لجأ الخميني إلى الخديعة، وهو الذي كان
قد سارع فور انتصار الثورة إلى وضع الأحواز تحت الحكم العسكري معيِّناً عليها
حاكماً عسكرياً فارسياً هو الجنرال أحمد مدني.. وأحمد مدني هذا هو ليس سوى مجرمٍ
موصوفٍ اعتمد عليه الخميني اعتماداً كبيراً في البطش بمعارضيه.. أما عن الخديعة
التي لجأ إليها الخميني فتمثَّلت بأن أوكل أمر تنفيذ مطالب عرب الأحواز إلى أحمد
مدني ليس إلاّه.. فماذا فعل هذا المستعمر الفارسي؟!
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع
كاملاً
كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا
(الكتاب قيد التأليف)
القسم الأول
تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي
(18)
الخميني قصف عربَ الأحواز بالطيران
واتَّهمهم بأنهم عملاء للإستعمار
ووصف قاتِلَهم بأنه "عيني اليمنى"!
حسين احمد صبرا
لقد صدَّق عربُ الأحواز الخمينيَّ
حينما وعدهم بأنَّه سيرفع الظلم عنهم ويعيد إليهم حقوقهم إذا ما شاركوا في الثورة
ضد نظام الشاه وساندوه في الوصول إلى السلطة.. وهكذا، وبعد انتصار الثورة في 9
شباط/ فبراير 1979 شكَّل عربُ الأحواز وفداً منهم (بزعامة آية الله العظمى الإمام
محمد طاهر آل شبير الخاقاني، وهو أحد أساتذة الخميني في الحوزات الدينية، والزعيم
السياسي البطل المظلوم شُبَيْل الطَرْفي) حيث قام الوفد بمقابلة الخميني في 30
نيسان/ إبريل من العام نفسه مطالباً إياه بالوفاء بوعده، ثم عقد أعضاء الوفد
مؤتمراً صحافياً في طهران قالوا فيه:
"إننا نطالب بالحكم الذاتي دون أن نتدخل في قضايا السياسة الخارجية
والإقتصادية والنفطية لإيران، فضلاً عن قضايا الجيش.. كما نطالب بتدريس اللغة
العربية إلى جانب اللغة الفارسية.. إننا مثل بقية الأقليات تعرَّضنا للظلم والقهر
في ظل نظام الشاه، ومن حقنا الآن أن نطالب برفع هذا الظلم وبمنحنا أبسط حقوقنا
الشرعية وهي الحكم الذاتي"..
من جهته لجأ الخميني إلى الخديعة، وهو
الذي كان قد سارع فور انتصار الثورة إلى وضع الأحواز تحت الحكم العسكري معيِّناً
عليها حاكماً عسكرياً فارسياً هو الجنرال أحمد مدني.. وأحمد مدني هذا هو ليس سوى
مجرمٍ موصوفٍ اعتمد عليه الخميني اعتماداً كبيراً في البطش بمعارضيه.. أما عن
الخديعة التي لجأ إليها الخميني فتمثَّلت بأن أوكل أمر تنفيذ مطالب عرب الأحواز
إلى أحمد مدني ليس إلاّه.. فماذا فعل هذا المستعمر الفارسي؟!
ما أن غادر الوفد العربي الأحوازي
طهران حتى استدعى أحمد مدني إلى الأحواز أعداداً كبيرة جداً من الفرس المنتسبين
إلى ما كان يسمى آنذاك باللجان الثورية (الحرس الثوري لاحقاً)، فازدادت وبشكلٍ
منظَّمٍ ومتعمَّد الممارساتُ الإستعمارية الفارسية العنصرية بحق المواطنين العرب
الأحوازيين استفزازاً وتنكيلاً وقمعاً
واعتقالاً وتعدياً على الكرامات والحرمات والأرزاق والأرواح تماماً كما كان يحدث
أيام الشاه وكأنَّ شيئاً لم يتغيَّر، وذلك
رغم التطمينات الكثيرة التي سمعها أعضاء الوفد الأحوازي في طهران.. ولم يكد
يمضي أسبوع واحد على عودة الوفد إلى الأحواز حتى بدأت ومنذ مطلع أيار/ مايو 1979
تندلع الإشتباكات المسلحة من حين لآخر بين اللجان الثورية الفارسية وعرب الأحواز..
وأصبح الوضع بالغ التوتر، ومكث العرب ينتظرون ما سيقرِّره"المؤتمر الأول
لحكام المقاطعات الإيرانية" بشأن مطالبهم والذي افتُتحت أعماله في طهران في
15 أيار/ مايو 1979.. إلا أنَّ جدول أعمال هذا المؤتمر كان محصوراً بـ
"الأمن" و"المحافظة على النظام" و"البطالة"
و"الزراعة" و"تهريب المخدرات" و"تطهير الإدارات"،
ولم يتطرَّق إلى أي حديثٍ عن حقوق الأقليات! وزاد في الطين بلَّةً إصدارُ المجلس
الثوري الإيراني في اليوم نفسه (أي 15 أيار/ مايو) قراراً قضى "بحل كل
التنظيمات العربية في مقاطعة خوزستان (الأحواز) وتجريد أفرادها من السلاح".
لقد كان الخميني مصمماً على دفع الأمور
نحو الصدام العسكري عوض تنفيذ وعده بمنح عرب الأحواز الحكم الذاتي.. وأمام هذا
الكذب الصريح رفض الأحوازيون تسليم أسلحتهم للمستعمرين الفرس، وما لبثت منطقة مسجد
سليمان أن شهدت في 19 أيار/ مايو 1979 اشتباكاتٍ دامية بين العرب واللجان الثورية
أعقبتها حملة اعتقالات واسعة النطاق طالت عرب الأحواز.. وأعلن نظام الخميني من
جهته عن تمديد مهلة تسليم العرب لأسلحتهم لمدة أسبوعٍ إضافي وإلا الويل والثبور
وعظائم الأمور، وذلك دونما أي حديثٍ يذكر عن مطالبهم..
مساء الثلاثاء في 29 أيار/ مايو 1979
بدأ الخميني بتنفيذ مخططه لضرب العرب فشنَّت اللجان الثورية هجوماً على المركز
الثقافي العربي الأحوازي في المحمَّرة، وسرعان ما امتدَّت الإشتباكات إلى أماكن
أخرى من المدينة..
وفي اليوم التالي كانت المجزرة التي
ارتكبها المستعمر الفارسي الخميني وعُرفت بإسم "مجزرة الأربعاء
الأسود".. لقد قام الخميني بالهجوم على عرب الأحواز جواً وبراً وبحراً وقد
دفع بقوات الجيش لمساندة اللجان الثورية في عملياتها، فقصف العربَ بالطيران واقتحم
مدنهم بالمدرعات وقصف شوارعهم بالمدافع والبارجات، وامتدَّت المعارك من مدينة
المحمَّرة (خورمشهر) ومينائها النفطي إلى مدينة عَبَدان ومينائها النفطي وصولاً
إلى مدينة مسجد سليمان وغيرها من المناطق العربية.. وكان من نتيجة هذا الهجوم
الإستعماري الفارسي سحق المقاومة العربية الأحوازية ما أسفر عن سقوط أكثر من 200
قتيل وما يزيد عن 600 جريح بالإضافة إلى عدة آلافٍ من المعتقلين من عرب الأحواز،
ناهيك عن عشرات القتلى من الحوامل بعدما شكَّل المستعمرون الفرس شبكاتٍ سرية
استهدفت الحوامل من نساء العرب في مدينة المحمَّرة عمدت إلى شق بطونهنَّ وإسقاط
حملهنَّ! وقد تمَّت ملاحقة المقاومين الأبطال في جميع أنحاء الأحواز، وأرسل
الخميني صادق خلخالي إلى الأحواز ليقوم بإعدام أكثر من 70 عربياً أحوازياً هم من
خيرة السياسيين والمثقفين ورجال الدين والأعيان ومن بينهم رئيس الوفد الأحوازي
(الذي سبق وأن قابل الخميني) شُبَيْل الطَرْفي وعددٍ آخر من أعضاء الوفد، وذلك في
محكمةٍ صورية في صحراء مشداخ (إحدى مناطق الأحواز)، وهي المحكمة التي سمَّاها
الفرس بـ "المحكمة الثورية" التي كان شعارها: "نَعْدُمُ المتَّهم،
فالبريء إلى الجنَّة والمذنب إلى النار"!!
لقد وصفت أجهزة إعلام الخميني عرب
الأحواز بأنهم "عملاء للإستعمار"، وألقى أحمد مدني اللوم في ما حدث على
"الإستعماريين ومؤيدي النظام السابق".. وقد كافأ الخميني أحمد مدني هذا
على المجزرة التي ارتكبها ضد عرب الأحواز بأن عيَّنه قائداً للقوات البحرية
ورشَّحه لأول انتخابات رئاسية ووصفه بأنَّه "عيني اليمنى" (قبل أن ينقلب
عليه الخميني لاحقاً)!
أما ما فعله الخميني المستعمر بأستاذه
العربي الأحوازي آية الله الخاقاني فتلك قصة نعرض لها في الحديث المقبل.
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية في 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، العدد رقم 1519).
الحديث التالي:
- آية الله العظمى الإمام محمد طاهر آل شبير الخاقاني كان الأحق باستلام السلطة في إيران بدلاً من الخميني!
الحديث السابق:
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من
على موقعها الإلكتروني التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق