2012/12/30

هل صحيح أن لا حاجة للشعوب إلى الحرية طالما هي تأكل وتشرب؟!- من قال إنَّ حكَّام الأنظمة الشمولية من بني البشر وشعوبهم من بني البهائم؟!

هَلّا أدركنا معنى شعار "الموت ولا المذلَّة"، الذي يرفعه الشعب السوري البطل بوجه حفنةٍ من المجرمين البدو المذهبيين تسلَّطوا عليه في غفلةٍ من الزمن على مدى خمسين عاماً بحجة الوحدة العربية وتحرير فلسطين وتأمين الأكل والشرب للشعب السوري، فيما كانت النتيجةُ فقراً وحرماناً وتجويعاً وإذلالاً وقتلاً وتعذيباً ووقنصاً وسحلاً واغتصاباً.. ليصبح شعار "الموت ولا المذلة"، الذي ترفعه ثورة الشعب السوري البطل، الشعارَ الأكثر صدقاً عبر تاريخ البشرية جمعاء..

إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



على هامش الثورة السورية وشعار "الموت ولا المَذَلَّة":

هل صحيح أن لا حاجة للشعوب إلى الحرية طالما هي تأكل وتشرب؟!

من قال إنَّ حكَّام الأنظمة الشمولية
من بني البشر
وشعوبهم من بني البهائم؟!

الموت ولا المذلة.. شعار ثورة الشعب السوري البطل


 حسين احمد صبرا
عند بدء تهاوي الأنظمة الشمولية كثيراً ما تجد مَنْ يطرح هذا التساؤل على النحو التالي: طالما أنَّ شعوب هذه الأنظمة تأكل وتشرب فلماذا هي تعترض إذاً على الأنظمة التي تحكُمُها وتريد بالتالي إسقاطَها؟!
هذا الإعتراض ينبع من فرضية أنَّ الأنظمة الشمولية تؤمِّن لشعوبها المأكَل والمشرَب، في مقابل أنَّ تلك الأنظمة تسلب شعوبَها حرية الرأي والحق في المشاركة في السلطة وفي القرار وتمارس ضدَّها القمع والقهر والإستبداد والإذلال.. من هنا يأتي تساؤل البعض: ما حاجة أيِّ شعبٍ من الشعوب إلى الحرية والكرامة طالما أنَّ نظامه يؤمِّن له المأكلَ والمشرب؟!
دعونا نناقش هذا الأمر بما قلَّ ودلّ، مع الإفتراض بدايةً بأنَّ تلك الشعوب تأكل وتشرب فعلاً:
بدايةً، وفقاً لأيّ شريعة أو أيّ قانون أو أيّ دين أو أيّ منطق يتوجَّب على البشر أن يعيشوا كالبهائم، غايتُهم الأولى والأخيرة هي الأكل والشرب؟ وهذا ما يدفعنا لإعادة البحث في البديهيات، فنسأل: هل أنَّ عملية الأكل والشرب هي بالنسبة للإنسان مجرَّد وسيلة للبقاء على قيد الحياة من أجل تحقيق الغاية الأسمى ألا وهي الإبتكار والإرتقاء بحثاً عن سعادة الإنسان المطلَقة، أم أنَّ عملية الأكل والشرب هي غايةٌ في حد ذاتها على أساس أنَّ الإنسان خُلِقَ ليأكل ويشرب ويتبَوَّل و...؟! وبمعنى آخر هل أنَّ الحرية جزء لا يتجزَّأ من تكوين الإنسان ومن الغايةِ من خَلقِه، أم أنَّ الحرية هي مجرَّد ترفٍ نظري يمكن الإستغناء عنه؟!
ثمَّ على أيّ أساس يتوجَّب على البشر أن يمتنعوا عن التفكير وأن تنبري حفنةٌ منهم في غفلةٍ من الزمن لتفكِّر نيابةً عنهم؟! فهذا الذي يأتي ويُنَصِّب نفسَه بالقوةِ حاكماً، مَنْ أعطاه الحق في أن يفكِّر هو ويمنع غيرَه من التفكير وأن يُدَبِّر هو ويمنع غيرَه من التدبير؟ مَنْ خوَّله لهذا الفعل ومَنْ كلَّفه لهذه المهمَّة؟
وبعدئذٍ، هذا الذي يفرض نفسَه حاكماً علينا بحجة أنه سيؤمِّن لنا مأكلَنا ومشرَبَنا، مَنْ ذا الذي يصلِّح له خطأه إذا أخطأ، أو حتى ينبِّهُهُ مجرَّدَ تنبيهٍ إلى خطئه؟ أم أنه نبيٌّ يوحى إليه!
إنَّ من حقنا أن نسأل عن الفائدة العظيمة المرجوَّة من أكلنا وشربنا وإستمرارنا على قيد الحياة طالما نحن مُجْبَرون عنوةً وقهراً وبفعل فاعل على أن نكون مجرَّد كمالة عدد بين غيرنا من خَلْقِ الله على هذه البسيطة؟ فإذا ما كان الله قد جعل الإنسانَ خليفتَه على الأرض (إنّي جاعلٌ في الأرض خليفةً) وكرَّمَهُ (ولقد كرَّمْنا بني آدمَ وحَمَلْناهُمْ في البَرِّ والبَحْرِ ورزقْناهُمْ مِنَ الطَيِّباتِ وفضَّلْناهُمْ على كثيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضيلا)، فهل جَعَلَنا الله خليفتَه وكرَّمَنا وفَضَّلَنا على البهائم، لنأكل ونشرب ونعيش مثلها؟ إذاً لماذا علينا نحن المحكومين أن نعيش كالبهائم في حين لا يتوجَّب على حكَّامنا أن يعيشوا هم أيضاً كالبهائم أسوةً بنا؟ دلّونا على الشيء الذي يتميَّز به هؤلاء الحكَّام عنَّا ويحُول دون أن يعيشوا مثلنا على النحو الذي أجبرونا هم على أن نعيش فيه؟
إنَّ المثل العامّي الدارج يقول: لاقيني ولا تغدِّيني.. فحُسْنُ اللُّقيا على جوعٍ أجدى وأنفع من طعامٍ تصحبه إساءة.. وبالتالي كيف يمكن لمن يأكل ويشرب أن تنزلَ اللقمةُ مريئاً في زوره وهو يتعرَّض للإهانة والمذلَّة ويعيش في رعبٍ دائمٍ خشيةَ أن يُعتقَل أو يُضطهد أو يُقتَل رمياً أو شنقاً أو ذبحاً!! إنَّ البهائم نفسها تتضرَّر تضرُّراً جسيماً إذا ما تعرَّضت للإضطهاد، فيخفُّ إنتاجُها ويتسمَّم لحمُها.. أَوَلَمْ يسمع أصحاب نظرية "الأكل والشرب" هؤلاء بعلم نفس البهائم؟! إنَّ البقرة الحلوب يتراجع إنتاجُها من الحليب وتتدنَّى جودتُه إذا ما تعرَّضت للإضطهاد أو التعذيب أو المضايقة، وعلى العكس من ذلك فإنَّ إنتاجها من الحليب يرتفع وتتحسَّن جودتُه إذا ما تمَّ إسماعها موسيقى هادئة.. وكذلك الأمر مع الدجاج في المزارع الحديثة، إذ يتسمَّم لحمُها جرّاء الإبقاء على المصابيح مضاءةً ليلاً بغية دفعها إلى تناول المزيد من الطعام كيما تَسْمن بسرعة، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع هرمون الأدرينالين في جسمها نتيجةً للتوتر الدائم الناجم عن قلة النوم، ما يسمِّم لحمَها ويجعله مضرَّاً بصحة الإنسان إذا ما تناوله.. فحتى الحيوانات يتراجع إنتاجها ويتسمَّم جسمها حينما تُقهر!
فهل عرفتم سبب انعدام الإبداع عند الشعوب المقهورة، وهو ما نلحظه عند كل الشعوب التي تحكمها أنظمة شمولية.. فهناك ثابتة يدل عليها منطق الأمور وتتمثَّل في أنَّ الإنسان المقموع والمقهور لا يستطيع أن يُبدع لا في حياته الشخصية ولا في حياته العامة، ومن هنا فإنَّك لن تجد شعباً مقهوراً ومقموعاً استطاع على مر التاريخ القديم والحديث أن يُنجز حضارةً تضيف إلى الإنسانية شيئاً ذا قيمة كيما يستلهم منه البشرُ أبدَ الدهر.. فكيف لإنسانٍ فاقد الحرية والكرامة أن يُبدع؟! بل إنَّ الظلم والقمع والقهر والكبت يُفقده شهيةَ الإبداع ويمكِّن منه العِللَ النفسية.. إنَّ الأمراض النفسية التي تصيب عادةً أفراداً ستجدها وقد أصابت مجتمعاً برُمَّته بفعل عوامل الخوف والشك والرعب والشعور الدائم بالمهانة والمذلَّة نتيجة التعرُّض المتواصل للإضطهاد والقمع والأذية من قِبَل حفنةٍ من البشر يدَّعون بأنَّهم يتميَّزون عنَّا بالرُتْبة الإنسانية، هم من بني البشر ونحن من بني البهائم، ويُرْبِحوننا الجميل بأنهم يؤمِّنون لنا مأكلَنا ومشرَبَنا، دون أن ندري مَنْ طلبَ منهم ذلك!
حاولْ أن تتبادل الحديث مع أي مواطنٍ يعيش في ظل نظامٍ شمولي.. سيتبادر إلى ذهنك على الفور شعورٌ بأنَّك تتحدَّث مع إنسانٍ فاقد الشخصية وخائفٍ ومرتبك وكأنَّ المسدَّس مصوَّبٌ إلى رأسه.. لِمَ كل هذا، وما هو الهدف السامي المرتجى من هكذا نوعٍ من الأنظمة  تُعامِل شعوبَها وفق نظرية راعي المعيز.. نظرية "تعا سِكْسِكْ"؟!
يكفي أن نلاحظ أنَّ كل الأنظمة التي تدَّعي أنها وُجدت لتؤمِّن الأكلَ والشربَ لشعوبها هي أنظمةٌ مجرمة، ضحاياها الملايين مضطهَدين ومعذَّبين ومحرومين ومستضعَفين وقتلى وجرحى ومعتقَلين ومشوَّهين ومجازر لا تعد ولا تُحصى تُرتكب بحقِّهم.. لماذا؟! ما علاقة الأكل والشرب بالإجرام؟! والأصح أن نطرح السؤال على الشكل الآتي: ما علاقة الأكل والشرب أصلاً بتجويع الناس وبسرقة قُوْتِها وثرواتها من قبل حكَّامٍ عيَّنوا أنفسَهم آلهةً فوق مستوى البشر، وراحوا يتاجرون بقضايا سياسية أو قومية أو عقائدية أو دينية أسبغوا عليها طابع القداسة واختبؤوا خلفَها، ويتجاهلون عمداً أن لا قضية مقدَّسة تعلو على قداسة حرية الإنسان وقداسة كرامته وقداسة أمنه وحقوقه ومعيشته وبني آدميَّته.. أوليست الأديان نفسُها، تلك التي أنزلها الله تعالى، إنما كان الغرض منها الإعلاءُ من شأن الإنسان وحفظ كرامة الإنسان وضمان حرية الإنسان.. فكيف لحاكمٍ أن يعود بنا إلى عصر الآلهة وكأنَّا به يخاطب شعبَه قائلاً: أنا إلهُ أكلِكُمْ وشُرْبِكُمْ فاعْبُدونِ؟! 
وما هي النتيجة؟!
النتيجة أنَّ كل الأنظمة التي تتاجر بنظرية الأكل والشرب تعيش شعوبُها تحت خط الفقر وتشتهي اللقمة، فيما حكَّامها يعيشون برخاء ورفاهية وتخمةٍ في البطون وفي الجيوب.. ويَغرقون في عزٍّ وجاهٍ أين منه عزُّ وجاهُ العصر الإمبراطوري البائد!
إذاً، المسألة مسألةُ سرقة ناجمة عن جوعٍ مزمن وفجعنة.. والمسألة مسألة تسلُّط ناجم عن تألُّهٍ يُخفي في طياته عقد الدونية والشعور بالضآلة.. فأمثال هؤلاء الحكَّام هم البهائم لأنَّ الأكل والشرب والمال والسلطة والبطش والقمع والقتل هي كلُّها غايةٌ لديهم بحد ذاتها وليست وسيلةً على الإطلاق.. وأمثال هؤلاء الحكَّام إنما يعيشون بالغريزة وحدها ويتسلَّطون على خلقَ الله بالغريزة بمفردها، فيظلُّون كالبهائم يعتاشون على حساب شعوبهم ورقيِّها وسعادتها ولن يأتي عليهم زمنٌ يرتقون فيه إلى مستوى البشر أبداً، بل ينتهون جيفةً في مزبلة التاريخ!
فَهَلّا أدركنا معنى شعار "الموت ولا المذلَّة"، الذي يرفعه الشعب السوري البطل بوجه حفنةٍ من المجرمين البدو المذهبيين تسلَّطوا عليه في غفلةٍ من الزمن على مدى خمسين عاماً بحجة الوحدة العربية وتحرير فلسطين وتأمين الأكل والشرب للشعب السوري، فيما كانت النتيجةُ فقراً وحرماناً وتجويعاً وإذلالاً وقتلاً وتعذيباً ووقنصاً وسحلاً واغتصاباً.. ليصبح شعار "الموت ولا المذلة"، الذي ترفعه ثورة الشعب السوري البطل، الشعارَ الأكثر صدقاً عبر تاريخ البشرية جمعاء..

شاهد في الأسفل الصور المروِّعة لمجزرة أطفال الحولة في محافظة حمص في سوريا والتي ارتكبها الشبيحة العلويون في 25/ 5/ 2012 



ترقبوا قريباً كتاب:
"الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"
(تأليف: حسين احمد صبرا)
***************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
****************************************************************************
فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
"لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
(قيد الطبع)
********************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:





























الصور المروِّعة لمجزرة أطفال الحولة في محافظة حمص في سوريا والتي ارتكبها الشبيحة العلويون
في 25/ 5/ 2012 :


















































































































































































































































ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق