2012/04/02

في ألمانيا النازية/ هتلر الكبير.. والصُهْرِر!


فشل هتلر الكبـير مطلع ثلاثينيات القرن العشرين في الوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية في ألمانيا.. بيد أنَّ هتلر الكبـير هذا استعاض عن منصب رئيس الجمهورية بأن انتُخب مستشاراً (أي رئيس وزراء)، وعوضاً عن أن ينادَى بفخامة الرئيس (كما هو الحال في لبنان مثلاً) فإنه بات ينادَى بدولة الرئيس..
على أنَّ من المؤسف أنَّ هتلر الكبـير لم يُنجب أطفالاً، إذ لم تكن عملية أطفال الأنابيب قد اختُرِعَتْ بعد..

      إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً



                                                في ألمانيا النازية
                  هتلر الكبير.. والصُهْرِر!





     حسين احمد صبرا
فشل هتلر الكبـير مطلع ثلاثينيات القرن العشرين في الوصول إلى منصب رئاسة الجمهورية في ألمانيا، في وقتٍ كانت رئاسة الجمهورية قد شكَّلت عنده عقدة العُقَد وبات حلم حياته أن يصبح هو الرئيس ومن بعده الطوفان، على الرغم  من أنَّ منصب الرئاسة في ألمانيا هو مجرَّد منصب شرفي دون سلطاتٍ تنفيذية.. بيد أنَّ هتلر الكبــير هذا استعاض عن منصب رئيس الجمهورية بأن انتُخب مستشاراً (أي رئيس وزراء) وكان ذلك عام 1933 بعدما حقَّق نسبة نجاحٍ عالية في الإنتخابات النيابية بحيث حصل حزبُه النازي على ما يقرب من نصف أصوات الناخبين (تحديداً 43,9%).. وعوضاً عن أن ينادَى بفخامة الرئيس (كما هو الحال في لبنان مثلاً) فإنه بات ينادَى بدولة الرئيس..
ولكن، ما الذي جعل هتلر الكبـير وحزبه النازي يفوز بهذا العدد الكبـير من المقاعد في مجلس الرايستاغ النيابي الألماني في ذلك الحين؟
لسببٍ بسيط، ألا وهو الأزمة المالية التي عمَّت العالم أجمع في عام 1929 وفي السنوات التي أعقبتها بعد انهيار سوق الأسهم في وول ستريت في الولايات المتحدة الأميركية، وهي الأزمة التي أُطلق عليها تسمية "الكساد الكبـير".. فجاء هتلر الكبـير واستغلَّ أزمة الكساد الكبـير..
علينا بدايةً أن نوضِّح هنا بأنَّ أساس المسألة أنَّ هتلر كان قد جرَّب الإنقلابَ عسكرياً على النظام الحاكم في ألمانيا عام 1923 وهو النظام الذي عُرِفَ بإسم "جمهورية فايمار"، إلا أنَّ إنقلابه العسكري كان مصيره الفشل فأُلقي القبض عليه وأُودِع في السجن لفترةٍ قصيرة جداً.. وبعد خروجه من السجن عام 1924 قرَّر هتلر الكبـير اعتماد الطرق الشرعية التي تتيحها الديمقراطية والإنتخابات النيابية للوصول إلى رأس السلطة في ألمانيا.. وهكذا، وبعد سنواتٍ من الإحباط الذي كاد يصيب هتلر، وقعت الأزمة المالية عام 1929 لتكون بالنسبة إليه بمثابة هدية من السماء.. إنه ومنذ ذلك التاريخ أصبح شعار "محاربة الكساد" (على وزن محاربة الفساد) هو الشعار الغوغائي الذي رفعه هتلر الكبـير وملأ به أدمغة الشعب الألماني جاعلاً منه دِينَه ودَيْدَنَه.. لقد طرح نفسه على أنه هو المنقذ من الكساد وهو الذي سيحارب الكساد وهو الذي سيبطح الكساد وهو الذي سيلعن أبو الكساد والكاسدين، ورشَّح نفسه رئيساً للجمهورية تحت هذا الشعار ما جعله يحصل في الإنتخابات البرلمانية على أرقامٍ تصاعدية في أعداد الناخبين بدءاً من 18,3% عام 1930 إلى  37,4% عام 1932 (عقب ترشحه لرئاسة الجمهورية)، إلى أن حصد 43,9% عام 1933.. في حين أنَّ النسبة التي كان قد حصل عليها عام 1928 (أي قبل الأزمة المالية) لم تتجاوز  2,6%..
إذاً، وصل هتلر الكبـير إلى السلطة عام 1933.. وبما أنه أصبح دولة الرئيس ولم يصبح فخامة الرئيس، فإنه ونكايةً بالرئيس قام عام 1934 وأطلق على نفسه وبشكلٍ رسمي لقبَ "الفُهْرِر" ليُثبت لنفسه وأمام الألمان جميعاً بأنه كرئيسٍ للوزراء (أي مستشار) أهم من رئيس الجمهورية، وهو اللقب الذي كان قد سبق أن أطلقه على نفسه عام 1921 حينما أصبح رئيساً لحزب العمال الألماني الإشتراكي الوطني.. والفُهْرِر تعـني باللغة الألمانية الدارجة: زعيم الأمة، زعيم الهَلُمَّة، زعيم البضاعة اللي ما بتِتْسَمَّى..
وهكذا نصَّب هتلر الكبـير نفسَه زعيماً على عِرق الآر، وهو العِرق نفسه الذي ينتمي إليه الفُرس (كما زَلَطة كما زْلِيْطة).. وهو عندما يُعرَّف بأل التعريف تَلحَق به ياء النسبة فيصبح "العِرق الآريّ".. ومن ثَمَّ راح هتلر ينظِّر في الإختلاف بـين الأجناس والأعراق الذي "فرضته الطبيعة في نظامها الأزلي"، على حد تعبيره، وأنَّ العِرق الآري هو العِرق الوحيد الخلّاق في تاريخ البشرية.. وكان بالنتيجة أنَّ هتلر قد جاء وطرح نفسَه على أنه أكبر آر في ألمانيا وفي الكرة الأرضية وفي تاريخ البشرية وفي موسوعة "جينتس" الجنسية (نسبةً إلى علم الأجناس)..
الصورة التي تاجر بها هتلر الكبير
اللافت أنَّ هتلر الكبـير أمضى حياته السياسية كلَّها وهو يتاجر بصورة إلتقطها له بالصدفة مصور ألماني يدعى هِنرش هوفمان في 2 آب/ أغسطس 1914 عشية اندلاع الحرب العالمية الأولى، حيث كان هتلر الشاب يقف وسط حشود تهتف مؤيدةً للحرب.. وبعد وصوله إلى السلطة جـنى هتلر الكبـير (هو ومصوِّرُهُ) أموالاً ضخمة جراء مبيع هذه الصورة، التي طبعها على الطوابع والبطاقات البريدية وأغلفة الكتب والملصقات، بعدما سجَّل الإثنان (هتلر وهوفمان) حقوق الملكية لهذه الصورة في الدوائر المختصة..
واللافت أيضاً أنَّ هتلر الكبـير قبل إطباقه على السلطة وبعده لم يَسْلم من تهجُّمه في خُطَبِه النارية أحد .. لقد هاجم الفُهْرِر الشيوعيين.. وهاجم الإشتراكيين.. وهاجم الرأسماليين.. وهاجم الديمقراطيين.. وهاجم الليبراليين.. وهاجم الرجعيين.. وهاجم اليهود والساميين..
على أنَّ من المؤسف أنَّ هتلر الكبـير لم يُنجب أطفالاً، إذ لم تكن عملية أطفال الأنابيب قد اختُرِعَتْ بعد.. ولو أنَّ آري الكبـير هتلر هَدَتْهُ عبقريَّتُه إلى إحضار سَطْلٍ على شكل أنبوب ليُنْجِبَ فيه طفلاً لاعتُـبِرَ ذلك معجزةً في ذلك العصر ولكان سجَّل له التاريخ أنه سبق عصرَه (قبل أن يتم تحقيق هذه المعجزة في وقتنا الراهن)..
والغرابة أنه وقبل أن يكون هتلر الكبـير فارّاً من وجه العدالة كان فارّاً من وجه المصحَّة النفسية أو ما نسميه في لغتنا الفصحى بمستشفى المهابيل أو مستشفى الأراجوزات أو مستشفى المساطيل والتي عادةً ما يفُرُّ منها كثيرٌ من سياسييِّ دول العالم الثالث..
يبقى أنَّ الإنجاز الوحيد لآري الكبـير هتلر تمثَّل في أنه، وعوضاً عن أن يحارب الكساد، ظلَّ يحارب ويحارب ويحارب إلى أن حوَّل ألمانيا إلى رماد..
البعض يُعزي السبب إلى أنَّ والده لم يكن يعطيه في صِغَرِهِ "خَرْجِيَّة"، بل كان يرقعه على مؤخرته في الصبحية والمغربية..
من هنا فإنَّ هذا الآر الكبـير الذي إسمه هتلر، والمتلطّي بالفُهْرِر، يذكر في الفصل الأخير من كتابه "نِباحي" في فقرةٍ تحت عنوان "نِكاحي": "وشرف أُمّي لن أخرج من الوزارة إلا وفي جيبي مليار دولار".



(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 28 أيار/ مايو 2012، العدد رقم 1545).


                               ترقبوا قريباً كتاب:
             "الخليج العربي.. أم الخليج الفارسي؟!"
                                                  (تأليف: حسين احمد صبرا)
***********************************************************************************                    
                                   فهرس كتاب:
                      "حوار مع صديقي الإسلامجي"
***********************************************************************************
                      إقرأ قصيدة "مشايخ.. ومشايخ"
                                (شعر: حسين احمد صبرا)
***********************************************************************************
                                  فهرس كتاب:
                     "على هامش ثورة شباب مصر"
***********************************************************************************
               فهرس دراسة في اللغة والموسيقى:
             "لهذه الأسباب اللهجة المصرية محبوبة"
                               (قيد الطبع)
***********************************************************************************
                 إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية من على موقعها الإلكتروني التالي:
   www.alshiraa.com


















ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق