في
روسيا يُطلَق على المعارض الروسي الشاب ألكسي نافالني لقب "زعيم
الإنترنت" بعدما بلغ عدد متابعيه في مدوِّنته الإلكترونية 1,3 مليون متابع..
وفي العالم الغربي يوصَف نافالني بأنه واحدٌ من أهم المفكرين الأكثر تأثيراً في
العالم، العاملين على مكافحة الفساد.. وَصَفَتْهُ صحيفة "وول ستريت
جورنال" الأميركية عام 2012 بأنه "الرجل الذي يخاف منه فلاديمير بوتين
إلى حدٍّ بعيد"..
لقد
كاد هذا المعارض الروسي الشاب أن يصبح رئيس بلدية موسكو عام 2013 لولا التزوير
المفضوح الذي لحق بالإنتخابات.. وكان يعد العدة للترشح ضد بوتين في الإنتخابات
الرئاسية التي ستجري عام 2018 لولا مسارعة بوتين إلى تلفيق قضايا جنائية ضده،
وَضَعَهُ بحجَّتها قيد الإقامة الجبرية في موسكو...
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)
الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن
عام 2006)
الطامع في ثروة سورية النفطية (9)
ألكسي نافالني
المعارض الذي يخاف منه
بوتين
حسين احمد صبرا
في
روسيا يُطلَق على المعارض الروسي الشاب ألكسي نافالني لقب "زعيم
الإنترنت" بعدما بلغ عدد متابعيه في مدوِّنته الإلكترونية 1,3 مليون متابع..
وفي العالم الغربي يوصَف نافالني بأنه واحدٌ من أهم المفكرين الأكثر تأثيراً في
العالم، العاملين على مكافحة الفساد.. وَصَفَتْهُ صحيفة "وول ستريت
جورنال" الأميركية عام 2012 بأنه "الرجل الذي يخاف منه فلاديمير بوتين
إلى حدٍّ بعيد"..
لقد
كاد هذا المعارض الروسي الشاب أن يصبح رئيس بلدية موسكو عام 2013 لولا التزوير
المفضوح الذي لحق بالإنتخابات.. وكان يعد العدة للترشح ضد بوتين في الإنتخابات
الرئاسية التي ستجري عام 2018 لولا مسارعة بوتين إلى تلفيق قضايا جنائية ضده،
وَضَعَهُ بحجَّتها قيد الإقامة الجبرية في موسكو.. فمن هو هذا المعارض الروسي
الشاب، الذي استطاع أن يحشد 100 ألف شخص في مظاهرة اعترضت على تزوير الإنتخابات الرئاسية
التي أتت ببوتين رئيساً لولاية ثالثة عام 2012؟
ألكسي نافالني
ألكسي نافالني |
نافالني مع زوجه وولديه |
نافالني،
الذي يصف نفسه بأنه قومي ديمقراطي، اعتُقل عدة مرات: في 5 كانون الأول/ ديسمبر
2011 خلال مظاهرة ضمَّت 6 آلاف شخص احتجاجاً على تزوير الإنتخابات النيابية، وحكم عليه
بالسجن لمدة 15 يوماً، ومنذ ذلك الحين أصبح له مدوِّنة باللغة الإنكليزية جنباً
إلى جنب مع مدوِّنته باللغة الروسية.. وعقب الإفراج عنه في 20/ 12/ 2011 دعا نافالني
الروس إلى التوحد ضد بوتين، قائلاً إنَّ الأخير سيحاول انتزاع الفوز في الإنتخابات
الرئاسية (تلك التي جرت في 4/ 3/ 2012)، وقال للصحافيين إنه لن يكون لترشُّحه شخصياً
للرئاسة في روسيا أي معنى لأنَّ الكرملين لا يسمح بأن تكون الإنتخابات عادلة، أما في
حال أجراء انتخابات حرة فسيكون مستعداً للترشُّح..
وبعد فوز بوتين في الإنتخابات الرئاسية
في 5 آذار/ مارس 2012 قاد نافالني مسيرة مناهضة لبوتين في ساحة بوشكين في موسكو حَضَرَها
عشرات الآلاف قال فيها نافانلي إنَّ النصابين واللصوص يحكمون روسيا، وقد اعتُقل بعد
المسيرة لعدة ساعات ثم أُطلق سراحه..
كما تمَّ اعتقاله في 8 أيار/ مايو 2012 عقب مظاهرة مناهضة لبوتين، وتمَّ سجنه لمدة 15 يوماً ومداهمة شقته ومكتبه..
نافالني في المظاهرة وإلى يمينه غاري كاسباروف وهما يحملان يافطة كُتب عليها بالروسية: "من أجل روسيا بلا بوتين" |
شقة نافالني بعد مداهمتها |
كما تمَّ اعتقاله في 8 أيار/ مايو 2012 عقب مظاهرة مناهضة لبوتين، وتمَّ سجنه لمدة 15 يوماً ومداهمة شقته ومكتبه..
ساهم
نافالني مساهمة فاعلة في نشر فضائح الفساد في مدوِّنته الإلكترونية، ففي تشرين الثاني/
نوفمبر 2010 نَشَرَ وثائق سرية حول شركة "ترانس نفط" المملوكة من الدولة
أظهر فيها أنَّ رؤساء الشركة قد سرقوا نحو 4 مليارات دولار عام 2007 خلال بناء خط أنابيب
النفط الخام من شرق سيبيريا إلى ساحل المحيط الهادي كانت قد بلغت تكلفته 25 مليار دولار،
وهو أكبر مشروع في البنية التحتية في روسيا، وبمثابة شريان الحياة في روسيا إلى الأسواق
سريعة النمو في آسيا، ويُرسل يومياً 300 ألف برميل من النفط الخام إلى الصين، وهو أطول
خط أنابيب في العالم..
في حين نفى رئيس شركة "ترانس نفط" نيكولاي توكاريف في مراسلة مع وكالة رويترز ما كشفه نافالني، معتبراً ذلك مزاعم غير دقيقة، ذاكراً أنَّ السرقات إنما بلغت نحو 117 مليون دولار فحسب..
بينما قال سيرجي ستيباشين، رئيس ديوان
المراجعة في روسيا والوكالة الدولية للطاقة المالية البرلمانية إنَّ المسألة قيد التحقيق،
لكنَّ الخسائر أقل من 4 مليارات دولار التي يتحدَّث عنها نافالني..
نيكولاي توكاريف مع بوتين |
في حين نفى رئيس شركة "ترانس نفط" نيكولاي توكاريف في مراسلة مع وكالة رويترز ما كشفه نافالني، معتبراً ذلك مزاعم غير دقيقة، ذاكراً أنَّ السرقات إنما بلغت نحو 117 مليون دولار فحسب..
سيرجي ستيباشين مع بوتين |
إيجور شوفالوف مع بوتين |
نافالني في إحدى المظاهرات وقد رسم على صدره صورة لبوتين تشبِّهه بهتلر |
ديمتري بيسكوف ليلة عرسه، وقد بدت الساعة في يده |
ساعة شبيهة بالتي كان يلبسها بيسكوف |
إنتخابات رئاسة بلدية
موسكو
في وقتٍ
مبكر، أي في تشرين الأول/ أكتوبر 2010، أجرت صحيفة "غازيتا روسيا" (الأكثر
قراءة في روسيا) بالإضافة إلى صحيفة "كوميرسانت"، استفتاءً على أسماء المرشَّحين
لإنتخابات رئاسة بلدية موسكو (المفترضة في أيلول/ سبتمبر عام 2013)، وقد فاز ألكسي
نافالني بهذا الإستفتاء بشكلٍ حاسم حيث نال 45% من الأصوات (30 ألف صوت من أصل 67 ألفاً)..
نافالني مدلياً بصوته في انتخابات بلدية موسكو عام 2013 |
سيرجي سوبيانين مع بوتين |
من
ناحيته أصرَّ نافالني (وحلفاؤه) على أن السلطات الروسية زوَّرت الإنتخابات من أجل منع
انتخابات الإعادة من الحدوث، مع الإشارة إلى أنَّ حملة نافالني الإنتخابية لم يتم تغطيتها
تلفزيونياً بالقدر الكافي بل بشكلٍ ضئيل.. وفي اليوم التالي لإعلان نتائج انتخابات
البلدية (9/ 9/ 2013) أعلن ناقالني قائلاً: "نحن لا نعترف بالنتائج، فهي وهمية".
لكن مكتب سوبيانين رفض إعادة فرز الأصوات.. وفي 12 أيلول/ سبتمبر رفع نافالني دعوى
لإلغاء نتيجة الإنتخابات في محكمة مدينة موسكو ، ثم في المحكمة العليا في روسيا، بيد
أنَّ المحكمة أقرَّت بأنَّ نتيجة الإنتخابات شرعية.
ديمتري بيسكوف وبوتين |
النية في الترشُّح
للرئاسة
وكان
نافالني جاداً في نيته في الترشُّح في الإنتخابات الرئاسية حتى أنه يظهر في شريط فيديو
خلال إحدى التظاهرات المعارضة عام 2012 وهو يصيح بالشرطة قائلاً: "في وقتٍ لاحق
سوف أضعكم جميعاً وراء القضبان".. وقد سأل أحد الصحافيين نافالني في وقتٍ لاحق
أنْ هل عبارة "في وقتٍ لاحق" تعني عندما تصبح رئيساً لروسيا، فأجاب نافالني
إنَّ هذا تقريباً ما كان يعنيه.
في 4
نيسان/ إبريل 2013 أعلن نافالني علناً عن نيَّته الترشح للرئاسة في الإنتخابات الرئاسية
لعام 2018، ووضع عنوان برنامجه الرئاسي "لا للكذب ولا للسرقة"، وقال في حديثٍ
مع تلفزيون "دوزد" على شاشة الإنترنت: "أريد تغيير الحياة في بلادي"،
وإنه إذا أصبح رئيساً لروسيا فإنَّ أولويته ستكون مساعدة الناس الذين "ينفد النفط
والغاز من أرضهم كي لا يعيشوا فقراء (...) ولكي يعيشوا حياةً طبيعية كما هو الحال في
أي بلدٍ أوروبي (...) نحن لسنا أسوأ من الإستونيين"..
في أواخر
عام 2013، وبعد النتبجة غير المتوقعة التي حصدها نافالني في انتخابات رئاسة بلدية
موسكو، بدأ الكثير من الخبراء السياسيين في روسيا والعالم الغربي يقولون إنه في المستقبل
فإنَّ نافالني سينافس بوتين على المركز الثاني في الإنتخابات الرئاسية عام 2018..
نافالني.. جوائز
وتقييم
عام
2009 اختير ألكسي نافالني من قبل صحيفة "فيدوموستي" الروسية التجارية شخصية
العام.. وعام 2011 اختارته مجلة "السياسة الخارجية" الأميركية واحداً من
بين مائة من أهم المفكرين العالميين العاملين على "تشكيل عالمٍ جديد من الشفافية
الحكومية".. وعام 2012 اختير نافالني من قبل مجلة "تايم" واحداً من
بين مائة شخصية الأكثر تأثيراً في العالم، وكان الروسي الوحيد في القائمة.. وعام
2013 جاء نافالني في المركز الـ48 بين المفكرين العالميين في استطلاعٍ على الإنترنت
من قبل مجلة "بروسبكت" البريطانية.. وفي 2 أيار/ مايو عام 2015 مُنح ألكسي
نافالني وشقيقه أوليغ "جائزة منبر الذاكرة والضمير الأوروبيَّين" في العاصمة
التشيكية براغ.
بوتين يحظر ذكر اسم
نافالني
لقد
بلغ خوف بوتين من نافالني بعد النتيجة التي حقَّقها في انتخابات بلدية موسكو عام
2013 إلى حد أنَّ بوتين عند الإشارة إلى نافالني فإنه لا يشير إليه بالإسم، بل يكتفي
بالإشارة إليه بـ"السيد" أو ما شابه ذلك.. حتى أنَّ ديميتري بيسكوف
(المتحدِّث بإسم بوتين) سُئل في مؤتمرٍ صحافي أنْ لِمَ لا يَذْكُر فلاديمير بوتين إسمَ
نافالني في خُطَبِهِ وأحاديثه، فأجاب أن "لا مشاكل" لبوتين مع ذكر اسم نافالني"..
إلا أنَّ بيسكوف قال في وقتٍ لاحق إنَّ بوتين لا ينطق اسمَ نافالني "حتى لا يُعطيه
جزءاً من شعبيته".. وفي تموز/ يوليو عام 2015 ذكرت وكالة الأنباء المالية الأميركية
"بلومبرج" استناداً إلى مصادر مطلعة أنَّ هنالك حظراً رسمياً من قبل الكرملين
على كبار المسؤولين الروس على ذكر اسم نافالني على ألسنتهم..
نافالني في قفص المحكمة |
بيد أنَّ بوتين لم يكتف بهذا الحظر في صراعه مع ألكسي نافالني.. طبعاً هو لا يجرؤ حتى الآن على قتله كما فعل مع المعارض البارز بوريس نيمتسوف في شباط/ فبراير 2015، وذلك نظراً للشعبية الكبيرة التي يتمتَّع بها نافالني، إلا أنَّ بوتين اعتمد أسلوباً آخر في محاربة نافالني ألا وهو افتعال قضايا جنائية ضده لتشويه سمعته وإظهاره كلصٍ فاسد، ثم وَضَعَهُ بحجَّتها في الإقامة الجبرية ومَنَعَهُ من التواصل مع الشعب الروسي عبر مدوَّنته الإلكترونية، فما هي تفاصيل ما حصل؟
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية بتاريخ 15 شباط/ فبراير 2016، العدد رقم 1736).
الحديث
التالي:
الحديث
السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق