لقد عاد التتار هذه المرة إلى احتلال أرض العرب بقيادة
حاكم إيران التتري الشيعي تيمور لنك، الذي أسَّس دولته التيمورية من عام 772ه/
1370م وحتى وفاته عام 808ه/ 1405م، "وملك عامة بلاد العراق، وخراسان،
وسمرقند، والهند، وديار بكر، وبلاد الروم، وحلب، ودمشق، وخرَّب مدنَ العالم
وحرقها، وهدم بغداد وأزال نِعَمَ الناس، وكان قاطع طريق أوَّل ظهوره سنة ثلاثٍ
وسبعين وسبعمائة (773ه، والأصح 772ه)" (المقريزي، السلوك لمعرفة دول الملوك،
دار الكتب العلمية، 1997، ج6، ص168 – 169).
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون
التتار
نموذجاً
(دراسة
تاريخية)
2015
تأليف:
حسين احمد صبرا
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون (7 من 15)
إليكم
حاكم إيران التتري تيمور لنك..
نموذجاً
من أعيان الشيعة!
حسين احمد صبرا
أنظروا إلى التالي: لقد اجتاح المغول والتتار (الوثنيون)
بغدادَ أول مرة عام 656ه/ 1258م وأبادوا البشرَ والحجر.. ثم عاد المغول والتتار
تحت ستار التشيُّع هذه المرة إلى اجتياح بغداد لثاني مرة عام 795ه/ 1392م ولثالث
مرة عام 803ه/ 1400م ليبيدوا البشر والحجر مرةً أخرى..
لقد عاد التتار هذه المرة إلى احتلال أرض العرب بقيادة
حاكم إيران التتري الشيعي تيمور لنك، الذي أسَّس دولته التيمورية من عام 772ه/
1370م وحتى وفاته عام 808ه/ 1405م، "وملك عامة بلاد العراق، وخراسان،
وسمرقند، والهند، وديار بكر، وبلاد الروم، وحلب، ودمشق، وخرَّب مدنَ العالم
وحرقها، وهدم بغداد وأزال نِعَمَ الناس، وكان قاطع طريق أوَّل ظهوره سنة ثلاثٍ
وسبعين وسبعمائة (773ه، والأصح 772ه)" (المقريزي، السلوك لمعرفة دول الملوك،
دار الكتب العلمية، 1997، ج6، ص168 – 169).
قبل غزو تيمور
لنك لبغداد، كان يحكم العراق أحمد بن أُوَيْس، آخر سلاطين الدولة الجلايرية في
بغداد، وهو مغولي الأصل مستعرب، كان أسلافه من رجال جنكيزخان وهولاكو، وآلَ أمرُ
العراق إلى جدِّه الشيخ حسن، وكانت علاقة السلاطين الجلايرية مع مصر المملوكية
علاقة صلح ووفاق.. على أنَّ الذي حصل أنَّ أحمد بن أُويس "قد أسرف في قتل
أمراء دولته وبالغ في ظلم رعيَّته، وانهمك في الفجور، فكاتَبَ أهلُ بغداد تيمورَ
(لنك)، بعد استيلائه على تبريز، يحثُّونه على المسير إليهم" (المقريزي،
السلوك، ج5، ص339)..
استغلَّها تيمور لنك فرصةً لغزو العراق (ولاحقاً بلاد
الشام)، وكان ذلك عام 795ه/ 1392م.. يقول المقريزي (المتوفَّى سنة 845ه/ 1441م):
" وأما تيمور فإنه لما مَلَكَ بغداد (في 26 ذي القعدة) صادَرَ أهلَها ثلاث
مرات، في كل مرة منهم ألف تومان، وخمسمائة تومان، وكل تومان مبلغ ثلاثين ألف دينار
عراقية، والدينار العراقي بقَدَر درهم مصر الفضة، حتى أفقرهم كلهم. وكان جملة ما
أخذ منهم نحو مائة ألف ألف وخمسة وثلاثين ألف ألف درهم (135 مليون درهم)، بعد أن
تنوَّع في عقوبتهم، وسقاهم الملح والماء، وشواهم على النار، ولم يُبْقِ لهم ما
يستر عوراتهم. وصاروا يخرجون فيلتقطون الخِرَق من الطرقات حتى تستر عوراتهم وتغطي
رؤوسهم. ثم إنه بعث ابنه إلى الحِلَّة، فوضع في أهلها السيف يوماً وليلة، وأضرم
فيها النار حتى احترقت، وفنى معظم أهلها. ويُقال إنه قتل في العقوبة من أهل بغداد
ثلاثة آلاف أنفس. وبعث تيمور من بغداد العساكر إلى البصرة، فلقيهم صاحبها الأمير
صالح بن جولان، وحاربهم وأسر ابنَ تيمور، وقتل منهم خلقاً كثيراً، فبعث إليه
عسكراً آخر في دجلة، فظفر بهم صالح أيضاً" (السلوك، ج5، ص340 – 341).
مطلع عام 796ه/ 1393م أرسل تيمور لنك رُسُلَهُ إلى حدود
بلاد الشام التي كانت تخضع لسيطرة حاكم مصر المملوكي برقوق بن اُنَّص (أول ملوك
الجركس)، وأرسل معهم هدية عبارة عن بعض المماليك والجواري، فأمر برقوق بقتل
الرُسُل، فما كان من تيمور لنك إلا أن أرسل رسالة تهديد ووعيد إلى السلطان برقوق،
نريد منكم أن تقرأوها بعناية لتروا بأي لغة يتحدَّث حاكم إيران الجديد تيمور
الشيعي، الذي جلب معه الخراب والدمار وسفك الدماء إلى ديار العرب المسلمين:
"* قل اللهمَّ فاطرِ السماوات والأرض عالِم الغَيْب
والشهادة أنتَ تَحْكُم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون*" (سورة الزمر،
الآية 39). اعلَمُوا أَنَّا جُنْدُ الله مخلوقون من سخطه، مسلَّطون على مَنْ حَلَّ
عليه غضبه، لا نَرِقُّ لِشاكٍ، ولا نرحم باكٍ، قد نزع الله الرحمة من قلوبنا،
فالويل ثم الويل لمن لم يكن من حزبنا ومن جهتنا، فقد خَرَّبنا البلاد وأيتَمْنا
الأولاد، وأظهَرْنا في الأرض الفساد، وذلَّت لنا أعِزَّتُها، ومَلَكْنا بالشوكة
أزمتها، فإنْ خُيِّلَ ذلك على السامع وأَشْكَلَ وقال إنَّ فيه عليه مشكل فقل له:
"*إنَّ الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أَعِزَّةَ أهلها
أَذِلَّة*" (سورة النمل، الآية 34)، وذلك لكثرة عددنا وشدة بأسنا، فخيولنا
سوابق، ورماحنا خوارق، وأَسِنَّتنا بوارق، وسيوفنا صواعق، وقلوبنا كالجبال،
وجيوشنا كعدد الرمال، ونحن أبطال، وأقيال، ومُلْكُنا لا يُرام، وجارُنا لا يُضام،
وعِزُّنا أبداً بالسؤدد مُقام، فمَنْ سالَمَنا سَلِم، ومَنْ رام حربنا ندم، ومَنْ
تكلَّم فينا بما لا يعلم جَهِل، وأنتم فإن أطعتم أمرَنا وقبلتم شرطنا فلكم ما لنا
وعليكم ما علينا، وإن أنتم خالفتم وعلى بغيكم تماديتم فلا تلوموا إلا أنفسكم،
فالحصون مِنَّا مع تشييدها لا تمنع، والمدائن بشدَّتها لقتالنا لا ترد ولا تنفع،
ودعاؤكم علينا لا يُستجاب فينا ولا يُسمَع، وكيف يسمع الله دعاءكم وقد أكلتم
الحرام، وضيَّعتم جميع الأنام، وأخذتم أموال الأيتام، وقبلتم الرشوة من الحكَّام،
وأَعْدَدْتُم لكم النارَ وبئس المصير "*إنَّ الذين يأكلون أموال اليتامى
ظُلماً إنما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلَوْنَ سعيراً*" (سورة النساء، الآية
10). فلمَّا فعلتم ذلك وأردتم أنفسكم موارد المهالك، وقد قتلتم العلماء وعصيتم
ربَّ الأرض والسماء، وأَرَقْتُم دَمَ الأشراف، وهذا والله هو البغي والإسراف،
فأنتم بذلك في النار خالدون، وفي غَدٍ يُنادَى عليكم : "*فاليومَ تُجْزَوْنَ
عذابَ الهَوْنِ بما كنتم تستكبرون في الأرض بغير الحق*"(سورة الأحقاف، الآية
20) "*وبما كنتم تَفْسقُون*" (سورة الأنعام، الآية 93)، فأبشروا
بالمذلَّة والهوان يا أهل البغي والعدوان، وقد غلب عندكم أننا كَفَرَة، وثَبُتَ
عندنا أنكم والله الكَفَرَة والفَجَرَة. وقد سلَّطَنا عليكم إلهٌ له أمورٌ
مقدَّرة، وأحكامٌ مدبَّرة، فعزيزكم عندنا ذليل، وكثيركم لدينا قليل، لأننا
مَلَكْنا الأرضَ شرقاً وغرباً، وأخذنا منها كل سفينةٍ غصباً. وقد أوضحنا لكم
الخطاب، فأسرعوا برد الجواب قبل أن ينكشف الغطاء، وتُضْرِمُ الحربُ نارَها، وتضع
أوزارها، وتصير كلُّ عينٍ عليكم باكية، وينادي منادي الفراق: هل ترى لهم مِنْ باقية؟
ويُسْمِعُكُم صارخَ الغناء، بعد أن يهزَّكم هزّاً، "*هل تَحِسَّ منهم مِنْ
أحدٍ أو تَسْمَعْ لهم رِكْزاً*" (سورة مريم، الآية 98)، وقد أنصفناكم إذ
راسلناكم، فلا تقتلوا المُرْسَلين كما فعلتم بالأوَّلين، فتخالفوا كعادتكم سنن
الماضين، وتعصوا ربَّ العالمين، فما على الرسول إلا البلاغ المبين، وقد أوضحنا لكم
الكلامَ، فأسرعوا بردِّ جوابنا، والسلام" (المقريزي، السلوك، ج5، ص349 – 350 –
351).
طبعاً، ردَّ السلطان برقوق على رسالة تيمور لنك، ولكن
ليس المجال هنا لإيرادها، وإنما نتطرَّق إلى ما هو أهم ألا وهو دفاع بعض الشيعة في
العصر الحديث عن تيمور لنك الشيعي وتغطية ما قام به من مجازر وإبادة جماعية في
كلِّ بلدٍ غزاه وقام بتخريبه وتدميره حتى جعله نسياً منسيّاً، وأبرزهم العلامة
اللبناني الشيعي محسن الأمين في موسوعته "أعيان الشيعة"، والذي دافع عن
تيمور لنك دفاعاً مستميتاً كونه شيعياً، معتبراً أنَّ ما ارتكبه من مجازر وأفعالٍ
شنيعة مثله مثل كثيرٍ من الحكام المسلمين السُنَّة!! إذ يقول في الجزء الثالث من
موسوعته "أعيان الشيعة" تحت عنوان "سوء القول فيه":
"بالَغَ جُلُّ مَنْ ذَكَرَ تيمور من المؤرخين، خصوصاً
ابن عربشاه والقرماني، في سبِّه وشتمه ولعنه كلما مرَّ ذِكْرُهُ ووَصْفِهِ بأقبح الصفات
ونَعْته بأبشع النعوت، وقال الدحلاني في الفتوحات الاسلامية فيما حُكي عنه: كان ظهور
تيمور لنك من أشد المحن والبلايا على هذه الأمة أَفْسَدَ في الأرض وأهلك الحرث والنسل
وهو وإن كان يدعي الاسلام إلا أن قتاله مثل قتال الكفار لأنه فعل أفعالا مع المسلمين
أكثر مما تفعله الكفار من القتل والأسر والتخريب، وكان رافضياً (شيعياً) شديد الرفض".
ويتابع السيد محسن الأمين دفاعه عن تيمور لنك وهجومه على
المؤرِّخين الذين شتموه، معيداً سبب ذلك إلى كون تيمور شيعياً! إذ يقول: "ولا
شك أن للنحلة والمذهب (الشيعيَّين) في ذلك دَخْلاً، فقد وقع في تاريخ الاسلام ما هو
مثل أفعال تيمور وأفظع وأشنع ولم نر هؤلاء المؤرخين تناولوا فاعليها ببعض ما تناولوا
به هذا الرجل، وأيُّ مَلِكٍ تغلَّب على بلادٍ لم يكن تغلُّبه عليها بالقهر والقتل وسفك
الدماء وهتك الاعراض ونهب الأموال الا ما شذ؟!".. ثم يُعطي بعض الأمثلة
التاريخية، التي لا نشك بكونها غير مقنعة لا بالنسبة إلينا ولا بالنسبة إلى مَنْ
قرأ التاريخ في الموازاة بينها وبين أفعال تيمور، إلى أن يستدرك بالقول: "نحن
لا نقول إنَّ تيمور لم يكن ظالما، فهو طاغية ظالم كغيره من الظلمة المتغلبين، ولكننا
نسأل هؤلاء المؤرخين لماذا إذا مروا بذكر غيره من الظَلَمة ممن هو مثله أو أكثر منه
ظلماً أو أقل، وكانت مفاسد ظلمه أضر على هذه الأمة، لم يتناولوه بسَبٍّ ولا شَتْمٍ،
وربما التمسوا له العذر أو قالوا إنه مأجور، وإذا مروا بذكر تيمور تناولوه بالشتم واللعن
كلما ذُكِر؟! ولا شك أن للعصبية المذهبية دخلا في ذلك".
من جهتنا سنوفِّر عليكم الإجابة ونعرض لكم مجرَّد
عيِّنات مما فعله تيمور لنك في بلاد الشام حينما غزاها، وخاصةً في حلب وحماة
ودمشق، لتحكموا بأنفسكم ما إذا كان تيمور لنك يستحق الشتم واللعن أم أنه مثله مثل
غيره مجرَّد حاكم ظالم..
الحديث المقبل:
الحديث السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق