2013/03/03

كتاب "حوار مع صديقي الإسلامجي"/ بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي- حزب النهضة يطبِّق في تونس سيناريو حزب الله في لبنان!

في 24 تموز/ يوليو 2012 قام وزير الداخلية التونسي علي العُرَيِّض برفع الحراسة الأمنية عن رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي.. هذا الخبر جعلَنا في حينه شبه متأكدين من أنَّ حزب النهضة في تونس يتهيَّأ للشروع في تطبيق سيناريو حزب الله في لبنان، ما يعني أنَّ تونس مقبلة لا محالة على موجة اغتيالات واسعة ستطال كبار الرموز السياسية التونسية المعارضة لإخوان النهضة (والتي بدأت عملياً باغتيال شكري بلعيد مؤخراً)، ويعني أيضاً أنَّ التعاون الأمني من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله مع حزب النهضة قائمٌ على قدمٍ وساق.. فما هي القرائن على ذلك؟

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً


كتاب
حوار مع صديقي الإسلامجي
تأليف: حسين احمد صبرا



بعدما تحوَّل الربيع العربي إلى بزرميط إسلامجي
حزب النهضة يطبِّق في تونس
سيناريو حزب الله في لبنان!




حسين احمد صبرا
في 24 تموز/ يوليو 2012 قام وزير الداخلية التونسي علي العُرَيِّض (وهو من الإخوان المسلمين العاملين تحت مسمى حزب النهضة) برفع الحراسة الأمنية عن رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي، وهي الحراسة التي درجت وزارة الداخلية منذ أيام الحبيب بورقيبة على توفيرها لكل الشخصيات التي استمرَّت في العمل السياسي  بعد ترك مناصبها الحكومية..
هذا الخبر جعلَنا في حينه شبه متأكدين من أنَّ حزب النهضة في تونس يتهيَّأ للشروع في تطبيق سيناريو حزب الله في لبنان، ما يعني أنَّ تونس مقبلة لا محالة على موجة اغتيالات واسعة ستطال كبار الرموز السياسية التونسية المعارضة لإخوان النهضة (والتي بدأت عملياً باغتيال شكري بلعيد مؤخراً)، ويعني أيضاً أنَّ التعاون الأمني من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله مع حزب النهضة قائمٌ على قدمٍ وساق.. فما هي القرائن على ذلك؟
إنَّ اتِّباع سيناريو رفع الحراسة الأمنية الرسمية عن شخصية سياسية بارزة تمهيداً لإغتيالها هو سيناريو غير مسبوق في تاريخ جميع الأنظمة العربية باستثناء ما حصل مع رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري حينما قام النظام العلوي السوري بالطلب من أجهزة الأمن اللبنانية التابعة له برفع الحماية الأمنية الرسمية عنه (وكذلك عن الزعيم وليد جنبلاط) قبل أسبوعين من اغتياله في 14 شباط/ فبراير 2005، وهو الإغتيال الذي تتَّهم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان أربعةً من قيادات حزب الله الأمنية بالمشاركة في تنفيذه..
لقد كان رفيق الحريري يشكِّل خطراً كبيراً على النفوذ السوري الإيراني في لبنان في الإنتخابات النيابية التي كانت مرتقبة في أيار/ مايو 2005، وهو الخطر نفسه الذي بات يشكِّله مؤخراً الباجي قائد السبسي على حزب النهضة في الإنتخابات النيابية والرئاسية المرتقبة والمتوقَّع أن يفوز فيها بنجاحٍ كاسح إذا ما تمَّت بحرية ونزاهة.. ولا يساورنا الشك في أنَّ  أكثر ما جعل إخوان النهضة يشعرون بالخطر الذي يشكله السبسي عليهم هو حصول حركة "نداء تونس" (التي يتزعَّمها السبسي) على رخصة قانونية بممارسة العمل السياسي في 6 تموز/ يوليو 2012، أي قبل أقل من ثلاثة أسابيع من رفع الحماية الأمنية عنه، وأيضاً قبل أقل من أربعة أشهر على الإنتخابات النيابية التي كانت مفترَضة آنذاك، وهذا ما جعله منذ ذلك الحين على رأس لائحة الشخصيات السياسية المعارضة للنهضة المعرَّضة للإغتيال..

نظرية أبو عدس تظهر في تونس!


ونتابع مع القرائن الدالَّة على التعاون الأمني بين حزب الله والحرس الثوري الإيراني من جهة وحزب النهضة من جهةٍ أخرى، ونبقى مع تهديد الباجي قائد السبسي بالإغتيال.. ففي شهر أيلول/ سبتمبر 2012 صرَّح أحد أبرز قيادات حركة "نداء تونس" الأزهر العكرمي (الوزير المكلَّف بالإصلاح والمنتدب لدى وزير الداخلية الحبيب الصيد في حكومة السبسي التي شُكِّلت في أعقاب الإطاحة بزين العابدين بن علي)، قائلاً إنَّ أطرافاً أجنبية قد حذَّرت "نداء تونس" من عمليةٍ تُحاك لإغتيال زعيمها الباجي قائد السبسي قبل يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2012 (الموعد الذي كان محدَّداً للإنتخابات النيابية، وقد تمَّ تأجيله) وأنَّ عملية الإغتيال هذه تُشْرف عليها شخصية حكومية تُمسك مقاليد الحكم الآن.. ورغم أنَّ العكرمي امتنع عن تسمية هذه الشخصية، لكن من الواضح أنه كان يقصد وزيرَ الداخلية الحالي الإخواني علي العريِّض (مع التذكير بأنَّ الأخير هو مَنْ أمر برفع الحماية الأمنية عن السبسي كما أشرنا قبل قليل).. على أنَّ أهم ما قاله العكرمي أنَّ من بين تفاصيل عملية إغتيال السبسي أنها ستُنسب إلى السلفية الجهادية.. هذه المعلومات التي يقول العكرمي أنها وصلت إلى حركة "نداء تونس" من جهاتٍ أجنبية تذكِّرنا بنظرية أبو عدس التي جهد النظامان السوري والإيراني وأتباعهما من الأجهزة الأمنية اللبنانية وحزب الله في ترويجه عقب اغتيال الحريري حينما لفَّقوا شريط فيديو سرَّبوه إلى قناة "الجزيرة" القطرية يَظهر فيه شاب فلسطيني (من سكان لبنان) إسمه أحمد تيسير أبو عدس ليدَّعي أنه من جماعة الجهاد والنصرة في بلاد الشام وأنه يتبنَّى إغتيال رفيق الحريري..

الحرس الثوري التونسي..
وسرايا الدفاع عن المقاومة!

القرينة الأهم والبادية للعيان وعلى مرأى من الجميع هي ما يسمَّى بـ"الرابطة الوطنية لحماية الثورة"، وهي نسخة مشابهة إلى حدٍّ بعيد للحرس الثوري الإيراني شكلاً وأهدافاً وممارسةً، وقد ظهرت لأول مرة في أعقاب الإطاحة ببن علي وضمَّت إلى النهضة العديدَ من الأحزاب الأخرى، التي ما لبثت أن انسحبت منها بعد إجراء الإنتخابات النيابية في 23/ 10/ 2011 وبالتالي انتفاء مبرِّر وجودها، فيما أصرَّ حزب النهضة على الإبقاء عليها ليجعل منها منذ ذلك الحين ذراعه الأمني والعسكري.. واللافت أن هذه الرابطة حصلت في 14 حزيران/ يونيو 2012 على رخصة قانونية لممارسة عملها وفق قانون الجمعيات!
هذه الميليشيا المسماة بالرابطة الوطنية والمدَّعية حماية الثورة، سنحاول أن نقسِّم الأفرادَ المنتسبين إليها إلى ثلاثة عناصر: العنصر الأول هو عنصر حزبي ينتمي أساساً إلى النهضة وهو العنصر الأساس من حيث أنه الآمر الناهي.. والعنصر الثاني هو عنصر سلفي من الجماعات المتحالفة مع النهضة.. أما العنصر الثالث، وهو القوة الضاربة والفاعلة على الأرض، فهو خلطة من عتاة المجرمين وأصحاب السوابق وبلطجية النظام السابق، وقد عمل حزب النهضة على أن يستقطب من خلال هذه الرابطة معظم مَنْ في تونس من لصوص وقتلة وتُجَّار مخدرات وقُوَّاد دعارة وقطَّاع طرق، مغدقاً عليهم المالَ بالهبل ومغطِّياً ما يرتكبونه من جرائم، أي نسخة طبق الأصل مما ابتدعه حزب الله في لبنان حينما أنشأ ما يسمى بسرايا الدفاع عن المقاومة ضامّاً إلى صفوفها العيِّنة نفسها لتنشط تحت عباءة "ولاية الفقيه"، وبعدها راح يتلطَّى خلفها ويكلِّفها بالمهام القذرة التي لا يريد أن يظهر على الملأ أنه يلوِّث فيها يديه بشكلٍ مباشر، ثم يصف عناصرها مثلما يصف عناصره بأنهم "أشرف الناس"، وهو ما راح راشد الغنوشي في تونس يطبِّقه بالحرف فيصف رابطة هؤلاء القتلة وتجار المخدرات وقُوَّاد الدعارة بأنهم "ضمير الثورة التونسية"، لنراهم بعدها ينشطون تحت عباءة "الخلافة الراشدة"!
هذه الرابطة من جماعة "أشرف الناس" (فرع تونس)، بات لها فروع ومقرات على كامل التراب التونسي، تماماً كما سبق أن وعد رئيسُها محمد المعالج قبل بضعة أشهر (استقال أو "أُقيل" من منصبه في 16/ 2/ 2013 لإمتصاص التداعيات التي أعقبت اغتيال شكري بلعيد)، فأصبحت منتشرةً في جميع المحافظات التونسية، وبالتالي لم تَدَع من شرِّها معارضاً للنهضة، سياسياً كان أو حزبياً أو مفكِّراً أو مثقفاً أو إعلامياً أو جامعياً أو نقابياً أو فناناً أو مواطناً عادياً إلا وأرهبته وأرعبته واعتدت عليه بالسباب أو الضرب أو التهديد بالقتل.. ناهيك عن الإعتداء على وسائل الإعلام من صحفٍ وإذاعاتٍ وتلفزيونات، تهديداً ومحاصرةً واقتحاماً وتخريباً..
وهذه الرابطة الوطنية لحماية الثورة (أو بالأحرى الحرس الثوري التونسي وسرايا الدفاع عن الخلافة) هي التي تولَّت الهجوم على مقرات الأحزاب والهيئات التونسية المعارضة أثناء عقد اجتماعاتها الحزبية والسياسية والنقابية، وأبرزها ما حصل في 18/ 10/ 2012 في محافظة تطاوين حيث انتهى الهجوم على مقر حركة نداء تونس إلى مقتل احد مسؤولي الحركة لطفي نقض، وهو الهجوم الذي تمَّ تحت شعار "مسيرة تطهير تونس من أعداء الشعب والثورة"!.. وكما حصل في العاصمة تونس في 4/ 12/ 2012 حينما هاجمت الرابطة مقر الإتحاد العام التونسي للشغل (أهم مؤسسة نقابية في تونس وفي الوطن العربي) أثناء الإحتفال بالذكرى الستين لإغتيال النقابي التونسي البارز فرحات حشَّاد.. وكما حصل في الأول من شباط/ فبراير  2013 في ولاية القيروان حيث هاجمت اجتماعاً للحزب الجمهوري في فندق الكونتننتال.. وكما حصل في اليوم التالي (2/ 2/ 2013) في محافظة الكاف حيث تمَّ الهجوم بالعصي والحجارة على المؤتمر التأسيسي للحزب الوطني الديمقراطي الموحَّد أثناء إلقاء أمينه العام شكري بلعيد كلمةً بالمناسبة، وكالوا السباب والشتائم لبلعيد وحاولوا التعدي عليه بالضرب لولا تمكُّن أنصاره من إخراجه من الباب الخلفي من مبنى "المركِب الثقافي الصحبي المسراطي" حيث كان يُعقد المؤتمر...

حزب الله في تونس!

أما القرينة التالية فهي الدعوة التي وجَّهها حزب النهضة إلى حزب الله للمشاركة في مؤتمر النهضة الذي عُقد في تونس في 12/ 7/ 2012، حيث لبى حزب الله الدعوة عبر وفدٍ مكوَّن من أربعةٍ من قياداته من الصف الثاني.. هذه الزيارة لوفدٍ من حزب الله إلى تونس لا نستطيع النظر إليها كزيارة عادية وذلك لسببين اثنين:
السبب الأول، أنَّ حزب النهضة (كواحدٍ من أحزاب التنظيم الدولي للإخوان المسلمين) يرتبط بعلاقة وثيقة بنظام ولاية الفقيه في إيران منذ أواخر الثمانينيات، ما يعني حتماً وجود علاقة وثيقة مع أتباع الفرس ولا سيما حزب الله.. وما يؤكد هذه الوثاقة أنَّ حزب النهضة، الذي يحكم تونس الآن والذي يتَّخذ في العلن موقفاً داعماً لثورة الشعب السوري ضد النظام العلوي وأوَّل مَن اتَّخذ قراراً بطرد السفير السوري في تونس وثاني مَن استضاف مؤتمر أصدقاء سوريا، يقوم بتوجيه دعوة لحزب الله ليشارك بمناسبةٍ خاصةٍ بالنهضة، رغم أنَّ حزب الله هذا متورِّطٌ حتى الثمالة وعلى رؤوس الأشهاد في ذبح الشعب السوري الثائر.. وما عاد وأكَّد مدى وثاقة هذه العلاقة أنَّ حزب النهضة دعا في الشهر التالي (في 15/ 8/ 2012) وفداً آخر من حزب الله للمشاركة بيوم القدس العالمي (وهو من إبتداع الخميني) وكان الوفد هذه المرة برئاسة مَنْ يسمَّى بعميد الأسرى اللبنانيين سمير قنطار، وقد تلطَّى حزب النهضة خلف "الرابطة التونسية للتسامح" (وهي رابطة تونسية شيعية) التي تولَّت بالنيابة عنه تنظيم هذا الإحتفال وتوجيه الدعوات، منعاً للإحراج الذي أثاره في تونس زيارة الوفد الأول لحزب الله والذي دفع براشد الغنوشي آنذاك إلى توجيه اعتذارٍ للشعب السوري عن هذه الزيارة.. واللافت أن المقاومجي سمير القنطار ظهر على شاشة التلفزيون التونسي الرسمي (قناة الوطنية الأولى) ليهاجم الجيش السوري الحر وكل الدول الداعمة له وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، داعياً التونسيين إلى مساندة النظام السوري ضد "المتواطئين مع الصهاينة"!
أما السبب الثاني فهو أنَّ زيارة وفود علنية لحزب الله إلى تونس تعني وبكل تأكيد أنَّ هناك زياراتٍ متبادَلة (بين حزب الله وحزب النهضة) لوفودٍ سرّية سبقت الزيارات العلنية وستستمر بعدها، ذلك أنَّ حزب الله هو عبارة عن جهازٍ أمني بحت تابعٍ لنظامٍ أمني في إيران، وإرسالُ وفدٍ علني إلى حزبٍ يحكم تونس الآن ويرتبط بعلاقة وثيقة مع نظام ولاية الفقيه يعني وبدون أدنى شك أنَّ هناك تنسيقاً أمنياً وثيقاً بين الطرفين قائماً على قدمٍ وساق.. وبما أنَّ الأحداث المتوالية في كلٍّ من تونس ومصر على مدى العامين الماضيين دفعت بالمراقبين إلى الإستنتاج بأنَّ تونس دائماً ما تسبق مصر بخطوةٍ واحدة، فإنَّ ذلك يدفعنا أيضاً للإستنتاج بأنَّ الزيارة السرّية التي قام بها إلى مصر في أواخر كانون الأول/ ديسمبر 2012 قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بدعوةٍ من المرشد العام للإخوان المسلمين ليضع لهم خططاً شبيهةً بالخطط التي نفَّذها بدايةً نظامُ الخميني بإنشاء حرسٍ ثوري، وشبيهة تالياً بخطط نظام علي خامنئي التي قضى بها على المعارضة الإيرانية ووأدَ انتفاضتَها الخضراء في مهدها عام 2009، إنما قد سبقتها زيارةٌ سرّية قام بها سليماني إلى تونس وبقي أمرها طي الكتمان، مع  الإشارة إلى أنَّ زيارته السرّية إلى مصر كانت ستظل سرّية أيضاً لولا أن سرَّبها إلى بعض سائل الإعلام المصرية والغربية مسؤولٌ أمني مصري كبير..

أوَّل الغيث.. إغتيال شكري بلعيد!


واضحٌ أنَّ استعمال السيارات المفخَّخة لإغتيال المعارضين التونسيين هو أسلوبٌ لم يتم اتِّباعه بعد، وبذا استطاع زعيم المعارضة التونسية الباجي قائد السبسي أن ينفد بجلده حتى هذه اللحظة بعدما بات يعتمد على حراسة أمنية مشدَّدة يتولاها أنصارُه منذ أن سحب حزب النهضة الحراسة الأمنية الرسمية عن شخصه.. من هنا فإنَّ المعارض البارز شكري بلعيد، الذي أُدرج إسمه في المرتبة الثانية على لائحة الإغتيالات المتداوَلة إعلامياً، تمَّ اصطياده بسهولة وهو خارجٌ من منزله بمفرده حيث لم يكن يستخدم أي حراسة أمنية أثناء تنقلاته.. في البداية فإنَّ حزب النهضة (متَّبعاً سيناريو حزب الله بالحرف) مهَّد لعملية الإغتيال بشن حملة إعلامية عنيفة تضمنَّت تشهيراً وتخويناً وتكفيراً لشكري بلعيد حتى بات الأخير على قناعة تامة بأنه عُرضة للإغتيال الجسدي بين لحظةٍ وضحاها، إلى درجة أنه صرَّح بذلك لإذاعة مونتي كارلو يوم الأحد في 3 شباط/ فبراير 2013 (أي قبل ثلاثة أيام من إغتياله) معقباً على الإعتداء عليه وعلى مؤتمر حزبه الوطني الديمقراطي في محافظة الكاف قبل يومٍ واحد (أي يوم السبت في 2/ 2/ 2013 وهو ما أشرنا إليه أعلاه)، متَّهماً حزب النهضة بأنه يسعى إلى "إغراق تونس في مربَّع خطير جداً، مربَّع العودة إلى التصفيات والعودة إلى العنف والعودة إلى إلغاء الآخر والعودة إلى إقصاء أطراف أساسية كانت فاعلة في المسار الثوري عندما كانت النهضة غائبة".. ثم عاد وظهر على شاشة قناة "نسمة التونسية يوم الثلاثاء في 5 شباط/ فبراير 2013 (أي قبل يومٍ واحدٍ من إغتياله) قائلاً إنَّ ما تمارسه ميليشيا النهضة من عنفٍ ضد المعارضين في طول البلاد وعرضها هو "تخطيط مركزي"، مذكِّراً بما ورد في البيان الختامي لمجلس الشورى في حزب النهضة قائلاً : "البيان واضح، بيانٌ ختامي يتبنى فيه تلك العصابات الإجرامية التي اغتالت تونسياً هو السيد لطفي نقض، أما وصفُ راشد الغنّوشي (أفرادَ تلك العصابات) بأنهم مظلومون فهذا يعني ضوءاً أخضرَ رسمياً للإعتداء".. ثم أضاف شكري بلعيد قائلاً: "ما أن تعيش حركة النهضة في أزمة -ونحن الآن في عز أزمتها- إلا ويقع الهروب نحو العنف.. أما مَنْ يقف وراء ذلك؟ أنا في تقديري أنه جناحٌ في حركة النهضة"..

لوجيك فارسي


لقد وضع المظلوم شكري بلعيد يده على الجرح قبل يومٍ واحد من اغتياله حينما قال قبل قليل أنَّ جناحاً في حزب النهضة هو مَنْ يمارس العنف.. ونحن من جهتنا نُكمل ما قاله بلعيد لنضيف توضيحاً بأنَّ هذا الجناح العسكري المغطَّى بالكامل من قبل الجناح السياسي، كما هو واضح من القرائن التي عرضناها، يتولى تطبيق سيناريو حزب الله في لبنان وسط تعاونٍ أمني وثيق بين الطرفين بإشراف الحرس الثوري الإيراني..

لاحظوا أنَّ إخوان النهضة لم يُهملوا حتى التفاصيل الصغيرة في سيناريو حزب الله المطبَّق في لبنان، وأوضح مثال على ذلك قيام النهضة في 24 آب/ أغسطس 2012 بسجن سامي الفهري، مدير تلفزيون "التونسية" الخاص، بتهمة الإبتزاز المالي للتلفزيون التونسي الرسمي في عهد بن علي، وذلك دون غيره من المتَّهَمين في تلك القضية.. أما الغرض الحقيقي من وراء ذلك فهو إصرار سامي الفهري على مواصلة عرض برنامج "اللوجيك السياسي" المتضمِّن فقرةً بعنوان "قلابس"، وهي عبارة عن انتقاد سياسي ساخر عبر استخدام دمى متحرِّكة للشخصيات الحاكمة في تونس الآن وفي طليعتها زعيم حزب النهضة راشد الغنوشي وأمينه العام ورئيس الحكومة حمادي الجبالي ورئيس الجمهورية منصف المرزوقي.. وهذا ما يذكِّرنا بما فعله حزب الله في لبنان قبل عدة سنوات ضد برنامجٍ تلفزيوني مشابه بعنوان "دمى كاتور" يُعرض على إحدى المحطات اللبنانية الخاصة، حينما ظهرت في البرنامج دمية تمثِّل أمين عام حزب الله حسن نصر الله، فدعا جمهوره في الضاحية الجنوبية لبيروت إلى النزول إلى الشوارع احتجاجاً على ذلك، إلى أن تمَّ منع ظهور دمية نصر الله، مع الإشارة إلى أنَّ مُعِدَّ هذا البرنامج يتبع أبرز حلفاء حزب الله ميشال عون..            
تلك هي طبيعة الأنظمة الإجرامية التي تجعل اللهَ سِتاراً لجرائمها.. وبما أننا نتحدَّث عن تجارب الحرس الثوري في فرض الدكتاتورية في إيران، والتي نقلها إلى لبنان وإلى العراق وينقلها الآن إلى تونس ومصر، فإنه يجب علينا أن لا ننسى أنه حتى لو تسنى للخميني أن يبيد الشعوب الإيرانية عن بكرة أبيها فإنه ما كان بإمكانه أن يستمر لحظةً واحدةً في الحكم لولا الدعم الأميركي المطلق له.. وهكذا هو الحال مع الإخوان المسلمين في مصر وفي تونس.. ومع حزب الله في لبنان!

الحديث التالي:
الحديث السابق:



(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 25 شباط/ فبراير 2013، العدد رقم 1584). 


***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:

شكري بلعيد يتحدَّث إلى قتاة "نسمة" التونسية الخاصة عشية اغتياله











































































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق