وفي الخمسينيات، وأثناء العدوان
الثلاثي على مصر عام 1956 بعد تأميم جمال عبد الناصر لقناة السويس، عمَّت مدن
الأحواز تظاهراتٌ شعبية حاشدة مؤيِّدةٌ لمصر ولعبد الناصر، وقد انبثقت منذ ذلك
الحين حركة قومية عربية أحوازية قامت لاحقاً بعمليات عسكرية ضد المستعمر الفارسي،
ونَشِطَ زعماؤها على الصعيد العربي لإلقاء الضوء على قضيَّتهم المقدَّسة
والمتمثِّلة في العمل على تحرير الأحواز من شط العرب إلى مضيق هرمز، وقد نجح بعض
زعماء هذه الحركة في مقابلة عبد الناصر سراً...
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع
كاملاً
كتاب
الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!
تأليف: حسين احمد صبرا
(الكتاب قيد التأليف)
القسم الأول
تمهيداً للخوض في تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي (16)
عبد الناصر أوَّل مَنْ طالبَ بتحرير الأحواز
من الإستعمار الفارسي
حسين احمد صبرا
في حديثنا السابق عن ثورات الشعب
العربي الأحوازي البطل ضد الإستعمار الفارسي منذ اغتصاب الفرس للأحواز في 20
نيسان/ إبريل عام 1925 ذكرنا – ضمن ما ذكرناه – أنَّ قبيلة بني طرف العربية
الأحوازية قامت بانتفاضة شعبية عام 1936 في مدينة الخفاجية، فقمعها الفرس بوحشية
منقطعة النظير وأعدموا 16 من قادتها بأن دفنوهم وهم أحياء وعلى مرأى من المواطنين.
الآن نتابع فنشير إلى أنَّ قبيلة بني
طرف نفسها عادت وقامت بانتفاضتها الثانية وذلك في عام 1945 وشاركتها في انتفاضتها
قبائلُ بني سالة وبني لام والشرفة والمحيسن، وقد نجحوا في السيطرة على جميع المدن
والقرى في مناطقهم ودامت الإنتفاضة لبضعة أشهر أقاموا خلالها تحصينات مُحكمة بين
الأنهار والمستنقعات وبساتين النخيل، فعجز الفرس عن تسيير جيش لقمع الإنتفاضة
واستعاضوا عن ذلك بالطيران الحربي الذي دمَّر المدن المنتفضة وأبادَ قرىً بأكملها
وحرقَ العديد من المزارع والبساتين وقد راح ضحية القصف العشوائي الآلاف من العرب
الأحوازيين نساءً وأطفالاً وشيوخاً ومنتفضين، وبعدها قام المستعمر الفارسي باعتقال
1500 من الثوار ورحَّلهم إلى طهران سيراً على الأقدام وقد مات معظمهم على الطريق
من الإنهاك والبرد والجوع والعطش ولم ينجُ سوى نحو 40 منهم..
وفي عام 1946 قاد الشيخ مذخور الكعبي
إنتفاضةً على إثر مجزرة وحشية في شهر آب/ أغسطس من ذلك العام ذهب ضحيتها مئات
المواطنين من العرب الأحوازيين ومن بينهم زعيم حزب "السعادة" المظلوم
حدّاد حيث اعتقله الفرس وقاموا بإحراقه وزوجه وأطفاله وهم أحياء.. حينها انتفض
الشيخ مذخور في منطقة عَبَدان وهاجم أنصارُه قوات الفرس هناك.. وقد تمَّ قمع هذه
الإنتفاضة بشكلٍ بالغ الوحشية كما عادة الفرس (حزب السعادة تأسس عام 1946 لبث
الروح العربية بين شباب الأحواز وحضِّهم على مقاومة الإحتلال الفارسي، وقد أصبح
أمينه العام حسين فاطمي وزيراً للخارجية في عهد محمد مصدَّق بين عامي 1951 و1953،
والذي أطاح بالشاه محمد رضا بهلوي لعدة أشهر عام 1953 إلى حين تمكن الشاه بمساعدة
الأميركيين من الإنقلاب عليه، وكان من تبعات الإنقلاب على مصدَّق اغتيال فاطمي في
الشارع في وضح النهار).
وفي عام 1946 أيضاً اندلعت انتفاضة
عشيرة آل نصّار، وقد سارع الشاه إلى قمع هذه الإنتفاضة بدعمٍ عسكري من القوات
البريطانية خشية أن تمتد إلى باقي المناطق الأحوازية.
وفي عام 1949 اندلعت ثورة مسلَّحة في
منطقة البسيتين والخفاجية بقيادة الشيخ يونس العاصي، الذي استطاع الإستقلال عن
السيطرة العسكرية الفارسية وقام بنفسه بجباية الضرائب، وكان يسعى إلى تكوين مملكة
سمَّاها "مملكة عرب الشرق".. لكن وفي النهاية تمكَّن الفرس من قمع هذا
الثورة وقد انسحب الشيخ يونس إِثْرَها إلى العراق.
وفي الخمسينيات، وأثناء العدوان الثلاثي
على مصر عام 1956 بعد تأميم جمال عبد الناصر لقناة السويس، عمَّت مدن الأحواز
تظاهراتٌ شعبية حاشدة مؤيِّدةٌ لمصر ولعبد الناصر، وقد انبثقت منذ ذلك الحين حركة
قومية عربية أحوازية قامت لاحقاً بعمليات عسكرية ضد المستعمر الفارسي، ونَشِطَ
زعماؤها على الصعيد العربي لإلقاء الضوء على قضيَّتهم المقدَّسة والمتمثِّلة في
العمل على تحرير الأحواز من شط العرب إلى مضيق هرمز، وقد نجح بعض زعماء هذه الحركة
في مقابلة عبد الناصر سراً في القاهرة مطلع الستينيات، والذي راح منذ ذلك الحين
يمدُّهم بالأسلحة والمساعدات المادية ويوفر لهم التدريب العسكري، وكان عبد الناصر
أوَّل زعيم عربي يتبنَّى قضية الأحواز المحتلة وذلك حينما طرحها على جدول أعمال
مؤتمر القمة العربية الذي عُقد في القاهرة عام 1964.. وجدير بالذكر أنه وبعد
انكشاف أمر القوميين العرب الأحوازيين وعلاقتهم بعبد الناصر قام الشاه باعتقال
المئات منهم في العام 1963 حيث كانوا يخططون لثورة شاملة في الأحواز، ثمَّ أعدم
قادتهم: محيي الدين آل ناصر وعيسى المذخور ودهرب آل ناصر رمياً بالرصاص في 13/ 6/ 1964، فيما فرَّ جزءٌ منهم
إلى العراق.
وهكذا، ومع تصاعد المد القومي العربي
في عصر عبد الناصر في الخمسينيات والستينيات بدأت تتشكَّل منظمات عربية أحوازية
داخل الأحواز وخارجها كان معظمها ذا طابعٍ قومي عربي وحدوي والجزء الآخر ذا طابعٍ
يساري، اعتمد أغلبها العمليات العسكرية ضد المحتل الفارسي.
إذاً، عَرَضْنا لثورات وانتفاضات عرب
الأحواز أيام الشاهنشاهية وكيف تعامل معها كلٌ من رضا بهلوي وإبنه محمد بهلوي على
مدى 54 عاماً بعنصرية تفوق الوصف.. وبدأً من الحديث المقبل سنرى كيف تعامَلَ نظام
الخميني وما يزال مع عرب الأحواز بعنصريةٍ تفوق الخيال على مدى 32 عاماً، وهو
النظام الإسلامجي الذي يرفع شعار نصرة المستضعَفين وتحرير فلسطين والموت لأمريكا
والموت لإسرائيل والموت للعفاريت.
(نُشر هذا الموضوع في مجلة
"الشراع" اللبنانية في 7 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، العدد رقم 1517).
الحديث التالي:
الحديث السابق:
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من
على موقعها الإلكتروني التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق