أما ابن تغري بردي (أبو المحاسن) فيقول في كتابه
"المنهل الصافي": "ونزل
على بغداد وحصرها حتى أخذها عنوةً في يوم عيد النحر (عيد الأضحى) من السنة، ووضع
السيفَ في أهل بغداد، وألزم جميع مَنْ معه أن يأتي كلُّ واحدٍ منهم برأسين من رؤوس
أهل بغداد، فوقع القتلُ في أهل بغداد حتى سالت الدماء أنهاراً، وقد أتوه بما
ألتزموه، فبنى من هذه الرؤوس مائة وعشرين مأذنة.
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون
التتار
نموذجاً
(دراسة
تاريخية)
2015
تأليف:
حسين احمد صبرا
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون (11من 15)
تيمور
لنك بنى من رؤوس القتلى المسلمين في بغداد 120 مئذنة
وكان
ينوي احتلال الكعبة!
حسين احمد صبرا
في طريق عودته من بلاد الشام عام 803ه/ 1400م بعدما
دمَّر مدنها وأحرقها وقتل سكانها واغتصب نساءها وسباهنَّ وأطفالها ورجالها، هاجم
تيمور لنك بغداد وفعل بها الفعل نفسه.. يقول المقريزي: "وفي هذا الشهر (أي ذي
القعدة سنة 803ه) خُرِّبَت بغداد"، ومكث فيها نحو شهر.. يقتل وينهب ويأسر
ويدمِّر.. ثم يقول: "وفيه (أي سادس عشر ذي الحجة سنة 803ه) رحل تَمُرلنك عن بغداد
بعدما هدمها" (السلوك لمعرفة دول الملوك، دار الكتب العلمية، بيروت، 1997،
ج6، ص65 و66).
أما ابن تغري بردي (أبو المحاسن) فيقول في كتابه
"المنهل الصافي": "ونزل
على بغداد وحصرها حتى أخذها عنوةً في يوم عيد النحر (عيد الأضحى) من السنة، ووضع
السيفَ في أهل بغداد، وألزم جميع مَنْ معه أن يأتي كلُّ واحدٍ منهم برأسين من رؤوس
أهل بغداد، فوقع القتلُ في أهل بغداد حتى سالت الدماء أنهاراً، وقد أتوه بما
ألتزموه، فبنى من هذه الرؤوس مائة وعشرين مأذنة.
"أخبرني غيرُ
واحدٍ ممن كان ببغداد إذ ذاك أنَّ عدة مَنْ قُتل في هذا اليوم قد بلغت تسعين ألف
إنسان تخميناً، سوى مَنْ قُتل في أيام الحصار، وسوى مَنْ قُتل عند دخول تيمور إلى
بغداد في المضايق، وسوى مَنْ ألقى بنفسه في الدجلة فغرق، وهذا شيءٌ كثيرٌ للغاية،
وقيل إنَّ الرجل الملزوم بإحضار رأسين كان إذا عجز عن الرجال قَطَعَ رأس امرأةٍ من
النساء وأزال شعرَها وأحضرها، وقيل إنَّ بعضهم كان يقف في الطرقات ويصطاد مَنْ
مَرَّ به ويقطع رأسه، وبالجملة فكانت هذه المحنة من أعظم البلايا في الإسلام"
(الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1984، ج4، ص125 – 126).
إذاً، وقبل أن يرحل عن بغداد بعدما خرَّبها ونهبها
وقَتَلَ بها مَنْ قَتَل، أمر تيمور لنك كلَّ رجلٍ من رجاله بإحضار رأسين مقطوعين
من أهل بغداد المسلمين، فسارع كلٌّ منهم إلى إلقاء القبض على اثنين من أهل بغداد
وقطع رأسيهما وإحضار الرأسين المقطوعين إلى تيمور لنك ليبني منها مىذن ومنابر كما
جرت عليه عادته، ومَنْ لم يجد رجلين ألقى القبض على امرأتين وقطع رأسيهما وجزَّ
شعرهما كي لا يُعرفا بأنهما من النساء..
ويعود ابن تغري بردي (أبو المحاسن) ليذكر ذلك في كتابه
"النجوم الزاهرة" بشكلٍ أكثر توثيقاً، فيقول: "حدَّثني الأمير
أَسَنْباي الزِّرَدكاش الظاهري برقوق – وكان أُسر عند تيمور وحَظِيَ عنده، وجعله
زَرَدْكاشه عند أخذ بغداد وحصارها – (حدَّثني) بأشياء مهولة، منها أنه لمّا استولى
على بغداد أَلزم جميعَ مَنْ معه أن يأتيه كلُّ واحدٍ منهم برأسين من رؤوس أهل
بغداد، فوقع القتلُ في أهل بغداد وأعمالها، حتى سالت الدماءُ أنهاراً، حتى أتوه
بما أراد، فبنى من هذه الرؤوس مائة وعشرين مئذنة. فكانت عدةُ مَنْ قُتل في هذا
اليوم من أهل بغداد تقريباً مائة ألف إنسان. وقال المقريزي تسعين ألف إنسان – وهذا
سوى مَنْ قُتل في أيام الحصار، وسوى مَنْ قُتل في يوم دخول تيمور إلى بغداد، وسوى
مَنْ أَلقى نفسَه في (نهر) الدِّجلة فغَرق، وهو أكثر من ذلك.
"قال (الأمير أَسَنْباي الزِّرَدكاش): وكان الرجلُ
المرسومُ له بإحضار رأسين إذا عجز عن رأس رجلٍ قَطَعَ رأسَ امرأةٍ من النساء وأزال
شعرها وأحضرها. قال: وكان بعضهم يقف بالطرقات ويصطاد مَنْ مَرَّ به ويقطع رأسَه.
ثم رحل تيمور عن بغداد (...) بعد أن جعلها دَكّاً خَراباً".
ويبقى الأمر
الأشد وهو أنَّ تيمور لنك كان يجهِّز العدة لاحتلال الكعبة في أواخر عام 807ه/
1404م، ومَنْ يدري بما كان سيفعله هناك من سفكٍ للدماء وانتهاك للأعراض بحجة كسوة
الكعبة! يقول المقريزي: "وفي سادس عشرينه (أي ذي الحجة سنة 807ه) أُشيع بمكة أنَّ
رَكْبَ العراق قَدِمَ صحبة ابن تَمُرلنك بعسكرٍ، فاستعدَّ الشريف حسن بن عجلان أمير
مكة إلى لقائه. وكُشف عن الخبر، فتبيَّن أنَّ محمل العراق قدم ومعه حاجٌّ ضعفاء بغير
عسكر. فلما قضوا مناسك الحج تأخروا بعد مضي الركب المصري يوماً، ثم قاسوا طول الكعبة
وعرضها، وعَدُّوا عُمُدَ المسجد الحرام وأبوابه، فأَسَرَّ إلى ابن عجلان رجلٌ ممن حضر
معهم من بني حسن أنَّ تَمُرلنك كان قد عزم على بعث جيشٍ عدَّتهم عشرة آلاف فارس صحبة
المحمل، فخُوِّفَ من عطش الدرب، فأخَّرهم وبعث لكشف الطريق، حتى يبعث من قابل (ربما
المقصود مدينة كابول عاصمة أفغانستان اليوم) عسكراً بكسوة الكعبة، فكتب بذلك ابنُ عجلان
إلى السلطان (السلطان الناصر فرج ابن برقوق)" (السلوك، دار الكتب العلمية،
بيروت، 1997، ج6، ص133).
الحديث التالي:
الحديث السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق