2016/11/23

كتاب "البكاء السياسي عند الشيعة"/ قولوا لنا ما الفائدة من أن ينام الإمام علي على فراش الرسول؟!



في حربهم دون هوادة ضد العروبة والإسلام دَرَجَ الفرس المتشيِّعون على ابتداع المذاهب الشيعية لأغراضٍ سياسية عدوانية بغية التخفِّي بغطائها، مدَّعين من خلالها بأن الولاية بعد الرسول هي للإمام علي وأبنائه بأمرٍ من الله.. ولَمَّا كانت كلُّ حجج الفرس ضعيفة ولا أثر لها في القرآن الكريم لا من قريبٍ ولا من بعيد فإنهم لجأوا إلى تحريف معاني القرآن لأغراضٍ سياسية عبر ما سُمِّي خطأً بالتأويل، فباتت حججُهم أكثر ضَعفاً...


 إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً

كتاب
البكاء السياسي عند الشيعة
تأليف: حسين احمد صبرا
(2015)

(تصدياً لمخطط نشر التشيُّع الفارسي بين العرب المسلمين)



الإهداء
إلى كل شيعي لا يؤمن بعصمة الأئمة ولا بولاية الإمام علي


الفصل الخامس
البكاء سياسي.. وتأويل القرآن أيضاً سياسي
قولوا لنا ما الفائدة
من أن ينام الإمام علي على فراش الرسول؟!





حسين احمد صبرا
في حربهم دون هوادة ضد العروبة والإسلام دَرَجَ الفرس المتشيِّعون على ابتداع المذاهب الشيعية لأغراضٍ سياسية عدوانية بغية التخفِّي بغطائها، مدَّعين من خلالها بأن الولاية بعد الرسول هي للإمام علي وأبنائه بأمرٍ من الله.. ولَمَّا كانت كلُّ حجج الفرس ضعيفة ولا أثر لها في القرآن الكريم لا من قريبٍ ولا من بعيد فإنهم لجأوا إلى تحريف معاني القرآن لأغراضٍ سياسية عبر ما سُمِّي خطأً بالتأويل، فباتت حججُهم أكثر ضَعفاً، وقد طال تحريفهم نحو 300 آية قرآنية ادَّعوا بأنها تتحدَّث عن أئمَّة الشيعة الإثني عشر، منها على سبيل المثال لا الحصر أنَّ الفرس المتشيِّعين قد أَوَّلوا "حبل الله" في الآية الكريمة : "واعتصِموا بحَبْلِ اللهِ جميعاً ولا تَفَرَّقوا" (آل عمران، الآية 103)، فادَّعوا بأنَّ الله يقصد بحبلِ الله أئمةَ الشيعة، وقد نسبوا إلى أئمَّتهم القول: "نحن حبلُ الله".. وحينما يتحدَّث الله عن قوم نوح: "إِنَّا لَمَّا طَغَا الماءُ حَمَلْناكُم في الجَارِيَة * لِنَجْعَلَها لَكُمْ تَذْكِرَةً وتَعِيْها أُذُنٌ واعِيَة" (الحاقَّة، الآيتان 11 و12)، فإنَّ الفرس المتشيِّعين أَوَّلوا الأُذُنَ الواعية مدَّعين بأنها اُذُن الإمام علي (ولماذا هي أُذُن الإمام علي وليست أُذُن النبي محمد مثلاً؟!).. وفي الآية الكريمة: "إنَّ الأبرار يشربون من كأسٍ كان مِزاجُها كافُوراً" (الإنسان، الآية 5) أَوَّلَ الفرسُ المتشيِّعون كلمةَ الأبرار مدَّعين بأنَّ الأبرار هم الإمام علي وفاطمة الزهراء وابناهما الحسن والحسين وشيعتهم.. وفي الآيات: "لقد خَلَقْنا الإنسانَ في كَبَد * أيَحْسَبُ أَنْ لن يَقْدِرَ عليه أحد * يقولُ أَهْلَكْتُ مالاً لُبَداً * أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَد" (البلد، الآيات 4، 5، 6، 7) أوَّلوا الآية السادسة مدَّعين بأنَّ المقصود بذلك الذين أنفقوا مالاً في عداوة الإمام علي (ولماذا في عداوة الإمام علي وليس في عداوة النبي محمد مثلاً؟!).. وفي الآية: "وإنْ تَظاهَرا عليه فإنَّ اللهَ هو مَولاهُ وجبريلُ وصالحُ المؤمنين" (التحريم، من الآية 4)، أَوَّلوا كلمة "صالح المؤمنين" مدَّعين بأنَّ المقصود بها هو الإمام علي.. وفي الآية: "وإذا جاءَهم أَمْرٌ من الأَمْنِ أو الخَوْفِ أَذاعُوا به، ولو رَدُّوهُ إلى الرسولِ وإلى أُوْلِي الأَمْرِ منهم لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ منهم" (النساء، من الآية 83)، أَوَّلوا عبارة "أولي الأمر منهم" مدَّعين بأنَّ المقصود بها هم آل بيت الرسول.. وفي الآية عن أهل الكتاب: "فمن حاجَّك فيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءكَ من العِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوا نَدْعُ أبناءَنا وأبناءَكُم ونساءَنا ونساءَكُم وأَنْفُسَنا وأَنْفُسَكُم ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللهِ على الكاذِبِين" (آل عمران، الآية 61)، أَوَّلَ الفرسُ المتشيِّعون هذه الآية مدَّعين بأنَّ أهل الكتاب قَبِلُوا عَرْضَ الرسول، فأتى الرسولُ بالإمام علي وابنته فاطمة وابنيهما الحسن والحسين (وكانا ما يزالان طفلين) فخاف أهلُ الكتاب وآثروا القبول بالجزية على مبايعة الرسول.. وفي الآية: "ولقد كَتَبْنا في الزَبُورِ من بَعْدِ الذِكْرِ أنَّ الأرضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصالِحُون" (الأنبياء، الآية 105)، نسبوا إلى الإمام الباقر تأويلها بقوله إنَّ المقصود بعبادي الصالحين هم أصحاب المهدي المنتظر.. وفي الآيات: "كُلُّ نَفْسٍ بَما كَسَبَتْ رَهِينَة * إلَّا أصحابُ اليَمِيْن * في جَنَّاتٍ يتساءلون..." (المُدَّثِّر، الآيات 38، 39 و40)، نسبوا إلى الإمام الباقر تأويلها بقوله إنَّ أصحاب اليمين هم نحنُ وشيعتُنا!!! وهكذا... حتى أصبح العربُ المسلمون يُطلقون على الشيعة بكافة مذاهبهم تسمية "المُتَأَوِّلة"، وهي التسمية التي ما يزال يُطلقها العامة على الشيعة بقولهم "مَتَاوِلَة" في الجمع و"مِتْوالي" في المفرد (الفرس الإسماعيلية الشيعة أوَّلوا القرآن سياسياً أيضاً بما يخدم مذهبَهم وباطنيَّتهم وعددَ أئمَّتهم السبعة).
لنبدأ أولاً بالسؤال: ما معنى تأويل القرآن؟ يقول الله عزَّ وجلّ في كتابه العزيز: "وما يَعْلَمُ تأويلَهُ إلا اللهُ والراسخونَ في العِلم" (آل عمران، الآية 7)، والمقصود بذلك فَهْمُ آيات القرآن الكريم فَهْماً صحيحاً وإدراكُ الهدفِ من كلِّ آيةٍ والمقصدِ منها والحكمةِ فيها وكيف يمكن تفعيلها في حياتنا اليومية والعمل بهَدْيِها.. إلا أنَّ الفرس المتشيِّعين، وقد خلا وفاضهم من أي حجة وخاصةً أنَّ الله في القرآن لم يأتِ على ذكر نفرٍ واحد من الأئمَّة الذين ادَّعوا بأنَّ لهم على البشر ولاية إلهية، قاموا ولجأوا إلى البدعة، وكان تأويل القرآن بدعةَ البِدَع، بحيث راحوا يحيطون بِدَعَهم بآياتٍ قرآنية ومنها الآية السابقة (وما يَعْلَمُ تأويلَهُ إلا اللهُ والراسخونَ في العِلم)، إذ قاموا بتأويل هذه الآية أيضاً مدَّعين بأنَّ الراسخين في العلم هم أئمة الشيعة، حيث نَسَبَ الفُرس إلى الإمام الصادق زوراً قولَه: "نحن (أي الأئمة الإثني عشر) الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويلَهُ"، وبالتالي بات الفرس المتشيِّعون ينسبون تزويرهم لمعاني القرآن إلى هؤلاء الأئمة العرب، الذين هم بُرآءٌ منهم ومما يزوِّرون..
من ناحية التأويل السياسي الفارسي لأكثر من ثلاثمائة آية، تستوقفنا منها آيةٌ لطالما وجدنا فيها خللاً مفضوحاً ودليلاً واضحاً وضوح الشمس على أنَّ التزوير فيها لم يكن موفَّقاً على الإطلاق، وهو الخلل الذي ينسف باقي التأويلات الفارسية ويجعلها هباءً منثوراً، ولا ندري كيف أَمْكَنَ لرجال الدين الشيعة على مدى ألف عامٍ (أياً كان مستواهم العقلي) أن يصدِّقوها! تقول الآية الكريمة: "ومِنَ الناسِ مَنْ يَشْري نفسَهُ ابتِغاءَ مرضاةِ الله" (البقرة، الآية 207)، أي بمعنى أنَّ مِنَ الناس مَنْ يُضَحِّي بنفسه في سبيل الله.. بيد أنَّ الفرسَ المتشيِّعين أوَّلوا هذه الآية مدَّعين بأنها نزلت في الإمام علي بعدما نام على فراش الرسول، الذي لجأ إلى غار حراء الكائن على رأس جبل ثور قرب مكة على ارتفاع أكثر من 600 متر، وذلك حينما علم أنَّ كفَّار قريشٍ آتون لقتله أو نفيه أو حبسه، فنام الإمامُ عليٌّ على فراشه بدلاً منه يفديه بنفسه (راجع تفسير القرآن الكريم للعلَّامة العراقي الشيعي عبد الله شُبَّر، المتوفى عام 1826م، إذ يقول استناداً إلى المؤرِّخين الفرس المتشيِّعين: "نَزِلَتْ في عليٍّ عليه السلام حين هرب النبيُّ صلى الله عليه وآله إلى الغار وبات على فراشه يفديه بنفسه").. وهنا نسأل سؤالنا الهام جداً: ما الفائدة من نوم الإمام عليّ على فراش الرسول طالما أنَّ كفار قريش حينما لم يجدوه في بيته لحقوا به إلى غار حراء، حيث أنَّ الله هو الذي نجَّى الرسولَ وليس الإمام علي!
تعالوا نفنِّد هذا التأويل خطوةً بخطوة: فالفرس المتشيِّعون، الذين بدأوا حفلة التزوير الكبرى فور سقوط دولة بني أمية وقد أوجدوا نفوذاً لهم داخل دولة بني العبّاس منذ القرن الهجري الثاني ثم سيطروا عليها في القرنين الرابع والخامس الهجريين ، اصطدموا بحقيقةٍ كان لها طعم العلقم في حلوقهم، ألا وهي أنَّ كل الروايات الدائرة على ألسنة العرب المسلمين كانت تُجْمِع إجماعاً تاماً على أنَّ أبا بكرٍ هو الذي صاحَبَ الرسولَ يوم لجوئه إلى غار حراء خشية أن يتمكَّن كفّار قريشٍ منه فيقتلونه.. ومن هنا أطلق العربُ المسلمون على أبي بكرٍ لَقَبَ "الصِدِّيق"، وهو يعني الإنسان الكثير الصدق، لماذا؟ لأنه أثبت صِدْقَ إيمانه عندما غامر بروحه فذهب برفقة الرسول العربي إلى غار حراء كرمى لنبي الإسلام أن يبقى حياً..
نحن على يقينٍ تام من أنَّ الفرس المتشيِّعين وقفوا في حيرةٍ من أمرهم يحدِّثون أنفسهم: إذا كان أبو بكرٍ، الذي نشتمه ليلَ نهار هو وابنته عائشة زوج الرسول لأنَّ نهاية امبراطوريتنا الفارسية الساسانية بدأت على يديه قبل أن تكتمل على يد عمر بن الخطاب، هو الذي صاحَبَ رسولَ العرب إلى غار حراء في حادثةٍ ذُكِرَت في القرآن، فأين كان الإمام علي، الذي أَسْبَغْنا عليه نحن طابعَ الألوهية؟! أولسنا نحن المدَّعين بأنه وريثُ رسول العرب بحُكْمٍ إلهيٍّ نصَّ عليه القرآن بآياتٍ أَوَّلناها، فكيف نرضى بأن لا يكون له أيُّ دورٍ في ما جرى، بينما الدور كلُّه لعدُوِّنا أبي بكر؟! فما العمل للخروج بنا من هذا الإحراج؟!
هنا اخترع الفُرسُ روايةً مفادها أنَّ الإمام علي بن أبي طالب نام في بيت الرسول وعلى فراشه، وحينما جاء كفَّارُ قريشٍ ليقتلوه أو ليُلقوا القبض عليه لم يجدوه بل وجدواً الإمامَ عليّاً مكانه، وقد فتح لهم الباب ففوجئوا بوجوده فخافوا منه وفرّوا هاربين!!! وادَّعوا بأنه في ذلك الحين نزلت الآية: "ومِنَ الناسِ مَنْ يَشْري نفسَهُ ابتِغَاءَ مَرْضاةِ الله"، وأَوَّلوها بأنَّ المقصود بها هو الإمام علي بعدما غامر وضحَّى في سبيل الله بأن نام على فراش الرسول بدلاً عنه!
عظيم جداً، وسنصدِّق مؤقتاً بأنَّ الإمام علي نام فعلاً على فراش الرسول، فنعود ونسأل: ما الفائدة التي حصلت من ذلك؟! يعني فتح لهم الباب وقال لهم: "بخ"، فخافوا منه وفروا هاربين؟! ثم كيف يخافون منه وهم قد اتَّجهوا بعدها فوراً إلى غار حراء لقتل الرسول أو للقبض عليه ونفيه!! فما الفائدة التي تحقَّقت من مبيته على فراش الرسول؟! لا شيءَ على الإطلاق، وبالتالي فإنَّ في هذه الرواية إهانة عظمى للإمام علي وحَطّاً من شأنه بعدما رفعوه إلى مصاف الآلهة ثم ها هم قد جعلوه هُزْأَةً جرّاء العجلة في التزوير والتلفيق والتدليس، إذ كيف تركهم يفرّون دون أن يقتلهم عن بكرة أبيهم، وأين كان سيف ذو الفقار، أم لم يكن مصنوعاً بعد، ولماذا لم يذهب هو مع الرسول إلى الغار أو حتى يُبْقِيه في بيته ويبات معه، فإنَّ جاء الكفّار لقتل الرسول أو القبض عليه خافوا من الإمام علي ولم يجرؤوا على النيل من ابن عَمِّه؟!
دعونا نذكِّر بدايةً بأنْ ليس في القرآن ما يشير إلى أنَّ الكُفَّار جاؤوا إلى بيت الرسول، وليس في القرآن ما يشير إلى هوية الشخص الذي كان مع الرسول في الغار عندما نجَّاهُ الله من بطش الكافرين، كما ليس في القرآن ما يشير إلى أنَّ الله أَمَرَ العنكبوتَ أن تبني بيتاً من خيوطها على باب الغار ولا إلى أنَّ الكفّار حينما رأوا بيت العنكبوت ظنوا أنَّ لا أحد في داخل الغار وخاصةً أنَّ مساحة الغار من الداخل هي بالكاد مِتْرٌ بِمِتْرَين ، ولا في القرآن أي ذِكْرٍ للحمامتين على باب الغار، في حين أنَّ الآية التي أتت على ذكر الحادثة تقول: "إلَّا تَنْصُرُوهُ فقد نَصَرَهُ اللهُ إذ أَخْرَجَهُ الذين كَفَروا ثانِيَ اثنَيْنِ إذ هما في الغارِ إذ يقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إنَّ اللهَ مَعَنا، فأنزَلَ اللهُ سَكِيْنَتَهُ عليهِ وأيَّدَهُ بجُنُودٍ لم تَرَوْها وجَعَلَ كَلِمَةَ الذين كَفَروا السُفْلَى، وكَلِمَةُ اللهِ هي العُلْيَا، والله عَزيزٌ حَكيم" (التوبة، الآية 40).. فالله أنقذ الرسول في الغار بجنودٍ لم يرها أحدٌ من الكفّار ولا من المؤمنين، ولا أحدَ يعرف كيف.
 من جهتنا سنقف على الحياد التام ولا نريد أن نسمع بسيرة أبي بكرٍ نهائياً، بل سنفترض أنَّ الذي ذهب مع الرسول إلى غار حراء ليس أبا بكر وإنما إنسانٌ ما، لا نعرف مَنْ هو، فالمهم عندنا أنَّ شخصاً ما قد ذهب مع الرسول إلى الغار ودليلُنا القرآنُ وحده، والمهم أيضاً أنَّ الروايات لم تذكر أنَّ هذا الشخص هو الإمام علي.. فماذا كان موقف الفرس المتشيِّعين من هذا الشخص المذكور وجوده في القرآن مع الرسول في الغار؟!
بما أنَّ الروايات أجمعت على أنَّ أبا بكرٍ هو الذي غامر بروحه وذهب مع الرسول إلى الغار، فإنَّ الفرس المتشيِّعين راحوا يكيدون كيدهم على المنوال التالي:
أولاً، ادَّعوا بأنَّ أبا بكرٍ جبان لأنه خاف، وقد فسَّروا معنى "لا تَحْزَن" (وإذْ قال لصاحبه لا تحزن إنَّ الله معنا) بأنها تعني "لا تخف" (وهو معنى غريبٌ عجيب ولم نعثر له على أثر في المعاجم العربية)، وبما أنَّ أبا بكرٍ خاف فهو جبان!!! وهاكم ما يقوله العلّامة الشيعي عبد الله شُبَّر في كتابه "تفسير القرآن الكريم" حينما يفسِّر جملة "لا تحزن" وفق الأقاويل الفارسية: "فإنه (أي أبا بكر) خافَ على نفسه وقَبَضَ (أي طوى جسمه من شدة الخوف والرعب) واضطَرَبَ حتى كاد أن يدلَّ عليهما، فَنَهَاهُ (الرسولُ) عن ذلك".
ثانياً، ادَّعوا بأنَّ أبا بكرٍ  بجُبْنِهِ وخوفه ورعبه وفزعه واضطرابه وارتجافه وارتعاده كاد يدل الكفَّارَ عليهما (راجعوا ما ذكره عبد الله شُبَّر قبل قليل).
ثالثاً، تركيزهم على أنَّ كونَ أبي بكرٍ صاحبَ الرسول (وإذ قال لصاحبه) فإنَّ ذلك لا يؤكِّد أنَّ أبا بكرٍ كان مؤمناً كما أنَّ هذه الصحبة ليس فيها أي ميزة، فقد يكون صاحبُ الأنبياءِ والرسُلِ والصالحين كافراً استناداً إلى الآية: "قال له صاحبُهُ وهو يحاورُهُ أَكَفَرْتَ بالذي خَلَقَكَ مِنْ تُرابٍ ثمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً" (الكهف، الآية37)، وإليكم ما يقوله عبد الله شُبَّر: "ولا مَدْحَ فيه (أي لا مَدْحَ في الصاحب، أي لا مَدْحَ في أبي بكر)، إذ قد يَصْحَبُ المؤمنُ الكافرَ، كما {قال له صاحبُهُ وهو يحاوره}".
وهكذا، فإنَّ الفرس المتشيِّعين راحوا يشنِّعون على أبي بكرٍ بأنه جبان وأنَّ فَرائصَهُ ارتعدت حينما اقترب الكفار من الغار خوفاً على نفسه حتى كاد ارتعابه يدل عليه وعلى الرسول، وأنَّ النبي نهاه عن فعله قائلاً له لا تخف إنَّ الله معنا، وأنَّ مصاحبته الرسولَ إلى الغار لا تدل بالضرورة على أنه مؤمن...
هذا ليس سوى نموذج من كيد الفرس المتشيِّعين ومن تدليسهم وتزويرهم للقرآن وافتراءاتهم التي تدل على مدى ضعف منطقهم والناجم في الأساس عن هشاشة بنيانهم وشخصيَّتهم المريضة وعلى مدى عدائهم الصارخ للعروبة والإسلام وللنبي العربي وللصحابة، بل ولإبن عمِّه علي بن أبي طالب.. وإليكم عدداً من الأسئلة نوجِّهها في هذا المجال:
أولاً، كيف يكون خروج أبي بكرٍ مع الرسول (أو الشخص المذكور في القرآن) جباناً و ترتعد فَرائصُهُ ويخاف على نفسه إذا ما رأى الكفّار يقتربون من الغار، في حين أنَّ هذا الخروج مع الرسول هو شجاعةٌ ما بعدها شجاعة ومروءةٌ ما بعدها مروءة، ولا يُقْدِم على هذا الفعل إلا امرؤٌ مومنٌ شجاعٌ لأنه يعرِّض نفسه لخطر الموت، وكان الوحيد من بين كل المسلمين الذي صاحَبَ الرسولَ إلى الغار؟!
ثانياً، قد يكون الرسول أراد الخروج بمفرده فأصرَّ أبو بكرٍ (أو الشخص الصاحب المذكور في القرآن) على مصاحبة الرسول إلى الغار خشية أن يستفرد به الكفّار، أو قد يكون الرسول طلب من أبي بكرٍ مصاحبتَهُ إلى الغار..  فلماذا خرج معه أبو بكر (أو هذا الصاحب) ولم يخرج معه الإمامُ علي؟! أو لماذا قَبِلَ الرسول بأن يخرج معه أبو بكرٍ (أو هذا الصاحب) ولم يصر على أن يصحبه ابن عمِّه الإمام علي بن أبي طالب دون أي إنسانٍ آخر، أو عمُّه أبو طالب، أو حتى عمّه حمزة؟!
ثالثاً، أنَّ الآية الكريمة التي ذكرت حادثة الغار قد بدأت بالجملة التالية: "إلا تَنْصُرُوهُ فَقَد نَصَرَهُ اللهُ"، أي إنْ لا تنصروا الرسولَ وتحموه من كفَّار قريش فقد نَصَرَهُ الله وحَمَاهُ بجنودٍ لم تَرَوْها، مع التذكير بأنَّ الدعوة في مكة كان قد مضى عليها 13 عاماً في ذلك الحين ولم تكن الدفَّة في صالح المسلمين بل في صالح كفّار قريش، وإلا لكانت نَشَبَتْ حربٌ بين الطرفين دفاعاً عن بقاء الرسول، فأين كان الإمام علي وهو الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 23 عاماً، أي كان شاباً بالغاً راشداً، فلماذا لم ينصر الرسول وهو الذي لديه قدراتٌ إلهية خارقة كما يدَّعي الفرس المتشيِّعون، أم اكتفى بالنوم على فراشه كما يزعمون؟!
رابعاً، من أين أتى هؤلاء الفرس الجاهلون باللغة العربية بمعنى الخوف كرديفٍ لكلمة "الحُزْن"؟! فالحُزْن هو نقيض الفرح والسرور، وهو يعني الهَمّ والغمّ والكرب والكدر والكآبة، فالإنسان الحزين هو الإنسان المهموم أي الذي أصابته الهموم، ومن الطبيعي جداً أنَّ أبا بكرٍ (أو الصاحب المذكور في القرآن) قد أُصيب بالهَمِّ والحزن حينما رأى كفّار قريش يقتربون من الغار، وهذا الحزن وهذا الهَمّ هو من خشية أبي بكرٍ (أو الصاحبِ المذكور) من أن يقتلَ الكفارُ الرسولَ فتنتهي الدعوة الإسلامية وتُدْفَنُ في مهدها..  
خامساً، إذا كان أبو بكرٍ هو فعلاً مَنْ خرج مع الرسول إلى الغار فإنَّ في ذلك دلالة كبرى على مدى المكانة التي كان أبو بكرٍ الصدِّيق يحتلُّها داخل قبيلة قريش سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وقد خرج مع الرسول ظناً منه أن كفّار قريش لن يجرؤوا على المسّ بالرسول طالما هو معه..
لكن كما تَرَون، وصل الحقد بالفرس المتشيِّعين على العروبة والإسلام ورموزهما (ومن ضمن هذه الرموز أبو بكرٍ الصدِّيق) إلى حد تزوير القرآن لأغراضٍ سياسية عدوانية، وهل هم آمنوا به لكي يمتنعوا عن تزويره، وقد أرادوا الرفع من شأن الإمام علي (وهم الذين تلطّوا وراءه واتخذوا منه ستاراً) والحط من شأن عدوِّهم أبي بكرٍ الصدِّيق، فبانت مهزلتهم وركاكة منطقهم وضعف موقفهم حينما تطاولوا على الله وعلى القرآن وعلى الرسول، وجاءت النتيجة أن حَطُّوا من شأن الإمام علي دون أن ينتبهوا، وكلُّ ذلك نتيجةٌ لركاكة تأويلهم السياسي للقرآن.. أولم نقل لكم إنَّ بنيان الفرس المتشيِّعين هو بنيانٌ هش!.. نختم بهذا البيت الشعري من قَرْضِنا: حَسْبُهُمْ في الكَيْدِ ضَعْفاً/ حَسْبُ شَيْطَانٍ يَكِيْدُ.

(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية بتاريخ 9 آذار/ مارس 2015 – العدد 1687).

الحديث التالي:

الحديث السابق:



 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق