يتابع ليتفينينكو في وصيَّته موجِّهاً
كلامه إلى بوتين: " لربما نجحتَ في أن تسكتني، لربما نجحتَ في أن تُخرسني،
ولكن للسكوت ثمن، ثمنٌ يُدْفَع، وقد دفعتموه، دفعتموه حين ارتَدَيْتُم ثيابَ
البربرية، ثم دفعتموه مجدداً حين دنا بكم إلى القاع، إلى المستوى الذي قَبَعْتُم
فيه قُساةً متبلِّدي الإحساس، وأثبَتُّم معه صدقَ كلِّ كلمةٍ قالها عنكم أعداؤكم
وناقدوكم. أريتموني والعالم من بعدي أنكم تفتقدون كلَّ احترامٍ للحياة والحرية،
تماماً كما تَعُوزُكُم قِيَمُ الحضارة. ما استحقَقْتُم قطُّ مناصبَكم ولا
مسؤولياتكم، ولا ثقةَ المتحضِّرين والمتحضرات. لربما نجحتَ في أن تُسكتَ رجلاً
واحداً، ولكنَّ صوت الثوار والأحرار في العالم سَيَدْوي، حتماً سَيَدْوي ويزلزل
الأرضَ، سَيَدْوي في أُذُنَيْكَ يا بوتين...
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
كتاب
بوتين زعيم مافيا
(ملف ضخم عن فساد بوتين وإجرامه)
تأليف: حسين احمد صبرا
(2016)
الإهداء:
إلى روح الشهيد ألكسندر ليتفيننكو
(ضابط الإستخبارات المنشق، والذي اغتاله بوتين في لندن
عام 2006)
الطامع في ثروة سورية النفطية (21)
ألكسندر ليتفيننكو في وصيَّته عام 2006:
صوت الثوار والأحرار في العالم
سيَدْوي في أُذُنَيْكَ يا بوتين
حسين احمد صبرا
في اليوم التالي لوفاته مسموماً بمادة
البولونيوم 210 المشعَّة دسَّها له في إبريق الشاي عميلان من عملاء الإستخبارات
الروسية الـ"أف. سي. بي" (الـ"كي. جي. بي" سابقاً)، ظهرت وصية
ألكسندر ليتفيننكو على يد صديقه المقرَّب ألكسي جولدفارب، الذي قال إنَّ
ليتفينينكو أملاها عليه قبل ثلاثة أيامٍ من وفاته (أي بالتحديد في 21/ 11/ 2006)،
وقد اتَّهم فيها ليتفيننكو بوتين بقتله، وورد فيها التالي:
![]() |
الشهيد ألكسندر ليتفيننكو |
"أودُّ أن أشكر العديد من الناس،
أطبائي وممرِّضاتي وطاقم المستشفى الذي يفعل في هذه الأثناء كلَّ ما في وسعه
لمساعدتي. وأود أن أشكر الشرطة البريطانية التي تحقِّق في قضيَّتي بِجَدٍّ
واحترافية، وفي الوقت نفسه تُؤَمِّنُني وتحمي عائلتي. وأود أن أشكر الحكومة
البريطانية على رعايتي والإهتمام بي. أنا أفخر عن حقٍّ بأنني مواطنٌ بريطاني، وأود
أن أشكر الشعب البريطاني على رسائل الدعم والمساندة وعلى الإهتمام الذي أبداه تجاه
محنتي. وأشكر زوجي مارينا، التي وقفت بجانبي دوماً. فلتعلَمْ أنَّ حبي لها ولإبننا
لا يعرف حدوداً".
ويتابع ليتفينينكو في وصيَّته قائلاً:
"ولكنني إذ أرقدُ هنا، أحسبني أسمع بوضوحٍ تام رفرفة أجنحة ملاك الموت. ليتني
أفرُّ منه، غير أنَّ ساقيَّ لن تطيعاني، ولن تَعْدُوَا بالسرعة التي أتمناها. وعلى
هذا أظنُّ أنَّ الوقت قد حان لأقول شيئاً أو بضع أشياء لهذا الذي يسأل عن وضعي
الراهن: لربما نجحتَ في أن تسكتني، لربما نجحتَ في أن تُخرسني، ولكن للسكوت ثمن،
ثمنٌ يُدْفَع، وقد دفعتموه، دفعتموه حين ارتَدَيْتُم ثيابَ البربرية، ثم دفعتموه
مجدداً حين دنا بكم إلى القاع، إلى المستوى الذي قَبَعْتُم فيه قُساةً متبلِّدي
الإحساس، وأثبَتُّم معه صدقَ كلِّ كلمةٍ قالها عنكم أعداؤكم وناقدوكم. أريتموني
والعالم من بعدي أنكم تفتقدون كلَّ احترامٍ للحياة والحرية، تماماً كما تَعُوزُكُم
قِيَمُ الحضارة. ما استحقَقْتُم قطُّ مناصبَكم ولا مسؤولياتكم، ولا ثقةَ
المتحضِّرين والمتحضرات. لربما نجحتَ في أن تُسكتَ رجلاً واحداً، ولكنَّ صوت
الثوار والأحرار في العالم سَيَدْوي، حتماً سَيَدْوي ويزلزل الأرضَ، سَيَدْوي في
أُذُنَيْكَ يا بوتين. غَفَرَ اللهُ لكَ ما اقترفتَهُ ليس في حقي أنا وحدي بل
وأيضاً في حق روسيا الحبيبة وشعبها" (انتهى نص
الوصية).
![]() |
في الأسفل: والد ليتفيننكو في جنازته في الأعلى: زوج ليتفيننكو مارينا وابنه أناتولي والملياردير بيريزوفسكي يضعان الورد على الضريح عقب الدفن |
أُقيمت لليتفيننكو (الأرثوذكسي السابق)
صلاة الغائب في الجامع الكبير في وسط لندن بعد أن أعلن والدُهُ بأنَّ ابنه ألكسندر
كشف له عن اعتناقه الإسلام (متأثراً بأصدقائه من الثوار الشيشان)، وذلك قبل يومين
من وفاته، وأنه طلب أن يُدْفَنَ حسب مراسم الديانة الإسلامية.. ومن جهتنا قرأنا في
إحدى المدوَّنات الإلكترونية الشيشانية أنه أمضى أيامه الأخيرة وهو يستمع إلى
تلاوة القرآن.
![]() |
في الأعلى: ليتفيننكو وألكسي جولدفارب في لندن (2003) في الأسفل: جولدفارب الثاني من اليسار يشارك في حمل نعش ليتفيننكو |
أما ألكسي جولدفارب، الذي نشر وصية
ليتفيننكو وكان صديقاً مقرَّباً منه، قال يوم صدور تقرير قاضي المحكمة البريطانية
العليا في 21/ 1/ 2016، وهو التقرير الذي اتَّهَمَ بوتين بعملية اغتيال ليتفيننكو:
"أعتقد أنَّ الإستنتاج سليمٌ جداً ونزيه لأن لا أحد في التسلسل الهرمي الروسي
يجرؤ على الأمر بمثل هذا القتل دون موافقة بوتين". وأضاف: "إنَّ هذا
الإكتشاف هو العدالة في نهاية المطاف، وكما تذكرون فإنَّ ليتفيننكو وهو على فراش
المرض سمَّى بوتين بالإسم باعتباره الشخص المسؤول عن هذا التسمُّم، والآن أصبح ذلك
حقيقةً ثابتة من الناحية القانونية".. وأضاف جولدفارب: "كانا (أي بوتين وليتفيننكو)
يكره أحدهما الآخر، لقد اشتكى ليتفيننكو من الفساد، لكنَّ بوتين وضع تقريره على الرف،
وقد اعتبره بوتين خائناً بعد ادعاءاته في مؤتمره الصحافي" (في عام 1998، وقد أشرنا إليه في حديثٍ سابق).
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية بتاريخ 15/ 8/ 2016، رقم العدد 1761).
الحديث التالي:
الحديث السابق:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق