2017/07/27

التقرير السادس بوريس نيمتسوف: "هكذا سرق بوتين 30 مليار دولار من أولمبياد سوتشي"/ الفصل الخامس: مخاطر أولمبياد سوتشي.



التقرير السادس بوريس نيمتسوف: "هكذا سرق بوتين 30 مليار دولار من أولمبياد سوتشي"/ الفصل الخامس: مخاطر أولمبياد سوتشي.


إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً





الكتاب الأبيض لبوريس نيمتسوف – التقرير السادس:
هكذا سرق بوتين 30 مليار دولار
من أولمبياد سوتشي
(موسكو – 2013)
(العنوان الأصلي: أولمبياد شتوي في منطقة شبه إستوائية)

تأليف:
بوريس نيمتسوف
(النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الإتحاد الروسي عامي 1997 – 1998)

ليونيد مارتينيوك
(صحافي ومنتج فيديو ومعارض روسي)

نقله من الروسية إلى الإنكليزية: كيركو بانانين (2013)
نقله من الإنكليزية إلى العربية: حسين احمد صبرا (2016)



Зимняя олимпиада в субтропиках

Winter Olympics in the Subtropics
An independent expert report by
Boris Nemtsov
And
Leonid Martynyuk
Moscow, 2013.

(Translated from the Russian by Kerkko Paananen (2013
(Translated from English to Arabic by Hussein Ahmad Sabra (2016



الإهداء من قبل حسين احمد صبرا:
إلى روح الشهيد بوريس نيمتسوف، زعيم المعارضة الروسية الذي كان من المفترض أن يكون هو رئيس روسيا عام 2000 بدلاً من بوتين، والذي اغتاله بوتين بالقرب من أسوار الكرملين في 27 شباط/ فبراير 2015.


الفصل الخامس
مخاطر أولمبياد سوتشي



بوريس نيمتسوف
ليونيد مارتينيوك
دورة الألعاب الأولمبية الأقرب، وبصوتٍ أعلى من أصوات أولئك الذين يشكِّكون في نجاحها/ كأسُ العالم في لعبة البياتلون ما قبل الألعاب الأولمبية، والذي أُقيم في آذار/ مارس 2013، لم يكشف سوى عن جزءٍ من المشاكل الخطيرة التي سيواجهها الرياضيون والمشجِّعون ومواطنو المدينة/ لقد وجدنا سبعة مخاطر مرتبطة بدورة الألعاب الأولمبية المقبلة.

مخاطر الطاقة

إنَّ مدينة سوتشي تعاني من عجزٍ في الطاقة. إنَّ استهلاك الطاقة في المدينة يصل إلى 450 – 500 ميغاوات، والمرافق الأولمبية تتطلَّب استهلاكاً للطاقة مرتفعاً للغاية. إنَّ ضمان حُسْن سير الألعاب يتطلَّب أكثر من 650 ميغاوات من الطاقة، مما يعني أنَّ الألعاب الأولمبية سوف تستهلك المزيد من الطاقة الكهربائية في مدينةٍ يقطنها نصف مليون شخص.  
في آذار/ مارس 2013 كان هناك اثنتان من أقوى محطات الطاقة الحرارية في المدينة: محطة سوتشي بقوة 160 ميغاوات ومحطة أدلر بقوة 360 ميغاوات. وبالإضافة إلى ذلك هناك مصادر منخفضة للطاقة، مثل محطة كراسنايا بوليانا لتوليد الكهرباء المائية بقوة 30 ميغاوات. وبعبارةٍ أخرى، فإنَّ قدرة الطاقة الخاصة في سوتشي (550 ميغاوات) لا تغطي سوى احتياجات المدينة الخاصة. إنَّ إجمالي استهلاك الطاقة في سوتشي خلال دورة الألعاب الأولمبية سيكون أكثر من 1200 ميغاوات.
لقد تضمَّنت الخطة الأصلية لبناء معملٍ في كوديتا بقوة 367 ميغاوات ونقل الطاقة عبر منطقة توابس من معمل توابس ومعمل دجوبجينسكايا بقدرة إجمالية قدرُها 380 ميغاوات. وبالإضافة إلى ذلك، كانت الخطة تقضي بشراء الطاقة من شركة كوبان – إينيرجو (وهي شركة روسية لتوليد ونقل وتوزيع الطاقة، ولها فرع في سوتشي).
اعتباراً من آذار/ مارس 2013 توقَّف بناء محطة كوديتا للطاقة الحرارية بسبب احتجاجات السكان المحليين، الذين يعارضون بشدة تركيب منشأة بجانب المباني السكنية، والمنتجع بشكلٍ عام، وتشكِّل خطراً على البيئة. فمن المستحيل أن نصدِّق أنَّ محطة توليد الكهرباء ستُوضَع موضع التنفيذ قبل بداية دورة الألعاب الأولمبية لأنَّ الوقت القياسي لبناء محطة حرارية سيستغرق أكثر من عامين. فعلى سبيل المثال، استغرق يناء محطة أدلر عامين ونصف العام.
وهكذا، فإنَّ القضية الأساسية هي نقل الكهرباء من دجوبغا إلى سوتشي.
خلال العام 2012 سُجِّل أكثر من ألف انقطاعٍ للتيار الكهربائي في سوتشي بسبب انقطاع الأسلاك الكهربائية والحالة التي يُرثى لها في إدارة الشبكات في المدينة، وهذا يعني أنَّ التغذية بالتيار الكهربائي تعطَّلت بمعدل ثلاث مرات في اليوم في مناطق مختلفة من سوتشي.
حالياً، تعمل المدينة بنشاط على تطوير شبكات الكهرباء وبناء خطوطٍ للتوتر العالي لنقل الطاقة الجديدة.
ومع ذلك، فإنَّ سنواتٍ عديدة من الملاحظة أشارت إلى أنه في شهر شباط/ فبراير، وبسبب حالة الطقس الأكثر سلبيةً والمؤدية إلى الجليد، انقطعت الأسلاك الكهربائية الحديثة. لذا، لا يمكننا الإعتماد على نقل الطاقة من كوبان دون انقطاع.
إنَّ العمل الأكثر واقعية هو توليد الكهرباء باستخدام المصادر الداخلية في المدينة. ومن الواضح، نظراً للعجز في الطاقة، أنَّ الأولوية ستُعطَى للملاعب الأولمبية، وبالتالي فإنَّ الخطر المتفاقم هو في أنَّ المدينة ستجد نفسَها في الواقع غارقةً في الظلام خلال دورة الألعاب الأولمبية. 
إنَّ الإقتراح بنشر 9 محطات للطاقة المتنقلة في وادي إيميريتي، بسعةٍ إجمالية قدرُها 200 ميغاوات، من شأنه أن يحل مشكلة تغذية دورة الألعاب الأولمبية بالطاقة، ولكن من المرجَّح أن يساعد ذلك مدينةَ سوتشي.

مخاطر المناخ

إنَّ الكتلة الجبلية في سوتشي وكراسنايا بوليانا هو الموقع المخطَّط للتزلج عبر البلاد، والبياتلون، والتزلج بالقفز، والتزلج على المنحدرات، وغيرها من المسابقات الرياضية في فصل الشتاء في الهواء الطلق. في شباط/ فبراير 2013 اتَّسم الطقس في كراسنايا بوليانا بدرجات حرارة أعلى مما كانت عليه في السنوات السابقة.
وهكذا، في 7 شباط/ فبراير 2013 (أي في اليوم نفسه الذي من المفترض أن تبدأ دورة الألعاب الأولمبية في عام 2014) كانت درجة الحرارة اليومية في كراسنايا بوليانا +13 درجة مئوية، وترتفع إلى +15 درجة مئوية في 11 شباط/ فبراير 2013. وبلغ متوسط درجة حرارة الهواء في النهار في كراسنايا بوليانا +8 درجات مئوية بين 7 و23 شباط/ فبراير 2013 (أي مدة الألعاب الأولمبية المفترضة في عام 2014)، وكان هذا أعلى مرتين إلى أربع مرات مما كان عليه في السنوات الخمس السابقة.
هنالك فرضيةٌ حول أنَّ ارتفاع درجات الحرارة الكبير في كراسنايا بوليانا كان نتيجةً لإزالة الغابات الضارة وبناء الأنفاق والجسور لطريق أدلر – كراسنايا بوليانا السريع. في الواقع، تحوَّل الطريق إلى أنابيب يتم من خلالها ضخ الهواء الدافىء من البحر الأسود إلى ممر كراسنايا بوليانا الضيِّق.
وبطبيعة الحال فإنَّ هذه الفرضية في حاجة إلى تأكيد عبر خلاصة الرصد على مدى عدد من السنوات. والوضع هو أكثر تعقيداً جراء عدم إجراء تحقيقٍ كامل حتى الآن حول مدى تأثير مشاريع البناء الأولمبية على الوضع البيئي والمناخي في كراسنايا بوليانا ووادي إيميريتي.
وإذا ما تأكَّدت فرضيَّتُنا مع الوقت فهذا يعني أنَّ كراسنايا بوليانا ستتوقَّف عن أن تكون منتجعاً شتوياً، وستذهب مع الريح كلُّ الإستثمارات التي تمَّت في دورة الألعاب.
ليس لدينا أدنى شك في أنَّ السلطات ربما لن تدَّخر أيَّ جهدٍ لضمان ستُقام مهما كان الطقس، بما في ذلك عن طريق نشر الثلوج باستخدام مَدافع الثلوج، وهلُمَّ جراً. ومع ذلك، فإنَّ كراسنايا بوليانا من غير المرجَّح أن تصبح المنتجع الشتوي الكبير في الأهمية الأوروبية. إذاً، ما الحاجة إلى إنفاق المليارات لإستضافة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في مناطق شبه إستوائية؟

المخاطر اللوجستية

إنَّ الرياضيين الأجانب، الذين شاركوا في المسابقات على الملاعب الأولمبية، قد لاحظوا المستوى المنخفض للغاية لتنظيم الأحداث الرياضية في سوتشي. لقد قال الأولمبي الميدالي، بطل العالم الفرنسي في البياتلون ماري دورين – هابرت، بعد وصوله إلى سوتشي للمشاركة في المرحلة ما قبل الأولمبية في كأس العالم في البياتلون:
"إنَّ سوتشي هي مدينة أشباح. لقد بُنِيَتْ فيها المنازل باهظة الثمن مثل الفطر في الوحل؛ في كلِّ مكان تجد أعمالَ الحفر والعمَّالَ المتعَبين. كلُّ شيءٍ فارغٌ تماماً، وكلُّ هذا يجعلني أشعر بعدم الإرتياح كلياً".
"بعد رحلةٍ صعبة إلى هنا انتظرنا عدة ساعاتٍ في المطار. كان علينا إظهار جوازات سفرنا عدة مرات. لقد أخذوا لنا ولبنادقنا العديد من الصور الفوتوغرافية، وكان علينا أن ننتظر حتى يُدخلوها في السجلات".
"الصبر، يُرجى مساعدتنا! نحن نعيش الآن في بيوتٍ خشبية صغيرة لا تَبْعُدُ كثيراً عن الملعب. أنا لا أعرف ما هو التغيير الذي سيحصل هنا خلال سنة، ولكن أعتقد الآن أنَّ سوتشي هي مجرَّد مَضْيَعة للمال، وليس هناك إحساسٌ بالروح الأولمبية هنا". 
إنَّ عدم وجود متخصصين على مستوىً عالمي في أعمال المنتجعات ومنظِّمين للأحداث لا يدع مجالاً للشك في أنَّ الإضطراب التنظيمي ومجرَّد الفوضى الكلاسيكية ستكونان السمة المميزة لدورة الألعاب الأولمبية في سوتشي.

المخاطر التقنية

لقد حصلت عدة حوادث أثناء الإستعدادات لدورة الألعاب الأولمبية، ففي كانون الأول/ ديسمبر 2009 هبَّت عاصفة (بحرية) من الدرجة السابعة قوَّضت ميناءً للبضائع كان قيد الإنشاء.
وخلال بناء طريق أدلر – كراسنايا بوليانا السريع جرفت فيضانات النهر عدداً كبيراً من معدَّات الطريق وغمرتها بالمياه.
وخلال يناء طريق الإغاثة – جادة كيرورتني – انهار نفقٌ على طول القسم الثالث من الطريق، ونتيجةً لذلك غرق منزلٌ سكني.
إنَّ تعزيزات الشاطىء قد بُنِيَتْ من قبل شركة الأخوين روتنبرغ للبناء "إنج ترانس ستْرُوي" بدأت تنهار مباشرةً بعد وضعها في الإستخدام. 
وخلال عام 2012 وقع 40 حادثاً بالضبط وقُتِلَ 25 شخصاً في مواقع البناء الأولمبية.
إنَّ رداءة البناء وانتهاك القواعد والأنظمة التقنية إنما تعود إلى استخدام الأيدي العاملة الرخيصة وغير الماهرة. لقد نشأ وضعٌ متناقض: فعلى الرغم من الميزانية الفلكية البالغة 1,5 تريليون روبل (47 مليار دولار) إلا أنَّ عمَّال البناء لم يحصلوا في كثيرٍ من الأحيان على الأجر على عملهم الشاق، وانتهت الأموال إلى جيوب العملاء الرؤساء  والمقاولين العامِّين ومقاولي الباطن ومقاولي ما تحت الباطن.
ونتيجةً لذلك فإنَّ مئات الآلاف من العمَّال المهاجرين، الذين تمَّ جلبُهُم إلى مواقع البناء الأولمبية، دُفِعَت لهم أجورٌ بائسة مع التأخير في دفعها حتى هذا الحين.
ووفقاً لمنظمة حقوق الإنسان "هيومان رايتس وتش"، التي نشرت تقريراً في 67 صفحة تحت عنوان "سباقٌ إلى القاع: إستغلال العمال المهاجرين يتصدَّر دورة الألعاب الأولمبية لعام 2014 في روسيا في سوتشي"، فإنَّ أكثر من 16 ألفاً من المهاجرين من الجمهوريات السوفياتية السابقة كَدَحوا في سوتشي. وقدَّر مسؤولون من دائرة الهجرة الإتحادية الروسية أنَّ ما يقرب من 14,5 ألف شخص جاؤوا إلى سوتشي من أوزبكستان وحدها في غضون عام 2012.
من هنا فقط يمكننا التكهن بنوعية المرافق التي تمَّ بناؤها.
وعلاوةً على ذلك، لم يكتمل العديد من المرافق في الموعد المحدَّد. واعتباراً من مطلع العام 2013 فإنَّ نحو 200 من المتعهِّدين فشلوا في تلبية الجدول الزمني لوضع مرافقهم في دائرة التشغيل. لقد كان هذا هو الحال، على سبيل المثال، مع محطة الطاقة "كوديتا" وملعب "فيشت" الأولمبي. وهذا يعني أنَّ المرحلة الأخيرة من الإعداد لدورة الألعاب الأولمبية يجري تنفيذها في حالة الطوارىء، دون أن يهتم أحدٌ بالجودة وبالتقنية المستخدَمة.
تجدر الإشارة أيضاً إلى أنَّ الملاعب في وادي إيميريتي قد بُنِيَتْ في منطقة المستنقعات، حيث لم يكن هناك أرضية صلبة لتصل إلى عمق 170 متراً. إنَّ عدم وجود مشروع تطوير الجودة، والإمكانية العالية لحدوث الزلازل، والتغيرات التي لا رجعة فيها في مجرى نهر ميزيمتا، لا تترك لنا مجالاً للشك في أنَّ الملاعب الأولمبية الرئيسة سوف تجلب لنا عدداً غير قليل من المفاجآت.

مخاطر الإرهاب

سيتم عقد دورة الألعاب الأولمبية في شمال القوقاز، وهي منطقة ذات مخاطر عالية من ناحية الإرهاب. ومن الممكن أن تحاول بعض الجماعات الإرهابية تنفيذ هجومٍ ضد المشاركين والضيوف في دورة الألعاب الأولمبية.
نأمل أن يكون بوتين، بحكم انتمائه المهني إلى جهاز الإستخبارات السوفياتية السابق الـ"كي. جي. بي"، قد فهم هذه المخاطر بما فيه الكفاية، وسوف يحاول التقليل منها.
على أنَّ عدم وجود معلوماتٍ عن الأوضاع الحقيقية في شمال القوقاز لا يسمح لنا بإجراء تقييمٍ واقعي للتهديد الإرهابي.

مخاطر المقاطَعة

لقد كان هناك اثنتان من المقاطعات السياسية في تاريخ الحركة الأولمبية: كانت أول مرة في عام 1980 عندما رفضت 65 دولة المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في موسكو احتجاجاً على الغزو السوفياتي لأفغانستان. في حين كانت المقاطَعة الثانية في عام 1984 عندما ردَّ الإتحاد السوفياتي ودول الكتلة السوفياتية بمقاطَعة دورة الألعاب الأولمبية في لوس أنجليس (في الولايات المتحدة الأميركية).
أما المحاولات لمقاطعة الأولمبياد في ألمانيا النازية عام 1936 فقد كانت غير ناجحة، فلقد رفض فقط بعضُ الرياضيين في الولايات المتحدة وبريطانيا المشاركة في دورة الألعاب.
إنَّ التصريحات الأخيرة لمسؤولين أميركيين بل وحتى جورجيين تشير إلى أنَّ هذين البلدين لا ينويان المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في عام 2014.
بعد المقاطعة التي حصلت عامي 1980 و1984 أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية أنَّ رَفْضَ اللجان الأولمبية الوطنية المشاركة في دورات الألعاب الأولمبية لأسبابٍ سياسية قد يؤدي إلى طرد منتخبات بلادهم من الحركة الأولمبية. وهذه هو واحدٌ من الأسباب التي أدَّت إلى عدم مقاطعة أولمبياد بكين (في الصين) عام 2008، على الرغم من الإحتجاجات الواسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان.
إنَّ مناقصة روسيا بدورة الألعاب الأولمبية في سوتشي، والتي جرت في غواتيمالا عام 2007، نصَّت على ما يلي:
"إنَّ السلطات في الإتحاد الروسي سوف تضمن الظروف السياسية والإقتصادية المستقرة لتحسين معيشة السكان. إنَّ حكومة البلاد تستند على إجراء انتخاباتٍ حرة، وضمان حرية التعبير وميزان القوى على النحو الذي يكفله دستور الإتحاد الروسي. إنَّ النظام السياسي الروسي هو ملائم بشكلٍ رائع لنجاح دورة الألعاب الأولمبية وألعاب المعَوَّقين الشتوية في عام 2014".
لقد كان هذا البيان آنذاك كذباً في كذب، والآن هو أكثر من ذلك. ومع ذلك، فشلت حكومات الأغلبية الساحقة من الدول، ناهيك عن اللجنة الأولمبية، في أن تُولي اهتماماً لهذا (إنَّ دعم اللجنة الأولمبية الدولية المطلَق للمشروع الأولمبي لبوتين وأصدقائه يمكن تفسيره بأنَّ رئيس اللجنة الأولمبية الدولية جاك روج قد انتُخب لمنصبه حتى تشرين الأول/ أكتوبر 2013، وكان لديه فرصة لتبرئة نفسه من المسؤولية عن أولمبياد سوتشي بالإمتناع عن الترشُّح للفترة المقبلة). 
لذا، من غير المرجَّح أبداً حدوث مقاطعة سياسية لدورة الألعاب الأولمبية في سوتشي، ولكن ما تزال المقاطعَة المدنية محتمَلة.
لقد بدأ الناس بالإشمئزاز من التكاليف غير المسبوقة، ومن السرقة وتدمير البيئة خلال مشاريع البناء الأولمبية، فضلاً عن أنَّ القمع السياسي في روسيا قد بدأ يستدعي بنشاطٍ مقاطعَةً مدنية للألعاب.
وهذا يعني رفضاً لحضور الألعاب الأولمبية، ورفضاً لشراء السلع التي تحمل الشعار الأولمبي، ورفضاً لمشاهدة المباريات الأولمبية. إنَّ العديد من سكان سوتشي، وأعضاء من المعارضة ومنظمات حقوق الإنسان، يدعمون المقاطعة المدنية.
ونظراً إلى الرقابة السياسية فإنَّ المشكلة هي أنَّ قلَّةً قليلة من الناس سوف يتعلَّمون دائماً مثل هكذا مقاطعة مدنية.

مخاطر "الضيافة"

إذا كنتَ تعتقد أنه عند شرائك تذكرةً للمباريات الأولمبية فإنك سوف تتمكَّن من مشاهدتها، فأنت مخطىء. فبفضل جهود جهاز الأمن الفيدرالي الروسي (جهاز الإستخبارات الروسية الـ"أف. بي. سي")، عليكَ الحصول أيضاً على ما يسمَّى "جواز سفر المُشَجِّع". إنَّ جهاز الـ"أف. بي. سي" لم يُعْطِ أيَّ كلمة حول طول الفترة الزمنية لوقوفك في طابور جوازات السفر، وكم عدد الفضائح والأعمال السيئة التي سيؤدي إليها هذا الشرط. يمكننا التخمين  فقط.
هناك خطرٌ كبير بأن تُعْقَد دورة الألعاب الأولمبية وسد مدرَّجاتٍ شبه فارغة، والتي لن تزيد من تفاؤل الرياضيين.
إنَّ الوضع على الطرقات في سوتشي، حتى قبل الألعاب الأولمبية، يتميَّز باختناقاتٍ مرورية لا تُصَدَّق، مقارنةً مع الإختناقات المرورية في موسكو والتي تبدو مقبولة. وبسبب تدفُّق مسؤولين رفيعي المستوى من حكومة بوتين والوفود الرسمية، الذين تعوَّدوا على توقُّف حركة المرور للسماح لهم بالمرور بسرعة، فإنَّ الوضع على طرقات سوتشي أصبح كابوساً حقيقياً.
إنَّ تعليقات الرياضيين، الذين زاروا سوتشي قبل بدء دورة الألعاب الأولمبية، كانت واضحة، فلقد كتبَ المتزحلق الأميركي  نوح هوفمان في "بيرليكسمنت"، قائلاً: "لقد ذهبنا إلى المطعم وعَلِقْنا في ازدحام سيرٍ مُرَوِّع. لقد تمَّ إغلاق الطريق قبل وصول رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف".
لقد قالت لاعبة البياتلون البيلاروسية ناديجدا سكاردينو: "لم تتميَّز سوتشي قط بالنوعية الأوروبية للخدمات". (من الصعب التوهم بأنها متقلِّبة أو مدلَّلة).
تتابع ناديجدا سكاردينو: "على مدار يومين حاول الموظفون غِشَّنا في ثلاثة مَتاجِر، وعندما اشتكَونا أجابوا: "هل اعتَقَدْتُم أنكم قد هَبَطُّوا على أرضٍ خيالية؟". إنَّ أسعار السلع غير واقعية، وآلات النقود الحاسبة كثيراً ما تتعطَّل فجأةً، وبعد ذلك نكتشف أنَّ إجمالي الفاتورة أعلى عشر مرات من ثمن السلعة المشتراة. حسناً، على الأقل نحن نعرف كيف تُرتَّب الأمور، ولكنَّ الأجانب الفقراء ربما لن يلاحظوا حتى أنهم خُدِعوا".
هذا هو الأمر نفسه الذي ينتظر المشجِّعين والرياضيين في الفنادق والمقاهي في سوتشي. وبالنسبة لسكان المدينة فإنَّ الألعاب الأولمبية من الصعب مع ذلك أن تكون أيام إجازة، فبسبب مشاكل النقل وتدفُّق الوفود الرسمية ورجال الأمن فإنَّ معظمهم سيفضِّلون البقاء في المنزل.

الفصل التالي:
الفصل السابق:



















 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق