2017/01/13

كتاب "حزب الله والحشاشون - مرتزِقة غِبَّ الطلب" (4)/ إيران أنشأت حزب الله كفرقة باطنية على طراز فرقة الإسماعيليين الحشاشين!



عقب استلام الخميني السلطة في إيران عام 1979 وضمن جموحه لإجترار التاريخ ببناء إمبراطورية فارسية تتوسَّع في أرض العرب، طلب من أتباعه في الحرس الثوري إنشاء تنظيمٍ عسكري في أوساط الشيعة العرب تابعٍ للولي الفقيه ليكون ذراعاً عسكرية في الوطن العربي يأتمر بأوامر السلطة الدينية الشيعية الجديدة في إيران.. وما لبثت أن لاحت الفرصة الذهبية أثناء الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 حينما أرسل الخميني بالإتفاق والتنسيق مع النظام العلوي السوري مجموعةً من الحرس الثوري إلى منطقة البقاع اللبنانية بحجة إنشاء جيش مكوَّن من 20 مليون مسلم لتحرير فلسطين.. والمفاجأة أنَّ هذا التنظيم العسكري الذي أُطلق عليه تسمية "حزب الله" قد تمَّ إنشاؤه منذ ذلك الحين كنسخةٍ طبق الأصل من تنظيم الفدائيين أو الفداوية، الذي سبق للحسن بن الصبَّاح أن أنشأه قبل 900 عام في بلاد فارس ثم امتد إلى بلاد الشام...



إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا


(2015)


الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الأول
  
  
حزب الله والحشَّاشون.. التاريخ يعيد نفسه (4)
إيران أنشأت حزب الله كفرقة باطنية
على طراز فرقة الإسماعيليين الحشَّاشين!






حسين احمد صبرا
عقب استلام الخميني السلطة في إيران عام 1979 وضمن جموحه لإجترار التاريخ ببناء إمبراطورية فارسية تتوسَّع في أرض العرب، طلب من أتباعه في الحرس الثوري إنشاء تنظيمٍ عسكري في أوساط الشيعة العرب تابعٍ للولي الفقيه ليكون ذراعاً عسكرية في الوطن العربي يأتمر بأوامر السلطة الدينية الشيعية الجديدة في إيران.. وما لبثت أن لاحت الفرصة الذهبية أثناء الإجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 حينما أرسل الخميني بالإتفاق والتنسيق مع النظام العلوي السوري مجموعةً من الحرس الثوري إلى منطقة البقاع اللبنانية بحجة إنشاء جيش مكوَّن من 20 مليون مسلم لتحرير فلسطين.. والمفاجأة أنَّ هذا التنظيم العسكري الذي أُطلق عليه تسمية "حزب الله" قد تمَّ إنشاؤه منذ ذلك الحين كنسخةٍ طبق الأصل من تنظيم الفدائيين أو الفداوية، الذي سبق للحسن بن الصبَّاح أن أنشأه قبل 900 عام في بلاد فارس ثم امتد إلى بلاد الشام، مع التشديد على أنَّ الصورة التي نرى حزب الله عليها في عصرنا الحالي تجعلنا واثقين من أنَّ المؤرخين العرب والمسلمين الذين عاصروا الإسماعيلية الحشَّاشين كإبن الجوزي وإبن الأثير وإبن القلانسي وعماد الدين الأصفهاني وغيرهم، ووكذلك الفقهاء العرب الذين انبروا يفضحون هذه الحركة الباطنية ويكشفون أسرارها (كالملطي والبغدادي والغزالي والباقلاني والحمادي اليماني)، ناهيك عما ورد في مؤلفات المؤرخين الأوروبيين منذ الحملات الصليبية وما بعدها، لم يكونوا جميعاً يبالغون أدنى مبالغة في تصوير ما كان عليه تنظيم الفداوية من إرعابٍ منظَّم مارَسَ الإجرامَ بحِرَفية وإتقان من منطلق عقائدي ديني مذهبي حتى شكَّل حالةً سرطانية صَعُبَ اقتلاعها، وأوقع بلادَ الشام على مدى أكثر من 250 عاماً في حالة عنفٍ ورعبٍ وفوضى وفتنة مذهبية لم يسبق لها مثيل عبر تاريخ المشرق العربي بأكمله، حتى أصبحت كلمة "الحشَّاش" تُستعمل منذ ذلك الحين في أشهر اللغات الأوروبية (كالفرنسية والإيطالية والإنجليزية والإسبانية) كمفردة تعني القاتل والمجرم والسفَّاح والسفَّاك، كتردادٍ للفظ "حشَّاشين" (أَسَّاسَّان بالفرنسية/ أَسَّاسّينو بالإيطالية/ أَسَّاسِن بالإنجليزية/ أَسِسِينو بالإسبانية...).
لقد أسس الإسماعيليون بزعامة الحسن بن الصبَّاح دويلةً من الحصون والقلاع المتفرقة في بلاد الشام كانت عبارة عن مربَّعات أمنية يهابها الجميع ويعملون لها ألف حساب حيث أشاعت الرعب والفوضى وأدت إلى مزيدٍ من الإنهيار على كافة الصعد السياسية والإقتصادية والإجتماعية والدينية، وازدياد ضعف العرب في مواجهة الحملات الصليبية... وقد عاشت داخل هذه القلاع والحصون مجتمعاتٌ منعزلة قائمة على السرِّية والكتمان والطاعة العمياء، تجمعها العقيدة الباطنية..
هؤلاء الإسماعيليون الحشَّاشون، ومنذ اللحظة الأولى لتأسيس دويلتهم في قلعة أَلَمُوت في جبال الديلم على بعد 100كلم شمال غرب طهران عام 1090م/ 483ه، اعتمدوا في الدرجة الأولى على استراتيجية تمثَّلت في أسلوبين رئيسَيْن:
الأسلوب الأول، إتِّباع الإغتيال لكبار القادة السياسيين والدينيين والعسكريين من خصومهم بدلاً من أن يخوضوا حروباً ضدهم يفقد الحشاشون خلالها الآلاف من القتلى والجرحى، حتى أنهم نجحوا في قتل واحدٍ من الخلفاء العباسيين وحاولوا مرَّتين اغتيال القائد العروبي صلاح الدين الأيوبي...
أما الأسلوب الثاني فقد تمثَّل في المواظبة بلا هوادة ولا استكانة على التخطيط بعيد المدى لإحتلال كل ما يوجد من قلاع وحصون في بلاد الفرس وبلاد الشام بشتى الطرق والأساليب التي تتيحها الظروف، ومنها اتِّباع مختلف وسائل الإحتيال للسيطرة عليها كما فعل الصبَّاح حينما سيطر على قلعة أَلَمُوت شديدة التحصين وأخرج منها صاحبها بالحيلة بعدما استماله إلى جانبه وجعله يطمئن إليه، ومنها شراء القلاع والحصون من أصحابها بالمال إن وافق أصحابها على ذلك واستجابوا للإغراء المادي، ومنها الإحتلال العسكري للقلعة أو الحصن إذا ما كانت الظروف ملائمة.. وهكذا قامت إستراتيجية الإسماعيليين الحشَّاشين على سياسة القضم التدريجي للأماكن الحصينة، تزامناً مع اغتيال كبار الرموز السياسية والعسكرية والدينية لإضعاف الخصوم، وذلك بغية السيطرة الكاملة على بلاد الفرس وبلاد الشام من أجل تحقيق الهدف الرئيس والأوحد ألا وهو إقامة إمبراطورية فارسية "شيعية" المظهر، تعمل على وراثة دولة الفاطميين الشيعية في مصر وعلى القضاء على الخلافة العباسية السُنِّية في العراق، من أجل السيطرة الكاملة على كافة أنحاء الوطن العربي من المحيط إلى الخليج وإخضاعه للسيادة الفارسية..
هذه الإستراتيجية التي اتَّبعها الإسماعيليون الحشَّاشون في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين هي نفسها الإستراتيجية التي ما فتىء حزب الله يعتمدها في لبنان بحذافيرها منذ أكثر من ثلاثين عاماً ضد خصومه بغية تحقيق هدفه الحقيقي كأداةٍ تجاوزت كونها ذراعاً عسكرياً للإمبراطورية الفارسية الجديدة في أرض العرب، لتصبح هذه الأداة المسمَّاة "حزب الله" إلى رئة تتنفَّس منها إيران في لبنان وكافة البلاد العربية وفي إفريقيا وأميركا اللاتينية بل وفي كل أنحاء العالم..

حزب الله باطني

لقد أنشأ الخميني حزبَ الله كفرقة باطنية، تماماً كما هو حال نظام ولاية الفقيه نفسه، بحيث يرفع شعاراتٍ ظاهرة هي على النقيض تماماً مما يبطنه.. ولكن قبلها دعونا نبحث في أصل "الباطنية" وتعريفها.
في كتاب الإمام أبي منصور عبد القادر بن طاهر البغدادي "الفرق بين الفِرَق" (توفي سنة 1037م/ 429ه)  نقرأ في الفصل السابع عشر من الباب الرابع تحت عنوان "في ذكر الباطنية وبيان خروجهم عن جميع فرق الإسلام" أنَّ أصل الباطنية يعود إلى الفرس المجوس، إذ يقول: "ذَكَر أصحابُ التواريخ أنَّ الذين وضعوا أساسَ دين الباطنية كانوا من أولاد المجوس، وكانوا مائلين إلى دين أسلافهم، ولم يَجْسُروا على إظهاره خوفاً من سيوف المسلمين، فوَضَعَ الأغمارُ منهم أُسُساً، مَنْ قَبِلَها منهم صار في الباطن إلى تفضيل أديان المجوس، وتأوَّلوا آيات القرآن وسنن النبي عليه السلام على موافقة أسسهم. وبيانُ ذلك أنَّ الثَنَوية زعمت أنَّ النور والظلمة صانعان قديمان، والنور منهما فاعلُ الخيرات والمنافع، والظلام فاعلُ الشرور والمضارّ، وأنَّ الأجسام ممتزجة من النور والظلمة..." [إلى آخره].
أما أبو حامد الغزالي (المتوفَّى سنة 1111م/ 505ه) فيعرِّفها في الفصل الأول من الباب الثاني من كتابه "فضائح الباطنية" كالتالي:
"أما الباطنية فإنما لُقبوا بها لدعواهم أنَّ لظواهر القرآن والأخبار بواطنَ تجري في الظواهر مجرى اللب من القشر، وأنها بصُوَرها توهم عند الجهَّال الأغبياء صوراً جليَّة، وهي عند العقلاء والأذكياء رموزٌ وإشاراتٌ إلى حقائق معيَّنة؛ وأنَّ مَنْ تقاعد عقلُه عن الغوص على الخفايا والأسرار، والبواطن والأغوار، وقَنَعَ بظواهرها مسارعاً إلى الإغترار، كان تحت الأواصر والأغلال مُعَنَّى بالأوزار والأثقال. وأرادوا بـ"الأغلال" التكليفات الشرعية. فإنَّ مَن ارتقى إلى علم الباطن انحطَّ عنه التكليف واستراح من أعبائه، وهم المرادون بقوله تعالى: "ونضع عنهم إصرَهم والأغلالَ التي كانت عليهم" [سورة الأعراف، الآية 157]؛ وربما موَّهوا بالإستشهاد عليه بقولهم إنَّ الجهَّال المنكِرين للباطن هم الذين أُريدوا بقوله تعالى: "فضربَ بينهم بسورٍ له بابٌ باطنُه فيه الرحمة وظاهرُه مِنْ قِبَلِهِ العذابُ" [سورة الحديد، الآية 13]؛ وغرضُهم الأقصى إبطالُ الشرائع، فإنهم -إذا انتَزعوا عن العقائد موجبَ الظواهر- قَدِروا على الحكم بدعوى الباطن على حسب ما يوجب الإنسلاخ عن قواعد الدين، إذ سقطت الثقة بموجب الألفاظ الصريحة فلا يبقى للشرع عصامٌ يُرْجَعُ إليه ويُعَوَّل عليه".
أما الباحث السوري الإسماعيلي المعاصر مصطفى غالب (المتوفى في بيروت عام 1981)، والذي أفنى حياته في الدفاع عن المذهب الإسماعيلي وتلميع صورته عبر مؤلفاته العديدة، فيذكر في كتابه "تاريخ الدعوة الإسماعيلية" (الطبعة الثانية، 1965، دار الأندلس، ص39):
"العقيدة الأساسية الجامعة للإسماعيلية تترسخ في حقائق ثابتة هي: 1-العبادة العملية (أي علم الظاهر): وهو ما يتصل بفرائض الدين وأركانه. 2-العبادة العلمية (أي علم الباطن): من تأويلٍ، ومُثُلٍ عليا للتنظيمات الإجتماعية، ومُثُلٍ عليا للإدارة السياسية. وكل هذه النقاط تُعتبر من صميم العقائد، تتداخل مع بعضها تداخلاً كلياً، وتعتمد كل واحدة على الأخرى، فهم يقولون بالباطن والظاهر معاً، وذهبوا إلى تكفير مَن اعتقد بالباطن دون الظاهر، أو بالظاهر دون الباطن".
ثم يتابع مصطفى غالب ص42، قائلاً إنَّ الإسماعيلية "نادوا بوجوب التأويل الباطن، لأنه من عند الله، خصَّ به عليّاً بن أبي طالب، كما خصَّ الرسولَ بالتنزيل (...) وعمدوا إلى إحاطة علوم الباطن بالستر والكتمان، وحظروا إظهارها إلا لمن يستحق ذلك فقط. واعتبروا التأويل الباطن نظرية دينية فلسفية، تتلخَّص كما ذكرنا في أنَّ الله سبحانه وتعالى جعل كلَّ معاني الدين في المخلوقات التي تحيط بالإنسان، لذا يجب أن يُستدل بما في الطبيعة، وبما على وجه الأرض، على حقيقة الدين، وقالوا إنَّ المخلوقات قسمان: قسمٌ ظاهر للعيان، وقسمٌ باطن خفي، فالظاهر يدل على الباطن وما ظهر من أمور الدين من العبادة العملية، وما جاء في القرآن هي معاني يعرفها العامة، ولكن لكل فريضة من فرائض الدين تأويلاً باطناً لا يعلمه إلا الأئمة وكبار حججهم ودعاتهم وحدودهم. ولهم أدلة عقلية على وجوب التأويل استقوها من القرآن الكريم، فذهبوا إلى أنَّ مثالة الدين تؤخذ من خلقة السماوات والأرض، وتركيب الأفلاك، وجميع ما يتأمل مما خلقه الله، فقد رُكِّزت في المخلوقات كل معاني الدين الذي حمله القرآن الكريم، فآيات القرآن إذاً في حاجة إلى مَنْ يستنبط كنوز هذه المعاني، واستناداً لهذه الطريقة، أوجدوا نظرية المثل والممثول، والباطن والظاهر، وجعلوا الظاهر يدل على الباطن، وسَمُّوا الباطنَ ممثولاً، والظاهرَ مَثَلاً...".
إذاً، الباطنية لم تكن سوى حيلة فارسية لإفراغ الإسلام من مضمونه عبر تأويل القرآن حسبما تميل أهواؤهم وبالتالي تحويله تحويلاً كاملاً إلى دينٍ آخر يسمح للفرس بالتسلل إليه وإفراغه من مضمونه والإمساك بناصيته لإحداث الفرقة والفتنة بين العرب المسلمين أنفسهم على أساسٍ عقائدي، وهو ما يحدث فعلاً منذ أكثر من ألف عام.. ومن الضرورة بمكان أن نشير هنا إلى وجود جوامع مشتركة عديدة وأساسية بين باطنية الشيعة الإسماعيلية وباطنية الشيعة الإثني عشرية، لذا نبقى مع تعريف مصطفى غالب بالعقيدة الإسماعيلية لنلاحظ أوجه الشبه، إذ يقول في الكتاب ذاته في الصفحات 39 و40 و42: "من أصول ومرتكزات العقيدة الإسماعيلية ضرورة وجود الإمام المعصوم، المنصوص عليه، من نسل علي بن أبي طالب، والنص على الإمام يجب أن يكون من الإمام الذي سبقه، بحيث تتسلسل الإمامة في الأعقاب، أي ينص الأب على إمامة إبنه الأكبر (...) والإسماعيلية يَعتبرون من حيث الظاهر أنَّ الأئمة من البشر، وأنهم خُلقوا من الطين، ويتعرَّضون للأمراض والآفات والموت، مثل غيرهم من بني آدم، ولكن في التأويلات الباطنية يُسبغون عليه [أي على الإمام المعصوم] "وجهَ الله"، و"يدَ الله"، و"جَنْبَ الله"، وأنه هو الذي يحاسب الناس يوم القيامة، وهو الصراط المستقيم، والذكر الحكيم، إلى غير ذلك من الصفات (...) وقد دعموا هذه المعتقدات بنظرياتٍ فلسفية وتأويلاتٍ باطنية، إما اكتساباً أو استنباطاً".
باختصار، كل الأدلة العملية الدامغة منذ أكثر من ألف عامٍ وحتى يومنا هذا تشير إلى أنَّ الباطنيين يتصرَّفون على قاعدة أنَّ أساس الإسلام هو عدم التقيُّد بظاهره، أي بمعنى أنَّ أساس الإسلام هو عدم تحريم ما حرَّمه الله (من ظلم وبطش وقهر وبغي وقتل وفتنة وكذب وغش وسطو وإفساد وتخلُّف وعصبية جاهلية...) وعدم الإلتزام بما أوجبه الله (من عدل ومساواة وازدهار وصدقٍ وأمانة والسعي والجد في سبيل رفاهية البشر وسعادتهم وأمنهم وطمأنينتهم وتآلفهم ورفعة أخلاقهم...)، شريطة التظاهر عكس ذلك، أي التظاهر بالإلتزام بما أوجبه الله، لا بل المغالاة في ذلك، أما في الممارسة العملية فيُصار (في الباطن) إلى العمل على تحليل ما حرَّمه الله، دون الإفصاح عن ذلك علناً، وحسب المثل الشعبي المصري: "داري على شمعتك تِقِيد".. وكم كان غبياً الحسن الثاني (الإمام الثالث والعشرين للإسماعيلية النزارية الحشاشيَّة) والذي تولى الإمامة عام 1161م/ 557ه، حينما أباح علناً لأتباعه في قلعة أَلَمُوت في بلاد الفرس وفي قلاع بلاد الشام كلَّ المحرمات والمحظورات والمنكرات بحجة أنَّ القيامة قد قامت وأنَّه هو مَنْ سيحاسَب بدلاً عنهم وأنَّ الذين استجابوا لدعوته وأطاعوه طاعةً عمياء وصدَّقوا بأنَّ كلامه هو وحيٌّ من عند الله قد بُعثوا الآن للحياة الباقية.. إلى أن جاء خليفته الحسن الثالث عام 1210م/ 607ه ليجهد في العمل على مداراة هذه الفضيحة ليُعيد الإسماعيليين النزاريين الحشَّاشين إلى ظاهر الإسلام، فيأمر بإعادة بناء الجوامع ورفع الأذان للصلاة وما شابه، في محاولة لإقناع المسلمين العرب بأنَّ الإسماعيليين هم مسلمون مثلهم، وصير إلى تكفير كل مَنْ يعتقد بالباطن دون الظاهر (مع الإستمرار في تكفير كل مَن يعتقد بالظاهر دون الباطن)، من هنا رأينا قبل قليل كيف أنَّ الباحث الإسماعيلي مصطفى غالب قد قال إنَّ الإسماعيليين قد "ذهبوا إلى تكفير مَن اعتقد بالباطن دون الظاهر، أو بالظاهر دون الباطن".
والسؤال الآن: أين هو حزب الله (ومن ورائه نظام الولي الفقيه) من الباطنية؟!
إنها هي نفسها باطنية الحسن بن الصبَّاح وأتباعه من الإسماعيليين الحشَّاشين.. إنَّ الحروب والفتن التي أشعلها حسن الصبَّاح وأتباعه، وسفك الدماء والخراب والدمار الذي أحلَّه في أمة العرب، إنما كان تحت شعارٍ ظاهرُهُ الإسلام وتطبيق شريعة الله، وباطنُهُ مشروعٌ فارسي- مجوسي لهزيمة الإسلام وإعادة إخضاع العرب.. وحزبُ الله (ومن ورائه نظام الولي الفقيه) يُعيد سيرة حسن الصبَّاح بحذافيرها تحت شعار "نصرة المستضعَفين".. أوليس الشعب السوري برجاله وشيوخه ونسائه وأطفاله من المستضعَفين لينصر عليهم نظاماً يستضعفهم ويسفك دماءهم قتلاً بالأسلحة الكيميائية وذبحاً بالسكاكين والسواطير وقصفاً بالطيران وبراميل البارود وصواريخ أرض- أرض؟! أوليست تلك باطنيةً حينما يحلِّل حزب الله ما حرَّمه الله فيسفك دم كل من يعارضه من اللبنانيين قتلاً وتفجيراً واغتيالاً وتنكيلاً وتخويناً، وهو الذي يرفع شعار "السلاح في مقاومة العدو الصهيوني الغاصب"..  ويزرع المخدرات ويتاجر بها حتى أصبح الرقمَ واحداً في تجارة المخدرات على صعيد العالم أجمع، وهو الذي يرفع شعار التقوى والشرف والعفة والنظافة.. ويعمل على تقويض مؤسسات الدولة في لبنان والإستيلاء عليها بقضمها تدريجياً وهو الذي يرفع شعار "بناء دولة قوية عادلة".. ويبث الفتنة بين المسلمين الشيعة والسنَّة ليلَ نهار دون كللٍ أو ملل، وهو الذي يرفع شعار "الوحدة الإسلامية".. وينكث بكل عهوده ووعوده وتعهداته وأيماناته، وهو الذي يرفع شعار "إنَّ العهد كان مسؤولا"، وهو آيةٌ قرآنية.. ويستميت في خدمة المشروع الأميركي – الإسرائيلي في إضعاف العرب وتقسيمهم وتفتيتهم وتغليب الفرس عليهم عبر الهلال الشيعي الممتد من إيران إلى الأحواز إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان، وهو الذي يرفع شعار "الموت لأمريكا والموت لإسرائيل".. ويحمي حدود إسرائيل، وهو الذي يرفع شعار "تحرير فلسطين" و"زحفاً زحفاً نحو القدس"؟!

الحديث التالي:

الحديث السابق:








 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق