2017/07/20

التقرير الأول لبوريس نيمتسوف: "بوتين – النتيجة المالية"/ الفصل الثالث: الطُرُق يا عزيزي.



التقرير الأول لبوريس نيمتسوف: "بوتين – النتيجة المالية"/ الفصل الثالث: الطُرُق يا عزيزي.





إنزل إلى أسفل لقراءة الموضوع كاملاً




الكتاب الأبيض لبوريس نيمتسوف – التقرير الأول:
بوتين – النتيجة المالية
(موسكو – شباط/ فبراير 2008)

تأليف:
بوريس نيمتسوف
(النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء في الإتحاد الروسي عامي 1997 – 1998)
فلاديمير ميلوف
(نائب وزير الطاقة في روسيا عام 2002)

نقله من الروسية إلى الإنكليزية: ديفيد إيسّيل (2008)
نقله من الإنكليزية إلى العربية: حسين احمد صبرا (2016)


(Путин. Итоги (первое издание доклада


Boris Nemtsov’s White Paper in Full

Putin: the Bottom Line
(February 2008) 
first edition

by Boris Nemtsov
First Deputy Prime Minister of the Russian Federation, 1997-1998
and

Vladimir Milov
Deputy Minister of Energy, 2002


(Translated from the Russian by Dave Essel (2008

(Translated from English to Arabic by Hussein Ahmad Sabra (2016



الإهداء من قبل حسين احمد صبرا:
إلى روح الشهيد بوريس نيمتسوف، زعيم المعارضة الروسية الذي كان من المفترض أن يكون هو رئيس روسيا عام 2000 بدلاً من بوتين، والذي اغتاله بوتين بالقرب من أسوار الكرملين في 27 شباط/ فبراير 2015.



الفصل الثالث
الطُرُق يا عزيزي



بوريس نيمتسوف
فلاديمير ميلوف
إنَّ سوء حال الطُرُق هو القضية الأبدية في روسيا. ومع ذلك، كان في البلد في الآونة الأخيرة آخر فرصة لتحديث شبكة الطُرُق فيها تزامناً مع سيولة أموال النفط، ولكنَّ الفرصة قد ضاعت.
لقد تدهورت شبكة الطُرُق في ظل حكم بوتين بشكلٍ لا يمكن تصوُّرُهُ، فخلال فترة رئاسته انخفض إجمال طول الطُرُق المتينة بنحو 50 ألف كيلومتر، أي من 750 ألفاً إلى 700 ألف كيلومتر، وقد حدث هذا بشكلٍ رئيس نتيجةً تآكل وتشقق الطُرُق، تلك التي تمَّ اعتبارها رسمياً طُرُقاً متينة السطح – أي مفروشة بالحصى تحت الإسفلت على سبيل المثال – بيد أنها عرضةٌ للتآكل سريعاً، مع الإشارة إلى أنَّ أكثر من ثلث طُرُق روسيا هي من هذا النوع، وما لم تتم صيانتها بشكلٍ منتظَم فإنَّ الشيء الوحيد الذي سيتبقى من هذه الطُرُق هو التسمية فحسب.
إنَّ انخفاض طول الطُرُق متينة السطح يجب أن يكون مسألةً هامة، وأن يكون عاراً على بلدٍ يدَّعي بأنه "قوةً عظمى". فحتى في بعض الدول الأفريقية فإنَّ الطُرُقَ أفضل من تلك التي في بلدنا، حتى بات تخلُّف روسيا في مسألة الطُرُق أمراً مشيناً تماماً. إنَّ طول الطُرُق المعبَّدة في روسيا يبلغ 60% من طول الطُرُق في فرنسا، و50% من طول الطُرُق في اليابان، و10% من طول الطُرُق في الولايات المتحدة الأميركية. ولا يوجد لدينا إلا حوالى 35 ألف كلم من الطُرُق السريعة والمستوفية المعايير بجودةٍ عالية (يبلغ عرضُها أكثر من 7 أمتار وتستطيع المركبات أن تسير عليها بسرعة أكثر من 100 كلم في الساعة، ولا تقل فيها الممرات عن ممرَّين اثنين، وسطحُها هو سطح الطرقات العادية). أما فنلندا فلديها أسطح طرقات بعرضٍ عادي أكثر مما لدى روسيا كلها. 
إنَّ 40% فقط من الطُرُق السريعة الإتحادية [الروسية] تمَّ فيها تلبية جودة السطح، والعَرْض، وغيرها من المعالم. بيد أنَّ العديد من الطُرُ السريعة الإتحادية لديها قدرة لا تزيد عن مرور من 40 إلى 50 ألف مركبة يومياً عليها، بينما يبلغ المرور الحقيقي أكثر من 100 ألف مركبة يومياً. كما أنَّ القيادة من موسكو إلى ميناء البلاد الرئيس "نوفوروسيسك" تستغرق 48 ساعة يومياً، في حين أنَّ الأمر لن يستغرق إلا حوالى 15 ساعة لو أنَّ القيادة هي على الطريق السريع الأوروبي العادي.
إنَّ شبكة طُرُق المواصلات توفِّر وصلاتٍ رديئة بين المدن والمناطق،  كما أنَّ العديد من الطُرُق السريعة تصل فجأةً إلى النهاية ما أن تبلغ حدود الأقاليم الإتحادية الروسية. 
تلك هي المشكلة التي يجب حلُّها كلياً: فمن دون شبكة طُرُقٍ فاعلة ما تزال روسيا مقسَّمة حسب الإقليم، وبالتالي فإنَّ وحدة أراضيها هي عبارةٌ إنشائية أكثر مما هي حقيقية. إنَّ نظام النقل الضعيف في تكامله يجعل من الصعب تحقيق التوازن بين اقتصاديات المناطق ويجعلها أكثر ضَعْفاً مما هي عليه.  
إنَّ نظام شبكة الطُرُق في روسيا في حاجةٍ ماسة إلى التحديث بعد أن انهارَ إصلاحُ نظام تمويل الطُرُق وبنائها في عهد بوتين. فلقد انخفضت مسافة الطُرُق الجديدة من 6,6 ألف كلم في عام 2000 إلى مجرد 2,4 كلم في عام 2006، وارتفعت نسبة الطُرُق المتهالكة في الشبكة من 26% في عام 2000 إلى 46% في عام 2005 – هذا في حين أنَّ تمويل نظام الطُرُق قد ارتفع في الواقع: إذ كانت ميزانية الموحَّدة لشبكة الطُرُق 60 مليار روبل [2 مليار دولار]، أما في عام 2006 فقد كانت أكثر من 220 مليار روبل [7,4 مليار دولار]!(*).
_______________________________________
(*) المصدر: البرنامج الفرعي "طُرُق المركبات"؛ البرنامج الإتحادي الموضوعي "تحديث نظام النقل في روسيا"؛ أعوام 2002 – 2010.
_______________________________________
إنَّ من السهل أن نستخلص من هذا أنَّ تكلفة افتتاح كيلومترٍ واحد من الطريق الجديدة قد ارتفع عشرة أضعاف (أو خمسة أضعاف إذا ما أخذنا التضخُّم في الحسبان). ومن ثم بالإمكان النظر إلى أنَّ حجم الإختلاس في صناعة الطُرُق قد ازداد خمسة أضعاف.
إنَّ أموال الحكومة، والتي يوجد منها الكثير بفضل صادرات النفط، يتم ابلاعها من قبل الفساد. إنَّ صندوق الإستثمار (Investfond)، المُعْلَن عنه كثيراً، والذي سوَّقت له الحكومة باعتباره المحرِّك الرئيس في المستقبل في تطوير البنية التحتية للبلاد، قد تمَّ إنفاق أمواله بأغرب الطُرُق: فمن أصل 7 مليار دولار خُصِّصت للإستعمال في عام 2007، تمَّ إنفاق 4 مليار دولار منها كمساهمة في المشاريع التجارية التي تقوم بها مجموعاتٌ مالية – صناعية كبيرة في شرق سيبيريا، ولبناء مصنعٍ للبتروكيميائيات في تتارستان. وتلك هي بالتأكيد مشاريع تجارية لا حاجة لها إلى تمويل الدولة. وعلاوة على ذلك، لا يمكن القول بأي حالٍ من الأحوال إنَّ لها أي علاقة بتطوير البنية التحتية ذات الأهمية الوطنية. وبقدر ما أنَّ مشاريع الطُرُق مقلقة فإنَّ كل الأموال الموجَّهة نحو هذه المسائل (2,5 مليار دولار) سوف تذهب عملياً إلى مشاريع مرتبطة مع مدينة بطرسبورج: الوصلة الغربية عالية السرعة (Western High-Speed Link) ونفق أورلوف، فضلاً عن الطريق السريع الذي يربط بين بطرسبورج وموسكو.
إنَّ مدينة بطرسبورج هي في حاجةٍ بالطبع إلى تحديث بنيتها التحتية، ولكنَّ هذا التحديث تحتاج إليه أيضاً بقية البلاد. وقد كان من الممكن استخدام أموال صندوق الإستثمار لبناء طُرُقٍ سريعة ولائقة تربط بين المدن الرئيسة في وسط روسيا: موسكو، سمارة، نيجني نوفجورَد، بِيرْم، وفورونيج. ولكن المال ذهب بدلاً من ذلك إلى القلَّة الحاكمة (الأوليجارشية) ومشاريع بطرسبورج الإقليمية. 
إنَّ اجتذاب رأس المال الخاص لتمويل الطرق هو الأكثر كفاءة بكثير، ولكنْ مع ذلك، وفي ظل بوتين، تمَّ القضاء على المشاريع الخاصة التي تعمل في أعمال البنية التحتية، وتمَّت "إعادة النظر" بالعقود طويلة الأجل مع المستثمرين. ونتذكَّر في هذا الصدد قصة مطار "دوموديدوفو"، الذي تمَّ تحديثُهُ من قِبَل "إست لاين"، مما جعله أول مطار روسي حديث وواسع. وعَقِبَ هذا التحديث تمكَّن موظفو بوتين الحكوميون من مراجعة شروط العقد مع "إست لاين" لصالح الحكومة. هذه المسألة قد أثَّرت بشكلٍ خطير على مزاج مستثمري القطاع الخاص (ناهيك عمَّا حصل مع شركة "يوكوس"(*) [Yukos] وغيرها من الحوادث حينما قامت الحكومة بتعديل التزاماتها واسترداد الأصول من المستثمرين).
______________________________________
(*) راجع مقال حسين احمد صبرا عن شركة "يوكوس" تحت عنوان: "بوتين تحوَّل إلى قيصر النفط في روسيا بعدما تخلَّص من معارضه ميخائيل خودوركوفسكي"/ فصل من كتاب "بوتين زعيم مافيا").
______________________________________
وهم قلقون الآن من أنَّ الحكومة ستفُضَّ عقودها طويلة الأجل حالما يتم الإنتهاء من المشاريع والبدء في تحقيق الدخل. ولذلك لا ينبغي للمرء أنْ يأمل بجدية بالغة في الإستثمار الخاص في قطاع الطُرُق، ذلك أنَّ هذا القطاع يتم تمويله فقط من أموال الميزانية التي يتم بالتالي اختلاس معظمها.
نحن في حاجةٍ إلى إحياء وتطوير نظام الطُرُق لدينا، ذلك أنَّ شبكة الطُرُق السوفياتية لا يمكن أن تلبي احتياجات الإقتصاد الحديث. نحن في حاجةٍ إلى نظام نقلٍ حديث يوفِّر للركاب والشحن حركةً عالية، ويدمج روسيا كإقتصاد حقيقي كامل، ويضع حداً للظروف المؤدية إلى عدم المساواة الإقليمية. ولتحقيق ذلك نحتاج إلى تحسين نوعية التخطيط الحكومي الإنمائي لنظام النقل في البلاد، وإلى وضع حدٍّ للفساد في تخصيص الأموال لتمويل نظام الطُرُق، وإلى زيادة نشاطه في جذب الإستثمارات الخاصة في البنية التحتية للنقل. وهذا ما سيتطلَّب التزام الحكومة على نحوٍ منضبط بصرامةٍ بالقانون والإلتزامات التعاقدية. وهذا ما لا يمكن تحقيقه دون وجود سلطة قضائية مستقلة حقاً.
إنَّ روسيا سوف تضطر إلى العيش مع الطُرُق السيئة ما دام فريق بوتين باقٍ في السلطة.

الفصل التالي:
الفصل السابق:
















 x

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق