إنزل إلى أسفل لمتابعة الموضوع كاملاً
معركة غنائية حول البيض والسُمُر (4 من 4)
المطرب الكويتي عبد الله فضالة
حسين احمد صبرا
أما الفنان عبد الله فضالة (1900 –
1967) فهو مطرب وملحِّن وشاعر كويتي ساهم في انتشار الأغنية الكويتية في الوطن
العربي ولا سيما في دول الخليج العربي ومصر، وتأثر بالموسيقى الهندية واليمنية،
ولحَّن وغنَّى أكثر من 500 أغنية معظمها من أشعاره، كاتباً الشعر الغنائي بالفصحى
والعامية، ومقدِّماً العديد من الأغاني الشعبية، ومنها هذه الأغنية التي سنتحدَّث
عنها، وهي أغنية متسارعة يؤدِّيها فضالة بصوته وبمصاحبة عوده، ولا تتجاوز مدتها 6
دقائق، عالج فيها بإسهابٍ مسألة الصراع بين الفتيات البيضاوات والسمراوات بلغةٍ
شعرية ممتازة وبأسلوبٍ ظريف جداً وحملت عنوان "البيض والسُمُر"، وقد
عملنا على تفسير بعض المفردات العامية، التي هي في الأصل مفرداتٌ من فصحى
العربية.
يبدأ الفنان فضالة بتصوير المشهد التالي: هو جالسٌ في مجلسه وقد أقبلت عليه الفتيات السمراوات والبيضاوات، فراح في البداية يمتدح السمراوات كلَّ المديح: "هات يا قلبي عليهن عاد هات/ يوم شِفْت السُمر جِني (أي جِئْنَني) مُقْبِلات/ كاملات الزين، هُنْ سيد البنات/ أرياقُهُم يا قلب سُكَّر مع نبات/ مآخذين الحق بشهود وثبات"..
ثم يمتدح البيضاوات (وكأنَّا به يذمُّهُنَّ): "لو تشوف البيض بالحِنَّة تِهُوس/ فوق كبد أهل الهوى تمشي وتدوس/ بس نظرة وزاهيات باللبوس/ وبالمراقد كُنْهُم (أي كأنهم) طين السرات (أي الطين الذي ينبت فيه الريحان)/ غري فيهن بياضٍ لي لَمَع/ كِنْهِنْ (أي كأنهنَّ) لمعة سرابٍ وارتفع/ أقسمت بالله ونبينا اللي شَفَع/ ما أبيهِنْ (أي ما أَبْغيهِنَّ) بالوصل لو ناويات"..
لكنَّ عبد الله فضالة لا يلبث أن
يعبِّر عن تفضيله للسمراوات على البيضاوات بوضوح: "يا عديم الرأي ياللي لي
تلوم/ السُمُر تَرْكَنْ (أي تَرَكْنَ) على قلبي سُهُوم (أي سهام)/ كم راعي مالْ،
خَلُّوه معدوم/ قيس قبلي ضيَّع فروض الصلاة/ (...)/ يا "حَمَد" لو أقبَلَت
سمرا تنود (أي تحرِّك رأسها وكتفيها، أو تتمايل من النعاس)/ كِنْها (أي كأنها)
ظبيٍ تقلقل من نفود (أي اشتدَّ سيرُها فوق الأرض مَرَحاً ونشاطاً)/ الصدر مزموم مع
ذيك (أي تلك) النهود/ والشفايا (أي الشفاه) رَشْفُها فيها الحياة"..
ثم يُعلن صراحةً عن تفضيله للسمراء على
البيضاء: "أقسمت بالله وتورَّخْتِ اليمين/ لأزيد السمرا على البيضا سهمين/
بالتديُّن يا "حَمَد" وإنتَ الضَمِين (أي الضامن)/ عامَلْت بالدِين كل
الكاينات".
هنا بدأ المشهد يَسْخُن بالتدريج
باحتجاج البيضاء على ذلك: "جَتْني البيضا وقالت يا "حسين"/ ليش
زوَّدْتِ السُمُر وإحنا غايبين/ نادهم للحكم وإحنا حاضرين/ واحكُم بِعَدْلًك وخلّي
ما فات فات".. ثم تَحْضُرُ مجلسَهُ البيضاوات والسمراوات لمناقشة الأمر:
"جِنْ (أي جاءت) كل البيض والسُمْر إحْضَرَنْ (أي حَضَرْنَ)/ وِهْنِي يا
"حسين" قدامي سْطَرَنْ (أي أَبْدَيْنَ آراءهُنَّ أمامه)/ كأني بجنَّات
وأغصان ثْمَرَنْ (أي أثمَرَتْ)/ طال عمرك وحْلَوّ إقبال البنات".
وتبدأ البيضاوات بالعتاب وبمديح
أنفسهنَّ وذَمِّ السمراوات: "ما تقول بينا وحِنَّا مُسْفِرِين (أي مُسْفِرات،
أي مُشْرِقات ومُضيئات)/ والسَفرْ أحسن من الظلما (أي الظلماء) يقين/ إنْ نَظَرْتِ
البيض تلقا لك جبين/ وخدود تاضي (أي تُضيء) كالشموس الطالعات".. ثم
يَبْدَأْنَ بذمِّ السمراوات: "السُمُر يا "حسين" ويش تِلْقَى بهم/
لا جمال ولا كمال ولا فِهِم/ إشْهَد إن البيض أحسن منّهم/ البيض كالأمهار إنْ
جِنَّ (أي جِئْنَ) مُقْبِلات".
فلا تلبث أن تنبري لها إحدى السمراوات
لتردَّ عليها: "قالت السمرا عَلامِك تِغْلَطين/ إحنا فُتات المسك وحِنَّا
المؤنِسين/ أرياحنا عنبر ومسك وياسمين/ إحنا هَلِ (أي أَهْل) القعدات وحِنَّا
الغاويات/ وإلا العذارى البيض من بد الملا (أي سيئات الخُلُق والطباع)/ مالقات (أي
ممالقات) ما بِهِنْ نتفة حلا/ كم فتى يا "حسين" بالسُمر ابتلا/ مين
نَصَانا (أي اختارَنا) ما يْمِلّ من المبات".. فترد عليها البيضاء قائلةً
باستهزاء: "ضحكت البيضا وقالت ذا تمام/ ما نصاكم (أي اختارَكُنَّ) واحدٍ إلا
وينام /ويش يقابل يا مسلم يا سلام/ السُمُر للبيض صارن (أي صِرْنَ)
خادمات".
حينها يتدارك الأمير "حسين"
(أي عبد الله فضالة) الأمر بأن يمتدح كلاً من البيضاوات والسمراوات معاً:
"شفت مجلسنا علينا يِبْ (أي سوف) يطول/ قلت يا غزلان إسمعوا ما أقول/
كُلُّكُنْ حسْنات وكُلِّن لُه قبول/ كلُّكم بالزين والله كاملات".
وفي الختام يَفُضُّ الأمير "حسين" المجلس، ويَهُمُّ بالذهاب، فإذ بإحدى السمراوات غليظة الشفتين وإسمها "سعيدة" تستوقفه لتعاتبه، فيتابع السرد: "انفض مجلسنا وجينا نَبِ (أي نريد أنْ) نقوم/ يوم أُخِذنا (أي أُخِذْنا على حين غَرَّة) وذا التي جِتْنا (أي جاءت إلينا) تزوم (أي غاضبة وتُغَمْغِمُ بكلامٍ غير واضح)/ وصَرَخِتْ يا "حسين" إقْعِدْ لا تقوم/ ليش تنسى السود وهُنَّ الغاويات".. فيجيبها الأمير "حسين" غاضباً: "قُلْت باسم الله ويش ذا اللي دَهَم/ حتى سْعَيِّدة جاية تبغي سهم/ إطردوها يا عساها للوَهم (أي يا لها من واهمة)/ كل برطم (أي كل شَفَة) منها عشر وزنات".
الحديث السابق:
معركة غنائية حول البيض والسُمْر:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق