إنَّ تيمور لنك، الذي أباد الأطفال في حلب وحماة ودمشق
واغتصب النساء المسلمات في الجوامع وخرَّب الجوامع والمساجد وجعل منها اسطبلاتٍ
لدوابه، يجادل في الإمام علي ومعاوية!! فأثناء وجوده في حلب طلب تيمور لنك لقاء
رجال الدين المسلمين وراح يجادلهم في الإمام علي، ومَنْ أعجبه جوابه أكرمه ولم
يمسَّه بسوء، وهذا أكبر دليل على أنَّ تيمور لنك الشيعي إنما جاء لينتقم من
المسلمين محمِّلاً أهلَ الشام مسؤولية الوقوف مع معاوية ضد الإمام علي، والوقوف مع
يزيد في سفك دم الإمام الحسين..
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون
التتار
نموذجاً
(دراسة
تاريخية)
2015
تأليف:
حسين احمد صبرا
أعداء
العروبة والإسلام يتشيَّعون (10 من 15)
بعدما
أباد الأطفال واغتصب النساء المسلمات في الجوامع
تيمور
لنك أمر أهل حلب ودمشق أن يقولوا:
علي على
الحق ومعاوية ظالم!
حسين احمد صبرا
إنَّ تيمور لنك، الذي أباد الأطفال في حلب وحماة ودمشق
واغتصب النساء المسلمات في الجوامع وخرَّب الجوامع والمساجد وجعل منها اسطبلاتٍ
لدوابه، يجادل في الإمام علي ومعاوية!!
فأثناء وجوده في حلب طلب تيمور لنك لقاء رجال الدين
المسلمين وراح يجادلهم في الإمام علي، ومَنْ أعجبه جوابه أكرمه ولم يمسَّه بسوء،
وهذا أكبر دليل على أنَّ تيمور لنك الشيعي إنما جاء لينتقم من المسلمين محمِّلاً
أهلَ الشام مسؤولية الوقوف مع معاوية ضد الإمام علي، والوقوف مع يزيد في سفك دم
الإمام الحسين.. ونترككم مع كلام القاضي ابن الشحنة، قاضي حلب، والذي تولَّى
الإجابة عن أسئلة تيمور لنك الغوغائية في لقائه مع رجال الدين في حلب، وقد أورد
كلامَ ابنِ الشحنة المؤرخُ ابنُ عربشاه في كتابه "عجائب المقدور في نوائب تيمور"،
فنقلناه عنه.. ونرجو منكم قراءته بعناية فائقة.. يقول ابن الشحنة في تاريخه:
" في يوم رابع عشر شهر
ربيع الأول أَخَذَ (تيمور لنك) القلعة (قلعة حلب) بأمان والأيمان التي ليس معها
إيمان، وفي ثاني يوم صعد إليها، وآخر نهارٍ طلب علماءها وقُضاتَها، فحضرنا إليه
(أي كان ابنُ الشحنة واحداً من هؤلاء القضاة) فأوقفنا ساعة، ثم أمر بجلوسنا، وطلب
مَنْ معه من أهل العلم، فقال (تيمور لنك) لأميرٍ عنده وهو المولى عبد الجبار ابن
العلَّامة نعمان الدين الحنفي (بخوارزم، وهو حنفي معتزلي) – والدُهُ من العلماء
المشهورين بسمرقند – قُلْ لهم إني سائلهم عن مسألةٍ سأَلْتُ عنها علماءَ سمرقند
وبخارى وهُراة وسائر البلاد التي افتتحتها فلم يفصحوا عن جواب، فلا تكونوا مثلهم،
ولا يجاوبني إلا أَعْلُمُكم وأفضلُكُم، وليعرف ما يتكلَّم فإني خالطتُ العلماءَ
ولي بهم اختصاصٌ وألفة، ولي في العلم طلبٌ قديم. وكان يَبْلُغُنا عنه (أي عن تيمور
لنك) أنه يَتَعَنَّت العلماء في الأسئلة، ويجعل ذلك سبباً لقتلهم أو تعذيبهم. فقال
القاضي شرف الدين موسى الأنصاري الشافعي عَنِّي (أي عن ابن الشحنة): هذا شيخُنا
ومُدَرِّس هذه البلاد ومُفْتِيها، سَلُوهُ وبالله المستعان. فقال لي عبد الجبار
(العلَّامة الذي كان يَصْحَبُهُ تيمور لنك): سلطانُنا يقول إنه بالأمس قُتِلَ
منَّا ومنكم، فمَنْ الشهيد؟ قتيلُنا أم قتيلُكم؟ فَوَجَمَ الجميعُ وقلنا في
أنفسنا: هذا الذي بَلَغَنا عنه (أي عن تيمور لنك) من التَعَنُّت. وسكت القومُ،
فَفَتَحَ اللهُ عَلَيَّ بجوابٍ سريعٍ بديع، وقلت: هذا سؤالٌ سُئِلَ عنه سيدنا رسول
الله صلى الله عليه وسلَّم وأجاب عنه، وأنا مُجيبٌ بما أجاب به سيدنا رسول الله
صلى الله عليه وسلَّم. [قال لي صاحبي القاضي شرف الدين موسى الأنصاري بعد أن
انقَضَت الحادثة: والله العظيم لمَّا قُلْتَ هذا السؤالُ "سُئِلَ عنه رسولُ
الله صلى الله عليه وسلَّم وأجاب عنه"، وأنا مُحَدِّثُ زماني، قلتُ هذا عالِمُنا
(أي ابن الشحنة) قد اختَلَّ عقلُهُ وهو معذور، فإنَّ هذا السؤال لا يمكن الجواب
عنه في هذا المقام]. ووَقَعَ في نفس عبد الجبار مثل ذلك، وألقى تِمُرلنك إليَّ سَمْعَهُ
وبَصَرَهُ وقال لعبد الجبار يسخر من كلامي: كيف سُئِلَ رسول الله صلى الله عليه
وسلَّم عن هذا وكيف أجاب؟ قلت: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلَّم
وقال يا رسول الله إنَّ الرجل يقاتل حَمِيَّةً ويُقاتل شجاعةً ويقاتل ليرى
مكانَهُ، فأيُّنا في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: مَنْ قاتَلَ
لتكون كلمةُ الله هي العليا فهو الشهيد. فقال تِمُرلنك: خوب خوب (أي جَيِّد
جَيِّد). وقال عبد الجبار: ما أحسن ما قلت! وانفتح باب المؤانسة، وقال (تيمور لنك
متحدِّثاً عن نفسه): إني رجلٌ نصفُ آدمي، وقد أَخَذْتُ بلادَ كذا وكذا، وعَدَّدَ
سائر ممالك العجم والعراق والهند وسائر بلاد التتار. فقلتُ: إجعل شُكْرَ هذه
النعمة عفوَكَ عن هذه الأمَّة ولا تقتل أحداً. فقال: والله إني لا أقتل أحداً
قَصْداً، وإنما أنتم قتلتم أنفسكم في الأبواب (أي أثناء التزاحم للدخول إلى القلعة)،
واللهِ لا أقتلُ أحداً منكم وأنتم آمنون على أنفسكم وأموالكم.
"وتكرَّرت
الأسئلة منه والأجوبة مِنَّا، فطمع كلُّ الفقهاء الحاضرين، وجَعَلَ (الواحد من
الفقهاء) يبادر إلى الجواب ويظنُّ أنه في المدرسة، والقاضي شرف الدين ينهاهم ويقول
لهم: باللهِ اسكُتُوا ليجاوب هذا الرجلُ (أي ابن الشحنة) فإنه يَعْرِفُ ما يقول.
وكان آخر ما سأل (تيمور لنك) عنه: ما تقولون في عليّ ومعاوية ويزيد؟ فأشرتُ إلى
القاضي شرف الدين وكان إلى جانبي أن اعْرِفْ كيف تجاوبُهُ فإنه (أي تيمور لنك)
شيعيٌّ. فلم أَفْرُغ من سَماع كلامه إلا وقد قال القاضي عَلَمُ الدين القفصي
المالكي كلاماً معناه أنَّ الكُلَّ (أي عليّ ومعاوية ويزيد) مجتهدون، فغضب (تيمور
لنك) لذلك غضباً شديداً، وقال: عليّ على الحق ومعاوية ظالم ويزيد فاسق وأنتم
حَلَبِيُّون تَبَعٌ لأهل دمشق، وهم (أي أهل دمشق) يزيديُّون قتلوا الحسين!! فأَخَذتُ
في ملاطفته والإعتذار عن المالكي بأنه أجاب بشيءٍ وَجَدَهُ في كتابٍ لا يعرف
معناه، فعاد (تيمور لنك) إلى دون ما كان عليه من البسط، وأخذ عبد الجبار يسأل
عنِّي وعن القاضي شرف الدين، فقال (تيمور لنك) عَنِّي: هذا عالِمٌ مليح، وعن شرف
الدين: وهذا رجلٌ فصيح. فسألني تِمُرلنك عمري، فقلت: مولدي في سنة تسعٍ وأربعين
وسبع مائة وقد بَلَغْتُ الآن أربعاً وخمسين سنةً. فقال (تيمور لنك) للقاضي شرف
الدين: وأنتَ كم عمرك؟ فقال: أنا أكبر منه بسنة. فقال تَمُرلنك: أنتم في عمر
أولادي، أنا عمري اليوم خمساً وسبعين سنة. وحَضَرَ (تيمور لنك) صلاةَ المغرب
وأُقيمت الصلاة وأَمَّنا عبدُ الجبار وصلَّى تِمُرلنك إلى جانبي قائماً يركع
ويسجد، ثم تفرَّقنا. وفي اليوم الثاني غَدَرَ بكل مَنْ في القلعة (قلعة حلب) وأخد
جميعَ ما كان فيها من الأموال والأقمشة والمتعة ما لا يُحصى. أخبرني بعضُ كتَّابه
أنه لم يكن أَخَذَ من مدينةٍ قط ما أخذ من القلعة، وعوقب غالب المسلمين بأنواعٍ من
العقوبة، وحُبسوا بالقلعة ما بين مقيَّدٍ ومُزَنْجَرٍ ومسجونٍ ومُرْسَمٍ عليه،
ونزل تِمُرلنك من القلعة وأقام بدار النيابة، وصنع وليمةً على زي المُغْل. ووقف
سائرُ الملوك والنواب في خدمته وأدار عليهم كؤوس الخمر والمسلمون في عقابٍ وعذابٍ
وسبيٍ وقتلٍ وأَسْر، وجوامعُهُم ومدارسُهُم وبيوتُهُم في هدمٍ وحَرْقٍ وتخريبٍ
ونبشٍ إلى آخر شهر ربيع الأول. ثم طَلَبَني ورفيقي شرف الدين وأعاد السؤال عن عليّ
ومعاوية، فقلتُ له لا شكَّ أنَّ الحقَّ كان مع عليّ وليس معاوية من الخلفاء، فإنه
صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أنه قال: الخلافةُ بعدي ثلاثون سنةً، وقد
تمَّت بعليّ. فقال تِمُرلنك: قُلْ عليّ على حق ومعاوية ظالم. قلتُ: قال صاحب
الهداية (أي النبي محمد) يجوز تقليد القضاء من ولاة الجور، فإنَّ كثيراً من
الصحابة والتابعين تقلَّدوا القضاءَ من معاوية، وكان الحق مع عليّ في نوبته.
فاْنسَرَّ لذلك وطلب الأمراء الذين عيَّنهم للإقامة بحلب، وقال إنَّ هذين الرجلين
نُزُولٌ عندكم بحلب فأحسِنوا إليهما وإلى إلزامهما وأصحابهما ومَنْ ينضَمُّ
إليهما، ولا تُمَكِّنوا أحداً من أذيَّتهما، ورَتِّبوا لهما عُلُوفةً، ولا تدعوهما
في القلعة بل اجعلوا إقامتهما في المدرسة – يعني السلطانية تجاه القلعة – ففعلوا
ما أوصاهم به إلا أنهم لم ينزلونا من القلعة. وقال لنا وَلِيَ الحُكْمَ منهم بحلب
وكان يُدعى الأمير موسى بن حاجي طغاي: إني أخاف عليكما، والذي فهمتُهُ من سياق
كلام تِمُرلنك أنه إذا أمر بسوءٍ فَعَلَ بسرعةٍ ولا يحيدُ عنه، وإذا أمر بخيرٍ
فالأمر فيه لِمَنْ وَلِيَهُ.
"وفي أول يومٍ من
ربيع الآخر برز (تيمور لنك) إلى ظاهر البلد متوجِّهاً نحو دمشق، وثاني يوم أرسل
يطلب علماء البلد، فَرُحنا إليه والمسلمون في أمرٍ مَرِيْجٍ (أي ملتبس ومختلط)
وقطعِ رؤوسٍ فقلنا ما الخبر؟ فقيل إنَّ تِمُرلنك أرسل يطلب من عسكره رؤوساً من
المسلمين على عادته التي كان يفعلها في البلاد التي أخذها، فلما وصلنا إليه جاءنا
شخصٌ من علمائه يُقال له المولى عمر، فسألناه عن طلبنا فقال يريد يستفتيكم في قتل
نائب دمشق (الأمير سُودُون) الذي قتل رسولَهُ، فقلت: هذه رؤوس المسلمين تُقْطَع
وتُحْضَر إليه بغير استفتاء وهو حَلَفَ ألا يَقْتُلَ مِنَّا أحداً قَصْداً! فعاد
إليه ونحن ننتظره وبين يديه لحمٌ سليقٌ في طبقٍ يأكل منه، فتكلَّم معه يسيراً ثم
جاء إلينا شخصٌ بشيءٍ من ذلك اللحم، فلم نفرغ من أكله إلا وزَعْجَةٌ قائمة
وتِمُرلنك صوتُهُ عالٍ، وساق شخصاً هكذا أو آخرَ هكذا، وجاءنا أميرٌ يعتذر ويقول
إنَّ سلطاننا لم يأمر بإحضار رؤوس المسلمين وإنما بقطع رؤوس القتلى وأن يجعل منها
قِبَّةً إقامةً لحرمته على جري عادته، ففهموا منه غير ما أراد، وأنه قد أطلقكم
فأمضوا حيث شئتم. وركب تِمُرلنك من ساعته وتوجَّه نحو دمشق، فعُدنا إلى القلعة
ورأينا المصلحة في الإقامة بها، وأخذ الأمير موسى – أحسنَ اللهُ إليه – في الإحسان
إلينا وقبول شفاعتنا وتَفَقُّد أحوالنا مدَّةَ إقامتنا بحلب وقلعتها. وتجيئنا
الأخبار أنَّ سلطان المسلمين (المملوكي الشركسي) الملك الناصر فرج قد نزل إلى دمشق
وأنه كَسَرَ تِمُرلنك، ومرةً تجيء بالعكس، إلى أن انجلت القضية عن توجُّه السلطان
إلى مصر بعد أن قاتل مع تِمُرلنك قتالاً عظيماً أشرف تِمُرلنك منه على الكسر
والهزيمة، وإنما حصل من بعض أمرائه خيانةٌ كان ذلك سببَ توجُّهه آخذاً بالحزم.
ودخل تِمُرلنك إلى دمشق ونَهَبَها وأحرقها وفعل فيها فوق ما فعل بحلب، ولم يدخل
طرابلس بل أُحْضِرَ له منها مالٌ، ولا جاوز فلسطين، وعاد نحو حلب طالباً بلاده.
ولما كان سابع عشر شعبان من السنة المذكورة وصل تِمُرلنك عائداً من الشام إلى
الجبول شرقيّ حلب، ولم يدخلها، بل أَمَرَ المقيمين بها من جهته بتخريبها وإحراق
المدينة ففعلوا. وطلبني الأمير عز الدين – وكان من أكبر أمرائه – وقال إنَّ الأمير
رَسَمَ بإطلاقك وإطلاق مَنْ معك، فاطلب مَنْ شئت وأَكْثِر لأروح معكم إلى مشهد
الحسين (في أعمال حلب) وأُقيم عندكم حتى لا يبقى من عسكرنا أحد. وكان القاضي شرف
الدين لا يفارقني، فطلبنا باقي القضاة واجتمع معنا نحوٌ من ألفي مسلم، وتوجَّهنا
إلى مشهد الحسين المشار إليه، وأقمنا ننظر إلى النار وهي تُضْرَم في أرجائها
(أرجاء حلب)، وبعد ثلاثة أيام لم يبق بها أحد، فنزلنا إليها فلم نر أحداً
فاستوحشنا وما قدرنا على الإقامة بها من النتن والوحشة، ولم نقدر على السلوك في
الطرقات: كَأَنْ لم يكن بين الحَجُون إلى الصفا/ أنيسٌ ولم يَسْمُرْ بمكَّةَ
سامرُ"(انتهى كلام ابن الشحنة).
وفي دمشق جادل تيمور لنك رجال الدين المسلمين بكلامٍ
شبيهٍ بذلك، وأمرهم بأن يقولوا: علي على الحق ومعاوية ظالم.. قال ابن تغري بردي في
"المنهل الصافي": "ثم
جرت مناظرات بينه وبين (العلامة) عبد الجبار وبين فقهاء دمشق، وهو يترجم عن تيمور
بأشياء منها وقائع علي بن أبي طالب رضي الله عنه مع معاوية، وما وقع ليزيد بن
معاوية مع الحسين، وإنَّ ذلك كله كان بمعاونة أهل دمشق له، فإن كانوا استحلُّوه
فهم كفار، وإلا فهم عصاةٌ بغاة، وإثمُ هؤلاء على أولئك، فأجابوه بأجوبة قَبِلَ
بعضَها وردَّ البعض، وغضب تيمور من القاضي شمس الدين محمد النابلسي الحنفي وأقامه
من مجلسه وأمره أن لا يدخل عليه بعد اليوم" (الهيئة المصرية العامة للكتاب،
1984، ج4، ص124).
الحديث التالي:
الحديث السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق