
كتاب
حوار مع صديقي الإسلامجي
تأليف: حسين احمد صبرا
كي لا يتحوَّل الربيع العربي إلى خريف
إسلامجي (7)
غداً ستقدِّم لكم منال العالِم طبخة مصرية
جديدة إسمها ملوخية بالعفاريت!
![]() |
الداعية السلفي المصري الشيخ محمد الزغبي |
حسين احمد صبرا
لقد أراحنا الداعية السلفي المصري الشيخ محمد الزغبي من عناء الخوض في
حقيقة ما تعنيه السلفية الدينية عند
المسلمين السنَّة والشيعة حينما قال: "نحن نأخذ بما صَحَّ من المنقول
لا بما تستحسنه العقول".. فليس هناك قولٌ أكثرَ صراحةً من هذا القول ولا أكثر
وضوحاً منه، وهو في الأصل أمرٌ ليس سراً ولا مستجَدّاً، بل هو صراعٌ قديم الأزل ظلَّ
ينشأ باستمرار في أعقاب ظهور وانتشار كل الديانات عبر تاريخ البشرية.. إنه صراعٌ
بين إعمال العقل وإعمال النص.. صراعٌ بين أن نفهم النصَّ الديني بالعقل وبين أن
نأخذ النصَّ كما هو بالحرف.. وهو باختصار صراعٌ بين العقل والجهل وبين الجوهر
والشكل وبين الحقيقة والخرافة وبالتالي بين التنوير والتجهيل..

إنَّ السَنَدَ يعني: روى فلان عن علان عن فليتان أنَّ الرسولَ أو غيرَه قال
كَيْتَ وكَيْت.. أو أنه حَدَثَ كذا وكذا.. ثم اخترع المسلمون بدعة السَنَد، وهي
بدعة البدع، الله بريءٌ منها إلى يوم القيامة.. لقد تمَّ تقييم مئات الآلاف من
الروايات والأحاديث (المتناثرة في السوق على ألسنة مَنْ هَبَّ ودَبّ) وفقَ
سَنَدِها، وصير إلى فَرْزِها على هذا الأساس: هذا حديثٌ سندُهُ صحيح، وتلك روايةٌ
سندُها ضعيف، وذاك سندُهُ حَسَن، وذلك متَّفَقٌ عليه... دون أن يدري أحدٌ على
الإطلاق عَلامَ استند هؤلاء في فعلهم هذا، وهو الفعل الذي جعلوا منه
"عِلْماً" مطلقين عليه تسمية علم الإسناد! وكان من وبال هذا
"العِلم" أن تم الأخذُ بالأحاديث والروايات وفق صحَّة سَنَدِها لا وفقَ
صحَّة مضمونها حتى ولو كان مضمونُ ما تمَّ الأخذ به مخالفاً للعقل وللمنطق بل
وللنص القرآني نفسه! لقد أضفى السندُ طابعَ القداسة على النص المرويّ حتى بات
موازياً للنص القرآني ومساوياً له، وفي معظم الأحيان (إن لم يكن في كل الأحيان)
متفوقاً عليه! وغنيٌّ عن القول أنَّ هذا النص المرويّ هو الذي شكَّل اللبنة
الأساسية التي بُنِيَ عليها (وما يزال) الفقه الإسلامي عند السنَّة والشيعة..
إنَّ المتصارعين على السلطة (من العرب الذين أسلموا)، أوالراغبين في إضعاف
العرب (كما الفرس المجوس)، أو المعادين للدين الجديد (كما اليهود)، كل هؤلاء
وغيرهم قد نشطوا بعد وفاة الرسول نشاطاً قلَّ نظيره في تلفيق الأحاديث والروايات
ورَدْفِها بالأسانيد لتبدو أنها صحيحة..
بالسَنَد حوَّل هؤلاء المزوِّرون الرسولَ وأصحابَه وأزواجَه وأحفادَه إلى
علماءَ بالغيب وإلى رواة أحاديث ما أنزل الله بها من سلطان وإلى أصحاب نظرياتٍ
مقدَّسة في الطب والهندسة والفلك والإقتصاد والسياسة والفلسفة وعلم النفس وعلم
الإجتماع وعلم الأرواح وعلم الأساطير وعلم البدع وعلم الحواديت وعلم العفاريت وفي
كافة ما أوجدَ الله عزَّ وجلّ من علومٍ طبيعية وإنسانية، مرئية وغيبية وخيالية...

لقد حدث أنَّ الكارثة بقيت محصورة في عصرنا الحديث ضمن نطاق أماكن التعليم
الديني عند السنَّة والشيعة، تلك المسماة بالحوزات أو المدارس أوالجامعات الدينية،
تلك التي يتخرَّج فيها مَنْ يُسَمَّون برجال الدين أو المشايخ أو "العلماء"..
الآن خرج العفريت من القمقم (أو بالأحرى تمَّ إخراجُه بفعل فاعل) يريد
الإطباق على السلطة في كافة الميادين في دنيا العرب بعدما طغت ثقافتُه
"السلفية" (السنيَّة والشيعية) على ما عداها من ثقافات وأصبحت هي
السائدة وسط جمهورٍ عريض لأسباب عديدة (قد نتطرَّق إليها مستقبلاً)..
نعود لنقول بأنَّ الصراع الدموي على السلطة بعد وفاة الرسول هو الذي أحدث فوضى
عارمة سادت صفوفَ العرب المسلمين، الأمر الذي سمح لحفلة التزوير الكبرى التي شابت
الإسلام وعانى منها العرب منذ ذلك الحين.. ثم إذ بنا نعود في عصرنا الحالي لنعاني
منها في العقود الأخيرة معاناةً شديدة تتهدَّد وحدة المجتمعات العربية، تتسبَّب
بها جماعاتٌ إسلامجية سنيَّة وشيعية ساهم الغربُ مساهمةً فاعلة في وجودها وبروزها ومد
يد العون وتهيئة المناخات لها لإستلام السلطة في الوطن العربي..
وإليكم هول المشهد الحاصل: فالكارثة الكبرى الآن أنَّ مَنْ يعتلي السلطة في
ديار العرب هم أناسٌ تقوم ثقافتُهم على "الإسناد" وما تروِّج له الحوزات
والمدارس والجامعات الدينية السنيَّة والشيعية، وطموحُهم المعلَن هو في أن
يطبِّقوا في السياسة والحكم ما تمَّ إسنادُه من روايات وأحاديث!
فقط علينا أن ننتبه إلى مسألةٍ بالغة الخطر وهي أنَّ الأمر هنا ليس إيماناً
شخصياً يحتفظ به كل واحد من هؤلاء لنفسه (إنطلاقاً من مبدأ أنَّ كلَّ إنسانٍ حرٌّ في
أن يعتقد بما يشاء) وإنما كلُّ واحدٍ من هؤلاء آتٍ ليطبِّق على الجميع ما يعتقد هو
به ، علناً وعلى رؤوس الأشهاد، وهنا الطامة الكبرى!
لقد أنزل الله الأديانَ كافةً لغرضٍ واحد وأوحد ألا وهو تحفيز البشر على
تغليب الخير على الشر، وتغليب العدل على الظلم، وتغليب السعادة على البؤس، وتغليب
العقل على الجهل.. والمسألة لا تتطلَّب أن تأتي متلطِّياً وراء رواياتٍ وأحاديث "مسنودة"
لتقول: أنا أمثِّل الخير والعدل والسعادة والعقل، إذاً أنا الوحيد المخوَّل أن
أستلم السلطة وأن أحتكرها! إنَّ كل مَنْ يدَّعي ذلك هو إنسانٌ غير متَّزن عقلياً
وفاقد الأهلية في عملية الصراع على السلطة وفي عملية الدعوة إلى الدين.. فأي دينٍ
يدعوا إليه هؤلاء وما هو شكل الحكم الذي سينجم عن تبوُّئه كرسيَّ السلطة؟!
ثقافة الجن
والعفاريت!
لقد بات يحتل الساحة السياسية والإعلامية العربية الآن رموزُ السلفية
السنيَّة والشيعية وتلامذتُها النجباء، وغنيٌّ عن القول مدى تدنِّي مستوى الفهم
عند هؤلاء وعند الجمهور المتجاوب معهم، الأمر الذي يذكِّرنا دائماً بالمثل المصري
القائل: الوبا ولا الغبا!




واضحٌ أنَّ الشيخ محمد الزغبي (كما كل الإسلامجية) هو رجلٌ "مبروك"..
ألف مبروك يا مصر وعقبال البكاري!
حديثنا السابق:
-السياحة العلاجية.. آه وحياة خالتي!
حديثنا التالي:
-إخوانجية النهضة ينهبون أموال الشعب التونسي ويعتبرونها كغنائم الرسول!
-السياحة العلاجية.. آه وحياة خالتي!
حديثنا التالي:
-إخوانجية النهضة ينهبون أموال الشعب التونسي ويعتبرونها كغنائم الرسول!
(نُشر هذا الموضوع في مجلة "الشراع" اللبنانية في 18 حزيران/
يونيو 2012، العدد رقم 1548).
ترقبوا قريباً كتاب:
"الخليج العربي.. أم الخليج
الفارسي؟!"
(تأليف: حسين احمد صبرا)
************************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
***********************************************************************************
فهرس دراسة في اللغة
والموسيقى:
"لهذه الأسباب
اللهجة المصرية محبوبة"
(قيد
الطبع)
***************************************************************************************
إقرأ مجلة "الشراع" اللبنانية
من على موقعها الإلكتروني التالي:
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق