2017/04/28

إغتيالات الحشَّاشين (16)/ إغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله.



تمكَّن الحشاشون من اغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله في بلدة مَرَاغة في أذربيجان عام 529ه/ 1134م. وكان الخليفة المسترشد قد دخل في حربٍ مع السلطان السلجوقي مسعود بن محمد بن ملكشاه، فانهزم الخليفة وألقى مسعودٌ القبضَ عليه. بعدها جعل السلطانُ مسعود الخليفةَ المسترشدَ يقيم "في خيمةٍ (في معسكر مسعود) ووكَّل به مَنْ يَحْفَظُهُ.. وفي هذه الأثناء وصل إلى معسكر مسعود رسولٌ من عند عمِّه السلطان السلجوقي سَنْجَر بن ملكشاه، ووصل معه (أي مع هذا الرسول) عسكرٌ عظيم.. وقد اندسَّ في صفوف هذا العدد الكبير من العسكر العديد من الحشَّاشين، ذَكَرَ ابنُ الجوزي أنَّ عددهم بلغ سبعة عشر...


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



كتاب
حزب الله والحشاشون
مرتزِقة غِبَّ الطلب

(بحث تاريخي عن الشيعة  الإسماعيليين الحشاشين والتوأمة بينهم وبين حزب الله)

تأليف: حسين احمد صبرا

(2015)

الإهداء
إلى أبطال الثورة السورية، الذين يقاومون احتلال الحشَّاشين الجدد لأرضهم.



الباب الثاني

الفصل الثاني – الجزء الأول

إغتيالات الحشَّاشين (16)

إغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله


حسين احمد صبرا
وتمكَّن الحشاشون من اغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله في بلدة مَرَاغة في أذربيجان عام 529ه/ 1134م. كان الخليفة المسترشد قد دخل في حربٍ مع السلطان السلجوقي مسعود بن محمد بن ملكشاه، فانهزم الخليفة وألقى مسعودٌ القبضَ عليه. بعدها جعل السلطانُ مسعود الخليفةَ المسترشدَ يقيم "في خيمةٍ (في معسكر مسعود) ووكَّل به مَنْ يَحْفَظُهُ، وقام بما يجب من خِدْمَتِهِ، وتردَّدت الرسل بينهما في تقرير قواعد الصلح على ما يؤديه الخليفة، وأن لا يعود (الخليفةُ) يجمع العساكر وأن لا يخرج من داره، فأجاب (الخليفةُ) السلطانَ إلى ذلك وأركب (مسعودٌ) الخليفةَ وحَمَلَ الغاشيةَ (أي جَعَلَ الخَدَمَ) بين يديه ولم يبق إلا أن يعود (الخليفة) إلى بغداد"(1).
في هذه الأثناء وصل إلى معسكر مسعود رسولٌ من عند عمِّه السلطان السلجوقي سَنْجَر بن ملكشاه، وقد جاء هذا الرسول "يستحِثُّ مسعوداً على إعادة الخليفة إلى بغداد (...) ووصل معه (أي مع هذا الرسول) عسكرٌ عظيم"(2).
_____________________________________
(1) إبن الأثير/ الكامل /ج9، ص283.
(2) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص298.
_____________________________________
هذا العدد الكبير من العسكر اندسَّ في صفوفه العديد من الحشَّاشين، ذَكَرَ ابنُ الجوزي أنَّ عددهم بلغ سبعة عشر(3)، ويتابع:"فخرجَ السلطانُ (مسعودٌ) ومعه العسكر ليلقى الرسولَ فهجمت الباطنية (الحشاشون) على أمير المؤمنين (المسترشد بالله) فضربوه بالسكاكين إلى أن قتلوه وقُتلوا معه، وقيل إنهم أُحرقوا"(4).
_____________________________________
(3) ذكر المؤرِّخُ ابنُ عساكر في كتابه "تاريخ مدينة دمشق" أنه سأل  كاتبَ الإنشاء في دار الخلافة العباسية أبا عبد الله محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأنباري حينما التقاه في بغداد عام 534ه/ 1139م عن تفاصيل ما جرى للخليفة المسترشد، وخاصةً أنَّ ابن الأنباري كان حاضراً مع المسترشد في تلك الحرب ومن ضمن مَنْ تمَّ اعتقالهم، فكان من ضمن إجابته أنه دخل على المسترشد "ثلاثةُ نفرٍ من الملاحدة فقتلوه".. ولعلَّه ذكر أنهم ثلاثة عشر نفر فحدث خطاٌ من ابن عساكر في النقل، أو لعلَّ خطاً حدث من ناسخ الكتاب، والله أعلم (راجع الأجزاء التي وردت من كتاب ابن عساكر "تاريخ مدينة دمشق" ضمن "الموسوعة الشامية في تاريخ الحروب الصليبية"، ج11، من ص221 وحتى ص223).
(4) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص298.
_____________________________________
أما ابنُ الأثير فقد ذَكَرَ في "الكامل" أنَّ عدد الحشاشين كان أربعةً وعشرين: " وخرج الناس مع السلطان مسعود إلى لقائه (أي لقاء الرسول)، وفارق الخليفةَ بعضُ مَنْ كان موكلاً به (أي موكلاً بحمايته)، وكانت خيمته منفردة عن العسكر، فقصده أربعةٌ وعشرون رجلاً من الباطنية ودخلوا عليه، فقتلوه وجرحوه ما يزيد على العشرين جراحةً ومثَّلوا به فجدعوا (قطعوا) أنفَه وأذنيه وتركوه عرياناً، وقُتل معه نفرٌ من أصحابه، منهم: أبو عبد الله بن سكينة. وكان قَتْلُهُ يومَ الأحد سابع عشر ذي القعدة على باب مَرَاغة (في أذربيجان)، وبقي حتى دَفَنَهُ أهلُ مَرَاغة. وأما الباطنية فقُتل منهم عشرة، وقيل بل قُتلوا جميعهم والله أعلم..."(5).
لكنَّ ابنَ الأثير كان أكثر دقَّةً في وصف هجوم الحشاشين على خيمة الخليفة في كتابه "التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية"، إذ أورد أنَّه "هجم على الخليفة أربعة عشر نفراً من الباطنية (الحشَّاشين)، وبقي خارجَ الخيمة عشرةُ رجالٍ (لغرض حراسة المكان بالطبع)، فضربوه بالسكاكين فجرحوه خمساً وعشرين جراحة، وقطعوا رأسه، وشقّوا جوفَه، وجَدَعوه (أي قطعوا أنفه وأذنيه)، وأخذوا ثيابه وتركوه عرياناً"(6).
____________________________________
(5) إبن الأثير/ الكامل/ ج9، ص283.
(6) إبن الأثير/ التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية/ ص50.
____________________________________
وسبق للحشَّاشين أن حاولوا اغتيال الخليفة العباسي المسترشد بالله قبل اثنتي عشرة سنة (517ه/ 1123م)، فسارع المسترشد إلى اتخاذ الإحتياطات الأمنية اللازمة، فقد "ذُكِرَ أنَّ جماعةً من الباطنية (الحشَّاشين) وصلوا بغداد في زي الأتراك يقصدون الفتك، فتقدَّم (أي أَمَرَ الخليفةُ بــ) أن يُبْعَدَ كلُّ مستعربٍ من الأتراك عن السرادق (الخِيَم التي تُقام فوق صحن البيت)، وأمر بأنْ تَحْمِلَ الأعلامَ الخاصة –وهي أربعةٌ- أربعةٌ من الخَدَم، وكذلك الشمسة (المِظَلَّة)، ولا يدنو من المسترشد غيرُ الخَدَم والمماليك"(7).
وفي العام التالي (518ه/ 1124م) أرسل الحشَّاشون مجموعةً منهم إلى بغداد لاغتيال أعيان الدولة، على أن يَلْقَوا العَوْنَ من خلايا نائمة تابعة لهم في بغداد، وقد تمَّ إحباط هذه المحاولة. إذ "وصلت كتبٌ (أي تقارير) إلى الديوان (في بغداد) بأنَّ قافلةً واردةً من دمشق فيها باطنيةٌ قد انتُدبوا لقتل أعيان الدولة مثل الوزير، ونُظِرَ فقُبِضَ على جماعةٍ منهم وصُلِبَ بعضُهم في البلد، إثنان عند عقد المأمونية وإثنان بسوق الثلاثاء وواحدٌ بعقد الجديد، وغَرِقَ جماعةٌ، ونُودِيَ: أيُّ مشتبهٍ من الشاميين وُجِدَ ببغداد أُخِذَ وقُتِل. وأُخِذَ في الجملةِ ابنُ أيوب –قاضي عُكْبَرَا (عكبرا هي بلدة عراقية نواحي دُجَيْل)- - ونُهبت دارُهُ، وقيل إنه وُجِدَ عنده مدارجُ من كُتُبِ الباطنية. وأُخِذَ آخرُ كان يُعِينُهُم بالمال. وأُخِذَ رجلٌ من الكَرْخ (أحد أحياء بغداد وغالبية سكانه من الشيعة)"(8).
_____________________________________
(7) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص216.
(8) إبن الجوزي/ المنتظَم/ ج17، ص225.
_____________________________________
الحديث التالي:
الحديث السابق:









 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق