بيد أنَّ ما لاحظناه في هذا الإطار
أنَّ التغنِّي بسمار البشرة قد ازداد بشكلٍ لافت منذ النصف الثاني من أربعينيات
القرن العشرين وطوال الخمسينيات، ثم نادراً ما برز مطرب (أو مطربة) في الستينيات
إلا وتغنَّى في أغنيةٍ أو أكثر من أغنياته بالسمار، وبرأينا فإنَّ السبب الأساسي في
هذا الإكثار من التغني بالسمار هو الروح الوطنية العالية والحب الشديد لمصر،
وخاصةً أنَّ اللون الأسمر هو الذي يطغى على معظم أفراد شعبها، وقد ازداد هذا
التغنِّي بالسمار نكايةً بالمحتل الإنكليزي ذوي البشرة البيضاء وخاصةً مع تصاعد
عمليات المقاومة ضد هذا الإحتلال منذ النصف الثاني من الأربعينيات، ناهيك عن أنَّ
حاكم مصر بعد ثورة 23 تموز/ يوليو 1952 كان أسمر البشرة، ألا وهو جمال عبد الناصر،
بعد نحو 150سنة من حكم ذوي البشرة البيضاء لمصر بدءاً من محمد علي باشا ثم سلالته
لاحقاً وآخرهم الملك فاروق، هذا بالإضافة إلى من سبقهم من المماليك (البيض)، الذين
حكموا مصر قبلهم لمئات السنين..
إنزل إلى أسفل لمتابعة القراءة
معركة غنائية حول البيض والسُمر (2 من 4)
إحتجاج غنائي على التغنِّي بالسَمَار
صباح |
حسين احمد صبرا
على مدى عقودٍ من الزمن غَلَبَ على
الغناء في الوطن العربي بشكلٍ عام وفي مصر بشكلٍ خاص التغنِّي بالسمار وإهمال
التغني بالبياض إلا في ما ندر (من قبيل الإغنية الشعبية الصعيدية "البنت بيضا
وأنا أعمل إيه" والأغنية الفريدة لليلى نظمي "يا بيضا")،
منيرة المهدية |
حتى أنَّ الأغاني المتغنِّية بالسمار
تكاد لا تُحصى، ولعلَّ أشهر وأقدم أغنية في هذا المجال هي طقطوقة "أسمر مَلَك
روحي"، التي ألَّفها ولحَّنها محمد علي لعبة منذ ما يقرب من مائة عام
وغنَّتها سلطانة الطرب منيرة المهدية، وأيضاً أغنية "حبيبي الأسمراني"
من التراث الشعبي المصري..
جمال عبد الناصر
|
بيد أنَّ ما لاحظناه في هذا الإطار
أنَّ التغنِّي بسَمَار البشرة قد ازداد بشكلٍ لافت منذ النصف الثاني من أربعينيات
القرن العشرين وطوال الخمسينيات، ثم نادراً ما برز مطرب (أو مطربة) في الستينيات
إلا وتغنَّى في أغنيةٍ أو أكثر من أغنياته بالسَمَار، وبرأينا فإنَّ السبب الأساسي في
هذا الإكثار من التغني بالسَمَار هو الروح الوطنية العالية والحب الشديد لمصر،
وخاصةً أنَّ اللون الأسمر هو الذي يطغى على معظم أفراد شعبها، وقد ازداد هذا
التغنِّي بالسمار برأينا نكايةً بالمحتل الإنكليزي ذي البشرة البيضاء وخاصةً مع
تصاعد عمليات المقاومة ضد هذا الإحتلال منذ النصف الثاني من الأربعينيات، ناهيك عن
أنَّ حاكم مصر بعد ثورة 23 تموز/ يوليو 1952 كان أسمر البشرة، ألا وهو جمال عبد
الناصر، بعد نحو 150سنة من حكم ذوي البشرة البيضاء لمصر بدءاً من محمد علي باشا ثم
سلالته لاحقاً وآخرهم الملك فاروق، هذا بالإضافة إلى من سبقهم من المماليك
(البيض)، الذين حكموا مصر قبلهم لمئات السنين..
إليكم على سبيل المثال لا الحصر بعض
الأغاني لأشهر المطربين المصريين، حيث غنَّى عبد العزيز محمود "أسمر يا جميل
يا بو الخلاخيل" و"أسمر وجميل
ولا زيُّه جميل" و"داري جمالِك يا سمرة" و"أبو سمرة"
و"حبيبي يا اسمر الخدين"، والأغنية الوطنية التي يتغنى بها بشعبَي مصر
والسودان "أسمر زين".. ومحمد قنديل "جميل واسمر" و"أبو
سمرة السُكَّرة" و"إيه يا
سمارة".. وكارم محمود "سمرا يا سمرا" و"عنَّابي يا خدود الحليوة"
و"أسمر وعاجبني سمارُه" و"آه من عينيك يا سمراء"
و"أَتُوقُ إليكِ يا سمراء" والأغنية الوطنية "سُمر وحلوين يا ولاد
بلدي".. ومحمود شكوكو "حلوة يا
سمرا يا شكلاتة".. ومحمد الكحلاوي "أسمر وسمرمر"..
وقصيدة عبد الحليم حافظ "قالت لي
السمراء" و"أسمر يا اسمراني" (التي غنَّتها فايزة أحمد أيضاً)
و"سمراءُ يا حلم الطفولة" و"يا تبر سايل بين شطين يا حلو يا
اسمر".. وفريد الأطرش في أغنيته "الفلاحة" (سمرة وسمارها الفلاحة/
قمرة في دارها الفلاحة)، ولاحقاً في أواخر الستينيات في أغنية "بتؤمر عالراس
وعالعين" (ومتلك يا سكَّر بيدوب/ يا اسمراني يا مهيوب).. ونجاة الصغيرة
"سمارة ليه الحلو بيتدارى" و"عطشان يا اسمراني محبَّة"..
وفايزة أحمد "شفتك حبيتك يا سمارة" و"يا الأسمراني".. ووردة
الجزائرية "باحب الأسمر" و"دخل الأسمر" (بالإضافة إلى
أغنيتيها الوطنيتين "حلوة بلادي السمرة" و"عدينا يا اسمر" في
السبعينيات)..
ونازك "ولو يا أسمر ولو"
و"مرت الأيام يا اسمر".. وفايدة كامل "يا واد يا سمارة".. ونور الهدى
"سمارَك يا فتى مصري".. وسعاد محمد "ما هكذا أسرفت يا أسمر"..
ومحمد رشدي
"الأسمراني".. وعادل مأمون "سمراء".. وكمال حسني
"الحليوة الأسمراني" و"أسمر يا سكر".. ومحمد عبد المطلب
"أسمر كحيل العين" و"يا ست السمر يا سمرا".. وشهرزاد
"حليوة أسمر"، وتتغنَّى بأهل النوبة "حبيبي في الجنوب أسمر"..
وسيد اسماعيل "سمرة يا سمارة" و"لما نده لي الأسمر"
و"مكتوب لي أحبك يا اسمر".. وعصمت عبد العليم "يا اسمر يا
حليوة"..
وشادية "آه يا اسمراني
اللون" و"الأسمر في كل مكان" و"غنوة للأسمر".. ومحرَّم فؤاد "أبحثُ عن
سمراء".. وماهر العطار "الأسمراني آه منهُ ياني".. وعبد اللطيف التلباني
"حلوة يا اسمرانية" و"يا حلاوتك يا سمارة".. وأحمد
سامي "أسمر كحيل العين"..
وعايدة الشاعر "كل الناس في هواك محتارة إلا سمارة".. وشريفة فاضل
"أسمر يا سمارة يا بو دم خفيف".. وعفاف راضي "واقفة السمرا"
و"ولد وبنت سمرا".. وغيرها الكثير من الأغاني..
محمد عبد الوهاب |
بل وحتى موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب الذي وإن لم يغنِّ للسمر (وهو أبيض البشرة) إلا أغنية "النيل نجاشي حليوة أسمر" مطلع الثلاثينيات، إلا أنه لحَّن مقطوعة موسيقية بعنوان "حبيبي الأسمر" عام 1957..
عبد الحليم نويرة |
كما لحَّن الموسيقار عبد الحليم نويرة مقطوعة موسيقية بعنوان "سمارة".. أما أم كلثوم فلم نعثر في كلمات جميع أغانيها على أي إشارة إلى السمار أو البياض، والسبب على ما يبدو أنه لم يكن يستهويها هذا النوع من الغزل.
عبد الوهاب محمد |
الإحتجاج الغنائي
صباح
في فيلم "حبيب حياتي"
تغني
"غنوا كتير للسمر، والبيض فاتوهم ليه"
|
أمام هذا الكم الكبير من الأغاني التي
برزت منذ النصف الثاني من أربعينيات القرن العشرين وتتغنَّى بالسمار، ظَهَرَت
أغنية عام 1958 كتبها الشاعر الغنائي عبد العزيز سلام ولحَّنها الموسيقار محمد
فوزي وغنَّتها الفنانة العظيمة صباح في فيلم "حبيب حياتي"، وتتضمَّن
احتجاجاً على الإكثار من الغناء للسمر وإهمال الغناء للبيض، وقد حملت الأغنية
العنوان التالي: "غَنُّوا كتير للسُمر، والبيض فاتوهم ليه؟".. وجاء
المطلع على النحو الآتي: "غَنُّوا كتير للسُمر/ والبيض فاتوهم ليه/ ليه ينسوا
نور البدر/ ويفكَّروا ف لياليه؟" (وهنا البدر يرمز إلى البياض، والليالي ترمز
إلى السمار).
عبد العزيز سلام
|
ثم يبدأ التغنِّي بالبياض: "مين
يكره الفل مين/ ومين ما حبِّش جماله/ ومين فات على الياسمين/ ولا انسحرش بدلاله/
أصل البياض ينحب/ وبيوصفوه في الحب/ بكل فرحة قلب/ وهوَّ نِنِّي الفجر/ حتى اسألوني عليه"..
وبعدها تأتي الدعوة إلى التغنّي
بالبياض مثلما يتم التغنّي بالسمار: "لو كان سواد العين/ هوَّ سبب نورها/
يبقى بياض العين/ هوَّ إللي ينوَّرها/ وما دام سوا غاليين/ ما تيا الله يا عاشقين/
نحبُّهم الإتنين/ ولَّا قولوا لي الصدق/ إيه الفرق بينهم إيه؟".
ولن ننسى أن نشير إلى أنَّ صباح نفسها
قد تغنَّت بالسمار في عددٍ من أغنياتها: "أعشق الأسمر" و"آه يا
اسمر اللون" و"قولوا للأسمراني" و"أبو سمرة زعلان"..
الحديث التالي:
الحديث السابق:
معركة غنائية حول البيض والسُمْر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق