قلنا في الحديث السابق إن عبد الناصر، وفي أعقاب ثورة 23 تموز/ يوليو عام 1952، أراد اعتماد خيار الإنكفاء للتفرغ لبناء مصر اقتصادياً واجتماعياً، وهذا ما أثار قلق وخوف اسرائيل والغرب على حدٍ سواء.. من هنا كان لسان حال أميركا يقول: ممنوعٌ على عبد الناصر بناء السد العالي..
حسين احمد صبرا
قلنا في الحديث السابق إن عبد الناصر، وفي أعقاب ثورة 23 تموز/ يوليو عام 1952، أراد اعتماد خيار الإنكفاء للتفرغ لبناء مصر اقتصادياً واجتماعياً، وهذا ما أثار قلق وخوف اسرائيل والغرب على حدٍ سواء.. من هنا كان لسان حال أميركا يقول: ممنوعٌ على عبد الناصر بناء السد العالي..
*************************************************************
**************************************************************************
إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً
كتاب
على هامش ثورة شباب مصر
تأليف: حسين احمد صبرا
الفصل الثاني
إما الإنكفاء.. أو أكذوبة الممانعة.. أو عبد الناصر بروحٍ عصرية (2من2)
هل يُسقِط شبابُ ثورة مصر
حلفَ بغداد الجديد؟!
حسين احمد صبرا
قلنا في الحديث السابق إن عبد الناصر، وفي أعقاب ثورة 23 تموز/ يوليو عام 1952، أراد اعتماد خيار الإنكفاء للتفرغ لبناء مصر اقتصادياً واجتماعياً، وهذا ما أثار قلق وخوف اسرائيل والغرب على حدٍ سواء.. من هنا كان لسان حال أميركا يقول: ممنوعٌ على عبد الناصر بناء السد العالي..
على أن هذا الغرب رمى لعبد الناصر طعماً.. قال الغرب لعبد الناصر عام 1955: أُدخل معنا في حلف بغداد نموِّل لك السد العالي.. فما هو حلف بغداد هذا؟
إنه وحسب تسميته الأصلية مشروع الهلال الخصيب، الممتد من إيران شرقاً إلى لبنان غرباً.. وكان شعاره المرفوع هو:الموت للإتحاد السوفياتي!
مشروع الهلال الخصيب هذا هو أصلاً مشروع استعماري بريطاني قديم بدأت بعض معالمه الخجولة تتضح بعد الحرب العالمية الثانية.. على أن الولايات المتحدة الأميركية، التي عملت بعد عام 1945 على وراثة الإمبراطورية البريطانية المتهالكة بعدما كانت لا تغيب عنها الشمس (لإمتداد رقعة مستعمراتها في كل أنحاء الكرة الأرضية)، قد ورثت مشروع الهلال الخصيب من ضمن التركة البريطانية.
ونعود للفت الإنتباه إلى أن الجغرافيا الأساسية في هذا المشروع، كما ذكرنا، هي هذا الخط الناري الممتد من إيران إلى لبنان وركيزته العراق، مع بعض الجغرافيا الفرعية الرديفة والحامية والمكمِّلة له والواقعة على أطرافه وعلى رأسها تركيا، إضافةً إلى أفغانستان وباكستان وبعض الدول العربية الأخرى.. أما إسرائيل فهي موجودة فيه دائماً ولكن ضمناً.
لقد تعمَّد الغرب، وعلى رأسه أميركا وإلى جانبها بريطانيا دوماً، أن يُصبغ حلف بغداد هذا بصبغة دينية إلهية سعياً منه إلى استقطاب شعوب هذا "الهلال الخصيب"، حيث يشكل المسلمون الأغلبية في كل دولة من دوله، وذلك حينما جعل الهدف الوحيد المعلَن من هذا الحلف هو محاربة الإلحاد!
أما الهدف الحقيقي من حلف بغداد فكان بالدرجة الأولى والأخيرة حماية المصالح الغربية وعلى رأسها المصالح الأميركية والبريطانية في الوطن العربي بشكل خاص وفي الشرق الأوسط بشكل عام.. فالغرب، وعلى رأسه أميركا، أراد أن يحمي مصالحه في أوطاننا على الشكل الآتي:
أولاً، مواجهة أي نفوذ شيوعي محتمل في بلدان هذا الهلال، وما يعنيه ذلك من نفوذ للإتحاد السوفياتي نفسه، القوة العظمـى الثانية آنذاك في العالم، والباحث عن مصالحه في منطقة الشرق الأوسط في منافسةٍ واضحة للمصالح الأميركية خصوصاً (والغربية عموماً).
ثانياً، الحؤول دون تحقيق أي مشروع وحدوي بين العرب يحمي المصالح العربية أولاً ويعمل على نهضة حضارية شاملة في الوطن العربي بعد حقبة طويلة من الإستعمار البريطاني والفرنسي ومن قبله الإستعمار التركي..ذلك أن الغرب أراد من العرب أن يقوموا هم أنفسهم بحماية مصالحه والدخول في حرب باردة وساخنة (معه أو نيابةً عنه) ضد الإتحاد السوفياتي تحت غطاء محاربة الإلحاد ونصرة الإسلام!
ثالثاً، إبعاد الخطر المحدق بإسرائيل، التي زرعها الغرب للتوّ في إحدى دول الهلال الخصيب (فلسطين) كمستعمرة غربية تحمـي مصالحه ويسعى لأن تكون جزءً من النسيج العربي، وكانت أولى تلك المحاولات فرض محاربة الإلحاد كأولوية على العرب وليس الصراع مع إسرائيل، التي رفعت هي أيضاً شعار محاربة الإلحاد!
رفض عبد الناصر حلف بغداد عام 1955 تماماً مثلما سبق أن رفض نسخته الأولى عام 1953 والتي عُرفت بإسم مشروع دالاس (وزير الخارجية الأميركي آنذاك).. وقد قال عبد الناصر لدالاس هذا حينما زاره في القاهرة أن كيف تريدني أن أحارب عدواً يبعد عني خمسة آلاف ميل ويحمل بيده مدية، وأترك عدواً يقف على حدودي ويوجه صوبي مدفعاً!
إن حلف بغداد ، الذي تشكَّل من العراق وتركيا وإيران وباكستان، قد سعى جهده لضم سوريا ولبنان وبعض الدول العربية الأخرى وعلى رأسها مصر.. لكن موقف عبد الناصر الحاسم ودعمه للقوى العربية المعارضة أدى إلى إسقاط هذا الحلف سواء بنسخته التي حاولت تجديد نفسها من خلال مشروع ايزنهاور (الرئيس الأميركي آنذاك) عام 1957، أو بإخراج العراق منه مع قيام انقلاب عسكري فيه عام 1958.
من "الموت للإتحاد السوفياتي".. إلى "الموت لأمريكا"!!
الآن، وبعد مرور أكثر من نصف قرن على حلف بغداد القديم، ماذا يجري في ما يسمى بالهلال الخصيب؟
لقد استطاعت الولايات المتحدة الأميركية وبذكاء وخبث شديدين أن تعالج مكامن الضعف التي أدت إلى سقوط حلف بغداد، وهي كما نراها:
أولاً، أن أنظمة دول حلف بغداد، العربية منها والإسلامية، كانت مرتمية في أحضان أميركا (والغرب) بشكل علني ومفضوح، وتتبنّـى مشروعاً غربياً بحتاً تسعى إلى تنفيذه بحذافيره، لذا كانت تلقى معارضة شعبية واسعة وتُتَّهم بالرجعية والخيانة والعمالة لأميركا وإسرائيل (وللغرب عموماً).
ثانياً، أن أنظمة دول حلف بغداد قد استبعدت إسرائيل كخطر على العرب والمسلمين واستبدلتها علناً بخطر شيوعي- إلحادي- سوفياتي.
ثالثاً، أن أنظمة دول حلف بغداد لم تكن أنظمة عقائدية وبالتالي افتقرت إلى التنظير الدعائي الغوغائي، وهذا ما جعلها تفشل في استقطاب شعوبها وهي ترفع شعار الإسلام ضد الإلحاد.
رابعاً، أن أنظمة دول حلف بغداد كانت أنظمة "مسالمة"، إن صحّ التعبير، في ما لو قارنّاها بالأنظمة الإجرامية الدموية التي أعقبتها في الهلال الخصيب حتى وقتنا الراهن.. ويكفي في هذا المجال التذكير بما قاله خامنئي علناً وبالصوت والصورة أثناء ثورة الشباب الخضراء في إيران في حزيران/ يونيو عام 2009: لو أن الشاه قتل مليوناً من الشعب الإيراني لما استطاعت الثورة أن تنجح عام 1979.. أي أن خامنئي هذا يقول لشعبه انه على أتم الإستعداد لأن يقتل مليوناً منهم كي يُجهض ثورتهم ضد نظامه الحاكم، ودون أن يرف له جفن!!
وما علينا سوى أن نلاحظ أن أميركا في نهاية المطاف لم تنجح في إسقاط الإتحاد السوفياتي بواسطة أيّ من أنظمة حلف بغداد، وإنما نحجت نجاحاً مدوياً في إسقاط الإتحاد السوفياتي بواسطة الإسلامجية، الذين ارتبطوا ارتباطاً وثيقاً بالإستخبارات الأميركية منذ الخمسينيات وبشكل بالغ المتانة منذ الستينيات، إضافةً إلى ارتباطهم الوثيق بالإستخبارات البريطانية من قبل ذلك التاريخ بوقت طويل.
إذاً، وبعد الحرب الأميركية لإسقاط الإتحاد السوفياتي بواسطة الإسلامجية، اتضح لأميركا وللغرب كله وبشكل لا يقبل الشك ولا الجدال، أن الإسلامجية من العرب والمسلمين (سُنّةً وشيعة) هم الحصان الأصيل الذي كُلّل رهانهم عليه بالنجاح منقطع النظير وأن الوقت قد حان لإيصالهم إلى السلطة في الدول العربية والإسلامية ليكونوا أفضل حامٍ للمصالح الغربية عموماً والمصالح الأميركية على وجه التحديد.
إنَّ أبرز منظّري الإسلامجية (سُنّةً كانوا أم شيعة)، وهو حسن الترابي، قد توجه إلى أميركا عام 1989 وأجرى محادثات سرية مع الكونغرس الأميركي على مدى تسع ساعات، ليستعجلهم على الأمر التالي بعدما رأى أن ثمرة الإسلامجية قد نضجت وحان للغرب قطافها الآن.. قال الترابي للأميركيين: أوصلونا إلى السلطة ونحن كفيلون بحماية مصالحكم! (النص الكامل لهذه المحادثات سرَّبه الأميركيون إلى الصحافة ونُشر في حينه).
ولنفترض جدلاً أن ما جاء على لسان حسن الترابي من كلامٍ ملأ عشرات الصفحات في محادثاته مع أعضاء الكونغرس الأميركي، هو كلام غير صحيح وليس سوى محاولة أميركية- صهيونية لتشويه صورة الإسلامجية، مع أن الترابي لم ينفِ هذا الكلام.. إلا أن كل الوقائع على الأرض (قبل ذلك وبعده) تدل بما لا يقبل الشك صحة هذا الكلام، مع الإشارة إلى أن الأميركيين لم يكونوا آنذاك مفترشين الأرض وهم يلطمون على خدودهم كالذي ماتت له جاموسة إلى أن جاءهم الترابي بالحل فقالوا: والله الزُول ده معاه حق! وإنما جاءهم الترابي ، كناطق بلسان حال الإسلامجية (لا فرق إن كانوا سُنّة أم شيعة)، ليستعجلهم الأمر.. وبمعنى آخر، كان الأميركيون يسيرون في هذا الإتجاه منذ مطلع الستينيات بالتحديد، ولكن عبد الناصر هو الذي أعاقهم حيناً من الزمن، إلى أن جاء السادات وأخرج الإسلامجية من القمقم ليس فقط لأهداف داخلية تخص حماية نظامه من خطر المعارضين الناصريين والشيوعيين، وإنما أيضاّ لأهداف تخص المصالح الأميركية، إذ ما أن أخرج السادات مصر من الصراع العربي- الإسرائيلي في أواخر السبعينيات عبر اتفاقية كامب ديفيد حتى فتح الباب على مصراعيه للإسلامجية "للجهاد" تحت لواء أميركا في أفغانستان ضد الإتحاد السوفياتي.. وبمجرد سقوط الإتحاد السوفياتي في أواخر الثمانينيات جاء الترابي إلى أميركا ليستعجلهم على ما هم سائرون به.
فقط علينا أن نركّز الإنتباه إلى التعديلات التي أجرتها الولايات المتحدة الأميركية بذكاء وخبث شديدين، وعلى امتداد نصف قرن من الزمن، على طابع الأنظمة والأحزاب (المعارضة أو الحاكمة) في الهلال الخصيب والتي أرادت بواسطتها إنشاء حلف بغداد الجديد الذي يكتمل بنيانه الآن:
أولاً، أن أنظمة وأحزاب حلف بغداد الجديد كلها ومن دون استثناء ترفع شعار "الموت لأمريكا".
ثانياً، أن أنظمة وأحزاب حلف بغداد الجديد كلها ومن دون استثناء ترفع شعار "الموت لإسرائيل".
ثالثاً، أن أنظمة وأحزاب حلف بغداد الجديد هي كلها أنظمة وأحزاب عقائدية، بعضها قومجية وأغلبها إسلامجية.
رابعاً، أن أنظمة وأحزاب حلف بغداد الجديد هي برُمَّتها أنظمة وأحزاب إجرامية ودموية من الطراز الأول.
خامساً، أن أنظمة وأحزاب حلف بغداد الجديد هي بمعظمها على مذهب ديني واحد.
سادساً، أن أنظمة وأحزاب حلف بغداد الجديد تستند إلى جمهور على مذهب ديني واحد هو من صميم نسيج مجتمعات تلك الدول.
من نوري.. إلى نوري!
مع بداية القرن الواحد والعشرين لم يكن أمام أميركا سوى أن تضع اللمسة الأخيرة على حلف بغداد الجديد في الهلال الخصيب الممتد الآن من إيران إلى لبنان و"نَجْمتُه" غزّة..هذا إضافةً إلى الدول التقليدية الرديفة والمؤلفة من باكستان وأفغانستان، والأهم تركيا التي تدخل هذه المرة بحزب إسلامجي حاكم تحت شعار "صفر مشاكل"، أي جمعية خيرية، تغالي في "العداء" لإسرائيل لتستقطب المسلمين العرب ممن هم على المذهب الديني المقابل لمذهب معظم الأنظمة والأحزاب الحاكمة في الهلال الخصيب الآن.
هذه اللمسة الأميركية الأخيرة كانت في العراق.. لقد كان على أميركا أن تقوم بشن حرب عسكرية لإحتلال العراق والإطاحة بنظام صدام حسين (الذي انتهت مدة صلاحيته أميركياً) لتتولى هي بنفسها ترتيب الأوضاع في هذا البلد العربي بشكل يُؤمّن اكتمال حلقة حلف بغداد الجديد وصبغته المذهبية..
إن الإسلامجية العراقيين، الذين أفنوا جُلَّ عمرهم وهم يهتفون "الموت لأمريكا" حتى كادوا يصابون بالفتق، قد دخلوا إلى العراق على ظهر الدبابات الأميركية آتين من إيران، منبع الشعار الفالصو "الموت لأمريكا".. وأن "أمريكا" هذه، التي يريدون "موتها"، قد سلّمتهم السلطة في العراق على طبق من ذهب طواعيةً وعن سابق تخطيط وتصميم، حتى اتضح لاحقاً ومنذ العام 2003 وحتى وقتنا الراهن أن أميركا هذه لم يكن لها من هدف حقيقي من احتلال العراق سوى إيصال إسلامجية "الموت لأمريكا" على ظهر الدبابات الأميركية ليسيطروا على السلطة في بلاد الرافدين، وأن سيطرة هؤلاء على السلطة بالشكل الحاصل الآن لما كان ممكناً له أن يحدث لو أن أميركا امتنعت عن التدخل العسكري وسمحت في الوقت نفسه لوطنيين عراقيين أن يطيحوا بنظام صدام حسين!
إن إدخال أميركا لمن يهتفون "الموت لأمريكا" على ظهر دباباتها (آتيـن من إيران)وهي تحتل بلاد الرافدين لتُمكّنهم من السيطرة على السلطة في هذا البلد العربي، لابد وأن يبقى حاضراً في أذهاننا في كل شاردة وواردة الآن ومستقبلاً وعلى مرّ العصور..
وإليكم هذا الكم من المفارقات، التي نعرض لها على النحو الآتي:
أولاً، أن العراق –إبان نظام صدام حسين- كان البلد الوحيد ضمن بلدان الهلال الخصيب، الذي لم يكن يرفع شعار "الموت لأمريكا"، لا بل كان على عداء شديد، ولأسباب مختلفة، مع جميع من يرفعون هذا الشعار أنظمةً وأحزاباً وجماعات.. وبعد الإحتلال الأميركي للعراق اكتملت الجوقة.
ثانياً، أن إسم نوري السعيد (رئيس الوزراء العراقي الأسبق) بات رمزاً لحلف بغداد القديم.. وأن إسم نوري المالكي (رئيس الوزراء العراقي الحالي) قد أضحى رمزاً لحلف بغداد الجديد.. ومن نوري إلى نوري لم يختلف الأمر سوى في الشكليات التي لعبت عليها أميركا على النحو الذي فصلناه في ما سبق من سطور.. فالأول رفع شعار "الموت للإتحاد السوفياتي"، والثاني يرفع شعار "الموت لأمريكا"!
ثالثاً، أن حلف بغداد الجديد هو الذي يتّهم معارضيه والمتصدين له بأنهم عملاء لأميركا وبأنهم ينفذون المشروع الأميركي ويخدمون المصالح الأميركية!
رابعاً، أن أميركا أسقطت الإتحاد السوفياتي بإسلامجية رفعوا شعار "الموت للإتحاد السوفياتي".. فيما أميركا اليوم تعيد إحياء حلف بغداد الجديد بإسلامجية يرفعون شعار "الموت لأمريكا"!
خامساً، أن فضائية "الجزيرة" القطرية، وهي مشروع إسرائيلي بحت (وأميركي بطبيعة الحال) باعتراف من أنشأوا هذه المحطة أنفسهم، قد أصبح واضحاً أن أحد أبرز أسباب إنشائها هو التسويق الجماهيري للإسلامجية الرافعين لشعاريّ "الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل"!
سادساً، أن ما يغيظنا نحن العرب هو أن إسرائيل الآن هي في أحسن حالاتها وعلى جميع الصعد: عسكرياً وصناعياً وزراعياً وسياحياً وتجارياً وعمرانياً.. وارتياحاً لمستقبلها "المضمون" أكثر من أي وقت مضى وهي ترى في حلف بغداد الجديد حاجة استراتيجية لها!!
سابعاً، أن ما نراه من "عين حمراء" من قبل أميركا تجاه أنظمة وأحزاب حلف بغداد الجديد من عقوبات أو تهديدات بشن حرب أوإدراج على لائحة الإرهاب أو تجميد لحسابات مصرفية او دعم للمحاكم الدولية... فإن هذه "العين الحمراء" ليست سوى أداة لجمٍ لوحشٍ مفترس أخرجته أميركا من القمقم وتريده أن يسير في المسار المرسوم له دون أن يتجاوز الخطوط الحمراء التي يدركها جيداً جداً.
صدامٌ كبير مع أميركا؟؟
والسؤال الذي نطرحه الآن على شباب ثورة مصر هو التالي: إذا ما تبنَّيتم خيار إعادة إحياء عبد الناصر بروحٍ عصرية، فهل ستُسقطون حلف بغداد الجديد؟
فقط عليكم أن تتنبهوا إلى الأمر الآتي:
إنَّ سعي أميركا الحثيث والدؤوب "لإشراك" الإخوان المسلمين في السلطة في مصر الآن لا يعني سوى أمر واحد ألا وهو أن أميركا هذه تريد إدخال مصر في حلف بغداد الجديد لتكون السند الأقوى له والضامن لإستمراره.. فإذا ما قبلتم بهذا الأمر أو سلَّمتم به فلا تعجبوا إذا فاجأكم الأخوان الإسلامجية بالإنقضاض على السلطة لتغرق مصر بعدها في بحر من الدماء والفتـن والحروب التي لا نهاية لها، وحينها سنطوي معكم صفحة الحديث عن مصر دولةً قوية إلى أبد الآبدين.
أما إذا ما وقفتم ضد هذا الأمر وقررتم التصدي لحلف بغداد الجديد الذي وصل الآن إلى عقر داركم، فهذا يعني أن معركتكم- يا شباب ثورة مصر- في المستقبل القريب ستكون في العراق..وبمعنـى آخر: استعدّوا لصدامٍ كبير مع أميركا، التي لن تقف أمامكم مكتوفة الأيدي وأنتم تعملون على إسقاط حلف بغداد الجديد.
قلت إيه يا بَسْطويسي يا خويا؟! إيه؟! علّي صوتك أنا مش سامع حاجة! وإن كنت إنت لسه سامعني فأنا بأفكّرَك بالمثل المصري اللي بيقول: خُشّ على عدوّك وإنت متْعَرِّش، وما تخُشّش وإنت متْكَرِّش..
والأوِّلى بِسْمِلاَّ..
انتهى الفصل الثاني
والآن إلى الفصل الثالث (مايزال قيد التأليف)
(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 18 نيسان/ ابريل 2011، العدد 1489).
*************************************************************
***************************************************************************
***************************************************************************
***************************************************************************
**************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية على موقعها الإلكتروني:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق