقرأ بعض ما جاء في
رسالة الإنذار التي أرسلها تيمور لنك إلى حاكم بلاد فارس شجاع بن محمد بن مظفَّر اليزدي
ودعاه فيها إلى طاعته وأن يحمل إليه المال، يقول تيمور لنك: "إنَّ الله سلَّطني
على ظَلَمة الحكَّام وعلى الجائرين من ملوك الأنام، ورفعني على مَنْ ناوأني، ونَصَرَني
على مَنْ خالفني ومَنْ عاداني، وقد رأيتَ وسمعتَ، فإن أَجَبْتَ وأَطَعْت، فبها نَعِمْتَ،
وإلا فاعلم أنَّ في قدومي ثلاثة أشياء: القتل والسبي والخراب، وإثمُ ذلك كلُّه عليك
ومنسوبٌ بأجمعه إليك" (إبن تَغْري بَرْدي، المنهل الصافي والمستوفي بعد
الوافي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984، ج4، ص108 – 109).
كان تيمور لنك يتفنَّن
بالقتل دون أن يرف له طرف، فمثلاً عندما اجتاح بغداد أول مرة عام 695ه أراد التوجه
نحو ديار بكر (جنوب شرق تركيا)، ومرَّ بتكريت شمال بغداد فعصت عليه قلعتُها،
فحاصرها، وفي النهاية استسلم متولِّيها "بعدما حَلَفَ له تيمور أن لا يريق
دمه، فقبض (تيمور) عليه وبعث به إلى حائطٍ فأُلْقِيَت عليه فَهَلَك، وقَتَلَ
(تيمور) مَنْ كان بتكريت وقلعتها من الرجال والنساء والأولاد" (ابن تغري
بردي، المنهل الصافي، ج4، ص112).
كما كان يتفنَّن
بتخريب أعظم المدن وتدميرها ونهب كل ما فيها، حتى أنَّ مدينة دلهي الهندية، التي
اجتاحها تيمور لنك عام 800ه/ 1397م ونهبها ودمَّرها وقتل مَنْ فيها، لم تقم لها
قيامة مرةً أخرى إلا بعد قرنٍ ونصف القرن (150 عاماً)..
وللعلم، لم يكن تيمور لنك يجرؤ على مهاجمة خصمٍ قوي، بل
كان يتحيَّن الفرصة إلى حين يضعف.. فهو حين أراد غزو بلاد الشام عام 796ه/ 1393م
تصدَّى له حاكم مصر القوي الملك الظاهر برقوق بن أُنَّص (أول ملوك الشركسية)، الذي
سارع بالوصول إلى حلب بجيشٍ بلغ تعداده أكثر من نصف مليون جندي، وكان والد المؤرخ
ابن تغري بردي واحداً منهم إذ كان نائب حلب العسكري، فيقول إبن تغري بردي، الشهير
بأبي المحاسن: "ورجع (تيمور) عن قصد بلاد الشام خوفاً من
الملك الظاهر برقوق صاحب مصر لمَّا بَلَغَهُ نزوله إلى البلاد الحلبية، وأُخبر
تيمور أيضاً أنَّ الظاهر برقوق لمَّا وصل إلى حلب عَرَضَ عسكرَه فبلغت عدَّتُهم ستمائة ألف مقاتل" (المنهل الصافي،
ج4، ص114).
وبينما
تيمور لنك عائد عن بلاد الشام بلغه خبر موت سلطان الهند المسلم فيروز شاه دون أن
يكون له ولد وأنَّ خلافاً نشب بين مَنْ تولوا الحكم بعده، حينها اغتنمها فرصة
ليجِدَّ بالسير صوب الهند عام 800ه/ 1397م حيث فعل فيها ما فعل، ولم يكن تيمور
ليجرؤ على غزو بلاد الهند بوجود حاكمها القوي فيروز شاه، الذي كان من عظماء ملوك
المسلمين.. ولاحظوا أنه بعد
عودته من الهند توجَّه تيمور لنك في العام نفسه (800ه) إلى بغداد فوجدها شديدة
التحصين، فرجع عنها إلى همذان.. وأنه لم يفكِّر في غزو بلاد الشام إلا بعد أن توفي
حاكم مصر القوي السلطان برقوق عام 801ه/ 1398م، ومن بعده حاكم سيواس (جنوب تركيا)،
وهنا يقول ابن تغري بردي: "فبينما هو كذلك (في الهند يقتل ويأسر
ويسبي وينهب ويخرِّب) إذ بَلَغَهُ موت السلطان الظاهر برقوق سلطان الديار المصرية،
وموت القاضي برهان الدين أحمد صاحب سيواس، فرأى تيمور أنه بعد موتهما قد ظَفَرَ بمملكتَي
مصر والروم، وكاد يطير فرحاً بموتهما" (المنهل الصافي، ج4، ص117).
حينها
اتجه تيمور لنك إلى بلاد الشام عام 802ه/ 1399م ليقوم بعملية إبادة جماعية بادئاً
بحلب (عام 803ه/ 1400م)، حتى دمَّر المدينة بأكملها وأباد معظم أهلها وسبى مَنْ
تبقَّى منهم.. ثم تكرَّر الأمر في حماة، وبعدها في دمشق..
نريد أن
نبدأ بحلب، ونترككم مع ما ذكره المقريزي (المتوفَّى سنة 845ه/ 1441م) في كتابه
"السلوك لمعرفة دول الملوك":
"واقتحمت عساكر تمرلنك (تيمور لنك) المدينة (أي
حلب) وأشعلوا بها النيران، وجالوا بها ينهبون ويأسرون ويقتلون. واجتمع بالجامع
وبقية المساجد نساءُ البلد، فمال أصحاب تِمُر (تيمور لنك) عليهنَّ، وربطوهنَّ
بالحبال، ووضعوا السيفَ في الأطفال فقتلوهم بأجمعهم، وأتت النار على عامة المدينة
فأحرقتها. وصارت الأبكار تُفَضُّ من غير تستُّرٍ ولا احتشام، بل يأخُذُ الواحدُ
الواحدةَ ويَعْلُوها في المسجد والجامع بحضرة الجمّ الغفير من أصحابه ومن أهل حلب،
فيراها أبوها وأخوها ولا يقدر أن يدفع عنها لشغله بنفسه.
"وفَحُشَ القتلُ، وامتلأ الجامع والطرقات برِمَم
(عظام) القتلى، واستمرَّ هذا الخطب من صحوة نهار السبت (11 ربيع الأول سنة 803ه)
إلى أثناء يوم الثلاثاء (14 ربيع الأول، أي 4 أيام)، وسيقت النساءُ سبايا (...)
واستمرَّ (تيمور لنك) بحلب شهراً، والنهب في القرى لا يبطل، مع قطع الأشجار وهدم
البيوت، وجافت حلب وظواهرها من القتلى بحيث صارت الأرضُ منهم فراشاً، لا يجد أحدٌ
مكاناً يمشي عليه إلا وتحت رجليه رِمَّةُ قتيل (أي عظامٌ بالية). وعمل (تيمور لنك)
من الروس (أي الرؤوس المقطوعة) منابرَ عدةً مرتفعةً في السماء نحو عشرة أذرع، في
دور عشرين ذراعاً، حَرَزَ ما فيها من رؤوس بني آدم، فكان زيادةً على عشرين ألف
رأس، وجُعلت الوجوهُ بارزةً يراها مَنْ يَمُرُّ بها.
"ثم رحل تِمُر (تيمور) عنها وهي خاويةٌ على عروشها،
خاليةٌ من ساكنها وأنيسها، قد تعطَّلت من الأذان وإقامة الصلوات، وأصبحت مظلمةً
بالحريق، موحشةً، قفراءَ مُغْبَرَّة، لا يأويها إلا الرَخَمَ (طائر من
النَسْرِيَّات يأكل جثث الموتى)" (السلوك، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997،
ج6، ص41 – 42).
والمؤرخ ابن خلدون، الذي كان في ذلك الوقت في دمشق، ذكر
أنَّ ما فعله تيمور لنك بحلب لم يسمع الناسُ بمثله من قبل، إذ قال في كتابه "التعريف
بإبن خلدون ورحلته غرباً وشرقاً": "واقتحم المُغْلُ المدينة (أي حلب) من كل ناحية. ووقع فيها
من العَيْث (الفساد) والنَهْب والمصادرة واستباحة الحُرَم، ما لم يَعْهَد الناسُ
مثلَهُ" (دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1979، ص405).
وفعل تيمور لنك الفعل نفسه في حماة، إذ يقول المقريزي:
"ونهب المدينة (حماة)، وسبى النساءَ والأطفال، وأسر الرجال، ووقع أصحابُهُ
على النساء يطؤوهُنَّ ويَفْتَضُّوا الأبكار جهاراً من غير استتار (...) وأشعل
النار في أرجاء البلد، واقتحمها أصحابه يقتلون ويأسرون وينهبون، حتى صارت كمدينة
حلب، سوداء، مُغْبَرَّة، خالية من الأنيس" (السلوك، ج6، ص43).
وهكذا يبدو لنا الأمر بكل وضوح في أنَّ ما فعله تيمور
لنك الشيعي البارحة بالمدن السورية هو نفسه ما يفعله اليوم بشار الأسد العلوي
انتقاماً من العروبة والإسلام بمساعدة حلفائه الفرس وأتباعهم من الشيعة العرب.
الحديث التالي:
- بين تيمور الشيعي وبشار العلوي: تيمور لنك أحرق دمشق التي كانت أحسن مدن الدنيا وأكثرها عمراناً.
الحديث السابق:
الحديث السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق